مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٥

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٥

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ١
ISBN: 964-533-052-1
ISBN الدورة:
964-533-53-X

الصفحات: ٥٧٩

١١٢

سورة الاخلاص

محتوى السورة : هذه السورة تركز على توحيد الله.

في الكافي في نزول السورة عن محمّد بن مسلم عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : إنّ اليهود سألوا رسول الله فقالوا : أنسب لنا ربّك فلبث ثلاثاً لا يجيبهم. ثم نزلت قل هو الله أحد إلى آخرها.

وفي الإحتجاج عن العسكري عليه‌السلام إنّ السائل عبد الله بن صوريا اليهودي. وفي بعض روايات أهل السنة إنّ السائل عبد الله بن سلام سأله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك بمكة ثم آمن وكتم إيمانه. وفي بعضها أنّ أناساً من اليهود سألوه ذلك وفي غير واحد من رواياتهم أنّ مشركي مكة سألوه ذلك.

فضيلة تلاوة السورة : وردت في فضيلة هذه السورة نصوص كثيرة تدل على مكانة هذه السورة بين سور القرآن. في المجمع عن أبي الدرداء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قلت : يا رسول الله! ومن يطيق ذلك؟ قال : اقرأوا قل هو الله أحد.

وفي الكافي عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على سعد بن معاذ. فقال : لقد وافى من الملائكة سبعون ألفاً ملك ، وفيهم جبرئيل عليه‌السلام يصلون عليه فقلت : يا جبرئيل بما يستحق صلاتكم عليه؟ قال : بقراءته قل هوالله أحد قائماً ، وقاعداً وراكباً وماشياً وذاهباً وجائياً.

٥٦١

وفي الكافي عن الإمام الصادق عليه‌السلام أيضاً قال : من مضى به يوم واحد فصلّى فيه الخمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد ، قيل له : يا عبد الله لست من المصلين.

وفي المجمع عن سهل بن سعد الساعدي قال : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا إليه الفقر ، وضيق المعاش. فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخلت بيتك ، فسلم إن كان فيه أحد ، وإن كان لم يكن فيه أحد ، فسلم واقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) مرة واحدة.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤)

جواباً عن الأسئلة المكررة التي طرحت من قبل الأفراد والجماعات بشأن أوصاف الله سبحانه تقول الآية : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).

الضمير (هو) في الآية للمفرد الغائب ويحكي عن مفهوم مبهم ، وهو في الواقع يرمز إلى أنّ ذاته المقدسة في نهاية الخفاء ، ولا تنالها أفكار الإنسان المحدودة وإن كانت آثاره أظهر من أي شيء آخر ، كما ورد في الآية (٥٣) من سورة فصّلت : (سَنُرِيهِمْءَايَاتِنَا فِى الْأَفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).

ثم بعد الضمير تكشف الآية عن هذه الحقيقة الغامضة وتقول : (اللهُ الصَّمَدُ).

عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام قال : رأيت الخضر عليه‌السلام في المنام قبل بدر بليلة ، فقلت له : علمني شيئاً أنصر به على الأعداء. فقال : قل : يا هو ، يا من لا هو إلّاهو. فلمّا أصبحت قصصتها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : يا علي عُلمت الإسم الأعظم ، فكان على لساني يوم بدر.

«... كان علي عليه‌السلام يقول ذلك يوم صفين وهو يطارد ، فقال له عمّار بن ياسر : يا أميرالمؤمنين ما هذه الكنايات؟ قال : اسم الله الأعظم وعماد التوحيد لله لا إله إلّا هو ... (١).

«الله اسم علم للباري سبحانه وتعالى. ومفهوم كلام الإمام علي عليه‌السلام أنّ جميع صفات الجلال والجمال الإلهية اشير إليها بهذه الكلمة ، ومن هنا سميت باسم الله الأعظم.

__________________

(١) التوحيد للشيخ الصدوق / ٨٩.

٥٦٢

هذا الإسم لا يطلق على غير الله ، بينما أسماء الله الاخرى تشير عادة إلى واحدة من صفات جماله وجلاله مثل : العالم والخالق والرازق ، وتطلق غالباً على غيره أيضاً مثل : (رحيم ، وكريم ، وعالم ، وقادر ...).

