الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

عبد العزيز علي سفر

الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

المؤلف:

عبد العزيز علي سفر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
ISBN: 977-232-715-5
الصفحات: ٨٣٨

ومما تقدّم نستنتج أن سبب المنع في مثل هذه الصفات هو الوصفية وزيادة الألف والنون ولكون الزائدتين يشبهان ألفي التأنيث في نحو «حمراء» وهذا المذهب هو مذهب سيبويه والجمهور ، بينما ذهب المبرّد إلى أنه امتنع لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث ، ومذهب الكوفيين أنهما منعا لكونهما زائدتين لا يقبلان الهاء لا للتشبيه بألفي التأنيث (١).

وللسهيلي رأي مخالف في هذا الموضع حيث يقول في أماليه : «وأما سكران وغضبان فلا ينصرف ، قال النحويون : لأنه مضارع لباب حمراء وصفراء ، وإذا نظرت هذه المضارعة لم تجد بينهما في المعنى من المضارعة شيئا ، وأما اللفظ فبعيد أيضا لأن آخر هذا ألف ونون ، وآخر هذا ألف وهمزة ، والهمزة بعيدة المخرج من النون.

والمانع عندنا من صرفه مضارعته للتثنية من جهة اللفظ ومن جهة المعنى ، أما اللفظ فبيّن ، لأنها ألف ونون كما نقول : الزيدان بألف ونون ، وأما المعنى ، فالتثنية إنما هي تثنية الواحد فنقول في زيد وزيد زيدان ، لأن أصل العدد قد تضاعف فنقول : غاضب وعاطش فإذا تضاعف الغضب والعطش وزاد قيل : غضبان وعطشان فلا شك أن هذه المضارعة أصح من جهة اللفظ ومن جهة المعنى من مضارعته لحمراء ، وإذا ثبت هذا فنون الاثنين لا تنوّن لأنها كالعوض من التنوين فكما لا تقول : زيدان ، فلا تقول :

غضبان لوجود المضارعة فيه لفظا ومعنى .. (٢)

__________________

(١) انظر حاشية الصبان ٣ / ٢٣٤.

(٢) أمالي السهيلي ص ٣٧.

٤٢١

فقد بيّن السهيلي أن السبب في تأثير الألف والنون على الصرف والمنع ليس للشبه بألفي حمراء كما رأينا عند النحاة ، وذكر أن الشبه بين الطرفين بعيد من ناحية اللفظ ومن ناحية المعنى.

والسبب عنده هو شبههما بالتثنية ، لأن اللفظ في الكلمتين متشابهان كما أن المعنى في رأيه قريب لأن التثنية تضاعف في المعنى كما أن صيغة «فعلان» تضاعف في المعنى.

على كل حال فإن هذه الأمور الجدلية لا تقدم شيئا ولا تؤخره في الموضوع والمهم في ذلك هو أن الغالب في صيغة «فعلان» المنع من الصرف ، وقليل منها مصروف لوجود التاء مؤنثها وقد عرفنا الألفاظ الأربعة عشر التي ذكرها السيوطي ، أما مسألة الشبه وفرضيتها فهذه أمور ثانوية ، وحتى الشبه الذي ذكره السهيلي فإني أراه ناقصا شيئا مهمّا وذلك أن الشبه بين الطرفين يفتقد شيئا أساسيّا وهو أن المشبه به وهو المثنى لا يدخل في باب الممنوع من الصرف وهو أساس البحث فكيف نشبه به «فعلان» ونحن نريد الوصول إلى علة المنع؟ بينما المشبّه به عند النحاة وهو المختوم بألف التأنيث الممدودة نحو «حمراء» داخل في باب الممنوع من الصرف فالتشبيه بينهما على افتراضه قوي ويجمعهما شيء أساسي وهو المنع.

ويجدر بنا ونحن نتكلم عن الشبه بين الألف والنون الزائدتين.

