الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

عبد العزيز علي سفر

الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

المؤلف:

عبد العزيز علي سفر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
ISBN: 977-232-715-5
الصفحات: ٨٣٨

وفيه ذكر كلمة «مرباء».

ويقول «الحارث بن حلّزة» :

بزفوف كأنها هقلة أ

مّ رئال دويّة سقفاء (١)

كما ورد عند «الحارث بن حلزة» مجموعة من هذه الأسماء المختومة بألف التأنيث الممدودة وذلك من مثل «ضوضاء ، قعساء ، صماء ، رجلاء ، رعلاء ، عبلاء ، دفواء» وذلك في الأبيات التالية :

أجمعوا أمرهم بليل فلما

أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء (٢)

فبقينا على الشناءة تنمي

نا حصون وغرة قعساء (٣)

والقعساء : هي الثابتة المصمنة.

ويقول :

مكفهرا على الحوادث لا تر

توه للدهر مؤديد صمّاء (٤)

وصماء : معناه لا جهة لها لشدتها وامتناعها.

ويقول أيضا :

ليس ينجي موائلا من حذار

رأس طور وحرّة رجلاء (٥)

والرجلاء : فيها قولان ، قال بعضهم : هي حجارة سود وما يلي الجبل.

أبيض وهي مع ذلك صعبة شديدة.

وقال آخرون : الرجلاء هي التي يرتجل الناس فيها لشدته.

ويقول أيضا :

__________________

(١) القصائد السبع ٤٤١.

(٢) القصائد السبع ٤٥٢.

(٣) القصائد السبع ٤٥٦.

(٤) القصائد السبع ٤٦٣.

(٥) القصائد السبع ٤٧٣.

٥٦١

وصتيت من العواتك ما تن

هاه إلا مبيضة رعلاء (١)

ويقول «الحارث بن حلّزة» كذلك :

حول قيس مستلئمين بكبش

قرظيّ كأنه عبلاء (٢)

وفيه ذكر كلمة «عبلاء» وتعني هضبة بيضاء.

ومنه قوله :

ومع الجون جحون آل بني الأو

س عنود كأنها دفواء (٣)

ويقصد بالدفواء هاهنا كتيبة منحنية على من تحتها.

وبعد الأبيات التي جاءت عند شعراء جاهليين نذكر أبياتا أخرى ذكر فيها أمثال هذه الأسماء المختومة بألف التأنيث الممدودة ومن مصادر شعرية متعددة ، ونبدؤها بكتاب «جمهرة أشعار العرب» يقول «الفرزدق» :

وبنيان بيت الله نحن ولاته

وبيت بأعلى إيلياء مشرّف (٤)

ويقصد بأعلى إيلياء : بيت المقدس :

ويقول «عبيد الراعي» :

أخليفة الرحمن إنا معشر

حنفاء نسجد بكرة وأصيلا (٥)

وفيه منع «حنفاء» من الصرف.

وأما «الكميت» فيقول :

فأين سواكم أين لا أين مذهب

وهل ليلة قمراء ناج طليبها (٦)

__________________

(١) القصائد السبع الطوال ٤٩٤.

(٢) القصائد السبع ٤٩٤.

(٣) القصائد السبع ٤٩٨.

(٤) الجمهرة ٢ / ٨٧٧.

(٥) الجمهرة ٢ / ٩٢٢.

(٦) الجمهرة ٢ / ٩٩٦.

٥٦٢

وفيه ذكر لكلمة «قمراء».

ويقول «أبو النشناش النهشلي اللص» :

وداوية يهماء يخشى بها الرّدى

سرت بأبي النشناش فيها ركائبه (١)

يهماء : الفلاة التي لا ماء فيها ولا علم فيها ولا يهتدى لطرقها.

ويقول «سلامة بن جندل» :

له فخمة ذفراء تنفي عدوّه

كمنكب ضاح من عماية مشرق (٢)

وفيه ذكر «فراء» وهي سهيلة من ريح الحديد التي عليها كما أنه منع «عماية» من الصرف للعلمية والتأنيث وقد سبق ذكرها.

ويقول «الأسعر الجعفي» :

أحذيت رمحي عائطا ممكورة

كوماء أطراف العضاه لها حلى (٣)

ويقول «ضابئ بن الحارث» :

يوائل من وطفاء لم ير ليلة

أشدّ أذى منها عليه وأطولا (٤)

والوطفاء : السحابة التي فيها استرخاء في جوانبها لكثرة الماء.

