الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

عبد العزيز علي سفر

الممنوع من الصرف في اللغة العربيّة

المؤلف:

عبد العزيز علي سفر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
ISBN: 977-232-715-5
الصفحات: ٨٣٨

الصفات التي على وزن الفعل

عدد الأبيات ٢٥٥ بيتا موزعة على النحو التالي :

١ ـ

٦٤ بيتا

من المفضليات

٢ ـ

٥٩ بيتا

من جمهرة أشعار العرب

٣ ـ

٤٩ بيتا

من شرح أشعار الهذليين

٤ ـ

٣٢ بيتا

من الأصمعيات.

٥ ـ

٢٣ بيتا

من ديوان عنترة.

٦ ـ

١٤ بيتا

من ديوان امرئ القيس

٧ ـ

١١ بيتا

من ديوان طرفة.

٨ ـ

٣ أبيات

من ديوان النابغة الذبياني

جدول الكلمات المصروفة

الرقم

الكلمة المصروفة

عدد مرات الصرف

اسم الشاعر

١

أسود

٥

عنترة

٢

أدهم

١

عنترة

٣

أشهب

١

عنترة

٤

أصيل

١

أمية بن أبي عائذ

* * *

٥٠١
٥٠٢

الباب الثالث

الأسماء الممدودة والمقصورة

الفصل الأول : الأسماء المؤنثة الممدودة.

الفصل الثاني : الأسماء المؤنثة المقصورة.

٥٠٣
٥٠٤

الفصل الأول

الأسماء المؤنثة الممدودة

آراء النحاة :

ألف التأنيث بنوعيها الممدودة والمقصورة من العلل التي تنفرد وحدها بمنع الاسم من الصرف ، فهي من العلل تقوم مقام العلتين. ونبدأ بالأسماء المنتهية بألف التأنيث الممدودة.

تعريفها :

«الاسم المعرف الذي آخره همزة على ألف زائدة كصحراء وحمراء» (١) وقد أسماه سيبويه بـ «باب ما لحقته ألف التأنيث بعد ألف فمنعه ذلك من الانصراف في النكرة والمعرفة» (٢).

وذلك نحو «صحراء» وزكرياء ، أصدقاء ، وحمراء ... إلخ وتعرب بضمة ظاهرة رفعا ، وبفتحة ظاهرة نصبا ، وبفتحة ظاهرة نيابة عن الكسرة جرّا.

كل ذلك دون تنوين لمنعها من الصرف بالشرطين المعروفين لمنع الاسم الصرف وهما : خلو الاسم من «أل» ومن «الإضافة».

والأصل في الهمزة أنها ألف وقعت بعد ألف زائدة فقلبت همزة إذ لا يلتقي ساكنان ولم تحذف إحداهما ؛ لأن في حذف إحداهما إضاعة

__________________

(١) شذا العرف ٩٦ ط ١٦.

(٢) سيبويه ٢ / ٩.

٥٠٥

للغرض من ذكرها ، إذ لو حذفت الألف الأولى الزائدة لضاع الغرض من المد ، ولو حذف الألف الثانية لضاع الغرض من التأنيث ، ولا لتبس «حمراء» بحبلى ، فتختلط الألف الممدودة بالمقصورة (١).

يقول سيبويه : «والألف إذا كانت بعد ألف مثلها إذا كانت وحدها إلا أنك همزت الآخرة للتحرك ، لأنه لا ينجزم حرفان فصارت الهمزة التي هي بدل من الألف بمنزلة الألف لو لم تبدل ، وجرى عليها ما كان يجري عليها إذا كانت ثابتة» (٢).

علة المنع :

قلنا إن ألف التأنيث الممدودة تقوم مقام علتين في منع الاسم من الصرف وهنا نطرح سؤالا وهو : إذا كانت الألف للتأنيث والتاء للتأنيث فلماذا لا تعامل التاء معاملة الألف في قيامها مقام العلتين فتمنع الاسم من الصرف؟

وقد أجاب النحاة عن هذا التساؤل بأن الألف تبنى كأنها جزء من الكلمة التي هي فيها بخلاف التاء ، ولهذا كانت صورة الكلمة التي فيها ألف التأنيث يخالف مذكرها المؤنث مثل أحمر ـ حمراء ـ عطشان ـ عطشى عكس ما فيه الوصف فإنه لا تختلف صورة المذكر عن المؤنث إلا بالتاء فنقول : جميل وجميلة ، كبير وكبيرة. ولهذا السبب فإن الألف تقوم مقام العلتين وكأن العلة الواحدة قد تكررت ، ومن هنا فإن الاسم المنتهي بألف التأنيث لا ينصرف في المعرفة والنكرة بخلاف ما فيه

__________________

(١) انظر ما ينصرف ص ٣٢.