أن نبيّن أوجه الشبه بينهما وبين ألف التأنيث :

هناك أوجه شبه ذكرها النحاة بين الألف والنون في صيغة «فعلان» وبين ألف التأنيث في صيغة «فعلاء» ولنعد للنص السابق لسيبويه حيث يقول :

«وذلك نحو عطشان وسكران وعجلان وأشباهها وذلك أنهم

٤٢٢

جعلوا النون حيث جاءت بعد ألف كألف «حمراء» ؛ لأنها على مثالها في عدة الحروف والتحرك والسكون ، وهاتان الزائدتان قد اختص بهما المذكر ولا تلحقه علامة التأنيث ، كما أن حمراء لم تؤنث على بناء المذكر. ولمؤنث سكران بناء على حدة كما كان لمذكر حمراء بناء على حدة» (١).

فهما متشابهان في عدد الحروف وفي الحركات والسكون ، وهناك نقطة أساسية وهي أن المؤنث عنده هو لفظ المذكر مع إضافة تاء التأنيث عليه ، وهذا هو الأصل ، بينما الأمر مختلف فللمؤنث في صيغة فعلان صيغة خاصة وهي «فعلى» ، كما أن لمذكر «حمراء» صيغة خاصة وهي «أحمر». ومن هنا كان الشبه بينهما.

وأضاف المبرد نقطة شبه أخرى وهي «أن النون والألف تبدل كل واحدة منهما من صاحبتها ، فأما بدل النون من الألف فقولك في صنعاء وبهراء : صنعاني ، وبراني. وأما بدل الألف منها فقولك إذا أردت ضربت زيدا ـ فوقفت قلت : ضربت زيدا» (٢).

وجاء في «شرح المفصل» بهذا الخصوص قوله : «ووجه المضارعة بين الألف والنون في «سكران وبابه» وبين «ألفي التأنيث» في «حمراء وقصباء» أنهما : زيدتا زيدا معا ، كما أنهما في «حمراء» كذلك.

ـ وأنّ الأول من الزائدين في كل واحد منهما ألف وأن صيغة المذكر منهما مخالفة لصيغة المؤنث.

ـ وأنّ الآخر من كل واحد منهما يمتنع من إلحاق تاء التأنيث فكما لا

__________________

(١) سيبويه ٢ / ١٠.

(٢) المقتضب ٣ / ٣٣٥.

٤٢٣

تقول في ـ حمراء وصفراء «حمراءة وصفراءة» كذلك لا تقول في «عطشان عطشانة». ولا في «غضبان وغضبانة» بل تقول في المؤنث غضبى وعطشى.

وقولنا في «اللغة الفصحى» احتراز عما روي عن بعض بني أسد غضبانة وعطشانة فألحق النون تاء التأنيث ، وفرّق بين المذكّر والمؤّنث بالعلامة لا بالصيغة ، وقياس هذه اللغة الصرف في النكرة كندمان فتقول : هذا عطشان ، ورأيت عطشانا ، ومررت بعطشان (١).

فهذه أربعة أوجه للمشابهة بينهما وهي :

١) أن الزائدتين في كل منهما زيدتا معا.

٢) وأن أول الزائدتين في كلا الطرفين ألف.

٣) وأن المذكّر في كل منهما مخالف للمؤنّث.

٤) وأنه يمتنع دخول تاء التأنيث على مؤنثيهما.

وجاء في شرح الكافية : «اعلم أن الألف والنون إنما تؤثران لمشابهتهما ألف التأنيث الممدودة من جهة امتناع دخول تاء التأنيث عليهما معا وبفوات هذه الجهة يسقط الألف والنون عن التأثير.

وتشابهها أيضا بوجوه أخر لا يضر فواتها نحو : تساوي الصدرين وزنا فـ «سكر» من سكران كـ «حمر» من حمراء.