ويقول أيضا :

وكرّ وما أدركنه غير أنه

كريم عليه كبرياء فأقبلا (٥)

وفيه ذكر كلمة «كبرياء» :

وأما «سبيع بن الحطيم» فيقول :

ترمي أمام الناظرين بمقلة

شوساء يرفعها أشمّ منيف (٦)

__________________

(١) الأصمعيات ١١٨.

(٢) الأصمعيات ١٣٧.

(٣) الأصمعيات ١٤٣.

(٤) الأصمعيات ١٨٢.

(٥) الأصمعيات ١٨٣.

(٦) الأصمعيات ٢٢٣.

٥٦٣

وفيه ذكر كلمتين ممنوعتين أولاهما «شوساء» لألف التأنيث الممدودة التي نحن بصددها الآن ، وأشم للوصفية والوزن التي سبق ذكرها.

ويقول «صحير بن عمير» :

وهل علمت فحشاء جهله (١)

وفحشاء : جمع فاحش كجاهل وجهلاء.

وأما ما ورد في «المفضليات» فهي قول «الكلحبة» :

تسائلني بنو جشم بن بكر

أغرّاء العرادة أم بهيم (٢)

والغراء : مؤنث الأغر ، وهو الذي جبهته بياض.

ويقول «المرار بن منقذ» :

فهي خذواء بعيش ناعم

برد العيش عليها وقصر (٣)

خذواء : ناعمة متثنية.

ويقول : «المزرد الشيباني» :

سحام ومقلاء القنيص وسلهب

وجدلاء والسّرحان والمتناول (٤)

وفيه كلمتان فيهما وهما «مقلاء وجدلاء».

وأما «المثقب العبدي» فيقول :

فنهنهت منها والمناسم ترتمي

بمعزاء شتى لا يردّ عنودها (٥)

والمعزاء : بفتح الميم هي الأرض ذات الحصى الصغار.

__________________

(١) الأصمعيات ٢٣٦.

(٢) المفضليات ٣٣.

(٣) المفضليات ٩١.

(٤) المفضليات ١٠١.

(٥) المفضليات ١٥١.

٥٦٤

وجاء في «المفضليات» قول «ثعلبة بن صعير» :

فتذكّرت ثقلا رثيدا بعد ما

ألقت ذكاء يمينها في كافر (١)

والذكاء بضم الدال اسم للشمس.

كما جاء أيضا قول «عوف بن الأحوص» :

وإني والذي حجّت قريش

محارمه وما جمعت حراء (٢)

حراء : اسم جبل قريب من مكة.

ويقول «راشد بن شهاب اليشكري» :

مضاعفة جدلاء أو حطميّة

تغشّي بنان المرء والكفّ والقدم (٣)

وفيه ذكر كلمة «جدلاء».

وأما «الحصين بن الحمام المري» فيقول :

موالي موالينا ليسبوا نساءنا

أثعلب قد جئتم بنكراء ثعلبا (٤)

ووردت كلمة «أفرقاء» جمع فريق ضمن بيت «العواف بن عطية بن الخرع» يقول فيه :

فهم ثلاثة أفرقاء فسابح

في الرمح يعثر في النجيع الأحمر (٥)

ووردت كلمة «طلاء» في البيت التالي وهو لعبد قيس بن خفاف يقول فيه :

وإذا لقيت القوم فاضرب فيهم

حتى يروك طلاء أجرب مهمل (٦)

__________________

(١) المفضليات ١٣٠.

(٢) المفضليات ١٧٤.

(٣) المفضليات ٣٠٩.

(٤) المفضليات ٣١٧.

(٥) المفضليات ٣٢٧.

(٦) المفضليات ٣٨٥.

٥٦٥

وفيه كلمة أخرى ممنوعة من الصرف وهي «أجرب» للوصفية والوزن.

ويقول «أوس بن غلفاء الهجيمي» :

فإنا لم يكن ضباء فينا

ولا ثقف ولا ابن أبي عصام (١)

وضباء : رجل من بني أسد كان جارا لبني جعفر فقتله بنو أبي بكر بن كلاب غدرا فلم يدرك بنو جعفر بثأره ولم يدوا دينه.