(٢) سيبويه ٢ / ١٠.

٥٠٦

التاء. قال سيبويه : «اعلم أن كل هاء كانت في اسم للتأنيث فإن ذلك الاسم لا ينصرف في المعرفة وينصرف في النكرة. قلت : فما باله انصرف في النكرة ، وإنما هذه للتأنيث ، هلا ترك صرفه في النكرة كما ترك صرف ما فيه ألف التأنيث ، قال من قبل أن الهاء ليست عندهم في الاسم ، وإنما هي بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم فجعلا اسما واحدا نحو حضرموت .. ويدلك على أن الهاء بهذه المنزلة أنها لم تلحق بنات الثلاثة ببنات الأربعة قط ولا الأربعة بالخمسة لأنها بمنزلة «عشر وموت وكرب» في «معد يكرب» وإنما تلحق بناء المذكر ولا يبنى عليها الاسم» (١).

ويقول المبرد : «إن الفصل بينهما أن ما كان فيه الهاء فإنما لحقته ، وبناؤه بناء المذكر ، نحو قولك : جالس ، كما تقول : جالسة ، وقائم ثم تقول : قائمة. فإنما تخرج إلى التأنيث من التذكير والأصل التذكير.

وما كانت فيه الألف فإنما هو موضوع التأنيث على غير تذكير خرج منه ، فامتنع من الصرف في الموضعين لبعده من الأصل ، ألا ترى أن «حمراء» على غير بناء «أحمر» وكذلك عطشى على غير بناء عطشان (٢).

وجاء في «شرح المفصل» قوله : «وإنما كان هذا التأنيث وحده كافيا في منع الصرف ؛ لأن الألف للتأنيث وهي تزيد على تاء التأنيث قوة لأنها يبنى معها الاسم ، وتصير كبعض حروفه ، ويتغير الاسم معها عن بنية التذكير نحو سكران وسكرى ، وأحمر وحمراء ، فبنية كل واحد من المؤنث غير بنية المذكر. وليست التاء كذلك إنما تدخل الاسم المذكر

__________________

(١) سيبويه ٢ / ١٢.

(٢) المقتضب ٣ / ٣٢٠.

٥٠٧

من غير تغير بنيته دلالة على التأنيث نحو «قائم» و «قائمة» ويؤيد عندك ذلك وضوحا أن ألف التأنيث إذا كانت رابعة تثبت في التكسير نحو «حبلى وحبالى ، وسكرى وسكارى» ، كما تثبت الراء في حوافر والميم في دراهم وليست التاء كذلك بل تحذف في التكسير نحو طلحة وطلاح ، وجفنة وجفان ، فلما كانت الألف مختلطة بالاسم الذي ذكرناه كانت لها مزية على التاء ، فصارت مشاركتها لها في التأنيث عليه ومزيتها عليها علة أخرى كأنها تأنيثان» (١).

فميزة الألف أنها بمنزلة الجزء من الكلمة لا يقدر انفصالها عنها بخلاف التاء ولذا فكأن فيها علتين الأولى دلالتها على التأنيث ، والثانية ميزتها عن التاء بكونها كالجزء من الاسم ، كما يقول ابن سيده : «فالاسم مبني عليها فهي جزء منه ، فكما لا ينوى بجزء من أجزاء الاسم انفصال من الاسم كذلك لا ينوى بالألف انفصال من الاسم الذي هي فيه» (٢).

فاستقلت ألف التأنيث بالمنع ؛ لأنها قائمة مقام شيئين وذلك لأنها لازمة لما هي فيه ، بخلاف التاء فإنها في الغالب مقدرة الانفصال ، «ففي المؤنث بالألف فرعية من جهة التأنيث وفرعية من جهة لزوم علامته بخلاف المؤنث بالتاء» (٣) ولذا فقد استطاعت أن تقوم وحدها بمنع الاسم من الصرف.