وكون الزائدين في نحو «سكران» مختصين بالذكر ، كما أن المزيدين في نحو «حمراء» مختصان بالمؤنث. وكون المؤنث في نحو «سكران»

__________________

(١) شرح المفصل ١ / ٦٧.

٤٢٤

صيغة أخرى مخالفة للمذكر ، كما أن المذكر في نحو «حمراء» كذلك .. وتشابهها أيضا بوجهين آخرين لا يفيدان من دون الامتناع من التاء وهما : زيادة الألف والنون معا ، كزيادة زايدي ، «حمراء» معا. وكون الزايد الأول في الموضعين ألفا (١).

وقد أضاف هذا النص وجهين آخرين من أوجه الشبه وهما :

١) تساوي الصدرين في الوزن.

٢) كون الزائدين في مثل «سكران» مختصين بالمذكر ، كما أن الزائدين في مثل «حمراء» مختصين بالمؤنث.

وهذا هو رأي الجمهور ، والقائل بمنع الصفات التي تأتي على صيغة «فعلان» متى ما توفرت فيها الشروط التي ذكرنا سابقا عرفنا أوجه الشبه بين الألف والنون الزائدتين وبين ألفي التأنيث في نحو «بيضاء» وقلنا إن هذا هو رأي الجمهور في حين ذهب السهيلي إلى تشبيههما بصيغة المثنى.

وبصفة عامة صيغة «فعلان» ممنوعة من الصرف عند الطرفين سواء لشبهها بصيغة «فعلاء» أم شبهها بصيغة المثنى.

بينما نرى أن جماعة من العرب وهم بنو أسد يصرفون صيغة «فعلان» لأنهم يلحقون تاء التأنيث بمؤنثها فيقولون :

سكران : للمذكر مصروفا ،. وسكرانة للمؤنث بإلحاق التاء فيها (٢).

* * *

__________________

(١) شرح الكافية ١ / ٦٠.

(٢) انظر الارتشاف ١ / ٩٣ ، وحاشية الصبان ٣ / ٢٣٤.

٤٢٥

الواقع اللغوي

وهذا النوع الثاني من الصفات الممنوعة من الصرف وقد جاءت أبيات كثيرة وردت فيها صفات من هذا النوع وذلك من مثل «نشوان» التي ذكرها «امرؤ القيس» حيث يقول :

فظللت في دمن الديار كأنني

نشوان باكره صبوح مدام (١)

ويقول «عنترة» :

زار الخيال خيال عبلة في الكرى

لثيم نشوان محلول العرى (٢)

وفي البيت أيضا ذكر «عبلة» الممنوعة للعلمية والتأنيث كما سبق ذكره.

وورد في «شرح الهذليين» البيت التالي ، لـ «عامر بن سدوس» يقول فيه :

يعظلّ بها الداعي الهديل كأنّه

على الساق نشوان تميل به الخمر (٣)

وفيه صرف «نشوان» ولذلك نونه.

ومما جاء أيضا كلمة «ظمآن» وقد ذكرها «عنترة» مصروفة في قوله :

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ١١٥.

(٢) ديوان عنترة ٩١.

(٣) شرح الهذليين ٣ / ٨٢٧.

٤٢٦

فدونك يا عمرو بن ودّ ولا تحل

فرمحي ظمآن لدم الأشاوش (١)

وذكرها أيضا «المخبل السعدي» بقوله :

وتريك وجها كالصحيفة لا

ظمآن مختلج ولا جهم (٢)

وقال «الجميح أخو بني ظفر» :

فيا لوليع لو هداك محرّث

إلى قومه لم تمس ظمآن جائعا (٣)

ومثل «ظمآن» «عطشان» حيث أوردها «عبد الله بن جندب» مصروفة بقوله :

قد ساغ فيه لها وجه النهار كما

ساغ الشراب لعطشان إذا شربا (٤)

ومنها «ريان» التي ذكرها «متمم بن نويرة» في قوله :

ضافي السبيب كأنّ غصن أباءة

ريّان ينفضها إذا ما يقدع (٥)

وقال «المزرد الشيباني» :

وأنّي أردّ الكبش والكبش جامح

وأرجع رمحي وهو ريّان ناهل (٦)

وقال المتنخل :

لو أنّه جاءني جوعان مهتك

من بؤّس الناس عنه الخير محجوز (٧)

__________________

(١) ديوان عنترة ٩٤.

