تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

٢٤٣٣. السادس عشر : لو وطئ في العمرة قبل السعي ، فإن كان بعد الطواف ، فسدت عمرته ووجبت عليه بدنة وقضاؤها.

٢٤٣٤. السابع عشر : القارن إذا أفسد حجّه ، وجبت عليه بدنة والقضاء ، وليس عليه دم القران.

٢٤٣٥. الثامن عشر : إذا قضى الحاج أو المعتمر ، فعليه في قضاء الحجّ الإحرام من الميقات ، وفي قضاء العمرة من أدنى الحلّ.

٢٤٣٦. التاسع عشر : لو أفسد القضاء الواجب بسبب الإفساد ، وجبت عليه بدنة أخرى ، وإتمام القضاء الفاسد ، والحجّ من قابل ، ولا يتكرّر عليه بل يكفيه حجّة واحدة صحيحة ، وكذا لو تكرّر إفساد القضاء.

٢٤٣٧. العشرون : لو عقد المحرم لمثله على امرأة ، ودخل المحرم ، وجبت على العاقد كفّارة ، كما تجب على الواطئ. وكذا لو كان العاقد محلّا على إشكال.

٢٤٣٨. الواحد والعشرون : لو نظر الى غير أهله فأمنى ، لم يفسد حجّه ، ووجبت عليه بدنة ، وإن لم يكرّر النظر. فإن عجز فبقرة ، فإن عجز فشاة.

ولو كرّر النظر حتّى أمذى ، لم يجب عليه شي‌ء ، ولو كرّره ولم يقترن به مني ولا مذي ، لم يكن عليه شي‌ء ، وإن جرّدها (١) ولو فكّر فأنزل ، لم يكن عليه شي‌ء.

٢٤٣٩. الثاني والعشرون : لو نظر إلى أهله من غير شهوة ، لم يكن عليه

__________________

(١) الضمير يرجع إلى الأهل المذكور قبله ، والعبارة ناظرة إلى ما نقل عن أحمد : انّه من جرّد امرأته ولم يكن منه غير التجريد انّ عليه شاة. لاحظ التذكرة : ٨ / ٥٣.

٦١

شي‌ء وإن أمنى ، ولو كان بشهوة فأمنى ، كانت عليه بدنة.

٢٤٤٠. الثالث والعشرون : لو مسّ امرأته بشهوة ، كان عليه دم شاة ، سواء أمنى أو لا ، وإن كان بغير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء وإن أمنى ، والحجّ صحيح على كلّ التقادير ، سواء كان قبل الموقفين أو بعدهما.

٢٤٤١. الرابع والعشرون : لو قبّل امرأته بشهوة ، كان عليه جزور ، وإن كان بغير شهوة ، كان عليه شاة ، ولا يفسد حجّه على كلّ تقدير ، سواء كان قبل الموقفين أو بعده ، أنزل أو لم ينزل.

ولم يشترط الشيخ في البدنة الإنزال (١) ، وشرطه ابن إدريس (٢). ولو لم ينزل كان عليه دم شاة ، كما لو قبّلها بغير شهوة. وعندي في ذلك تردّد.

وقال المفيد : من قبّل امرأته وهو محرم ، فعليه بدنة أنزل أو لم ينزل ، فإن هويت المرأة ذلك ، كان عليها مثل ما عليه (٣). ويكره للمحرم أن يأكل من يد امرأته أو جاريته شيئا تلقمه إيّاه.

٢٤٤٢. الخامس والعشرون : من لاعب امرأته فأمنى ، كان عليه بدنة ، وهل تجب عليه الكفّارة؟ نصّ في المبسوط والتهذيب عليه (٤) وهو رواية عبد الرحمن بن الحجاج الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام (٥).

٢٤٤٣. السادس والعشرون : لو سمع كلام امرأة أو استمع على من يجامع

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٣٨ ؛ التهذيب : ٥ / ٣٢٧.

(٢) السرائر : ١ / ٥٥٢.

(٣) المقنعة : ٤٣٤.

(٤) المبسوط : ١ / ٣٣٨ ؛ التهذيب : ٥ / ٣٢٧ في ذيل الحديث ١١٢٣.

