تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

كذلك. وجوّزه ابن إدريس (١). والأقرب الإتيان بما هو واجب عليه ، وإن كان نفلا أحرم بأيّهما شاء ، (٢) وإن كان الأفضل الإتيان بمثل ما خرج عنه.

٢٥١٤. السادس : إذا ساق المحصور هديا كفاه بعثه ، وأوجب ابنا بابويه (٣) وابن إدريس (٤) هديا آخر للإحصار.

٢٥١٥. السابع : لو اشترط على ربّه ، جاز له أن يحلّ وقت بلوغ الهدي محلّه ، وهو يوم العيد ، إلّا من النساء من دون إنفاذ هدي ولا ثمنه ، إلّا أن يكون ساقه وأشعره أو قلّده.

٢٥١٦. الثامن : قال ابن إدريس : المحصور يفتقر إلى نية التحلّل كما دخل في الإحرام بنيّته (٥).

الفصل الثالث : في حكم الفوات

وفيه عشرة أبحاث :

٢٥١٧. الأوّل : قد بيّنا فوات الحجّ لمن فاته الموقفان معا ، فإذا فات الحجّ ، تحلّل بطواف وسعي وحلق ، وهو عمرة مفردة ، ويسقط عنه بقيّة أفعال الحجّ من الرمي والمبيت ، ولا يمضي في حجّ فائت ، ولا بدّ من نيّة الاعتمار.

__________________

(١) السرائر : ١ / ٦٤١.

(٢) في «أ» : أحرم بمهما شاء.

(٣) الفقيه : ٢ / ٣٠٥ في ذيل الحديث ١٥١٢ ، وحكاه ابن إدريس عن عليّ بن بابويه في السرائر : ١ / ٦٣٩.

(٤) السرائر : ١ / ٦٣٩.

(٥) السرائر : ١ / ٦٤٤.

٨١

٢٥١٨. الثاني : يستحبّ له مع فوات الحجّ المقام بمنى إلى القضاء ، أيّام التشريق ، وليس بفرض.

٢٥١٩. الثالث : لا يجب على فائت الحجّ الهدي ، ونقل الشيخ عن بعض أصحابنا الوجوب (١).

ولو كان قد ساق هديا ، نحره بمكّة لتعيّنه للإهداء ، ومع القول بالوجوب لو لم يسق لا يجوز تأخيره إلى القابل ، فلو أخّره عصى ، فإذا قضى وجب عليه ذبحه ، ولا يجزئه عن هدي القضاء.

٢٥٢٠. الرابع : إذا كان دم الفائت واجبا ، وجب القضاء ولا تجزئه عمرة التحلّل ، وإن لم يكن واجبا ، لم يجب القضاء ، ولو كان حجّة الإسلام ، وجب القضاء على الفور.

٢٥٢١. الخامس : من فاته الحجّ الواجب ، وجب قضاؤه كما فاته ، تمتّعا أو قرانا أو إفرادا.

٢٥٢٢. السادس : لا يحتاج من فاته الحجّ إلى تجديد إحرام لعمرة التحلّل.

٢٥٢٣. السابع : عمرة التحلّل لا تسقط عمرة الإسلام إن كانت الفائتة حجّة الإسلام.

٢٥٢٤. الثامن : لو أراد فائت الحجّ البقاء على إحرامه إلى القابل ليحجّ به ، لم يجز له ووجب عليه التحلّل بالعمرة.

__________________

(١) الخلاف : ٢ / ٣٧٢ ، المسألة ٢١٩ من كتاب الحج.

٨٢

٢٥٢٥. التاسع : المكّي وغيره سواء في وجوب الهدي بالفوات وعدم وجوبه ، بخلاف دم التمتع.

٢٥٢٦. العاشر : العمرة المفردة لا تفوت ، بخلاف المتمتع بها (١).

__________________

(١) قال المصنف في التذكرة : ولا فرق بين المكّي وغيره في وجوب الهدي بالفوات ، وأمّا العمرة المفردة ، فلا يفوت وقتها ، لأن وقتها جميع السّنة أمّا المتمتع بها فيفوت بفوات الحجّ ، لتعيّن وقتها. تذكرة الفقهاء : ٨ / ٤١٤.