(٢) المفضليات ١١٥.

(٣) شرح الهذليين ٢ / ٨٧٤.

(٤) شرح الهذليين ٢ / ٩١٠.

(٥) المفضليات ٥١.

(٦) المفضليات ٩٥.

(٧) شرح الهذليين ٣ / ١٢٦٣.

٤٢٧

وهو شاهد على منع «جوعان» للوصفية وزيادة الألف والنون.

ومنها «حظلان» أي أن يحظل في مشيه أي يكف منه. وقد أوردها المرار ابن منقذ بقوله :

وحشوت الغيظ في أضلاعه

فهو يمشي حظلانا كالنّقر (١)

وقد صرفها.

ومنها «ثكلان» التي أوردها «الحرث بن ظالم» بقوله :

قفا فاسمعا أخبركما إذ سألتما

محارب مولاه وثكلان نادم (٢)

ومن هذه الصفات «غضبان» قال «الأخطل» :

فانصاع كالكوكب الدّرّيّ مبعثه

غضبان يخلط من معج وإحضار (٣)

وقال «شمر بن عمرو الحنفي» :

غضبان ممتلئا علىّ إهابه

إني وربّك سخطه يرضيني (٤)

ومنها «جذلان» فرح ، والمصدر الجذل ، قال «ذو الرمة» :

ولّي يهذّ انهزاما وسطها زعلا

جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب (٥)

وقال «تميم بن أبي بن مقبل» :

ثم انصرفت به جذلان مبتهجا

كأنّه وقف عاج بات مكنونا (٦)

__________________

(١) المفضليات ٨٧.

(٢) المفضليات ٣١٢.

(٣) الجمهرة ٢ / ٩٠٤.

(٤) الأصمعيات ١٢٦.

(٥) الجمهرة ٢ / ٩٦٩.

(٦) الجمهرة ٢ / ٨٥٩.

٤٢٨

ويقول أمية بن أبي عائذ :

وأضحى شفيقا بقرن الفلا

ة جذلان يأمن أهل النّبال (١)

ويقول : «يزيد بن الحذاق الشني» الذي أورد كلمة «حيران» في قوله :

وأردت خطة حازم بطل

حيران أوبقه الذي يسدي (٢)

وأوردها كذلك «حبيب أخو بني عمرو بن الحارث» بقوله :

ولقد سريت اللّيل في متهالك

حيران لا تسري به الأتباب (٣)

ويقول «دريد بن الصمة» :

وأنت امرؤ جعد القفا متعكّس

من الأقط الحولي شبعان كانب (٤)

وفيه شاهد على منع «شبعان» من الصرف للعلة ذاتها وهي الوصفية والزيادة.

وأورد «النابغة الذبياني» كلمة «عجلان» ممنوعة من الصرف في قوله :

أمن آل ميّة رائح أو مغتدي

عجلان ذا زاد وغير مزوّد (٥)

وفيه شاهد آخر وهو «مية» حيث منع للعلمية والتأنيث كما مرّ سابقا.

ويقول أيضا :

إن القفول إلى حيّ وإن بعدوا

أمسوا ، ودونهم ثهلان فالنّير (٦)

__________________

(١) الهذليين ٢ / ٥١٢.

(٢) المفضليات ٢٩٦.

(٣) الهذليين ٢ / ٨٧٠.

(٤) الأصمعيات ١١٣.