هذا الإسم المقدس تكرر أكثر من ألف مرّة في القرآن الكريم ، ولم يبلغه أي اسم من الأسماء المقدسة في مقدار تكراره. وهو اسم ينير القلب ، ويبعث في الإنسان الطاقة والطمأنينة ، ويغمر وجوده صفاءً ونوراً.

«أحد : يعني الله أحد وواحد ، لا بمعنى الواحد العددي أو النوعي أو الجنسي ، بل بمعنى الوحدة الذاتية. بعبارة أوضح : وحدانيته تعني عدم وجود المثل والشبيه والنظير.

الدليل على ذلك واضح : فهو ذات غير متناهية من كل جهة ، ومن المسلم أنّه لا يمكن تصور ذاتين غير متناهيتين من كل جهة ، إذ لو كان ثمّة ذاتان ، لكانت كلتاهما محدودتين ، ولمّا كان لكل واحدة منهما كمالات الاخرى (تأمل بدقّة).

(اللهُ الصَّمَدُ). وهو وصف آخر لذاته المقدسة.

وفي جامع الأخبار : سئل ابن الحنفية عن الصمد ، فقال : قال علي عليه‌السلام : تأويل الصمد لا اسم ولا جسم ، ولا مثل ولا شبه ، ولا صورة ولا تمثال ، ولا حدّ ولا حدود ، ولا موضع ولا مكان ، ولا كيف ولا أين ، ولا هنا ولا ثمّة ، ولا ملأ ولا خلأ ، ولا قيام ولا قعود ، ولا سكون ولا حركة ، ولا ظلماني ولا نوراني ، ولا روحاني ولا نفساني ، ولا يخلو منه موضع ولا يسعه موضع ، ولا على لون ، ولا على خطر قلب ، ولا على شمّ رائحة ، منفي عنه هذه الأشياء.

هذه الرواية توضّح أنّ الصمد له مفهوم واسع ينفي كل صفات المخلوقين عن ساحته المقدسة.

الآية التالية تردّ على معتقدات اليهود والنصارى ومشركي العرب وتقول : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ).

إنّها ترد على المؤمنين بالتثليث (الربّ الأب ، والربّ الإبن ، وروح القدس).

النصارى تعتقد أنّ المسيح ابن الله ، واليهود ذهبت إلى أنّ العزير ابن الله : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهُونَ قَوْلَ الَّذِينَ

٥٦٣

كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (١).

ومشركو العرب كانوا يعتقدون أنّ الملائكة بنات الله : (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٢).

ثم تبلغ الآية الأخيرة غاية الكمال في أوصاف الله تعالى : (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ). أي ليس له شبيه ومثل اطلاقاً.

«الكفو : هوالكفء في المقام والمنزلة والقدر ، ثم اطلقت الكلمة على كل شبيه ومثيل.

استناداً إلى هذه الآية ، الله سبحانه منزّه عن عوارض المخلوقين وصفات الموجودات وكل نقص ومحدودية ، وهذا هو التوحيد الذاتي والصفاتي ، مقابل التوحيد العددي.

من هنا فهو تبارك وتعالى لا شبيه له في ذاته ، ولا نظير له في صفاته ، ولا مثيل له في أفعاله ، وهو متفرد لا نظير له من كل الجهات.

أمير المؤمنين علي عليه‌السلام يقول في الخطبة (١٨٦) نهج البلاغة : لم يلد فيكون مولوداً ، ولم يولد فيصير محدوداً ... ولا كفء له فيكافئه ، ولا نظير له فيساويه.

هذا التفسير الرائع يكشف عن أسمى معاني التوحيد وأدقّها.

بحوث

الأوّل : التوحيد : التوحيد يعني وحدانية ذات الله تعالى ونفي أي شبيه ومثيل له ، وإضافة إلى الدليل النقلي المتمثل في النصوص الدينية ثمّة دلائل عقلية كثيرة أيضاً تثبت ذلك نذكر قسماً منها باختصار :

١ ـ برهان صرف الوجود : وملخصه أنّ الله سبحانه وجود مطلق لا يحده قيد ولا شرط ، ومثل هذا الوجود سيكون غير محدود دون شك ، فلو كان محدوداً لمُني بالعدم ، والذات المقدسة التي ينطلق منها الوجود لا يمكن أن يعترضها العدم والفناء ، وليس في الخارج شيء يفرض عليه العدم ، ولذلك لا يحدّه حدّ.