ومن هذه الأسماء التي تمنع لوجود ألف التأنيث الممدودة فيها

__________________

(١) شرح المفصل ١ / ٥٩.

(٢) المخصص ١٦ / ٨٤.

(٣) الصبان ٣ / ٢٣٠.

٥٠٨

«حمراء وصفراء وخضراء وصحراء وطرفاء ونفساء وعشراء وقوباء وفقهاء وسابياء وحاوياء وكبرياء ، ومنه عاشوراء ومنه أيضا أصدقاء وأصفياء ، ومنه زمكّاء وبروكاء وبراكاء ودبوقاء وخنفساء وعنظباء وعقرباء وزكرياء ، فقد جاءت في هذه الأبينة كلها للتأنيث» (١).

أشياء :

ومن هذه الأسماء أيضا «أشياء» لكن فيه اختلافا بين العلماء في أصله مما يترتب عليه اختلافهم في صرفه أو منعه من الصرف.

ويلاحظ أن سيبويه لم يذكره ضمن هذه الأسماء إلا أنه تحدّث عنه في موضوع آخر وهو القلب المكاني والذي أسماه «بباب ما الهمزة فيه فى موضع اللام من بنات الياء والواو» (٢) فهو يقول : «وكان أصل أشياء شيئا فكرهوا منها مع الهمزة مثل ما كره من الواو» (٣).

فأشياء على زنة «فعلاء» ولذا فهو ممنوع من الصرف عند الخليل وسيبويه والجمهور.

وذكره المبرّد أيضا في باب القلب وبيّن رأي الخليل وسيبويه فيه بقوله : «ومن ذلك «أشياء» في قول الخليل : إنما هي عنده «فعلاء» وكان أصلها «شيئاء» يا فتى فكرهوا همزتين بينهما ألف فقلبوا لنحو ما ذكرت لك من خطايا كراهة ألفين بينهما همزة. بل كان هذا أبعد ، فصارت اللام التي هي همزة في أوله ، فصار تقديره من الفعل «لفعاء»

__________________

(١) سيبويه ٢ / ٩.

(٢) سيويه ١ / ٣٠.

(٣) المصدر السابق ٢ / ٣٧٩.

٥٠٩

ولذلك لم ينصرف ، قال الله عزّ وجل (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)(١) ولو كان «أفعالا» لانصرف كما ينصرف أحياء وما أشبهه.

وكان الأخفش يقول : «أشياء أفعلاء» يا فتى ، جمع عليها «فعل» كما جمع سمح على سمحاء ، وكلاهما جمع لفعيل ، كما تقول في نصيب : أنصباء وفي صديق : أصدقاء ، وفي كريم كرماء ، وفي جليس : جلساء فسمح وشيء على مثال «فعل» فخرج إلى مثال «فعيل» (٢).

ويرى الكسائي : «أن» «أشياء» على وزن «أفعال» ومنع الصرف للتوهم بأن الهمزة للتأنيث» (٣) وقال : «أشبه آخرها آخر حمراء ووزنها عنده «أفعال» وكذا فلم تصرف» (٤).

وقد أجمع البصريون ، وأكثر الكوفيين على أن قول الكسائي خطأ في هذا وألزموه ألا يصرف أنباء وأسماء.

وقال الأخفش ـ سعيد بن مسعدة ـ والفراء : أصلها «أفعلاء» كما تقول هين وأهوناء إلا أنه كان الأصل أشياء على وزن «أشبعاع» فاجتمعت همزتان بينهما ألف ، فحذفت الهمزة الأولى ، وهذا غلط أيضا ؛ لأن «شيئا» فعل ، وفعل لا يجمع على «أفعلاء».

فأما هين فأصله أهين ، فجمع على أفعلاء ، كما يجمع فعيل على أفعلاء ، مثل نصيب وأنصباء (٥).

__________________

(١) المائدة / ١٠١.

(٢) المقتضب ١ / ٣٠.

(٣) المقتضب الهامش ١ / ٣٠.

(٤) معانى القرآن وإعرابه ٢ / ٢٣٣.

(٥) معانى القرآن وإعرابه ٢ / ٢٣٤ ، وانظر الإنصاف ٨١٢.