(٥) الجمهرة ١ / ٧٨.

(٦) ديوان النابغة ٧١.

٤٢٩

وهو شاهد على منه «ثهلان» من الصرف.

وأما «عبيد الراعي» فيقول :

كدخان مرتجل بأعلى تلعة

غرثان صرّم عرفجا مبلولا (١)

وفيه منع «غرثان» للوصفية والزيادة.

وأورد «عبدة بن الطبيب» كلمة «حران» أي الشديد التلهب ، يغلي جوفه من حرارة الغيظ ، والأنثى حرى وذلك في قوله :

حرّان لا يشفي غليل فؤاده

عسل بماء في الإناء مشعشع (٢)

وورد في «شرح أشعار الهذليين» مجموعة من الأبيات التي ذكر في كل بيت منها شاهد على الوصفية وزيادة الألف والنون ، والأبيات هي :

فوافى بها عسفان ثم أتى بها

مجنّة تعصفو في القلال ولا تغلي (٣)

والبيت «لأبي ذؤيب» والشاهد فيه هو عسفان.

وأما البيت الآخر فهو «لأبي ذؤيب» أيضا إذ يقول فيه :

ونهنهت أولى القوم عنكم بضربة

تنفّس منها كلّ حشيان مجحر (٤)

وشاهده هو «حشيان» وهو امتلأ جوفه حشيا نفسا من العدو والكرب.

وأما قول «مالك الخناعي» :

__________________

(١) الجمهرة ٢ / ٩٢٥.

(٢) المفضليات ١٤٧.

(٣) شرح الهذليين ١ / ٩٤.

(٤) شرح الهذليين ١ / ٣٥٧.

٤٣٠

كأنّ بذي دوران والجزع حوله

إلى ظرف المقراة راغية السّقب (١)

فقد جاء فيه «دوران».

ويقول «أبو شهاب المازني» :

وإنّا لنبغي كاهلا وعصيّنا ال

سّيوف وكلّ القوم حرّان ثائر (٢)

وهو شاهد على منع حزان من الصرف.

ويقول «عبد الله بن جندب» :

أهذي بها ولهان متّلها

في النّوم واليقظات والشّعر (٣)

وفي البيت «ولهان» وهي من الصفات التي نحن بصددها.

وأما «أبو صخر الهذلي» فقد أورد كلمة «ثريان» في قوله :

كأنّ كلّتها تدنو إذا قصرت

على مهاة حمى ثريان معهود (٤)

أورد «ساعدة بن جؤية» وصفين ممنوعين وهما «وسنان» أي مسترخ ، كأنه نائم من الضعف وليس بنائم. و «أسوان» أي حزين من الأسى. وذلك في البيت التاليين :

وسنان ليس بقاض نومه أبدا

لو لا غداة يسير الناس لم يقم (٥)

وقوله :

__________________

(١) شرح الهذليين ١ / ٤٦٦.

(٢) شرح الهذليين ٢ / ٦٩٦.

(٣) شرح الهذليين ٢ / ٩١١.

(٤) شرح الهذليين ٢ / ٩٢٦.

(٥) شرح الهذليين ٣ / ١١٢٣.

٤٣١

ماذا هنالك من أسوان مكتئب

وساهف ثمل في صعدة حطم (١)

ومن الصفات الواردة أيضا «عريان» وقد صرفها «أبو خراس» في قوله :

سمح من القوم عريان أشاجعه

خفّ النواشر منه والظنابيب (٢)

__________________

(١) شرح الهذليين ٣ / ١١٣٥.

(٢) شرح الهذليين ٣ / ١٢٣٣.

٤٣٢

الصفات المزيدة بالألف والنون

عدد الأبيات ٣٤ بيتا موزعة على النحو التالي :

١

١٥

بيتا

من شرح أشعار الهذليين.

