الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

عبد العزيز علي سفر

الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

المؤلف:

عبد العزيز علي سفر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
ISBN: 977-232-715-5
الصفحات: ٨٣٨

ومطّرد الكعبين أسمر عاتر

وذات قتير في مواصلها درم (١)

وقول «الحصين بن الحمام المري» :

بكل رقاق الشفرتين مهنّد

وأسمر عرّاض المهزّة أرقبا (٢)

وقول «ربيعة بن مقروم الضبي» :

وأسمر خطي كأنّ سنانه

شهاب غصا شيّعته فتلهّبا (٣)

وجاء في «شرح أشعار الهذليين» قول «صخر الغي» :

أحاط به حتّى رماه وقد دنا

بأسمر مفتوق من النّبل صائب (٤)

ومن الصفات التى تدل على الألوان «أبيض» التي جاءت كثيرا فى الشعر العربي ، ومن الشعراء الذين أوردوها «امرؤ القيس» في قوله :

وأبيض كالمخراق بلّيت حدّه

وهبّته في الساق والقصرات (٥)

«وطرقة بن العبد» في قوله :

بدلته الشمس من منبته

بردا أبيض مصقول الأشر (٦)

وفي قوله أيضا :

وأهوى بأبيض ذي علّة

حشيت يريد به مفرقي (٧)

__________________

(١) المفضليات ٣٠٨.

(٢) المفضليات ٣١٧.

(٣) المفضليات ٣٧٦.

(٤) شرح الهذليين ١ / ٢٥٠.

(٥) ديوان امرئ القيس ٨٢.

(٦) ديوان طرفة ٥١.

(٧) ديوان طرفة ١٤٣

٤٦١

وقد وردت في ديوان «عنترة» وذلك في الأبيات التالية :

تتابع لا يبتغي غيرها

بأبيض كالقبس الملتهب (١)

وقوله :

ناديت عبسا فاستجابوا بالقنا

وبكل أبيض صارم لم ينجل (٢)

وقوله :

فرأيتنا ما بيننا من حاجز

إلا المجنّ ونصل أبيض مقصل (٣)

وقد ورد في «جمهرة أشعار العرب» الأبيات التالية شواهد على منع «أبيض» من الصرف قال «أحيحة بن الجلاح» :

طويل الرأس أبيض مشمخرّا

يلوح كأنه سيف صقيل (٤)

وقال «أبو قيس بن الأسلت» :

أحفزها عنّي بذي رونق

أبيض مثل الملح قطّاع (٥)

وقال «الفرزدق» :

ولا زاد إلا فضلتان سلافة

وأبيض من ماء الغمامة قرقف (٦)

وقال «جرير» :

دفع المطيّ بكل أبيض شاحب

خلق القميص تخاله مختالا (٧)

__________________

(١) ديوان عنترة ١٩.

(٢) ديوان عنترة ١١٩.

(٣) ديوان عنترة ١٢٢ وانظر ديوانه ١٣٧. وقد ورد فى لون «أسود».

(٤) الجمهرة ٢ / ٦٥٠.

(٥) الجمهرة ٢ / ٦٥٤.

(٦) الجمهرة ٢ / ٨٧١.

(٧) الجمهرة ٢ / ٨٩٢.

٤٦٢

وجاء في «المفضليات» البيتان التاليان :

وصفراء من نبع سلاح أعدّها

وأبيض قصّال الضريبة جائف (١)

وفيه شاهد آخر وهو «صفراء» لوجود ألف التأنيث الممدودة :

والبيت «لثعلبة بن عمرو العبدي». وأما البيت الآخر فهو «لعلقمة بن عبدة» يقول فيه :

أبيض أبرزه للضّحّ راقبه

مقلّد قضب الرّيحان مفغوم (٢)

كما ذكرت هذه الصفة أيضا في «شرح أشعار الهذليين» في الأبيات التالية :

وصارم أخلصت خشيبته

أبيض مهو في متنه ربد (٣)

وقال «ساعدة بن العجلان» :

فلقد بكيتك يوم رجل شواحط

بمعابل صلع وأبيض مقطع (٤)

وقال «ربيعة بن الكودن» :

وأبيض يهديني وإن لم أناده

كفرق العروس طوله غير مخرق (٥)

وقال «عبيد الله بن أبي ثعلب» :

وأبيض منتجع خيره

إذا ما الجبال كسين القتاما (٦)

__________________

(١) المفضليات ٢٨٢.