٨٣
٨٤

المقصد الثالث عشر : في أحكام النساء والعبيد والصبيان والنائب في الحج

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في أحكام النساء

وفيه ستة عشر بحثا :

٢٥٢٧. الأوّل : الحجّ واجب على النساء كوجوبه على الرجال ، وليس للزوج منعها عن الواجب ، كحجّة الإسلام ، والنذر وشبهه ، وما وجب بالإفساد ، وله منعها عن التطوع إجماعا.

ولو أذن لها فيه ، جاز له الرجوع ، ما لم تتلبّس بالإحرام ، فلو تلبّست بعد رجوعه ، جاز له أن يحلّلها ، وهل يلزمها الهدي كالمحصور ، الوجه عدمه ، ولو تلبّست بإذنه ، لم يكن له الرجوع في الإذن : ولو تلبّست من غير إذنه في التطوع ، جاز له أن يحلّلها.

٨٥

٢٥٢٨. الثاني : لو كانت حجّة الإسلام ولم تستكمل الشرائط ، جاز له منعها من الخروج إليها والتلبّس بها ، فلو أحرمت بغير إذنه والحال هذه ، ففي جواز تحليلها تردّد.

٢٥٢٩. الثالث : لو نذرت الحجّ بغير إذن الزوج ، لم ينعقد نذرها ، ولو كان بإذنه لزم ، وكان كحجّة الإسلام.

٢٥٣٠. الرابع : حكم المطلّقة رجعيّا حكم الزوجة ما دامت في العدة ، فلو خرجت منها أو كانت الطلقة بائنة ، كان أمرها بيدها.

٢٥٣١. الخامس : إذا خرجت في حجّة الإسلام بإذنه ، فقدر نفقة الحضر عليه ، والزائد لأجل السفر عليها ، وكذا لو حجّت بغير إذن الزوج في الواجب ، أو بإذنه في التطوّع.

ولو أفسدت حجّها بأن مكّنت زوجها من وطئها مختارة قبل الوقوف بالمشعر ، لزمها القضاء والكفّارة في مالها ، وكذا ما زاد على نفقة الحضر ، ولو خرجت في التطوّع بغير إذنه ، كانت النفقة أجمع عليها.

٢٥٣٢. السادس : جميع ما يجب على الرجل من أفعال الحجّ وتروكه ، فهو واجب على المرأة إلّا في لبس المخيط ، ولا يجوز لها تأخير الإحرام عن وقته لمكان الحيض ، بل تحرم وإن كانت حائضا ، وتحتشي وتتوضّأ ولا تصلّي.

والمستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال إن وجبت عليها ثمّ تحرم عند الميقات ، والنفساء كالحائض.

٢٥٣٣. السابع : لو تركت الإحرام نسيانا ، أو ظنّت عدم جوازه ، رجعت

٨٦

مع المكنة وأحرمت منه ، ولو عجزت أو ضاق الوقت ، خرجت إلى أدنى الحلّ وأحرمت ، وإن عجزت ، أحرمت من موضعها.

٢٥٣٤. الثامن : إذا دخلت المرأة مكّة ، طافت وسعت وقصّرت كما يفعل الرجل ، ثمّ أحرمت بالحجّ.

ولو حاضت قبل الطواف ، انتظرت الموقفين ، فإن طهرت وتمكّنت من الطواف والسعي والتقصير وإنشاء الإحرام للحجّ وإدراك عرفة ، صحّ لها التمتّع ، وإلّا بطلت متعتها وصارت حجّتها مفردة ، ولا يجب عليها تجديد الإحرام ولا الدم.

وكلّ متمتّع خشي فوات الحجّ باشتغاله بالعمرة رفض العمرة ، وصارت حجّته مفردة.

٢٥٣٥. التاسع : لو حاضت في أثناء طواف العمرة ، فإن كانت قد طافت أربعة أشواط ، قطعته ، وسعت وقصّرت ثمّ أحرمت بالحجّ ، وصحّت متعتها ، فإذا فرغت من المناسك وطهرت ، تمّمت الطواف ، ومنع ابن إدريس من ذلك (١).

ولو طافت أقلّ من أربعة ، كان حكمها حكم من لم يطف عند الشيخ (٢).

وقال ابن بابويه : لو حاضت بعد الثلاثة أو أقل جاز البناء ، وصحّت متعته (٣) ، وبه رواية صحيحة (٤).

__________________

(١) السرائر : ١ / ٦٢٣.

(٢) النهاية : ٢٧٥ ؛ المبسوط : ١ / ٣٣١.

(٣) الفقيه : ٢ / ٢٤١.