٢

٩

أبيات

من المفضليات

٣

٥

أبيات

من جمهرة أشعار العرب

٤

٢

بيتان

من الأصمعيات

٥

١

بيت واحد

من ديوان عنترة

٦

١

بيت واحد

من ديوان النابغة الذبياني

٧

١

بيت واحد

من ديوان امرئ القيس

* * *

جدول الأسماء المصروفة

الرقم

الكلمة المصروفة

عدد مرات الصرف

اسم الشاعر

١

نشوان

٢

١ ـ عامر بن سدوس

١ ـ البريق بن عياض

٢

ظمآن

١

عنترة

٣

عطشان

١

عبد الله بن جندب

٤

خطلان

١

المرار بن منقذ

٥

عريان

١

أبو خراس

٤٣٣
٤٣٤

الفصل الثالث

الصفات التي على وزن الفعل

آراء النحاة :

والوصفية تحل هنا محل العلمية ، وباجتماعها مع الوزن تمنع من الصرف.

ولكن بشرطين ذكرهما العلماء وهما :

١) أن يكون مؤنثها مجردا من تاء التأنيث.

٢) أن تكون وصفيتها أصلية غير طارئة.

وبالإضافة إلى هذين الشرطين يشترط كذلك تصدير هذه الصفات بالزيادة التى تخص الأفعال.

ونلاحظ سبب اشتراط عدم وجود التاء في المؤنث موضحا في شرح الكافية : «وإنما اشترط مع هذا الشرط أن لا يكون الوزن مما يلحقه تاء التأنيث ، ولا يكون عرضه له ؛ لأن الوزن بهذه التاء يخرج من أوزان الفعل ، إذ الفعل لا تلحقه هذه التاء فكما تجر الزيادة المصدرة الوزن إلى جانب الفعل تجره التاء إلى جانب الاسم لاختصاصه بالاسم وتترجح التاء في الجر إذ الوزن في الاسم الزيادة لجواز إلحاق التاء نحو أرملة ويعملة. أما إلحاق التاء بأسودة في الحية فلا يضر ؛ لأن هذا اللحاق عارض بسبب غلبة هذا اللفظ في الأسماء ، والأصل أن يقال في مؤنثه سوداء» (١) وجاء في «حاشية الصبان» : «ويمنع الصرف أيضا اجتماع

__________________

(١) شرح الكافية ١ / ٦٣.

٤٣٥

الوصف الأصلي ووزن أفعل بشرط أن لا يقبل التأنيث بالتاء ، إمّا لأن مؤنثه «فعلاء» كأشهل أو «فعلى» كأفضل ، أو لأنه لا مؤنث له كأكمر وآدر ، فهذه الثلاثة ممنوعة من الصرف للوصف الأصلي ووزن أفعل ، فإن وزن الفعل به أولى ، لأن في أوله زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم ، فكان ذلك أصلا في الفعل ، لأن ما زيادته لمعنى أصل لما زيادته لغير معنى» (١).

ويقول المبرّد بخصوص وجود التاء : «فأما أرمل فإنه اسم نعت به والدليل على ذلك أن مؤنثه على لفظه. تقول للمرأة : أرملة ولو كان نعتا في الأصل لكان مؤنثه فعلاء ، كما تقول أحمر وحمراء» (٢) فينظر إلى كلمة «أرمل» على أنها اسم يذكّر ويؤنّث ودلّل على اسميتها بتأنيثها على لفظها بدخول تاء التأنيث ، ومن هنا فإنه يصرفها لا لوجود التاء في مؤنثها بل لاسميتها ، ثم يقول وكان الأخفش لا يصرف أرمل ويزعم أنه نعت في الأصل» (٣).

وجاء في الارتشاف : «فإن عرض فيه الوصفية نحو «مررت برجل أرنب» أي ذليل «ونسوة أربع ، وبرجل أرمل» انصرف لأن مؤنثه أرملة ، خلافا للأخفش في «أرمل» بمعنى «فقير» فإنه يمنعه الصرف لجريه مجرى «أحمر» لأنه صفة وعلى وزن أفعل» (٤).