(٢) المفضليات ٤٠٢.

(٣) الهذليين ١ / ٢٥٧.

(٤) الهذليين ١ / ٣٤٠.

(٥) شرح الهذليين ٢ / ٦٥٧.

(٦) شرح الهذليين ٢ / ٨٨٩.

٤٦٣

وقال «المتنخل» :

أبيض كالرّجع رسوب إذا

ما ثاخ في محتفل يختلي (١)

ومما يدل على اللون الأبيض من الصفات التي على وزن «أفعل» كلمة «أزهر» التي أوردها «عنترة» في قوله :

بزجاجة صفراء ذات أسرّة

قرنت بأزهر في الشمال مفدّم (٢)

كما ذكرها «ذو الرمة» بقوله :

ولاح أزهر معروف بنقبته

كأنه حين يعلو عاقرا لهب (٣)

ويعني «بأزهر» هنا الثور الأبيض ، وقد صرفها كما هو واضح من التنوين. وجاء ذكرها أيضا في «المفضليات» حيث يقول «المسيب بن علس» :

أو صوب غادية أدرّته الصبا

ببزيل أزهر مدمج بسياع (٤)

ويقول «عمرو بن الأهتم» :

فجرّ إلينا ضرعها وسنامها

وأزهر يحبو للقيام عتيق (٥)

ويقول «عبدة بن الطبيب» :

والكوب أزهر معصوب بقلّته

فوق السّياع من الريعان إكليل (٦)

__________________

(١) شرح الهذليين ٣ / ١٢٦٠.

(٢) ديوان عنترة ١٤٩ والجمهرة ٢ / ٤٥٢.

(٣) الجمهرة ٢ / ٩٦٣.

(٤) المفضليات ٦١.

(٥) المفضليات ١٢٧.

(٦) المفضليات ١٤٤.

٤٦٤

ومن صفات «الألوان» «أحمر» وقد ذكرها «النابغة الذبياني» إذ يقول :

وتخضب لحية غدرت وخانت

بأحمر من نجيع الجوف آني (١)

وذكرها كذلك «النابغة الجعدي» بقوله :

تمرّن فيه المضرحية بعد ما

روين نجيعا من دم الجوف أحمرا (٢)

وفى «المفضليات» ورد البيت التالي وهو «للحادرة» إذ يقول :

فرفعت عنه وهو أحمر فاتر

قد بان عني غير أن لم يقطع (٣)

كما ورد في «شرح الهذليين» البيت التالي «لعبد مناف بن ربع» :

ولقد أتاكم ما تصوب سيوفنا

بعد الهوادة كلّ أحمر صمصم (٤)

وجاءت أيضا كلمة «أشقر» وهي من صفات الألوان ذكرها «النابغة الجعدي» بقوله :

أشقّ مساميا رباعي جانب

وقارح جنب سل أقرح أشقرا (٥)

وقوله :

وننكر يوم الروع ألوان خيلنا

من الطعن حتى تحسب الجون أشقرا (٦)

وقال «مالك بن الريب» :

وأشقر خنذيذ يجرّ عنانه

إلى الماء لم يترك له الدّهر ساقيا (٧)

__________________

(١) ديوان النابغة ١٢٠.

(٢) الجمهرة ٢ / ٧٨٤.

(٣) المفضليات ٤٨.

(٤) الهذليين ٢ / ٦٨٧.

(٥) الجمهرة ٢ / ٧٧٨.

(٦) الجمهرة ٢ / ٧٨٥.

(٧) الجمهرة ٢ / ٧٦١.

٤٦٥

وذكر البيت في «المفضليات» :

وردا وأشقر لم ينهئه طابخه

ما غيّر الغلي منه فهو مأكول (١)

وأما اللون «أخضر» فقد ورد فيه البيتان التاليان وهما : «للنابغة الجعدي» إذ يقول :

وكل معدّ قد أحلّت سيوفنا

جوانب بحر ذي عوارب أخضرا (٢)

وفيه شاهد آخر على المنع وهو «غوارب» لصيغة منتهى الجموع و «للفرزدق» حيث يقول :

بأخضر من نعمان ثم جلت به

عذاب الثنايا طيبا يترشّف (٣)

وفي البيت أيضا «نعمان» الذي ورد ذكره في الأعلام الممنوعة من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.