(٤) لاحظ الفقيه : ٢ / ٢٤١ برقم ١١٥٣ و ١١٥٤.

٨٧

ولو حاضت بعد الطواف قبل الصلاة ، سعت وقضتها بعد المناسك ، وليس عليها إعادة الطواف.

٢٥٣٦. العاشر : لو حاضت في إحرام الحجّ قبل طواف الزيارة ، أقامت بمكّة حتّى تطهر وجوبا ، وتطوف ، وكذا لو كان قبل طواف النساء ، ولو كانت قد طافت من طواف النساء أربعة أشواط ، جاز لها الخروج من مكّة.

٢٥٣٧. الحادي عشر : الحائض تودّع البيت من باب المسجد ، ولا يجوز لها دخوله.

٢٥٣٨. الثاني عشر : يجوز لها إذا خافت الحيض بعد أفعال العمرة تقديم طواف الزيارة والنساء ، ومنعه ابن إدريس (١).

٢٥٣٩. الثالث عشر : العليلة يجوز أن يطاف بها ، ولو عجزت طاف عنها وليّها ، ويحرم عنها وليّها إذا لم تعقل عند الإحرام ، ولو كان على الحجر زحام ، جاز لها ترك الاستلام.

٢٥٤٠. الرابع عشر : المستحاضة تطوف بالبيت كالطاهرة إذا فعلت ما تفعله المستحاضة ، ويكره لها دخول الكعبة.

٢٥٤١. الخامس عشر : لو طلّقت بعد إحرام الحجّ ، وجب عليها العدّة ، فإن ضاق الوقت ، خرجت لقضاء الحجّ ثمّ عادت فأتمّت العدّة إن بقي عليها شي‌ء ، وإن كان الوقت متّسعا ، أو كانت محرمة بعمرة ، فإنّها تقيم وتقضي عدّتها ، ثم تحجّ وتعتمر ؛ قاله الشيخ (٢). والوجه التفصيل ، فإن كانت

__________________

(١) السرائر : ١ / ٦٢٤.

(٢) المبسوط : ٥ / ٢٥٩ ـ كتاب العدد ـ.

٨٨

حجّة الإسلام مضت فيها في أيّام العدّة (١).

٢٥٤٢. السادس عشر : المتوفّى عنها زوجها يجوز لها أن تخرج في الحجّ وإن كان تطوّعا.

الفصل الثاني : في أحكام العبيد والصّبيان والكفّار في الحجّ

وفيه خمسة مباحث :

٢٥٤٣. الأوّل : لا يجوز للعبد الحجّ بغير إذن مولاه ، وكذا المكاتب والمدبّر وأمّ الولد ومن انعتق بعضه ، ومع الإذن لا يجزئه عن حجّة الإسلام لو انعتق ما لم يدركه العتق قبل أحد الموقفين.

والزوجة المملوكة ليس لها أن تخرج للحجّ إلّا بإذن مولاها وزوجها معا ، فلو كره أحدهما وجب الامتناع ، ولو انعتق بعضه وهاياه مولاه ، قال الشيخ :

يمكن القول بانعقاد إحرامه فيها وصحّة حجّه بغير إذن سيّده (٢).

٢٥٤٤. الثاني : إحرام العبد بإذن مولاه صحيح ، وكذا الصبيّ ، فلو بلغ أو اعتق العبد فإن كان بعد فوات الموقفين ، أتمّا حجّهما ولم يجزئهما عن حجّة الإسلام ، وإن كملا قبل الموقفين أجزأهما عن حجّة الإسلام ، ولا يحتاج الصبيّ إلى تجديد إحرام.

__________________

(١) في «ب» : في أيّام الحجّة.

(٢) المبسوط : ١ / ٣٢٧.

٨٩

وان كان البلوغ والعتق بعد الوقوف وقبل فوات وقته بأن كملا قبل فجر النحر ، رجعا إلى عرفات والمشعر إن أمكنهما ، وإلّا أجزأهما المشعر.

ثمّ كلّ موضع يجزئهما عن حجّة الإسلام ، فانّه يلزمهما الدم إذا كانا متمتعين ، وإلّا فلا.

٢٥٤٥. الثالث : الكافر يجب عليه الحجّ ولا يصحّ منه إلّا بشرط تقدّم الإسلام ، فلو مرّ الكافر على الميقات مريدا للنسك وأحرم منه ، لم يصحّ إحرامه ، ولو مات على كفره فلا حكم له.