من جهة اخرى لا يمكن تصوّر وجودين غير محدودين في العالم ، إذ لو كان ثمّة وجودان لكان كل واحد منهما فاقداً حتماً لكمالات الآخر ، أي لا يملك كمالاته ، ومن هنا فكلاهما

__________________

(١) سورة التوبة / ٣٠.

(٢) سورة الأنعام / ١٠٠.

٥٦٤

محدودان ، وهذا دليل واضح على وحدانية ذات واجب الوجود (تأمّل بدقّة).

٢ ـ البرهان العلمي : عندما ننظر إلى الكون الذي يحيط بنا ، نلاحظ في البداية موجودات متفرقة ... الأرض والسماء والشمس والقمر والنجوم وأنواع النباتات والحيوانات ، وكلّما ازددنا إمعاناً في النظر الفينا مزيداً من الترابط والإنسجام بين أجزاء هذا العالم وذراته ، وظهر لنا أنّه مجموعة واحدة تتحكم فيها جميعاً قوانين واحدة.

هذه الوحدة في نظام الوجود ، والقوانين الحاكمة عليه ، والإنسجام التام بين أجزائه كلّها ظواهر تشهد على وحدانية الخالق.

٣ ـ برهان التمانع : (الدليل العلمي الفلسفي) ، وهو دليل آخر على إثبات وحدانية الله ، مستلهم من قوله سبحانه : (لَوْ كَانَ فِيهِمَاءَالِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (١).

٤ ـ دعوة الأنبياء إلى الله الواحد الأحد : وهو دليل آخر على وحدانية الله ، إذ لو كان هناك خالقان كل واحد منهما واجب الوجود في العالم ، لاستلزم أن يكون كل واحد منهما منبعاً للفيض ، فلا يمكن لوجود ذي كمال مطلق أن يبخل في الإفاضة لأنّ عدم الفيض نقص بالنسبة للوجود الكامل ، وحكمته تستوجب أن يشمل الجميع بفيضه.

أمير المؤمنين علي عليه‌السلام يقول لإبنه الحسن المجتبى عليه‌السلام وهو يوصيه : واعلم يا بني أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنّه إله واحد كما وصف نفسه (٢).

الثاني : فروع دوحة التوحيد : تذكر للتوحيد عادة أربعة فروع :

١ ـ توحيد الذات : (وهو ما شرحناه أعلاه).

٢ ـ توحيد الصفات : أي إنّ صفات الله ليست زائدة على ذاته ، وليست منفصلة عن بعضها ، بل هو وجود كلّه علم ، وكلّه قدرة ، وكلّه أزلية وأبدية.

ولو لم يكن ذلك لإستلزم التركيب ، وإن كان مركباً لاحتاج إلى الأجزاء والمحتاج لا يكون واجباً للوجود.

__________________

(١) سورة الأنبياء / ٢٢.

(٢) نهج البلاغة ، الرسالة ٣١.

٥٦٥

٣ ـ التوحيد الأفعالي : ويعني أنّ كل وجود وكل حركة وكل فعل في العالم يعود إلى ذاته المقدسة ، حتى الأفعال التي تصدر منّا هي في أحد المعاني صادرة عنه ، فهو الذي منحنا القدرة والإختيار وحرية الإرادة ، ومع أنّنا نفعل الأفعال بأنفسنا ، وأنّنا مسؤولون تجاهها. فالفاعل من جهة هو الله سبحانه لأنّ كل ما عندنا يعود إليه : (لا مؤثّر في الوجود إلّاالله).

٤ ـ التوحيد في العبادة : أي تجب عبادته وحده دون سواه ، ولا يستحق العبادة غيره ، لأنّ العبادة يجب أن تكون لمن هو كمال مطلق ، ومطلق الكمال ، لمن هو غني عن الآخرين ، ولمن هو واهب النعم وخالق كل الموجودات وهذه صفات لا تجتمع إلّافي ذات الله سبحانه.

الثالث : التوحيد الأفعالي : توحيد الأفعال له بدوره فروع كثيرة نشير إلى ستة من أهمها :

١ ـ توحيد الخالقية : والقرآن الكريم يقول في الآية (١٦) من سورة الرعد : (قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلّ شَىْءٍ).

ودليله واضح ، فحين ثبت بالأدلة السابقة أنّ واجب الوجود واحد ، وكل ما عداه ممكن الوجود ، يترتب على ذلك أنّ خالق كل الموجودات واحد أيضاً.