وورد عند «طرفة بن العبد» هذا البيت شاهدا على اللون «أصفر» إذ يقول :

وأصفر مضبوح نظرت حواره

على النار واستودعته كفّ مجمد (٤)

ومن الصفات التي على وزن «أفعل» كلمة «أغبر» التي أوردها «النابغة الجعدي» بقوله :

وولّت به روح خفاف كأنها

خذاريف تزجي ساطع اللون أغبرا (٥)

__________________

(١) المفضليات ١٤١.

(٢) الجمهرة ٢ / ٧٨٥.

(٣) الجمهرة ٢ / ٨٦٩.

(٤) الجمهرة ٢ / ٤١٨.

(٥) الجمهرة ٢ / ٧٧٧.

٤٦٦

وفيه شاهد آخر وهو «خذاريف» لصيغة منتهى الجموع.

ويقول «المنتخل الهذلي» :

وخرق تعزف الجنان فيه

بعيد الجوف أغبر ذي انخراط (١)

وجاء في «المفضليات» قوله «ربيعة بن مقروم الضبي» :

وواردة كأنها عصب القطا

تثير عجاجا بالسنابك أصهبا (٢)

وأصهب : يعني الغبار في «لونه».

ومن الصفات أيضا «أدهم» وقد جاء ذكرها عند «عنترة» إذا يقول :

تمسي وتصبح فوق ظهر حشيّة

وأبيت فوق سراة أدهم ملجم (٣)

ويقول أيضا :

أدهم يصدع الدّجى بسواد

بين عينيه غرّة كالهلال (٤)

ونلاحظ أنه قد صرف «أدهم» كما صرف من قبل «أسود».

ويقول «تأبط شرّا» :

عاري الظنابيب ممتد نواشره

مدلاج أدهم واهي الماء غساق (٥)

ويقول «أبو صخر الهذلي» :

فجرّ على سيف العراق ففرشه

فأعلام ذي قوس بأدهم ساكب (٦)

__________________

(١) الجمهرة ٢ / ٦٠٧

(٢) المفضليات ٣٧٦.

(٣) ديوان عنترة ١٤٥. والجمهرة ٢ / ٤٤٢.

(٤) ديوان عنترة ١٣٦.

(٥) المفضليات ٢٩.

(٦) شرح الهذليين ٢ / ٩٢٠.

٤٦٧

ومن الصفات التي جاءت مصروفة عند «عنترة» «أشهب» بقوله :

من كلّ أدهم كالرياح إذا جرى

أو أشهب عالي المطار وأشقر (١)

وجاء في «المفضليات» قول «الحصين بن الحمام المري» :

ولما رأيت الصبر ليس بنافعي

وأن كان يوما ذا كواكب أشهبا (٢)

وفيه أيضا «كواكب» الممنوعة من الصرف لصيغة منتهى الجموع.

ومنه قوله «عمارة بن أبي طرفة» :

ورأسه أشهب مثل اللّيف

أنت تجيب دعوة المضوف (٣)

ومن الصفات «أكلف» أي الذي يخالط بياضه سواد عنى به الفارس.

وقد أوردها «بشر بن أبي خازم» بقوله :

يخرجن من خلل الغبار عوابسا

خبب السباع بكل أكلف ضيغم (٤)

وفيه صرف «عوابس» مع أنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع.

وقال أيضا :

ورأوا عقابهم المدلّة أصبحت

نبذت بأفضح ذي مخالب جهضم (٥)

__________________

(١) ديوان عنترة ٨٨.

(٢) المفضليات ٣١٧.

(٣) الهذليين ٢ / ٨٧٧.

(٤) المفضليات ٣٤٧.

(٥) الجمهرة ٢ / ٦٧٦.

٤٦٨

الصفات الدالة على سمة في الإنسان :

ومنها «أجش» أي الصوت الخشن ، وقد جاءت في قول «أبي ذؤيب» :

وهما هما من قانص متلبّب

في كفّه جشء أجشّ وأقطع (١)

وفيه أيضا «أقطع».

وجاء أيضا في قول «عنترة» :

بركت على ماء الرّداع كأنما

بركت على قصب أجش مهضّم (٢)

وقال «الجميح» :

يعدو به قارح أجشّ يسو

د الخيل نهد هشاشه زهم (٣)

وقال «المزرد الشيباني» :

أجشّ صريحيّ كأن صهيله

مزامير شرب جاوبتها جلاجل (٤)

وفى البيت أيضا «جلاجل» لصيغة منتهى الجموع.