ولو أسلم بعد مضيّ زمان الوقوف ، سقط في تلك السنة ، وإلّا وجب مع المكنة.

٢٥٤٦. الرابع : المخالف للإماميّة من أهل القبلة إذا حجّ ثمّ استبصر ، فإن كان قد أتى بأركان الحجّ وأفعاله ، أجزأ عنه ، ويستحبّ له إعادته حينئذ ، وإن كان قد أخلّ بشي‌ء من أركانه ، وجب عليه الإعادة.

والمراد بالركن هنا ما يعتقد أهل الحقّ انّ الإخلال به مبطل للحجّ ، وكذا باقي العبادات إذا أوقعها على وجهها ، لا يجب عليه قضاؤها سوى الزكاة ، إلّا أن يدفعها إلى أهل الحقّ.

٢٥٤٧. الخامس : من شهد المناسك وهو سكران لم يحصّل شيئا ، لم يصحّ حجّه ، ووجب عليه الإعادة ، وإن كان محصّلا إتيانها على وجهها ، فالوجه الإجزاء.

والشيخ أطلق عدم الإجزاء (١). والظاهر أنّ مراده التفصيل.

__________________

(١) النهاية : ٢٧٤.

٩٠

الفصل الثالث : في حجّ النائب

وفيه أربعة وثلاثون بحثا :

٢٥٤٨. الأوّل : لا يجوز للمستطيع مع التمكّن أن يستنيب غيره في الإتيان بالحجّ الواجب كالإسلام والنذر ، أمّا التطوع فإن كان المستأجر صرورة جاز أن يستنيب ، وكذا إن كان غير صرورة مع العجز عن التطوّع والقدرة عليه.

٢٥٤٩. الثاني : لو عجز عن أداء الحجّ (١) الواجب بنفسه ، وأمكنه إقامة غيره ليحجّ عنه ، ففي وجوب الاستنابة قولان تقدّما ، ولو لم يجد مالا يقيم به غيره ، سقط إجماعا ، وكذا لو وجد مالا (يقيم به غيره) (٢) ولم يجد النائب.

٢٥٥٠. الثالث : يصحّ الاستيجار للحجّ وتبرأ ذمّة المستأجر إذا كان ميّتا أو ممنوعا ، ويقع حجّ النائب عن المستأجر لا الأجير.

٢٥٥١. الرابع : يشترط في النائب العقل والبلوغ والإسلام وأن لا يكون عليه حجّ واجب ، والأقرب اشتراط العدالة.

ويجوز أن يحجّ الرجل عن مثله وعن المرأة ، والمرأة عن مثلها وعن الرجل ، سواء كانت المرأة أجنبيّة أو من أقارب الرجل ، وسواء أخذت أجرة أو لا ، وسواء كانت صرورة أو لم تكن.

__________________

(١) في «ب» : عن إدراك الحجّ.

(٢) ما بين القوسين موجود في «ب».

٩١

ومنع الشيخ في كتابي الأخبار من نيابة المرأة الصرورة (١) وليس بمعتمد.

وفاقد الاستطاعة يجوز أن يحجّ عن غيره وإن لم يحجّ حجّة الإسلام ، سواء تمكّن من الحجّ من غير استطاعة أو لم يتمكّن ويستحق (الأجير) (٢) الأجرة.

٢٥٥٢. الخامس : من فقد الاستطاعة وهو صرورة ، وتمكّن من الحجّ تطوّعا ، جاز له ذلك ، ويقع عن التطوع (٣) ولو نوى حجّا منذورا عليه صحّ عن النذر (٤) ولا يقع عن حجّة الإسلام.

ولو أحرم بحجّة التطوع ، وعليه منذورة ، فإن تعلّق النذر بزمان معيّن لم يجز إيقاع التطوّع فيه ، فإن أوقعه بنيّة التطوع بطل ولم يجزئ عن المنذورة ، وإن لم يتعلّق بزمان معيّن لم يقع عن المنذورة ، وهل يقع تطوّعا فيه إشكال.

٢٥٥٣. السادس : العبد المأذون له في النيابة يصحّ نيابته عن الحرّ في التطوّع والواجب.

٢٥٥٤. السابع : لا يجوز النيابة عن المخالف في الاعتقاد إلّا أن يكون أبا للنائب ؛

قاله الشيخان (٥) ومنع ابن إدريس الاستثناء (٦).