ويقول «علقمة بن عبدة» :

وما أنت أم ما ذكرها ربعيّة

يخطّ لها من ثرمداء قليب (٢)

وثرمداء : قرية.

فإذا تعذرت البلاد فأمحلت

فمجازها تيماء أو بالأثمد (٣)

وقد ذكرت هذه الكلمة ضمن بيت شعر لأحد الشعراء الجاهليين سبق ذكره ألا وهو امرؤ القيس.

وأما الكلمات التي وردت في «شرح أشعار الهذليين» فهي :

«جراء ، كوساء ، طلاء ، صعداء ، حداء ، صرماء ، حصاء ، صلواء ، ضباء ، حبواء ، سناء ، زيزاء ، سطعاء ، أنباء ، عجفاء ، شعواء ، غثاء ، خدباءي» وذلك في الأبيات التالية :

يقول «أبو ذؤيب» :

يقرّبه للمستضيف إذا دعا

جراء وشد كالحريق ضريح (٤)

__________________

(١) المفضليات ٣٨٩.

(٢) المفضليات ٣٩٢.

(٣) المفضليات ٣٦٤.

(٤) شرح الهذليين ١ / ١٣٩.

٥٦٦

وفيه ذكر كلمة «جراء» وهي من الجري.

ويقول «أبو ذؤيب» :

إذا ذكرت قتلى بكوساء أشعلت

كواهية الأخراب رثّ صنوعها (١)

ويقول «صخر الغي» :

فذاك السّطاع خلاف النجا

ء تحسبه ذا طلاء نتيفا (٢)

ذا طلاء : أي تحسب السطاع حين سكنت عنه السماء وانكشف مكانه بعيدا قد طلى ونتف. وقد صرفها حيث نونها.

ومنها كلمة «صعداء» أي ارتفاع يقول «الأعلم» :

وإن سيادة الأقوام فاعلم

لها صعداء مطلعها طويل (٣)

ومنها «حداء» يقول «أبو جندب» :

بغيتهم ما بين حداء والحشا

وأوردتهم ماء الأثيل فعاصما (٤)

وحداء : طريق جدة.

ومما ورد كلمة «صرماء» التي ذكرها «مالك الخناعي» بقوله :

فبعض الوعيد أنها قد تكشفت

لأشياعها عن فرج صرماء مذكر (٥)

ويقول «مالك الخناعي» أيضا :

تالله ما هقلة حصّاء عنّ لها

جون السراة هجف لحمه زيم (٦)

__________________

(١) شرح الهذليين ١ / ٢٢٥.

(٢) شرح الهذليين ١ / ٢٩٧.

(٣) شرح الهذليين ١ / ٣٢٣.

(٤) شرح الهذليين ١ / ٣٥٣.

(٥) شرح الهذليين ١ / ٤٥٣.

(٦) شرح الهذليين ١ / ٤٦١.

٥٦٧

وفيه منع حصاء للعلة ذاتها والتي نحن بصددها وهي ألف التأنيث الممدودة وأما «أمية بن أبي عائذ» فيقول :

ونعمان يوما ما أشدّ حرارة

لنفسك من صلداء تصبى وتشمل (١)

وفيه كلمتان ممنوعتان وهما نعمان حيث العلمية وزيادة الألف والنون «وصلداء» حيث ألف التأنيث الممدودة.

وجاءت كلمة «ضباء» مصروفة في هذا البيت وهو لـ «ربيعة بن الكودن» يقول فيه :

فظل صحابي راصدين طريقها

وظلّت لديهم في خباء مروّق (٢)

وأما «حبواء ، وسناء ، زيزاء ، سطعاء ، أنباء» فقد جاءت ضمن أبيات «المليح بن الحكم» والأبيات هي :

قتلنا ابن حبواء الذي كان

وزدنا عليه خالدا وابن معتق (٣)

ويقول :

فإن أفتخر أبلغ مدى المجد كلّه

وإن أقتصر أبلغ سناء وأصدق (٤)

وفيه صرف «سناء».

ويقول أيضا :

تذكرت ليلى يوم أصبحت قافلا

بزيزاء والذكرى تشوق وتشغف (٥)

وذكر «سطعاء» في البيت التالي :

وسطعاء لم تجنن حوارا ولم ترع

لهدر ولم تغمم يديها الزّوامل (٦)

__________________

(١) الهذليين ٢ / ٥٣٨.