وقال «أبو ذؤيب» :

وتميمة من قانص متلبّب

في كفه جشء أجشّ وأقطع (٥)

وهو البيت الذي ذكر قبل في «الجمهرة» وللشاعر نفسه مع تغيير بسيط

__________________

(١) الجمهرة ٢ / ٦٧٦.

(٢) الجمهرة ٢ / ٤٤٧.

(٣) المفضليات ٤٢.

(٤) المفضليات ٩٥.

(٥) المفضليات ٤٢٤.

٤٦٩

فى أوله وهو جعل «وتميمة» بدلا من «وهماهما» وقد ذكر هذا البيت فى «شرح الهذلين» (١) ، وجاء فيه أيضا يقول «صخر الغي» :

أجشّ ربحلا له هيدب

يكشّف للخال ربطا كشيفا (٢)

وقال «أبو العيال» :

أجش مقلّص الطرفين في أحشائه قبب (٣)

وقال «أمية بن أبي عائذ» :

منيف مسانيف الرباب أمامه

لواقح يحبوها أجشّ مجلجل (٤)

وفيه أيضا «لواقح» لصيغة منتهى الجموع.

ومن الصفات الممنوعة من الصرف «أشعث» أي البائس الفقير ، وقد جاءت في شعر «متمم بن نويرة» إذ يقول :

وأرملة تسعى بأشعث ممثل

كفرخ الحبارى رأسه قد تصدّعا (٥)

وذكرها الحادرة بقوله :

ولدى أشعث باسط ليمينه

قسما لقد أنضجت لم يتورع (٦)

وقال «الجميح الأسدي» :

أو لأشعث بعل أرملة

مثل البلية سملة الهدم (٧)

__________________

(١) شرح الهذليين ١ / ٢١.

(٢) شرح الهذليين ١ / ٢٩٤.

(٣) شرح الهذليين ١ / ٤٣١.

(٤) شرح الهذليين ٢ / ٥٣٣.

(٥) الجمهرة ٢ / ٧٤٥.

(٦) المفضليات ٤٦.

(٧) المفضليات ٣٦٨.

٤٧٠

وقد ذكر هذا البيت في «الأصمعيات» مع تغيير بسيط في الشطر الأول إذ يقول فيه «أم مّن لأشعث لا ينام وأرمل» (١).

ويقول «عمرو بن الأهتم» :

يؤوب إليك أشعث جرفته

عوان لا ينهنهها الفتور (٢)

وورد في «شرح أشعار الهذليين» البيتان التاليان حيث يقول «أبو ذؤيب» :

وأشعث بوئس شفينا أحاحه

غداةئذ ذي جردة متماحل (٣)

ويقول «أبو صخر الهذلي» :

وغير أشعث قد بلّ الزمان به

مقلّد في حديد اللّبّ موقود (٤)

ومنها «أروع» وهو الرجل الكريم ذو الجسم والجهارة والفضل والسؤدد والجمال. ذكرها «عنترة» في شعره حيث يقول :

كفى حاجة الأضياف حتى يريحها

على الحي مناكل أروع ماجد (٥)

ويقول أيضا :

من كل أروع للكماة منازل

ناج من الغمرات كالرئبال (٦)

__________________

(١) الأصمعيات ٢١٦.

(٢) المفضليات ٤١٠.

(٣) الهذليين ١ / ١٦٠.

(٤) الهذليين ٢ / ٩٢٤.

(٥) ديوان عنترة ٥٠.

(٦) ديوان عنترة ١٣١.

٤٧١

وذكرها «طرفة بن العبد» بقوله :

وأروع بناض أخذ ململم

كمرداة صخر من صفيح مصمّد (١)

ويقصد بالأروع هنا : القلب الحديد المرتاع لحدثه.

وذكرت مرتين في «الأصمعيات» في بيتين «السعدى بنت الشمردل» تقول فيهما :

ويلمّه رجلا يليذ بظهره

إبلا ونسّال الفيافي أروع (٢)

وتقول :

إن تأته بعد الهد ولحاجة

تدعو بحبك لها نجيب أروع (٣)

ومن الصفات الممنوعة من الصرف «أحسن» التي أوردها «المرار بن منقذ» بقوله :

وهوى القلب الذي أعجبه

صورة أحسن من لاث الخمر (٤)

وقال «أبو ذؤيب» :

بأحسن منها حيث قامت فأعرضت

تواري الدموع حين جدّا انحدارها (٥)

وقال أيضا :

بأحسن منها يوم قالت تدللا

أتصرم حبلى أم تدوم على وصلي (٦)

__________________

(١) ديوان طرفة ٢١.