٢ ـ توحيد الربوبية : أي إنّ الله وحده هو مدبّر العالم ومربّيه ومنظّمه ؛ كما جاء في الآية (١٦٤) من سورة الأنعام : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِى رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلّ شَىْءٍ).

دليل ذلك أيضاً وحدة واجب الوجود ، وتوحيد الخالق في عالم الكون.

٣ ـ التوحيد في التقنين والتشريع : يقول سبحانه في الآية (٤٤) من سورة المائدة : (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ).

لمّا ثبت أنّه سبحانه هو المدير والمدبّر ، فليس لأحد غيره حتماً صلاحية التقنين. إذ لا سهم لغيره في تدبير العالم كي يستطيع أن يضع قوانين منسجمة مع نظام التكوين.

٤ ـ التوحيد في المالكية : سواء الملكية الحقيقية أي السلطة التكوينية على الشيء ، أم الملكية الحقوقية وهي السلطة القانونية على الشيء ، فهي له سبحانه ؛ كما في الآية (١٨٩) من سورة آل عمران يقول تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ). وفي الآية (٧) من سورة الحديد يقول سبحانه : (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ).

والدليل على ذلك هو نفس الدليل على توحيد الخالقية ، وحين يكون هو سبحانه خالق كل شيء فهو مالك كل شيء أيضاً ، فكلّ ملكية يجب أن تستمد وجودها من مالكيته.

٥٦٦

٥ ـ توحيد الحاكمية : لابدّ للمجتمع البشري من حكومة ، لأنّ الحياة الإجتماعية تتطلب ذلك ، فلا يمكن بدون حكومة أن تقسم المسؤوليات ، وتنظم المشاريع ، ويحال دون التعدي والتجاوز.

ومن جهة اخرى ، مبدأ الحرية يقرر أن لا أحد له حق الحكومة على أحد ، إلّاإذا سمح بذلك المالك الأصلي والصاحب الحقيقي. من هنا فالإسلام يرفض كل حكومة لا تنتهي إلى الحكومة الإلهية ومن هنا أيضاً نرى شرعية الحكم للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وللأئمة المعصومين عليهم‌السلام ثم للفقيه الجامع للشرائط بعدهم.

ومن الممكن أن يجيز الناس أحداً ليحكمهم ، ولكن اتفاق الناس بأجمعهم غير ممكن في مجتمع عادة ، ولذلك لا يمكن إقامة مثل هذه الحكومة عملياً (١).

٦ ـ (توحيد الطاعة :) الله سبحانه هو وحده واجب الإطاعة في هذا الكون ، وهو تعالى مصدر مشروعية إطاعة غيره ، أي إنّ إطاعة غيره يجب أن تعدّ إطاعة له.

دليل ذلك واضح أيضاً ، حين تكون الحاكمية له دون سواه فيجب أن يكون هو المطاع دون غيره ، ولذلك نحن نعتبر إطاعتنا للأنبياء والأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ومن ينوب عنهم هي انعكاس عن طاعتنا لله ؛ كما في الآية (٥٩) من سورة النّساء يقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنكُمْ). وفي الآية (٨٠) من نفس السورة يقول تعالى : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ).

نهاية تفسير سورة الإخلاص

* * *

__________________

(١) لذلك إذا تعينت حكومة عن طريق الإنتخابات وبأكثرية الأصوات ، فلابدّ من تنفيذ الفقيه الجامع للشرائط كي تكون لها شرعية إلهيّة.

٥٦٧
٥٦٨

١١٣

سورة الفلق

محتوى السورة : تتضمن السورة تعاليم للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة ، وللناس عامة تقضي أن يستعيذوا بالله من شرّ كل الأشرار ، وأن يوكلوا أمرهم إليه ، ويأمنوا من كل شرّ في اللجوء إليه.

فضيلة السورة : عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انزلت عليّ آيات لم ينزل مثلهنّ المعوذتان.

وأبوعبيدة الحذاء عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه‌السلام قال : من أوتر بالمعوذتين ، وقل هو الله أحد ، قيل له : يا عبد الله! أبشر فقد قبل الله وترك.

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا عقبة! ألا اعلمك سورتين هما أفضل القرآن ، أو من أفضل القرآن؟ قلت : بلى يا رسول الله. فعلّمني المعوذتين ، ثم قرأ بهما في صلاة الغداة ، وقال لي : إقرأهما كلّما قمت ونمت.