(٢) الهذليين ٢ / ٦٥٧.

(٣) الهذليين ٣ / ١٠٠٤.

(٤) الهذليين ٣ / ١٠٠٥.

(٥) الهذليين ٣ / ١٠٤٢.

(٦) الهذليين ٣ / ١٠٥٩.

٥٦٨

ومنه قوله :

مأطورة الرّجل في أنسائها شنج

وفي الذّراعين إنباء وتفريج (١)

وذكر «أبو كبير» هاتين الكلمتين «عجفاء ، شعراء» وذلك في البيتين التاليين :

أخرجت منها سلقة مهزولة

عجفاء يبرق نابها كالمعول (٢)

يهدي السّباع لها مرشّ جديّة

شعواء مشعلة كجرّ القرطف (٣)

ويقول «أبو خراش» :

إذا ابتلّت الأقدام والتفّ تحتها

غثاء كأجواز المقرّنة الدّهم (٤)

وفيه صرف كلمة «غناء».

وأما «المتنخل» فيقول :

منتخب اللّب له ضربة

خدباء كالعطّ من الخذعل (٥)

__________________

(١) الهذليين ٣ / ١٠٦٣.

(٢) الهذليين ٣ / ١٠٧٧.

(٣) شرح الهذليين ٣ / ١٠٨٩.

(٤) شرح الهذليين ٣ / ١٢٠٢.

(٥) شرح الهذليين ٣ / ١٢٦٠.

٥٦٩

الأسماء المختومة بألف التأنيث الممدودة

عدد الأبيات ٣٨٢ بيتا موزعة على النحو التالي :

١

٩٦

بيتا

من المفضليات

٢

٩٢

بيتا

من شرح أشعار الهذليين

٣

٧٢

بيتا

من جمهرة أشعار العرب

٤

٣٢

بيتا

من الأصمعيات

٥

٢١

بيتا

من ديوان زهير

٦

١٧

بيتا

من شرح القصائد السبع الطوال

٧

١٥

بيتا

من ديوان عنترة

٨

١٤

بيتا

من ديوان طرفة بن العبد

٩

١٠

أبيات

من ديوان النابغة الذبياني

٨

٨

أبيات

من ديوان امرئ القيس

جدول الكلمات المصروفة

الرقم

الكلمة المصروفة

عدد مرات الصرف

اسم الشاعر

١

حناء

١

امرؤ القيس

٢

صهباء

١

عنترة

٣

مرباء

١

طرفة بن العبد

٤

ظماء

١

أبو جندب الهذلي

٥

علباء

١

سهم بن حفظلة

٦

جراء

١

أبو ذؤيب

٧

طلات

١

صخر الغي

٨

خباء

١

ربيعة بن الكودن

٩

غثاء

١

أبو خراش

١٠

أشياء

١

الأعلم

١١

أبناء

١

مليح بن الحكم

١٢

سناء

١

مليح بن الحكم

٥٧٠

الفصل الثاني

الأسماء المؤنثة المقصورة

آراء النحاة :

ألف التأنيث المقصورة كسابقتها الممدودة في دلالتها على التأنيث إلا أن هذه لا تسبقها ألف زائدة وذلك نحو «حبلى وحبارى وجمزى ودفلى وشروى وغضبى» (١) وهي علة قائمة بذاتها في منع الاسم من الصرف ، وما قيل عن الألف الممدودة يقال عن المقصورة حيث إن الألف المقصورة تنزل منزلة الجزء من الكلمة ويختلف لفظ المذكر من المؤنث ، بخلاف المؤنث بالتاء كما سبق أن ذكرنا ، ولذا فإن مثل هذه تمنع من الصرف في حالتي التعريف والتنكير وإنما منعهم من صرف «دفلى وشروى» ونحوهما في المعرفة والنكرة أن ألفهما حرف يكسر عليه الاسم إذا قلت حبالى ولا تدخل في التأنيث لمعنى يخرج منه ولا تلحق به أبدا بناء ببناء (٢).

يقول الزجاج : «اعلم أن ما كانت فيه ألف التأنيث لم ينصرف في معرفة ولا نكرة ، وذلك نحو «سكرى وغضبى وعطشى .. وإنما لم ينصرف هذا الباب في معرفة ، ولا نكرة ؛ لأن فيه ألف التأنيث وهو مع ذلك مبني على الألف» (٣).