(٢) الأصمعيات ١٠٤.

(٣) الأصمعيات ١٠٤.

(٤) المفضليات ٨٩.

(٥) الهذليين ١ / ٧٣.

(٦) الهذليين ١ / ٩٠.

٤٧٢

وجاء في «شرح الهذليين» كذلك قول «الداخل بن حرام» :

بأحسن مضحكا منها وجيدا

غداة الحجر مضحكها بليج (١)

ومنها «أغر» التي ذكرها «سوار بن الضرب» في قوله :

وشق الصبح أخرى الليل شقا

جماح أغرّ منقطع العنان (٢)

وقال «أبو ذؤيب» :

يضيء سناه راتق متكفف

أغرّ كمصباح اليهود دلوج (٣)

وقال «أمية بن أبي عائذ» :

فتصطنع القوم الذين تنويهم

إذا راعكم يوم أغرّ محجّل (٤)

ومن هذه الصفات التي تدل على خصلة في الإنسان «أشجع» وقد أوردها «دريد بن الصمة» في شعره إذ يقول :

وأشجع قد أدركنهم فتركنهم

يخافون خطف الطير من كل جانب (٥)

وقال «الأعشى» في معلقته :

وشجاع فأنت أشجع من لي

ث عرين ذي لبدة وصيال (٦)

وقال «أبو زيد الطائي» :

فتّى كان أحيى من فتاة حيية

وأشجع من ليث إذا ما تمنّعا (٧)

__________________

(١) الهذليين ٢ / ٦١٢.

(٢) الأصمعيات ٢٤٣.

(٣) الهذليين ١ / ١٢٩.

(٤) الهذليين ٢ / ٥٣٨.

(٥) الأصمعيات ١١٢.

(٦) الجمهرة ١ / ٢٦٨.

(٧) الجمهرة ٢ / ٧٤٩.

٤٧٣

وقال «المسيب بن علس» :

ولأنت أشجع في الأعادي كلّها

من مخدر ليث معبد وقاع (١)

ومنها «أشنع» وهي تفضيل قصد به الوصف أي شنيع. وقد ذكرتها «سعدى بنت الشمردل» حيث تقول :

جاد ابن مجدعة الكمي بنفسه

ولقد يرى أن المكرّ لأشنع (٢)

وتقول أيضا :

غادرته يوم الرصاف مجدّلا

خبر بعمرك يوم ذلك أشنع (٣)

وجاء في بيت شعر «لأبي ذؤيب» ذكر بثلاث روايات مختلفة ، فقد ورد في «الجمهرة» بهذا الشكل :

يتحاسبان المجدّ كل واثق

ببلائه فاليوم يوم أشنع (٤)

ويقصد بأشنع هنا : القبيح.

بينما تغير في رواية «شرح الهذليين» إذ يبدأ البيت بـ «يناهبان» بدلا من «يتحاميان» (٥).

وأما رواية «المفضليات» فيبدأ البيت بـ «محاميين» بدلا من «يتحاميان» (٦) وجاء في المفضليات أيضا قول «عبدة بن الطبيب» :

__________________

(١) المفضليات ٦٣.

(٢) الأصمعيات ١٠٢.

(٣) الأصمعيات ١٠٤.

(٤) الجمهرة ٢ / ٦٨٦.

(٥) الهذليين ١ / ٣٨.

(٦) المفضليات ١٤٨.

٤٧٤

ومقام خصم قائم ظلفاته

من زل طار له ثناء أشنع (١)

ومن هذه الصفات كذلك «أبلج» وتعني بوجه أبلح ، والأبلج الواضح الحسن وقد ذكرها «عنترة» ثلاث مرات في الأبيات التالية :

فدونكم يا آل عبس قصيدة

يلوح لها ضوء من الصبح أبلج (٢)

وقال أيضا :

فلهب أبلج مثل بعلك بادن

ضخم على ظهر الجواد مهبّل (٣)

وقال في موضع آخر :

أغنّ مليح الدل أحور أكحل

أزجّ بقي الخد أبلج أدعج (٤)

وفي البيت أكثر من صفة ممنوعة من الصرف لوزن الفعل وهي «أغن ، أحور ، أكحل ، أزج ، أبلج ، أدعج».