__________________

(١) النهاية : ٢٧٩ و ٢٨٠ ؛ التهذيب : ٥ / ٤١٣ في ذيل الحديث ١٤٣٥ ؛ الاستبصار : ٢ / ٣٢٢ في ذيل الحديث ١١٤٢.

(٢) ما بين القوسين موجود في «ب».

(٣) في «ب» : يقع عن المتطوع.

(٤) في «ب» : صحّ عن المنذور.

(٥) المبسوط : ١ / ٣٢٦ ؛ النهاية : ٢٨٠.

(٦) السرائر : ١ / ٦٣٢.

٩٢

٢٥٥٥. الثامن : يشترط في النيابة نيّة النائب عن المنوب عنه بالنيّة أو الذكر ، ويستحبّ له أن يذكره لفظا في الأفعال كلّها ، وكذا من طاف عن غيره يستحبّ أن يذكره عند الطواف.

٢٥٥٦. التاسع : لا يجوز الحج والعمرة عن حيّ إلّا بإذنه ، سواء كان الحجّ فرضا أو نفلا ، ويجوز عن الميّت مطلقا.

٢٥٥٧. العاشر : من استأجر غيره ، ليحجّ عنه حجّة الإسلام ، فمات النائب ، فإن كان بعد الإحرام ودخول الحرم ، أجزأ عن المنوب عنه ، وإن كان قبل ذلك لم يجزئ ، واجتزأ في الخلاف بالإحرام خاصّة (١). وهو اختيار ابن إدريس (٢). والأوّل أقوى. ولا يجب على الورثة ردّ شي‌ء من الأجرة.

ولو مات قبل دخول الحرم فللشيخ قولان : أحدهما : انّه تستعاد منه الأجرة بكمالها. والثاني : يستحقّ من الأجرة بقدر ما عمل ، ويستعاد الباقي (٣). واختاره ابن إدريس ثمّ رجع عنه إلى الأوّل (٤).

٢٥٥٨. الحادي عشر : لو صدّ الأجير عن بعض الطريق ، قال الشيخان : عليه ممّا أخذ بقدر نصيب ما بقي من الطريق الّتي يؤدّى فيها الحجّ. إلّا أن يضمن العود لأداء ما وجب (٥). والأقوى عندي الرجوع بالمتخلّف إن وقعت الإجارة على تلك السنة ، ولا يجب على المستأجر الإجابة في قضاء الحجّ ثانيا ، وإن

__________________

(١) الخلاف : ٢ / ٣٩٠ ، المسألة ٢٤٤ من كتاب الحجّ.

(٢) السرائر : ١ / ٦٢٨.

(٣) لاحظ الخلاف : ٢ / ٣٨٩ ، المسألة ٢٤٣ من كتاب الحجّ.

(٤) السرائر : ١ / ٦٢٨ و ٦٢٩.

(٥) المقنعة : ٤٤٣ ؛ النهاية : ٢٧٨.

٩٣

وقعت مطلقة ، وجب عليه الإتيان بالمتخلّف بها مرّة ثانية ، وليس للمستأجر فسخ الإجارة ، وكانت الأجرة بكمالها للأجير.

قال الشيخ : إذا أحصر الأجير تحلّل بالهدي ولا قضاء عليه ، أمّا المستأجر فإن تطوّع فكذلك ، وإلّا وجب أن يستأجر مرّة ثانية. ويلزم الأجير ردّ باقي الأجرة أو يضمن الحجّ ثانيا (١).

٢٥٥٩. الثاني عشر : إذا أحصر الأجير ، جاز له التحلّل بالهدي ، ويقع ما فعله من المستأجر ، ويظهر من كلام الشيخ وقوعه من المحصر (٢). والدم على الأجير ، ولو أقام محرما حتّى فات الحجّ تحلّل بعمرة ، ولا يستحقّ الأجرة على ما فعله من وقت الوقوف إلى التحلّل.

٢٥٦٠. الثالث عشر : لو أفسد الأجير حجّ النيابة ، قال الشيخ : وجب قضاؤها عن نفسه ، وكانت الحجّة باقية عليه ، ثمّ إن كانت الحجّة معيّنة ، انفسخت الإجارة (٣) ولزم المستأجر الاستيجار ثانيا ، وإن كانت مطلقة ، لم ينفسخ ، وعلى الأجير أن يأتي بحجّة أخرى في المستقبل عن المستأجر بعد أن يقضي الحجّة الّتي أفسدها عن نفسه ، وليس للمستأجر فسخ الإجارة عليه ، والحجة الّتي أفسدها انقلبت عن المستأجر إليه وصار محرما بحجّة عن نفسه فاسدة ، فعليه قضاؤها عن نفسه في العام الثاني ، ثم يحج عن المستأجر في الثالث (٤).