إنّ هذه الفضائل نصيب من جعل روحه وعقيدته وعمله منسجماً مع محتوى السورة.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (٥)

٥٦٩

بربّ الفلق أعوذ : يخاطب الله سبحانه نبيّه باعتباره الاسوة والقدوة ، ويقول له : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ).

«الفلق : من فَلَق أي شقّ وفَصَل ؛ وسمي طلوع الصبح بالفلق لأنّ ضوء الصبح يشق ظلمة الليل ؛ ومثله الفجر ، اطلق على طلوع الصبح لنفس المناسبة.

وقيل : إنّ الفلق يعني ولادة كل الموجودات الحيّة ، بشرية كانت أم حيوانية أم نباتية. فولادة هذه الموجودات تقترن بفلق حبّتها أو بيضتها ، والولادة من أعجب مراحل وجود هذه الأحياء.

وقيل : إنّ الفلق له معنى واسع يشمل كل خلق ، لأنّ الخلق ، هو شقّ ستار العدم ليسطع نور الوجود.

وكل واحد من هذه المعاني الثلاثة (طلوع الصبح ـ وولادة الموجودات الحيّة ـ وخلق كل موجود) ظاهرة عجيبة تدل على عظمة الباري والخالق والمدبّر ، ووصف الله بذلك له مفهوم عميق.

(مِن شَرّ مَا خَلَقَ) ... من كل موجود شرّير من الإنس والجن والحيوان وحوادث الشرّ والنفس الأمارة بالسوء ، وهذا لا يعني أنّ الخلق الإلهي ينطوي في ذاته على شرّ ، لأنّ الخلق هو الإيجاد ، والإيجاد خير محض. يقول سبحانه : (الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ) (١).

بل الشرّ يعرض المخلوقات حين تنحرف عن قوانين الخلقة ، وتنسلخ عن المسير المعين لها ، على سبيل المثال ، أنياب الحيوانات وسيلة دفاعية تستخدمها أمام الأعداء ، كما نستخدم نحن السلاح للدفاع مقابل العدو ، فلو أنّ هذا السلاح استخدم في محله فهو خير ، وإن لم يستعمل في محله كأن صوّب تجاه صديق فهو شرّ.

وجدير بالذكر أنّ كثيراً من الامور نحسبها شرّاً وفي باطنها خير كثير ، مثل الحوادث والبلايا التي تنفض عن الإنسان غبار الغفلة وتدفعه إلى التوجه نحو الله هذه ليس من الشرّ حتماً.

(وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ). غاسق : من الغسق ، وهو شدّة ظلمة الليل في منتصفه.

«غاسق : تعني إذن في الآية : الفرد المهاجم ، أو الموجود الشرّير الذي يتستر بظلام الليل لشنّ هجومه.

«وقب : من الوَقب ، وهو الحفرة ، ثم استعمل الفعل وَقَبَ للدخول في الحفرة ؛ وكأنّ

__________________

(١) سورة السّجدة / ٧.

٥٧٠

هذه الموجودات الشريرة المضرة تستغل ظلام الليل ، فتصنع الحفر الضارة لتحقق مقاصدها الخبيثة ، وقد يكون الفعل يعني : نَفَذَ وتوغّل.

(وَمِن شَرّ النَّفثَاتِ فِى الْعُقَدِ).

«النفاثات : من النفث وهو البصق القليل ؛ ولمّا كان البصق مقروناً بالنفخ ، فاستعملت نفث بمعنى نفخ أيضاً.

كثير من المفسرين قالوا إنّ النفاثات هي النساء الساحرات ، وهي صيغة جمع للمؤنث ومبالغة من نَفثَ ، وهذه النسوة كن يقرأن الأوراد وينفخن في عقد ، وبذلك يعملن السحر ، وقيل : إنّها إشارة للنساء اللاتي كن يوسوسن في اذن الرجال وخاصة الأزواج ليثنوهم عن عزمهم وليوهنوا إرادتهم في أداء المهام الكبرى.

الفخر الرازي يقول أنّ النساء لأجل كثرة حبّهن في قلوب الرجال يتصرفن في الرجال يحولنهم من رأى إلى رأى ومن عزيمة إلى عزيمة (١).

وهذا المعنى في عصرنا أظهر من أي وقت آخر ، إذ إنّ إحدى أهم وسائل نفوذ الجواسيس في أجهزة السياسة العالمية استخدام النساء ، اللائي ينفثن في العقد ، فتنفتح مغاليق الأسرار في القلوب ويحصلن على أدقّ الأسرار.