__________________

(١) الصبان ٣ / ٢٣٥ ، انظر التصريح على التوضيح ٢ / ٢١٣.

(٢) المقتضب ٣ / ٣٤١.

(٣) المقتضب ٣ / ٣٤٢.

(٤) الارتشاف ١ / ٩٣.

٤٣٦

وورد في الارتشاف أيضا : «وأما قولهم «وعام أرمل» فغير مصروف ؛ لأن يعقوب حكى فيه «سنة وملاء» فصار «كأحمر حمراء» (١).

وجاء في التصريح : «وإنما اشترط أن لا تلحقه تاء التأنيث ؛ لأن ما تلحقه من الصفات كأرمل وهو الفقير ضعيف الشبه بلفظ المضارع ، لأن تاء التأنيث لا تلحقه» (٢).

فالسبب في عدم وجود التاء في المؤنث هو أن وجودها يبعد الشبه بين الصفة وبين الفعل من أجل هذا التشبيه امتنعت من الصرف وعدم التاء يقربها إلى الأفعال فيقوّى الشبه بينهما.

فإذا فقد شرط من هذين الشرطين صرف وذلك نحو كلمة «أرمل» فإنها مصروفة لوجود التاء في مؤنثها فنقول «أرملة» ، جاء في حاشية الصبان «فإن أنّث بالتاء انصرف نحو «أرمل» بمعنى فقير فإن مؤنثه أرملة لضعف شبهه بلفظ المضارع ؛ لأن تاء التأنيث لا تلحقه وأجاز الأخفش منعه لجريه مجرى «أحمر» لأنه صفة وعلى وزنه» (٣) والمسألة فيها خلاف من جهة صرف «أرمل» لوجود التاء في مؤنثها أو منعها على اعتبار الوصفية والوزن دون النظر إلى وجود التاء في مؤنثها أو عدم وجودها.

جاء في الهمع قوله : «الثاني (أي الشرط الثاني) أن لا يقبل تاء التأنيث احترازا من نحو «مررت برجل أباتر وأدابر ، فإنهما مصروفان ، وإن كان فيهما الوزن والوصفية الأصلية لدخول التاء عليها في «امرأة أباترة

__________________

(١) الارتشاف ١ / ٩٤.

(٢) التصريح ٢ / ٢١٣ ، وانظر الهمع ١ / ٣١.

(٣) حاشية الصبان ٣ / ٢٣٥.

٤٣٧

وأدابرة» ... قال أبو حيان : وقد وقع الخلاف في قسم واحد من «أفعل» ، وهو ما تلحقه تاء التأنيث نحو «أرمل وأرملة» فمذهب الجمهور صرفه ، ومنعه الأخفش كأحمر» (١).

وكذلك إذا فقد الشرط الثاني وهو كون الصفة أصيلة غير طارئة فإن الاسم يصرف مثال ذلك كلمة «أرنب» على الرجل الجبان. فإن هذه الكلمة بالرغم من كونها صفة ومؤنثها غير مختوم بالتاء إلا أنها تصرف لأن وصفيتها ليست أصيلة إذ كانت في الأصل اسما للحيوان المعروف ، ثم استخدمت استخدام الصفات ولهذا نرجع إلى الأصل فنصرفها.

«ومما فقد الشرطين معا كلمة «أربع» في مثل : قضيت في النزهة ساعات أربعا ، لأن مؤنثها يكون بالتاء فنقول : سافرت أياما أربعة ؛ ولأن وصفيتها طارئة عارضة ، إذ الأصل فيها أن تستعمل اسما للعدد المخصوص في نحو : الخلفاء الراشدون أربعة. ولكن العرب استعملتها بعد ذلك وصفا ، فوصفيتها ليست أصيلة ، وبسبب هذين الشرطين وجب صرف الكلمة» (٢).