ونحن نقول : إن كانت الفاسدة حجّة الإسلام ، والثانية عقوبة ، برئت ذمّة

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٢٣.

(٢) لاحظ المبسوط : ١ / ٣٢٥ و ٣٢٦.

(٣) في «أ» : انفسخت له لإجارة.

(٤) المبسوط : ١ / ٣٢٢.

٩٤

المستأجر بإكمالها ، والقضاء في القابل عقوبة على الأجير ، ولا تنفسخ الإجارة ، وإن قلنا ، : الأولى فاسدة ، والثانية قضاء ، لزم النائب الجميع ، ولا يجزئ عن المستأجر ، ويستعيد الأجرة إن تعلّقت بزمان معيّن ، وإلّا وجب على الأجير الحجّ عن المستأجر بعد حجّة القضاء ، ولو قيل بأنّ حجّة القضاء مجزئة كان وجها.

٢٥٦١. الرابع عشر : إذا فعل الأجير شيئا من المحظورات ، كانت الكفّارة عليه في ماله.

٢٥٦٢. الخامس عشر : عقد الإجارة عن الحجّ صحيح ، ويستحقّ به الأجرة ، لا ردّها. ويقع الحجّ عن المستأجر ، ويسقط به الفرض ، سواء كان حيّا ، أو ميّتا استأجر عنه وليّه.

٢٥٦٣. السادس عشر : لا تفتقر الإجارة إلى تعيين محلّ الإحرام ، سواء كان للبلد ميقات واحد أو ميقاتان ، ولو شرط عليه أن يحرم من قبل الميقات ، لم يلزمه ذلك ، ولو عيّن له دون الميقات لم يصحّ.

ولو كان المستأجر وجب عليه بنذر الإحرام قبل الميقات ، ثمّ عجز واستأجر ، فالوجه وجوب الاستنابة على هذه الهيئة ، فلو أخّره الأجير مع الشرط رجع وأحرم إن تمكّن ، وإلّا من حيث المكنة.

٢٥٦٤. السابع عشر : لو استأجره ليحجّ على طريق ، فحجّ على غيرها ، استحقّ الأجرة ، وهي رواية صحيحة عن حريز عن الصادق عليه‌السلام (١) ولو تعلّق بالمسافة المعيّنة غرض مقصود ، وشرطه المستأجر ، فعدل عنها ،

__________________

(١) التهذيب : ٥ / ٤١٥ ، الحديث ١٤٤٥.

٩٥

صحّ الحجّ ، وبرئت ذمّتها منه ، ورجع المستأجر بنسبة التفاوت من الطريق.

وقال الشيخ : لا يرجع (١) ، وفيه نظر.

٢٥٦٥. الثامن عشر : يجب على الأجير الإتيان بالنوع الّذي شرط عليه من تمتّع أو قران أو إفراد ، اختاره علي بن رئاب (٢) وقال الشيخ : إذا استأجره للقران ، فتمتع ، أجزأه ، وإن أفرد لم يجزئه ، وإن استأجره للتمتّع فقرن أو أفرد لم يجزئه ، وإن استأجره للإفراد فتمتّع أو قرن أجزأه (٣).

والمختار انّه إن كان الحجّ واجبا ، فلا بدّ من تعيينه عليه ، فيجب على الأجير متابعته ، وإن كان تطوّعا ، وعلم من قصد المستأجر الإتيان بالأفضل ، جاز العدول إلى الأفضل وإن لم يصرّح به في العقد ، فعلى قول الشيخ لو استأجره لغير التمتّع فتمتّع استحقّ الأجرة ، وعلى المختار ، إن علم منه التخيير ، استحقّ الأجرة بأيّ الأنواع أتى ، وإن لم يعلم ، وقع الحجّ عن المستأجر ، وفي استحقاق الأجرة إشكال.

٢٥٦٦. التاسع عشر : دم التمتّع على الأجير ، ولو شرطه على المستأجر صحّ.

ولو استأجره للقران فقرن كان هدي السياق على الأجير ، ولو شرطه على المستأجر جاز.