٥١٠

والصحيح ما ذهب إليه الخليل وسيبويه والجمهور من أن أصل أشياء شيئاء على وزن «فعلاء» إلا أن وجود همزتين في آخره وبينهما ألف مع كثرة استعماله أدى إلى قلب لام الاسم وهي الهمزة وجعلت قبل الفاء فصار وزنه «لفعاء» وهو ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة. وهو عندهم اسم جمع وليس بجمع أما ما ذهب إليه الكسائي من أن «أشياء» على وزن «أفعال» ومنع من الصرف لشبهه حمراء حيث يجمع على أشياءات كما يجمع حمراء على حمراءات فهذا ليس دليلا ولا قاعدة مطردة وإلا لوجب منع صرف أسماء وأنباء لقول العرب في جمعهما : أسماءات وأنباءات. ومع ذلك فهما مصروفان ، وأما قول من ذهب إلى أنه جمع شيء وأنه جمع على أفعال كبيت وأبيات فظاهر البطلان ؛ لأنه لو كان الأمر على ما زعم لوجب أن يكون منصرفا كأسماء وأنباء. وأما قوله «إنما منع من الإجراء لشبه همزة التأنيث قلنا : فكان يجب أن لا تجرى نظائره نحو أسماء وأنباء ، وما كان من هذا النحو على وزن أفعال ؛ لأنه لا فرق بين الهمزة في آخر «أشياء» وبين الهمزة في آخر أسماء وأنباء (١).

والذي يدل على بطلان الرأي القائل بأن أصل أشياء «أشيئاء» على وزن «أفعلاء» أمران :

١) لأنه لو كان كما زعمتم لكان ينبغى أن لا يجوز جمعه على فعالى لأنه ليس في كلام العرب فعلاء جمع على فعالى (٢).

فهذا القول خارج في جمعه واعتلاله عن القياس والسماع (٣).

__________________

(١) الإنصاف ٨١٩.

(٢) الإنصاف ٨١٨.

(٣) مشكل إعراب القرآن ١ / ٢٤٢.

٥١١

٢) الأمر الثاني الذي يدل على البطلان هو «التصغير» فإنه يلزمهم أن يصغروا «أشياء» على «شويات» أو على «شئيات» وذلك لم يقله أحد إنما تصغيره «أشياء» وإنما يلزمهم ذلك في التصغير لأن كل جمع ليس من أبنية أقل العدد فحكمه في التصغير أن يرد إلى واحد ، ثم يصغر الواحد ثم يجمع مصغرا بالألف والتاء وبالواو والنون إن كان مما يعقل (١).

زكرياء :

هذه الكلمة فيها ثلاث لغات فهي إما بالمد ، أو بالقصر معربا غير منون أو بالقصر مع التنوين. أما أنها غير منونة فلأنها ممنوعة من الصرف لوجود ألف التأنيث فيها سواء كانت ممدودة أو مقصورة وقال بعضهم إنها لم تصرف لأنها أعجمي «وما كانت فيه ألف التأنيث فهو سواء في العربية والعجمية ؛ لأن ما كان أعجميّا فهو ينصرف في النكرة ، ولا يجوز أن تصرف الأسماء التي فيها ألف التأنيث في معرفة ولا نكرة ؛ لأن فيها علامة التأنيث ، وأنها مصوغة مع الاسم صيغة واحدة فقد فارقت هاء التأنيث فلذلك لم تصرف في النكرة» (٢).

فزكريا ممنوعة لوجود ألف التأنيث بالمد أو بالقصر ، وقد عدّها سيبويه ضمن هذه الأسماء (٣) ولذا هي ممنوعة في التعريف والتنكير ولو كان السبب في منعها العلمية والعجمة لانصرفت عند التنكير (٤).

__________________

(١) مشكل إعراب القرآن ١ / ٢٤٢ ، وانظر الإنصاف ١ / ٢٤٧.

(٢) معاني القرآن وإعرابه ١ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.

(٣) انظر البيان في إعراب غريب القرآن ١ / ٢٠١.

(٤) انظر سيبويه ٢ / ٩.