__________________

(١) سيبويه ٢ / ٨.

(٢) سيبويه ٢ / ٩ ، وانظر المقتضب ٣ / ٣٨٥.

(٣) ما لا ينصرف ص ٢٧.

٥٧١

وجاء في «شرح المفصل» قوله : «وإنما كان هذا التأنيث وحده كافيا في منع الصرف ؛ لأن الألف للتأنيث ، وهي تزيد على تاء التأنيث قوة لأنها يبنى معها الاسم ، وتصير كبعض حروفه ويتغير الاسم معها عن بنية التذكير» (١).

وفي موضع آخر : «وإنما منعت الصرف لأنها زمة للتأنيث ، وقد بنيت الكلمة عليها فتنزل منزلة الجزء منها ، فلذلك تثبت في التكسير نحو حبلى وحبالى وسكرى وسكارى» (٢).

وجاء في الارتشاف قوله : «فألف التأنيث تمنع الصرف مقصورة كان الاسم مفردا أو جمعا ، مصدرا أو صفة أو علما نحو بهمى وشكاوى ، وذكرى وفرسى ولبنى وسلمى» (٣).

ألف الإلحاق المقصورة :

وهي ألف زائدة تأتي لإلحاق الثلاثي بالرباعي ، والرباعي الاسم بالخماسي. وهي تمنع من الصرف لشبهها بألف التأنيث المقصورة من وجهين :

الأول : أنها زائدة ليست مبدلة من شيئ بخلال الممدودة فإنها مبدلة من ياء.

والثاني : أنها تقع في مثال صالح لألف التأنيث نحو أرطى فإنه على مثال سكرى وعزهى فهو على مثال ذكرى بخلاف الممدودة نحو علباء (٤).

__________________

(١) شرح المفصل ١ / ٥٩.

(٢) نفس المصدر ١ / ٧١.

(٣) الارتشاف ١ / ٩٣. وانظر الصبان ٣ / ٢٣٠.

(٤) الصبان ٣ / ٢٦٢ ، ٢٦٣.

٥٧٢

تعريف الإلحاق :

يقول السيوطي في تعريف الإلحاق : «الإلحاق أن تبنى مثلا من ذوات الثلاثة كلمة على بناء يكون رباعي الأصول فتجعل كل حرف مقابل حرف فتفنى أصول الثلاثي فتأتي بحرف زائد مقابل للحرف الرابع من الرباعي الأصول فيسمى ذلك الحرف حرف الإلحاق» (١).

يقول المبرد : «وأما ما كانت الألف فيه زائدة للإلحاق فمصروف في النكرة ؛ لأنه ملحق بالأصول وممنوع من الصرف في المعرفة ؛ لأن ألفه زائدة كزيادة ما كان للتأنيث ، فموضعه من حبلى وأخواتها كموضع أفكل من أحمر ، وكموضع عثمان من عطشان» (٢).

وتكلم ابن السراج عن مشابهة هذه الألف ألف التأنيث فقال : «وتضارع هذه الألف الألف التي تجيء زائدة للإلحاق إذا سمّيت بما يكون فيه ، وذلك نحو : ألف ذفرى وعلقى فيمن قال : علقاة ، وحبنطى فإن سميت بشيء منها لم تصرفه ؛ لأنها ألف زائدة ، كما أن ألف التأنيث زائدة. وحق كل ألف تجيء رابعة ، فما زاد أن يحكم عليها بالتأنيث حتى تقوم الحجة بأنها زائدة (٣).

وقد ذكر في شرح المفصل وجه شبه آخر بألف التأنيث وهو عدم إلحاق تاء التأنيث بها فقال : «فإن سميت به رجلا لم ينصرف للتعريف وشبه ألفه بألف التأنيث من حيث إنها زائدة وأنها لا تدخل عليها تاء التأنيث» (٤).

__________________

(١) الهمع ١ / ٣٢.

(٢) المقتضب ٣ / ٣٣.

(٣) الأصول ٢ / ٨٥.

(٤) شرح المفصل ١ / ٦٠.