٢٥٦٧. العشرون : لو استأجره للحجّ من العراق ، فوصل إلى الميقات ، فأحرم

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٢٥.

(٢) أحد كبار العلماء ، أخذ العلم عن الصادقين والكاظم عليهم‌السلام ، كان حيّا قبل ١٨٣. اقرأ ترجمته في طبقات الفقهاء : ٢ / ٣٩٠ برقم ٥٥٨.

(٣) المبسوط : ١ / ٣٢٤.

٩٦

بعمرة عن نفسه ، ثمّ فعل مناسكها ، وأحلّ ثمّ حجّ عن المستأجر ، فإن كان قد خرج إلى ميقات العراق وأحرم وفعل باقي المناسك ، صحّ حجّه ، وإن أحرم من مكّة ، فإن كان لعدم تمكّنه من الرجوع إلى الميقات، صحّ حجّه، ولا دم عليه، وإن تمكّن لم يجزئه؛ قاله الشيخ(١).

والوجه عندي إجزاء الحجّ مطلقا ، وردّ التفاوت إن عيّن له الميقات ، وإلّا فلا.

وفي ردّ التفاوت إشكال بين أن يقال : حجّة من العراق ، أحرم بها من الميقات وحجّة من العراق ، أحرم بها من مكّة ، ويؤخذ بنسبة التفاوت ، أو يقال :

حجّة من العراق ، وحجّة من مكّة ، والأوّل أقوى.

٢٥٦٨. الواحد والعشرون : الإجارة إن كانت معيّنة ، كأن يستأجره ليحجّ عنه بكذا ، تعيّن على الأجير إيقاعها مباشرة ، وإن كانت مطلقة ، كأن يستأجره ليحصل له حجّة ، ويقصد النيابة مطلقا ، فيجوز للأجير الاستنابة ، ولو أمره بالاستيجار لم يكن له أن يحجّ عنه بنفسه.

٢٥٦٩. الثاني والعشرون : إذا استأجره ليحجّ عنه ، فإن عيّن السّنة صحّ إن أمكن التلبّس بالإحرام في وقته ، وإلّا بطلت ، سواء وقع العقد في أشهر الحجّ أو في غير أشهره ، إمّا مع الحاجة إلى التقدّم بالشروع أو بدونها ، فإن فعل الأجير في السّنة المعيّنة برئت ذمّته ، وإلّا بطلت الإجارة.

ولو لم يعيّن بأن يقول : استأجرتك لتحجّ عنّي من غير تعيين الوقت ، فانّه

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

٩٧

يصحّ ، ويقتضي التعجيل ، ولو أخّرها الأجير لم تنفسخ الإجارة ، وليس للمستأجر الفسخ ، سواء قبض مال الإجارة أو لا ، وسواء كان المستأجر حيّا معضوبا ، (١) أو وصيّ ميّت ، ويجب عليه الإتيان بالحجّ في أوّل أوقات الإمكان ، ولو عيّن له سنة بعد سنة الإجارة ، بأن يستأجره ليحجّ عنه في العام الثاني أو الثالث صحّ.

٢٥٧٠. الثالث والعشرون : إذا أخذ الأجير حجّة عن غيره لسنة معيّنة ، لم يكن له أن يؤجر نفسه لغيره تلك السنّة بعينها ، وإن أطلق الأوّل ، فإن استأجره الثاني للسّنة الأولى ، فالأقرب عدم الصحة ، وإن استأجره للثانية أو مطلقا جاز ، وإن استأجره الأوّل للثانية ، جاز للثاني استيجاره للأولى ، ومطلقا.

والشيخ رحمه‌الله قال : إذا أخذ الأجير حجة عن غيره لم يكن له أن يأخذ أخرى حتّى يقضي الّتي أخذها (٢). فإن أراد ما ذكرناه من التفصيل فهو جيّد ، وإلّا فهو ممنوع.

٢٥٧١. الرابع والعشرون : لا يجوز لحاضر مكّة مع تمكّنه من الطواف الاستنابة فيه ، ويجوز للغائب وللحاضر غير المتمكّن كالمبطون والمغمى عليه.

٢٥٧٢. الخامس والعشرون : يستحبّ للأجير إعادة فاضل الأجرة ، وليس بلازم ، وكذا يستحبّ للمستأجر أن يتمّمه للأجير لو أعوزته الأجرة (٣).