وقيل : إنّ النفاثات هي النفوس الشريرة ، أو الجماعات المشككة التي تبعث بوساوسها عن طريق وسائل إعلامها لتوهن عزيمة الجماعات والشعوب.

ولا يستبعد أن تكون الآية ذات مفهوم عام جامع يشمل كل اولئك ويشمل أيضاً النمامين والذين يهدمون بنيان المحبة بين الأفراد.

(وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).

هذه الآية تبيّن أنّ الحسد أسوأ الصفات الرذيلة وأحطها ، لأنّ القرآن وضعه في مستوى أعمال الحيوانات المتوحشة والثعابين اللاسعة والشياطين الماكرة.

«الحسد : خصلة سيئة شيطانية تظهر في الإنسان نتيجة عوامل مختلفة ؛ مثل : ضعف الإيمان ، وضيق النظر ، والبخل. وهو يعني طلب وتمنّي زوال النعمة من شخص آخر.

الحسد منبع لكثير من الذنوب الكبيرة.

في الكافي عن الإمام الباقر عليه‌السلام قال : إنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب.

نهاية تفسير سورة الفلق

* * *

__________________

(١) التفسير الكبير ٣٢ / ١٩٦.

٥٧١
٥٧٢

١١٤

سورة الناس

محتوى السورة : الإنسان معرض دائماً لوساوس الشيطان ، وشياطين الجن والإنس يسعون دائماً للنفوذ في قلبه وروحه ، ومقام الإنسان في العلم مهما ارتفع ، ومكانته في المجتمع مهما سمت يزداد تعرضه لوساوس الشياطين ليبعدوه عن جادة الحق. وليبيدوا العالم بفساد العالِم.

هذه السورة تأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باعتباره القدوة والاسوة أن يستعيذ بالله من شرّ الموسوسين.

محتوى هذه السورة شبيه بمحتوى سورة الفلق ، فكلاهما يدوران حول الإستعاذة بالله من الشرور والآفات ، مع فارق أنّ سورة الفلق تتعرض لأنواع الشرور ، وهذه السورة تركز على شرّ (الوسواس الخناس).

فضيلة تلاوة السورة : في المجمع عن الفضل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اشتكى شكوى شديدة ، ووجع وجعاً شديداً ، فأتاه جبرائيل وميكائيل عليهما‌السلام ، فقعد جبرائيل عليه‌السلام عند رأسه وميكائيل عند رجليه ، فعوّذه جبرائيل بقل أعوذ بربّ الفلق وميكائيل بقل أعوذ بربّ الناس.

٥٧٣

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (٦)

بربّ الناس أعوذ : في هذه السورة يتجه الخطاب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باعتباره الاسوة والقدوة : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلهِ النَّاسِ).

يلاحظ أنّ الآيات ركزت على ثلاث من صفات الله سبحانه هي (الربوبية والمالكية والالوهية) وترتبط كلّها إرتباطاً مباشراً بتربية الإنسان ونجاته من براثن الموسوسين.

المقصود من الإستعاذة بالله ليس طبعاً ترديد الإستعاذة باللسان فقط ، بل على الإنسان أن يلجأ إليه جلّ وعلا في الفكر والعقيدة والعمل أيضاً ، مبتعداً عن الطرق الشيطانية والأفكار المضللة الشيطانية ، والمناهج والمسالك الشيطانية والمجالس والمحافل الشيطانية ، ومتجهاً على طريق المسيرة الرحمانية ، وإلّا فإنّ الإنسان الذي أرخى عنان نفسه تجاه وساوس الشيطان لا تكفيه قراءة هذه السورة ولا تكرار الفاظ الإستعاذة باللسان.

على المستعيذ الحقيقي أن يقرن قوله ربّ الناس بالإعتراف بربوبية الله تعالى ، وبالإنضواء تحت تربيته ؛ وأن يقرن قوله ملك الناس بالخضوع لمالكيته ، وبالطاعة التامة لأوامره ؛ وأن يقرن قوله : إله الناس بالسير على طريق عبوديته ، وتجنب عبادة غيره.

ومن كان مؤمناً بهذه الصفات الثلاث ؛ وجعل سلوكه منطلقاً من هذا الإيمان فهو دون شك سيكون في مأمن من شرّ الموسوسين.