٥١٢

وجاء فى مشكل إعراب القرآن : «ولا يجوز أن تكون للإلحاق ؛ لأنه ليس في أصل الأبنية مثال على وزنه فيكون ملحقا به ، ولا يجوز أن تكون منقلبة ؛ لأن الانقلاب لا يخلو أن يكون حرفا من نفس الكلمة أو من حرف الإلحاق ، فلا يجوز أن يكون من نفس الكلمة ؛ لأن الياء والواو لا يكون أصلا فيما كان على أربعة أحرف. ولا يجوز أن يكون من حرف الإلحاق ، إذ ليس في أصول الأبنية بناء يكون هذا ملحقا به ، فلا يجوز أن تكون الهمزة إلا للتأنيث (١).

إذن فلا يجوز فى هذه الألف أن تكون للإلحاق لانتفائها من ناحية البناء ، ولا منقلبا عن الياء أو الواو لأن حرف الانقلاب لا يخلو عن كونه حرفا من نفس الكلمة وهذا لا يجوز لأن الياء والواو لا يكونان أصلا فيما كان على أربعة أحرف. فانحصرت الألف في كونها ألف تأنيث (٢).

غوغاء :

من الكلمات المختلف فى حكمها ، فقد ذهب بعضهم إلى المنع إذا قلنا إنها مؤنثة فهي بمنزلة عوراء ، وذهب آخرون إلى الصرف لتصور التذكير فيها بمنزلة خضخاض وفضفاض.

قال سيبويه : «وأما «غوغاء» فمن العرب من يجعلها بمنزلة «عوراء» فيؤنث ولا يصرف ومنهم من يجعلها بمنزلة فضفاض فيذكر ويصرف».

ومنها قوباء : فهي كسابقتها تمنع من الصرف إذا قلنا إنها ملحقة

__________________

(١) مشكل إعراب القرآن ١ / ١٣٧.

(٢) سيبويه ٢ / ١٠.

٥١٣

بالمؤنث كعشراء ورخصاء ، وتصرف إذا ألحقناها بالمذكر نحو طومار. يقول سيبويه : «واعلم أن من العرب من يقول : «هذا قوباء» كما ترى ، وذلك أنهم أرادوا أن يلحقوه بباب قسطاس والتذكير ، يدلك على ذلك الصرف» (١).

وهناك أسماء ظاهرها أن في آخرها ألف التأنيث الممدودة إلا أنها في الحقيقة منقلبة عن أصل ، وذلك نحو «علباء» و «حرباء» إذ الأصل في همزتيها الياء ولذا هما مصروفان كما يقول سيبويه : «وأما علباء وحرباء اسم رجل فمصروف في المعرفة والنكرة من قبل أنه ليست بعد هذه الألف نون فيشبّه آخره بآخر غضبان كما شبّه آخر علقى بآخر شروى ، ولا يشبه آخر حمراء ؛ لأنه بدل من حرف لا يؤنث به كالألف وينصرف على كل حال فجرى عليه ما جرى على ذلك الحرف ، وذلك الحرف بمنزلة الياء والواو اللتين من نفس الحرف» (٢).

فالسبب في صرفهما أن الهمزة منقلبة عن الياء فيجب أن تعامل معاملة الياء والياء لا تمنع من الصرف فكذلك الحرف المنقلب عنه.

فألف التأنيث من العلل القائمة بذاتها التى تمنع الاسم من الصرف دون حاجة إلى علة أخرى ، وعرفنا الفرق بينها وبين تاء التأنيث فمع اشتراكهما في الدلالة على التأنيث إلا أن الألف تنزّل منزلة الجزء من الكلمة بخلاف التاء ، ولهذا فإن لفظ المذكر يختلف عن المؤنث في الألف عكس التاء التي تفرق بين لفظ المذكر والمؤنث مع أن لفظيهما واحد. وهذه الميزة أعطت الألف قوة مكنتها من القيام وحدها بالمنع.

__________________

(١) سيبويه ٢ / ١٠ ، المقتضب ٢ / ٢٦٨ ، ما ينصرف / ٣٤.

(٢) سيبويه ٢ / ١٢ ، ما ينصرف ص / ٣٣.

٥١٤

الواقع اللغوي

وقد وردت أسماء كثيرة في الشعر العربي من هذا الصنف ولذلك قمت بتقسيمها كما مر في غيرها تسهيلا للأمر حيث جعلت كلمتي «أسماء وأشياء» فى البداية ، ثم الصفات التى تدل على الألوان ، ثم الكلمات التي تدلّ على صفات في الحيوانات ، ثم صفات المرأة وأخرتها لكثرتها.