قال المبرد في المقتضب : «وكذلك أربع» إنما هو اسم للعدد وإن نعت به في قولك : هؤلاء نسوة أربع. لا اختلاف في ذلك.

وإنما جاز أن يقع نعتا وأصله الاسم ، لأن معناه : معدودات كما نقول : مررت برجل أسر ، لأن معناه : شديد (٣).

__________________

(١) الهمع ١ / ٣١

(٢) النحو الوافي ٤ / ١٦٩.

(٣) المقتضب ٣ / ٣٤١.

٤٣٨

ويقول أبو إسحاق الزجاج : «فأما «أربع» في قولك «مررت بنسوة أربع» فمصروف ؛ لأن أربعا ليس بصفة إنما هو اسم للعدد ، فإن وصفت به فإنما وضعته في موضع الصفة ، لأنك إذا قلت «مررت بنسوة أربع» فإنما تقصد بالعدد إلى تقليل أو تكثير ، فلهذا جاز أن تصف به ، وأصله التسمية ، ألا ترى أنك تقول «جاءني أربع نسوة وخمس نسوة» كما تقول «جاءني بعض نسوة». فإنما هو اسم كما وصفنا» (١).

ويقول السيوطي مشيرا إلى اشتراط أصلية الصفة : «بخلاف العارضة» «كمررت برجل أرنب أي ذليل ، وبنسوة أربع» فإنهما مصروفان (٢) وبعرض هذه الآراء التي أوردناها لمجموعة من النحاة نجد أنهم اشتركوا جميعا فى الرأي القائل بصرف «أربع» بالرغم من وصفيتها الحالية لأن الأصل فيها هو الاسم.

ويلاحظ أن كلمة «أربع» تستعمل اسما من الناحية النحوية بمعنى يصح استعمالها مبتدأ أو خبرا فتعطيها صفة الأسماء ، لكن لو نظرنا إلى المعنى الحقيقي لها لشممنا فيها رائحة الصفة لأننا لما نقول «جاءني أربع نسوة وخمس نسوة» فإنها مع استعمالها اسما إلا أنها لا شك أدت معنى الصفة ووصفت النساء وصفا معنويّا بكونهن أربعا فدلالتها على العدد فيها صفة ، كما تقول «رجل كريم» فكلمة كريم استعملت خبرا ، وتحمل معنى الوصف ألا وهو صفة الكرم. وهناك نقطة أخرى في كلمة «أربع» أشار

__________________

(١) ما ينصرف ١٢.

(٢) الهمع ١ / ٣١.

٤٣٩

إليها العلماء الذين أوردنا رأيهم فيها ، ألا وهي كون مؤنث «أربع» مختوما بالتاء فإننا نقول : «نساء أربع» ، و «رجال أربعة» بوجود التاء في مؤنثها وهذا ما يخالف أحد الشرطين السابقين في منع هذه الصفات من الصرف. لذلك فقد اجتمع في كلمة «أربع» انعدام الشرطين :

١) أصلية الصفة.

٢) وجود التاء في المؤنث منها.

وأرى أن وجود التاء في المؤنث هو الذي أدى إلى صرف كلمة «أربع» وليست أصلية الصفة ؛ لأن الصفة موجودة فيها أصلا ، وهناك إشارة في حاشية الصبان إلى فقدان الشرط الثاني بقوله : «في نحو مررت بنسوة أربع» فإنه اسم من أسماء العدد ، لكن العرب وصفت به فهو منصرف نظرا للأصل ، ولا نظر لما عرض له من الوصفية ، وأيضا فهو يقبل التاء فهو أحق بالصرف من أرمل ؛ لأن فيه مع قبول التاء كونه عارض الوصفية (١).

* * *

__________________

(١) حاشية الصبان ٣ / ٢٣٦.

٤٤٠