٢٥٧٣. السادس والعشرون : لا بدّ من العلم بالعوض وتعيين مقداره ، فلو

__________________

(١) في مجمع البحرين : الأعضب من الرجال : الزّمن الّذي لا حراك فيه ، كأن الزمان عضبه ومنعه الحركة.

(٢) المبسوط : ١ / ٣٢٦.

(٣) في «أ» : لو اعوز به الأجرة.

٩٨

قال : حجّ عنّي بنفقتك ، بطلت الإجارة ، وكذا : حجّ عنّي بما شئت ، ويجب أجرة المثل إن حجّ ، وصحّت الحجّة عن المستأجر ، ولو قال : أوّل من يحجّ عنّي ، فله مائة ، كانت جعالة صحيحة.

ولو قال : حجّ عنّي أو اعتمر بمائة ، قال الشيخ : كان صحيحا ، فمتى حجّ أو اعتمر استحق المائة (١) ونحن نقول : إن كان جعالة صحّ ، وإن كان إجارة بطل ، ولو قال : من حجّ عنّي فله عبد أو دينار أو عشرة دراهم ، صحّ جعالة لا أجرة.

٢٥٧٤. السابع والعشرون : إذا استأجر اثنان شخصا ليحجّ عنهما حجّة واحدة ، فأحرم عنهما ، لم يصحّ إحرامه عنهما ، ولا عن واحد منهما ، ولا عن نفسه ، ولو قيل : إن كان الحجّ ندبا صحّ عنهما ، كان وجها.

٢٥٧٥. الثامن والعشرون : إذا أحرم الأجير عن نفسه وعن من استأجره ، قال الشيخ : لا ينعقد إحرامه عنهما ولا عن واحد منهما (٢).

٢٥٧٦. التاسع والعشرون : إذا استأجره ليحجّ في سنة معيّنة ، فحصلت الاستطاعة في تلك السّنة بعد عقد الإجارة وكان صرورة ، انصرف الزمان إلى حجّ النيابة دون حجّة الإسلام ، فلو أحرم عن نفسه لم يقع عنها ، والوجه عدم وقوعه عن المستأجر ، ولو استأجره ، مطلقا فانّه يجوز الحجّ عن نفسه على إشكال.

٢٥٧٧. الثلاثون : لو أحرم النائب عن المستأجر ، ثمّ نقل الحجّ إلى نفسه ، لم يصحّ ، فإذا أتمّ الحجّ استحق الأجرة.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٢٥.

(٢) المبسوط : ١ / ٣٢٣.

٩٩

٢٥٧٨. الواحد والثلاثون : إذا استأجره للحجّ فاعتمر ، أو للعمرة فحجّ ، قال الشيخ : لا يقع عن المستأجر ، سواء كان حيّا أو ميّتا ، ولا يستحقّ أجرة (١) ، والوجه عندي وقوع ما فعله عن المستأجر ، ولا يستحقّ أجرة.

٢٥٧٩. الثاني والثلاثون : لو أحصر الأجير تحلّل بالهدي ، ولا قضاء عليه ، ويبقى المستأجر على ما كان عليه ، إن كان الحجّ واجبا ، وجبت الاستنابة ، وإلّا فلا ، ولو فاته الموقفان بتفريط ، لزمه التحلّل بعمرة لنفسه ، ويعيد الأجرة إن كان الزمان معيّنا ، وإن كان بغير تفريط ، قال الشيخ : يستحق أجرة المثل إلى حين الفوات (٢).

ولو قيل : له من الأجرة بنسبة ما فعله من أفعال الحجّ ويستعاد الباقي ، كان وجها.

ولو أفسد الحجّ ، وجب القضاء ، ولو أفسد القضاء ، وجب آخر.

٢٥٨٠. الثالث والثلاثون : إذا حصلت الاستطاعة للنائب بعد الحجّ ، وجب عليه حجّة الإسلام عن نفسه إذا كان صرورة ، ولم يجزئه ما فعله عن غيره.

٢٥٨١. الرابع والثلاثون : من وجب عليه أحد النسكين خاصّة ، جاز له أن ينوب عن غيره في الآخر ، ويفعل هو ما وجب عليه عن نفسه ، ولا يجب عليه ردّ شي‌ء من الأجرة ، وكذا لو لم يجب عليه أحدهما ، جاز أن يؤجر نفسه عن شخصين لأدائهما في عامّ واحد.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٢٥.

(٢) المبسوط : ١ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦.

١٠٠