٥٧٣

إلا أننا نرى أنه يجوز دخول تاء التأنيث على ألف الإلحاق وقد أورد ذلك سيبويه فقال : «وكذلك قبعثرى لأنك لم تلحق هذه الألف للتأنيث ، ألا ترى أنك تقول قبعثراة ، وإنما هي زيادة لحقت بنات الخمسة كما لحقتها الباء في دردبيس» (١).

وجاء في حاشية الصبان ما يؤكد أن التاء تدخل على ألف الإلحاق بل يعدّ ذلك من الأوجه التي تخالف فيها ألف الإلحاق ألف التأنيث. ومن هنا انصرف ما فيه ألف الإلحاق في حالة التنكير. فقال معلقا على وجهي الشبه : «لا من كل وجه فإنها تفارقها من حيث إن ألف التأنيث لا يقبل ما هى فيه التنوين ولا تاء التأنيث ، وما فيه ألف الإلحاق يقبلهما وقد استعمل بعض الأسماء منونا بجعل ألفه للإلحاق ، وغير منون بجعل ألف التأنيث نحو «تترى» (٢).

ومن هنا فإن ألف الإلحاق لا تستقل وحدها في منع الاسم من الصرف ، لأنها أقل من ألف التأنيث وإنما تمنع مع العلمية وتصرف في «النكرة نحو هذا أرطى ورأيت أرطى ومررت بأرطى فتنوينه دليل على تذكيره وصرفه» (٣).

ومن أمثلة الأسماء التي فيها ألف الإلحاق «تترى ومعزى» يقول سيبويه : «وكذلك تترى فيها لغتان ، وأما معزى فليس فيها إلا لغة واحدة تنوّن في النكرة» (٤).

وجاء في «مشكل إعراب القرآن» للقيسي : «قوله تعالى : (تَتْرا)(٥) في

__________________

(١) سيبويه ٢ / ٩.

(٢) حاشية الصبان (الهامش) ٣ / ٢٦٢.

(٣) المفصل ١ / ٦٠.

(٤) سيبويه ٢ / ٩ ، والمقتضب ٣ / ٢٢٨ ، وانظر ما ينصرف ٢٨ ـ ٢٩ ، والأصول ٢ / ٨٥.

(٥) سورة المؤمنون ، الآية : ٤٤.

٥٧٤

موضع نصب على المصدر أو الحال من «الرسل» أي : أرسلنا رسلا متواترين أي متتابعين.

ومن نونه وهو أبو عمرو جعله على أحد وجهين إما أن يكون وزنه نقلا من وزن «فعل» وهو مصدر داخل التنوين (فيه) على فتحة الراء وهي لام الفعل ، أو يكون ملحقا بجعفر ، والتنوين فيه دخل على الإلحاق مثل «أرطى» فإذا وقف على هذا الوجه جازت الإمالة لأنك تنوي أنك تقف على الألف التي دخلت للإلحاق ، لا على ألف التنوين فتميلها إن شئت.

وإذا وقفت على الوجه الأول (الذي لا إلحاق فيه) لم تجز الإمالة لأنك في هذا تبدل من التنوين ألفا ، فهي عوض من التنوين في المنصوب ومن لم ينونه جعله مصدرا لحقه ألف التأنيث ، والمصادر كثيرا ما يلحقها ألف التأنيث كالدعوى من «دعا» ، والذكرى من «ذكر» فلم ينصرف «تترى» للتأنيث وللزومه» (١).

فتترى يجوز فيها الصرف عند التنكير إذا اعتبرنا الألف للإلحاق ، والمنع إذا اعتبرنا الألف للتأنيث.

أما «معزى» فيقول عنها سيبويه بأن فيها لغة واحدة وهي التنوين عند التنكير (٢).

وتكلم المبرد عن ألف الإلحاق فبيّن أنها تصرف في النكرة لأنها ملحقة بالأصول ، وممنوعة من الصرف في المعرفة لأن ألفها زائدة كزيادة ما كان للتأنيث ، وجعل منها «معزى» وألحقها بهجرع

__________________

(١) مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٠٩ ـ ١١٠.

(٢) سيبويه ٢ / ٩.

٥٧٥

ودرهم (١). وجاء في الأصول بخصوص «معزى» قوله : «وإن سميت رجلا بمعزى لم تصرفه ، وإن صغرته لم تصرفه أيضا ؛ لأنه اسم لمؤنث ، فأما من ذكر معزى فهو يصرفه» (٢).