وما ورد من هذه الأسماء في المصادر الشعرية قليل وقسّمتها إلى ما جاء عند الشعراء الجاهليين ، وما جاء في المفضليات ، وما جاء في الأصمعيات وما جاء في جمهرة أشعار العرب ، وأخيرا ما جاء في «شرح أشعار الهذليين».

١) أشياء :

وهي من الأسماء المختومة بألف التأنيث الممدودة وقد وردت ممنوعة من الصرف كما أنها جاءت مصروفة أيضا ، لكن المنع أكثر ، وذلك في الأبيات التالية حيث يقول «زهير بن أبي سلمى» :

قلت لها يا اربعي أقل لك في

أشياء عندي من علمها خبر (١)

وقد منعها هنا كما هو واضح في البيت.

ومن المنع أيضا قول «مليح بن الحكم» :

__________________

(١) ديوان زهير ٣١٤.

٥١٥

وخبّرتها أشياء تعلم أنها

كذاك فقالت كلّ ما قال نعرف (١)

ويقول في بيت آخر :

تمحى الرسوم وتبدي من معارفها

أشياء فيها لذي الأشواق تهييج (٢)

وقد صرفها «الأعلم» في البيت التالي :

جزى الله حبشيّا بما قال أبؤسا

بما رام أشياء بنا لا نرومها (٣)

٢) أسماء :

وقد جاءت ضمن أبيات كثيرة وسنبدأ بأبيات الشعراء الجاهليين «كدريد ابن الصمة» إذ يقول :

قتلت بعبد الله خير لداته

ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب (٤)

ويقول «زهير بن أبي سلمى» :

إن الخليط أجدّ البين فانغرقا

وعلّق القلب من أسماء ما علقا (٥)

ويقول أيضا :

كم للمنازل من عام ومن زمن

لآل أسماء بالقفّين فالرّكن (٦)

ويقول «المرقّش الأكبر» :

قل لأسماء أنجزي الميعادا

وانظري أن تزدوي منك زادا (٧)

ويقول في بيتين آخرين :

__________________

(١) شرح الهذليين ٣ / ١٠٤٥.

(٢) شرح الهذليين ٣ / ١٠٦٢.

(٣) شرح الهذليين ١ / ٣٢٧.

(٤) الأصمعيات ١١١.

(٥) ديوان زهير ٣٣.

(٦) ديوان زهير ٣٣.

(٧) المفضليات ٤٣١.

٥١٦

أعرفها دارا لأسماء فال

دمع على الخدين سحّ سجم (١)

أمن آل أسماء الطّلول الدّوارس

يخطّط فيها الطير قفز بسابس (٢)

ويقول «النابغة الذبياني» :

أهاجك من أسماء رسم المنازل

بروضة نعمي فذات الأجاول (٣)

ويقول «عامر بن الطفيل» :

ولتسألن أسماء وهي حفيّة

نصحاءها : أطردت أم لم أطرد (٤)

ويقول «أعشى باهلة» :

أصبت في حرم منا أخا ثقة

هند بن أسماء لا يهنئ لك الظفر (٥)

ويقول «الحارث بن حلّزة» :

آذنتنا ببينها أسماء

ربّ ثاو يمل منه الثّواء (٦)

أما «طرفة بن العبد» فيقول :

كما أحرزت أسماء قلب مرقّش

بحبّ كلمع البرق لاحت مخايله (٧)

وأما الأبيات التي جاءت في الأصمعيات والتي فيها ذكر «الأسماء» فهي قول «خفاف بن ندبة» :

ألا طرقت أسماء في غير مطرق

وأنّى إذا حلّت بنجران نلتقي (٨)

__________________

(١) المفضليات ٢٢٩.

(٢) المفضليات ٢٢٤.

(٣) ديوان النابغة ٩٢.

(٤) المفضليات ٣٦٣.

(٥) الأصمعيات ٩٢.

(٦) شرح القصائد السبع الطوال ٤٣٣.

(٧) ديوان طرفة ١١٨.

(٨) الأصمعيات ٢١.

٥١٧

وفيه شاهد آخر وهو كلمة «نجران» حيث العلمية وزيادة الألف والنون.