هذه الأوصاف الثلاثة تشكل في الواقع ثلاثة دروس تربوية هامّة ... ثلاث سبل وقاية ... وثلاث طرق نجاة من شرّ الموسوسين ، إنّها تؤمن على مسيرة الإنسان من الأخطار.

(مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ).

«الوسواس : أصلها ـ كما يقول الراغب في المفردات ـ صوت الحُلي (اصطكاك حلية بحلية) ، ثم اطلق على أي صوت خافت ، ثم على ما يخطر في القلب من أفكار وتصورات سيئة ، لأنّها تشبه الصوت الباهت الذي يوسوس في الاذن.

٥٧٤

«الوسواس : مصدر ، ويأتي بمعنى اسم الفاعل بمعنى الموسوس ، وهي في الآية بهذا المعنى.

«الخنّاس : صيغة مبالغة من الخنوس وهو التراجع ، لأنّ الشياطين تتراجع عند ذكر اسم الله ؛ والخنوس له معنى الإختفاء أيضاً ، لأن التراجع يعقبه الإختفاء عادة.

فقوله سبحانه : (مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ). أي : أعوذ بالله من شرّ الموسوس ذي الصفة الشيطانية الذي يهرب ويختفي من ذكر اسم الله.

عمل الشيطان هو التزيين ، واخفاء الباطل تحت طلاء الحق ، والكذب في قشر من الصدق ، والذنب في لباس العبادة ، والضلال خلف ستار الهداية.

وبإيجاز ، الموسوسون متسترون ، وطرقهم خفية ، وفي هذا تحذير لكل سالكي طريق الله أن لا يتوقعوا رؤية الشياطين في صورتهم الأصلية ، أو رؤية مسلكهم على شكله المنحرف. أبداً ... فهم موسوسون خناسون ... وعملهم الحيلة والمكر والخداع والتظاهر والرياء وإخفاء الحقيقة.

جملة (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) تنبيه على حقيقة هامّة هي إنّ الوسواس الخناس لا ينحصر وجوده في مجموعة معينة ، ولا في فئة خاصة ، بل هو موجود في الجن والإنس ... في كل جماعة وفي كل ملبس ، فلابدّ من الحذر منه أينما كان ، والإستعاذة بالله منه في كل أشكاله وصوره.

أصدقاء السوء ، والجلساء المنحرفون ، وأئمة الظلم والضلال ، والولاة الجبابرة الطواغيت ، والكتاب والخطباء الفاسدون ، والمدارس الإلحادية والإلتقاطية المخادعة ، ووسائل الإعلام المزوّرة الملفّقة ، كلّها هي وأمثالها تندرج ضمن المفهوم الواسع للوسواس الخناس وتتطلب من الإنسان أن يستعيذ بالله منها.

في أمالي للشيخ الصدوق عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام قال : لمّا نزلت هذه الآية : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) [آل عمران : ١٣٥] صعد إبليس جبلاً بمكة يقال له ثور ، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقالوا : يا سيّدنا لم دعوتنا؟ قال : نزلت هذه الآية ، فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين ، فقال : أنا لها بكذا وكذا. قال : لست لها. فقام آخر فقال مثل ذلك ، فقال : لست لها. فقال الوسواس الخناس : أنا لها. قال : بماذا؟ قال : أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئه ، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم

٥٧٥

الإستغفار ، فقال : أنت لها ، فوكّله بها إلى يوم القيامة.

نهاية تفسير سورة الناس

* * *

اللهمّ! احفظنا من شرّ كل وسواس خناس.

ربّنا! التآمر دقيق ، والعدوّ متربّص ، والمخططات خفية رهيبة ، ولا نجاة منها إلّابلطفك وفضلك.

يا كريم! بفضلك وبمنّك وبنعمتك استطعت بعد ثلاثة عاماً أن ننهي هذا التفسير.

يا غفور ويا رحيم! تعلم أنّنا في هذه اللحظات مغمورون بفرحة ممزوجة بالشكر فنبتهل إليك ونتضرع أن تغفر لنا زلاتنا فإنّك أرحم الراحمين.