وعلل أبو إسحاق الزجاج منع معزى من الصرف وصرفه : فقال : «وإنما لم ينصرف في المعرفة ؛ لأن فيه ألفا تشبه ألف التأنيث في الزيادة وأنه معرفة. فإذا نكّر انصرف في النكرة ليفرق بين الألف الزائدة التي لغير التأنيث وبين التأنيث» (٣).

وهذا التعليل صالح لكل الأسماء التي فيها ألف الإلحاق فهي تمنع عند التعريف لشبهها بألف التأنيث وتصرف في النكرة للفرق بين هذه الألف وألف التأنيث. ومن الأسماء أيضا التي فيها ألف الإلحاق «أرطى ، وحبنطى ، ودلنظى ، علقى» وغيرها ، وهي كما قلنا جائز فيها الأمران المنع في حالة التعريف للعلة السابقة وهي شبهها بألف التأنيث. والصرف في التنكير لكي نفرق بين الألفين ، ولإلحاقها بمذكر.

ومنها كذلك «ذفرى» التي قال عنها سيبويه بأن العرب قد اختلفت فيها «فقالوا هذه ذفرى أسيلة فنوّنوا ، وهي أقلهما وقالوا ذفرى أسيلة ، وذلك أنهم أرادوا أن يجعلوها ألف تأنيث ، فأما من نوّن جعلها ملحقة بهجرع كما أن واو جدول بتلك المنزلة» (٤).

__________________

(١) المقتضب ٣ / ٣٣٨.

(٢) الأصول ٢ / ٨٥.

(٣) ما ينصرف ٣٠ ـ ٣١.

(٤) سيبويه ٢ / ٨ ـ ٩.

٥٧٦

ألف التكثير :

وهي كألف الإلحاق تلحق الاسم لأجل تكثير عدد حروفه وتلحقها بتاء التأنيث مثل ألف الإلحاق أيضا ، وهي تمنع الاسم من الصرف مع العلمية ، أي أنها لا تستقل بنفسها في منع الاسم ، بل لا بد من وجود علة أخرى وذلك نحو : قبعثرى وقد قال فيها سيبويه : «وكذلك قبعثرى ، لأنك لم تلحق هذه الألف للتأنيث ، ألا ترى أنك تقول «قبعثراة» وإنما هي زيادة لحقت بنات الخمسة كما لحقتها الياء في «دردبيس» (١) فقد نون «قبعثرى» لأن ألفها ليست للتأنيث وإنما هي للتكثير وهي تمنع من الصرف مع العلمية إذا جعلت علما.

وجاء في الهمع «قال أبو حيان : ما فيه ألف التكثير أيضا إذا سمي به منع الصرف نحو «قبعثرى» لشبه ألف التكثير بألف التأنيث المقصورة من حيث إنها زائدة في الآخر ، لم تنقلب ولا تدخل عليها تاء التأنيث كما أن ألف التأنيث كذلك» (٢).

وقد بيّن في حاشية الصبان المقصود بألف التكثير فقال : «أي التي أتى بها لأجل تكثير حروف الكلمة وتلحقها تاء التأنيث كألف الإلحاق فيقال قبعثراة» (٣).

وحكم هذه الألف كحكم ألف الإلحاق في أنها تمنع مع العلمية.

__________________

(١) سيبويه ٢ / ٩.

(٢) الهمع ١ / ٣٢.

(٣) حاشية الصبان ٣ / ٢٦٣. وانظر شرح التصريح على التوضيح ٢ / ٢٢٢.

٥٧٧

ألف الإلحاق الممدودة :

فالأحكام السابقة متعلقة بألف الإلحاق المقصورة وعرفنا أنها تمنع الاسم فى حالة التعريف وتصرف في التنكير مما يدل على أن هذه الألف ليست كألف التأنيث التي تستقل وحدها في المنع. فألف الإلحاق لها نصيب في المنع ، إذ إنها لا تمنع الاسم من الصرف سواء في التعريف أو التنكير وذلك نحو الألف في «علباء وحرباء».

قال سيبويه : «فإن قلت : ما بال علباء وحرباء مصروفة فإن هذه الهمزة التي بعد الألف إنما هي بدل من ياء كالياء التي في درحاية وأشباهها ، فإنما جاءت هاتان الزيادتان هنا لتلحقها علباء وحرباء بسرداح وسربال» (١).