ويقول في بيت آخر :

طرقت أسيماء الرّحال ودوننا

من فيد غيقة ساعد فكثيب (١)

وهنا صغر «أسماء» كما أنه ذكر كلمة أخرى ممنوعة وهي «غيقة» للعلمية والتأنيث كما مرّ.

ويقول «سلامة بن جندل» :

لأسماء إذ تهوى وصالك إنها

كذي جدّة من وحش صاحة مرشق (٢)

ويقول «عباس بن مرداس» :

لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا

وأقفر منها رحرحان فراكسا (٣)

وأما الأبيات التي وردت في «المفضليات» شواهد على «أسماء» فهي قول «سلمة بن الخرشب الأنماري» :

فدى لأبي أسماء كلّ مقصّر

من القوم من ساع بوتر وواتر (٤)

وقد ورد «لعمرو بن الأهتم» هذان البيتان :

وهان على أسماء أن شطّت النّوى

يحنّ إليها واله ويتوق (٥)

ويقول :

ألا طرقت أسماء وهي طروق

وبانت على أنّ الخيال يشوق (٦)

__________________

(١) الأصمعيات ٢٧.

(٢) الأصمعيات ١٣٢.

(٣) الأصمعيات ٢٠٤.

(٤) المفضليات ٣٧.

(٥) المفضليات ١٢٥.

(٦) المفضليات ١٢٥.

٥١٨

ويقول «الأسود بن يعفر» :

قد أصبح الحبل من أسماء مصروما

بعد ائتلاف وحبّ كان مكتوما (١)

وأما «شرح أشعار الهذليين» فقد وردت فيه الأبيات التالية :

إذ يقول «أبو ذؤيب» :

أبالصّرم من أسماء حدّثك الذي

جرى بيننا يوم استقلّت ركابها (٢)

ويقول في بيت ثان :

ألا زعمت أسماء أن لا أحبّها

فقلت بلى لو لا ينازعني شغلي (٣)

و «لأبي صخر الهذلي» ورد هذان البيتان :

فلو لا الذي حمّلت من لاعج

بفيض اللّوى غرّا وأسماء كاعب (٤)

وقوله :

لأسماء لم تهتج لشيء إذا خلا

فأدبر ما اختبّت بلفت ركائب (٥)

وفيه شاهد ثان وهو «ركائب» الممنوعة لصيغة منتهى الجموع.

ويقول «المتنخل» :

هل هاجك الليل كليل على

أسماء من ذي صبر مخيل (٦)

__________________

(١) المفضليات ٤١٨.

(٢) شرح الهذليين ١ / ٤٢.

(٣) شرح الهذليين ١ / ٨٨.

(٤) شرح الهذليين ٢ / ٩٤٥.

(٥) شرح الهذليين ٢ / ٩٤٥.

(٦) شرح الهذليين ٣ / ١٢٥٤.

٥١٩

٣) الصفات الدالة على الألوان :

ونبدأ بكلمة «سوداء» التي ذكرها «امرؤ القيس» حيث يقول :

وإذ هي سوداء مثل الفحيم

تغشّي المطانب والمنكبا (١)

ويقول «النابغة الذبياني» :

أو أضع البيت في سوداء مظلمة

تقيّد العير لا يسري بها الساري (٢)

وجاء ذكره في «الجمهرة» (٣)

ويقول في بيت آخر :

له بفناء البيت سوداء فخمة

تلثّم أوصال الجزور العراعر (٤)

ويقول «زهير بن أبي سلمى» :

أنا ابن رياح وابن خالي جوش

ولم أحتمل في حجر سوداء ضمح (٥)

أما «عنترة العبسي» فيقول :

ولقد هممت بغارة في ليلة

سوداء حالكة كلون الأدلم (٦)

ويقول «ذو الرمة» :

هجنّع راح في سوداء مخملة

من القطائف أعلى ثوبه الهدب (٧)

ويقول «الأخطل» :

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ١٢٩.

(٢) ديوان النابغة ٥٦.

(٣) الجمهرة ١ / ٢٣٧.

(٤) ديوان النابغة ٧٥.

(٥) ديوان زهير ٣٢٤.

(٦) ديوان عنترة ١٥٣.

(٧) الجمهرة ٢ / ٩٧٣.

٥٢٠