وممن ذكر «أبلج» «بشر بن أبي حازم» في قوله :

وأبلج مشرق الخدين فخر

يسنّ على مراميه القسام (٥)

ويذكر «أكحل» عند «عنترة» تتبعه ببيت آخر وردت فيه هذه الصفة وهو لـ «ضابئ بن الحارث» يقول فيه :

شديد سواد الحاجبين كأنما

أسف صلى نارا فأصبح أكحلا (٦)

__________________

(١) المفضليات ١٤٨.

(٢) ديوان عنترة ٣٨.

(٣) ديوان عنترة ١٢١.

(٤) ديوان عنترة ٣٣.

(٥) المفضليات ٣٣٤.

(٦) الأصمعيات ١٨٣.

٤٧٥

ومنها «أبرع» أي أكمل وأتم ، ذكرها «أبو ذؤيب» بقوله :

فكبا كما يكبو فتيق تارز

بالخبت إلا أنه هو أبرع (١)

وللبيت روايتان أخريان لم تختلفا عن هذه إلا في كلمة «الخبت» فقد وردت في الجمهرة (٢) «بالجنب» وفي «شرح الهذليين» (٣) «بالخبت». ومنها «أطيب» وقد ذكرها «المرقش الأصغر» حيث يقول :

بأطيب من فيها إذا جئت طارقا

من الليل فوها ألذّ وأنضح (٤)

وفيه أيضا «ألذ ، وأنضح».

وقد ذكر في «شرح الهذليين» بيتان «لأبي ذؤيب» شبيهان ببيت «المرقش الأصغر» هذا في الشطر الأول ، ولكنهما مختلفان في الشطر الثاني ، والبيتان هما :

بأطيب من فيها إذا جئت طارقا

من الليل والتفّت عليّ ثيابها (٥)

ويقول في البيت الثانى :

بأطيب من فيها إذا جئت طارقا

ولم يتبين ساطع الأفق المجلى (٦)

ومنها «أضلع» أي أقوى وأغلظ ، وقد أوردها «أبو ذؤيب» في قوله :

وكأنما هو مدوس متقلب

في الكف إلا أنه هو أضلع (٧)

__________________

(١) المفضليات ٤٢٧.

(٢) الجمهرة ٢ / ٦٨٢.

(٣) الهذليين ١ / ٣٢.

(٤) الجمهرة ٢ / ٥٤٨ والمفضليات ٢٤٢.

(٥) الهذليين ١ / ٥٤.

(٦) الهذليين ١ / ٩٧.

(٧) الجمهرة ٢ / ٦٧٤ والمفضليات ٤٢٤ وشرح الهذليين ١ / ١٩.

٤٧٦

ومن هذه الصفات «أصم» أي ليس بأجوف. وقد ذكرها «أبو مهدية» في شعره إذ يقول :

قد كاد يقتلني أصم مرقّش

من جب كلثم والخطوب كثير (١)

وقال «المزرد الشيباني» :

أصمّ إذا ما هزّ مارت سراته

كما مار ثعبان الرمال الموائل (٢)

ومنها «أعز» كما جاءت فيقول «النابغة الجعدي» :

فما وجدت من فرقة عربية

كفيلا دنا منا أعزّ وأنصرا (٣)

وقال الفرزدق :

تثاقل أركان عليه ثقلية

كأركان سلمى أو أعزّ وأكثف (٤)

وفي البيت شاهد آخر وهو «أكثف» للصفة التي على وزن الفعل. ومنها «أسلح» التي أوردها «أوس بن غلفاء الهجيمي» بقوله :

وهم تركوك أسلح من حباى

رأت صقرا وأشرد من نعام (٥)

و «أشأم» التي ذكرها «زهير بن أبي سلمى» بقوله :

فتنتج لكم ظمآن أشأم كلهم

كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم (٦)

__________________

(١) الأصمعيات ١٢٣.

(٢) المفضليات ٩٩.

(٣) الجمهرة ٢ / ٨٧٣.

(٤) الجمهرة ٢ / ٨٨٦.

(٥) الأصمعيات ٣٣ والمفضليات ٣٨٨.

(٦) الجمهرة ١ / ١٩٦.