ويقول الزجاج : «فإن قال قائل : إذا سميت رجلا بـ «علباء» ما بالك تصرفه وقد أشبهت ألفه وهمزته حمراء وهمزتها ، كما أنك إذا سميت رجلا «أرطى» لم تصرفه لأن ألفه أشبهت ألف سكرى».

فالجواب في هذا : أن ألف «أرطى» ألف زيدت ألفا لم تبدل من شيء وهمزة «حمراء» بدل من ألف التأنيث ، فإنما عوملت همزة حمراء معاملة ما هي بدل منه فكذلك يجب أن تعامل همزة «علباء» معاملة ما هي بدل منه وهي بدل من ياء ، والياء لا تمنع الصرف (٢).

فسبب صرف «علباء وحرباء» أن الهمزة ليست للتأنيث وإنما هي منقلبة عن الياء والياء لا تمنع من الصرف بينما همزة «حمراء» للتأنيث كما قلنا لأنها منقلبة عن ألف التأنيث وهي تمنع. ولذلك يقول السيوطي في

__________________

(١) سيبويه ٢ / ١٠.

(٢) ما لا ينصرف ٣٣.

٥٧٨

الهمع مبينا سبب منع ألف الإلحاق المقصورة وعدم منع الممدودة منها فيقول : ألف الإلحاق المقصورة تمنع مع العلمية بخلاف الممدودة لشبهها بألف التأنيث المقصورة من وجهين لا يوجدان في الممدودة.

أحدهما : أن كلّا منهما زائدة ليست معدلة من شيء والممدودة مبدلة من ياء.

الثاني : أنها تقع في مثال صالح لألف التأنيث كأرطى فهو على مثال سكرى وعزهى فهو على مثال ذكرى. والمثال الذي تقع فيه الممدودة كعلباء لا يصلح لألف التأنيث الممدودة (١).

وجاء في حاشية الصبان على الأشموني «معلقا على قول صاحب الكتاب (بخلاف الممدودة) أي ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تؤثر منع الصرف لعدم شبهها بألف التأنيث الممدودة ، لأن همزة الإلحاق منقلبة عن ياء وهمزة التأنيث منقلبة عن ألف ، وأيضا همزة التأنيث منقلبة عن مانع ، وهو الألف فتمنع ، وهمزة الإلحاق منقلبة عن غير مانع وهو الياء فلا تمنع» (٢).

فألف الإلحاق الممدودة لا تمنع الاسم من الصرف ؛ لأنها منقلبة عن حرف لا تأثير له في منع الصرف وهو الياء والمنقلب كما قلنا يعامل معاملة الأصل فإن كان يصرف صرف وإن كان يمنع منع.

__________________

(١) الهمع ١ / ٣٢.

(٢) حاشية الصبان ٣ / ٢٦٢. وانظر التصريح ٢ / ٢٢٢.

٥٧٩

والخلاصة في مسألة الألف :

أن ألف التأنيث بنوعيها الممدودة والمقصورة تمنع الاسم من الصرف سواء في التعريف أو التنكير وهي علة قائمة مقام علتين والسبب كما قلنا إن ألف التأنيث قد نزلت منزلة الجزء من الكلمة وبنيت عليها الكلمة وهناك اختلاف بين لفظي المذكر والمؤنث فيما فيه ألف التأنيث كعطشان وعطشى وسكران وسكرى ، أحمر حمراء ... إلخ ، بخلاف التاء التي تعد منفصلة عن الاسم ، بدليل أنه لا خلاف بين المذكر والمؤنث إلا بالتاء كذكي وذكية وراكب وراكبة ... إلخ.

وانتقلنا بعد ذلك إلى ألف الإلحاق المقصورة فعرفنا أنها تمنع الاسم في حالة التعريف فقط دون التنكير وأنها لا تقوم بالمنع وحدها ، بل لا بد من علة أخرى وهي العلمية لاختلافها عن ألف التأنيث لأنها أقل رتبة منها ، كما بيّنا ، ثم تكلمنا عن ألف الإلحاق الممدودة فعرفنا أن لا تأثير لها في منع الاسم من الصرف ؛ لأنها منقلبة عن حرف لا تأثير له في المنع فتعامل معاملة هذا الحرف بخلاف ألف التأنيث التي لها تأثير وحدها في المنع.

* * *

٥٨٠