وتقبل منّا يا ربّ هذا الجهد المتواضع بكرمك ، واجعله لنا ذخراً يوم نلقاك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

قم ـ الحوزة العلميّة

أحمد ـ علي بابائي

١٣ رجب ١٤٢٧

٥٧٦

الفهرس

٥٣ ـ سورة النجم................................................................ ٥

٥٤ ـ سورة القمر............................................................... ٢٧

٥٥ ـ سورة الرحمن.............................................................. ٤٧

٥٦ ـ سورة الواقعة.............................................................. ٦٩

٥٧ ـ سورة الحديد.............................................................. ٨٩

٥٨ ـ سورة المجادلة............................................................ ١١١

٥٩ ـ سورة الحشر............................................................. ١٢٧

٦٠ ـ سورة الممتحنة........................................................... ١٤٩

٦١ ـ سورة الصف............................................................ ١٦٣

٦٢ ـ سورة الجمعة............................................................. ١٧١

٦٣ ـ سورة المنافقون........................................................... ١٨١

٦٤ ـ سورة التغابن............................................................ ١٨٩

٦٥ ـ سورة الطلاق............................................................ ١٩٧

٦٦ ـ سورة التحريم............................................................ ٢٠٧

٦٧ ـ سورة الملك.............................................................. ٢١٧

٦٨ ـ سورة القلم.............................................................. ٢٣١

٦٩ ـ سورة الحاقّة............................................................. ٢٤٥

٧٠ ـ سورة المعارج............................................................. ٢٥٩

٥٧٧

٧١ ـ سورة نوح............................................................... ٢٦٩

٧٢ ـ سورة الجن.............................................................. ٢٧٩

٧٣ ـ سورة المزمّل.............................................................. ٢٩٣

٧٤ ـ سورة المدّثر.............................................................. ٣٠٣

٧٥ ـ سورة القيامة............................................................. ٣١٧

٧٦ ـ سورة الإنسان........................................................... ٣٢٧

٧٧ ـ سورة المرسلات.......................................................... ٣٣٩

٧٨ ـ سورة النبأ............................................................... ٣٤٩

٧٩ ـ سورة النازعات........................................................... ٣٦٣

٨٠ ـ سورة عبس.............................................................. ٣٧٣

٨١ ـ سورة التكوير............................................................ ٣٨٥

٨٢ ـ سورة الإنفطار........................................................... ٣٩٥

٨٣ ـ سورة المطفّفين........................................................... ٤٠١

٨٤ ـ سورة الإنشقاق.......................................................... ٤١٣

٨٥ ـ سورة البروج............................................................. ٤٢١

٨٦ ـ سورة الطارق............................................................ ٤٢٩

٨٧ ـ سورة الأعلى............................................................ ٤٣٣

٨٨ ـ سورة الغاشية............................................................ ٤٣٩

٨٩ ـ سورة الفجر............................................................. ٤٤٧

٩٠ ـ سورة البلد.............................................................. ٤٥٩

٩١ ـ سورة الشمس........................................................... ٤٦٥

٩٢ ـ سورة الليل.............................................................. ٤٧٣

٩٣ ـ سورة الضحى........................................................... ٤٧٩

٩٤ ـ سورة الشرح............................................................. ٤٨٥

٩٥ ـ سورة التين.............................................................. ٤٨٩

٩٦ ـ سورة العلق.............................................................. ٤٩٣

٥٧٨

٩٧ ـ سورة القدر............................................................. ٥٠١

٩٨ ـ سورة البينّة.............................................................. ٥٠٥

٩٩ ـ سورة الزلزلة............................................................. ٥١١

١٠٠ ـ سورة العاديات......................................................... ٥١٥

١٠١ ـ سورة القارعة........................................................... ٥١٩

١٠٢ ـ سورة التكاثر.......................................................... ٥٢٣

١٠٣ ـ سورة العصر........................................................... ٥٢٧

١٠٤ ـ سورة الهمزة............................................................ ٥٣١

١٠٥ ـ سورة الفيل............................................................ ٥٣٥

١٠٦ ـ سورة قريش............................................................ ٥٤١

١٠٧ ـ سورة الماعون........................................................... ٥٤٥

١٠٨ ـ سورة الكوثر........................................................... ٥٤٧

١٠٩ ـ سورة الكافرون......................................................... ٥٥١

١١٠ ـ سورة النصر........................................................... ٥٥٥

١١١ ـ سورة الإخلاص........................................................ ٥٦١

١١٢ ـ سورة الفلق............................................................ ٥٦٩

١١٣ ـ سورة الفلق............................................................ ٥٦٩

١١٤ ـ سورة الناس............................................................ ٥٧٣

٥٧٩