٤٧٧

وقال «الخصفي المحاربي» :

فما إن شهدنا خمركم إذ شربتم

على دهش ، والله شربة أشأما (١)

ومن الصفات «أعف» ذكرها «عنترة» بقوله :

هديّكم خير أبا من أبيكم

أعفّ وأوفى بالجوار وأحمد (٢)

وقال «المزرد بن ضرار الذبياني» :

فردّوا لقاح الثعلبي أداؤها

أعفّ وأتقى من أذى غير واحد (٣)

ومنها «أبرح» أي أشد ، ذكرها «المرقش الأصغر» بقوله :

فولّت وقد بثّت تباريح ما ترى

ووجدي بها إذ تحدّر الدّمع أبرح (٤)

وقال في بيت آخر :

على مثله آتي النديّ مخايلا

وأغمز سرّا أيّ أمحريّ أربح (٥)

وهو شاهد على منع كلمة «أربح» من الصرف للعلة ذاتها أي الوصفية ووزن الفعل. ومنها كلمة «أهون» قال «طرفة بن العبد» :

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا

حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض (٦)

وهناك أوصاف كثيرة وردت في الشعر العربي بجانب ما ذكرناه ولكنها

__________________

(١) المفضليات ٣١٩.

(٢) ديوان عنترة ٤٧.

(٣) المفضليات ٧٨.

(٤) الجمهرة ٢ / ٥٤٧ ، والمفضليات ٢٤٢.

(٥) المفضليات ٢٤٣.

(٦) ديوان طرفة ١٤٢ والجمهرة ١ / ١٥.

٤٧٨

جاءت قليلة بل في بيت واحد من الشعر ، وذلك طبقا لمصادر الشعر التي عدت إليها وسأبدأ بذكر الصفات التي ذكرت عند الشعراء الجاهليين المعروفين فمثلا جاء عند «امرئ القيس» الكلمات التالية «أشت وأنأى ، أوطف ، أشنب ، أعزل» وذلك في الأبيات التالية :

فلله عينا من رأى من تفرّق

أشتّ وأنأى من فراق المحصّب (١)

وقال :

وغبث كألوان الفناقد هبطته

تعاور فيه كلّ أوطف حنّان (٢)

والأوطف : سحاب دان من الأرض كأن له خيلا لكثافته وأصل الوطف في العين وهو كثرة هدب شعرها وطوله.

وقال أيضا :

بثغر كمثل الأقحوان منوّر

تقي الثنايا أشنب غير أثعل (٣)

الشنب : عذوبة في الأسنان ورقتها.

الثعل : تراكب الأسنان بعضها فوق بعض ، يصف جمال ثغرها.

وقال في موضع آخر من معلقته :

ضليع إذا استدبرته سد فرجه

بضاف فويق الأرض ليس بأعزل (٤)

وأما «عنترة» فقد ورد عنده الأوصاف التالية «أقتم ، أحب ، أحد» وذلك فيما يأتي من أبيات :

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ٤٣.

(٢) ديوان امرئ القيس ٩١.

(٣) الجمهرة ١ / ١٣٥.

(٤) الجمهرة ١ / ١٦٠.

٤٧٩

والجو أقتم والنجوم مضيئة

والأفق مغبرّ العناق الأربد (١)

ويقول أيضا :

أحبّ إلى من قرع الملاهي

على كأس وإبريق وزهر (٢)

وأمّا أحدّ فقد ذكرها في هذا البيت :

جفون العذارى من خلال البراقع

أحدّ من البيض الرقاب القواطع (٣)

وأما «طرفة بن العبد» فقد وردت في شعره مجموعة كبيرة من هذه الصفات من مثل «أكف ، أروغ ، أعوج ، أزعر ، أربد ، أغيد» وذلك فيما يلى من أبيات :

تريع إلى صوت المهيب وتتّقي

بذي خصل روعات أكلف ملبد (٤)

ويقول :

كلّهم أروغ من ثعلب

ما أشبه الليلة بالبارحة (٥)

ويقول :

إذا ما استوى أمري يعوجّ أمره

وأعوج أحيانا فيبدو استواؤه (٦)

ويقول :

جماليّة وجناء تردي كأنها

سفنّجة تبري لأزعر أربد (٧)

__________________

(١) ديوان عنترة ٧١.

(٢) ديوان عنترة ٩٠.

(٣) ديوان عنترة ٩٦.

(٤) ديوان طرفة ١٣.

(٥) ديوان طرفة ١١٤.

(٦) ديوان طرفة ١٣٥.

(٧) ديوان طرفة ١٥١ والجمهرة ١ / ٣٨١.

٤٨٠