(٥) لاحظ التهذيب : ٥ / ٣٢٧ برقم ١١٢٤.

٦٢

من غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى ،لم يكن عليه شي‌ء ، ولو كان برؤية ، وجبت عليه الكفّارة.

٢٤٤٤. السابع والعشرون : قد بيّنا أنّه إذا أفسد حجّه ، وجب عليه إتمام الفاسد. ولا يجعل الحجّة (١) عمرة ، ولا يحلّ من الفاسد ، بل يجب عليه أن يفعل بعد الإفساد كما يفعله لو كان صحيحا ، ولا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بمزدلفة والرمي وغيرهما ، ويحرم عليه بعد الإفساد كلّ ما كان محرما عليه قبله من الوطء ثانيا وقتل الصيد والطيب وغير ذلك من المحرمات.

ولو جنى في الإحرام الفاسد ، وجب عليه ما يجب في الإحرام الصحيح.

ويجب القضاء من قابل ، سواء كانت الفاسدة واجبة بأصل الشرع أو بالنذر وشبهه ، أو تطوّعا ، ويجب على الفور.

ولو أفسد القضاء لم يجب قضاؤه ، بل يقضي عن الحجّ الأوّل.

ولو جامع قبل عرفة ، ثم بعده قبل مزدلفة ، وجب قضاء واحد وبدنتان.

٢٤٤٥. الثامن والعشرون : لو أحصر في حجّ فاسد ، فله التحلّل ، فلو حلّ ثمّ زال الحصر وفي الوقت سعة ، فله أن يقضي في ذلك العام. ولا يتصور القضاء في العام الّذي فسد فيه الحجّ في غير هذه الصورة.

ولو حجّ تطوعا فأفسده ثمّ أحصر ، كان عليه بدنة للإفساد ودم للإحصار ، وكفاه قضاء واحد في القابل.

__________________

(١) في «أ» : ولا يجعل الحجّ.

٦٣

المطلب الثالث : في ما يجب بالطيب والادّهان

وفيه خمسة مباحث :

٢٤٤٦. الأوّل : من تطيّب عامدا ، وجب عليه دم ، سواء استعمله اطلاء أو صبغا أو بخورا أو في الطعام ، وسواء استعمله في عضو كامل أو بعضه ، وسواء مسّت الطعام النار أو لا.

ولا بأس بخلوق الكعبة وزعفرانها والفواكه ، كالاترج والتفاح والرياحين ، على ما بيّناه ، ولو كان ناسيا أو جاهلا بالتحريم ، لم يكن عليه شي‌ء.

٢٤٤٧. الثاني : لا فرق بين الابتداء والاستدامة ، فلو تطيّب ناسيا ثمّ ذكر ، وجبت الإزالة ، ولو لم يزله ، وجب الدم.

وتجب الكفّارة بنفس الفعل ، فلو أزاله بسرعة ، وجبت الكفّارة مع فعله عمدا وإن لم يستدم الطيب.

٢٤٤٨. الثالث : من تطيّب عامدا ، وجب عليه إزالته بسرعة ، ويستحبّ أن يستعين في غسله بحلال لئلّا يباشره. ولو غسله بيده جاز.

ولو فقد الماء ، مسحه بالتراب أو بالحشيش ، أو ورق الشجر (١).

٢٤٤٩. الرابع : يجوز له شراء الطيب وبيعه لا استعماله ولا شمّه ، وكذا يشتري المخيط والجواري.

__________________

(١) في «ب» : أو بالورق الشجر.

٦٤

٢٤٥٠. الخامس : من استعمل الدهن الطيب حال الإحرام ، وجب عليه دم شاة مع العمد ، ولا شي‌ء مع النسيان. وتجب الكفّارة للمضطر عند الشيخ (١).

المطلب الرابع : في ما يجب باللبس والتظليل

وفيه تسعة مباحث :

٢٤٥١. الأوّل : إذا لبس المحرم ثوبا لا يحلّ له لبسه عمدا ، وجب عليه دم شاة ، ولا فرق بين قليل اللبس وكثيره ، فلا يشترط لباس يوم وليلة.

٢٤٥٢. الثاني : الاستدامة في اللبس كالابتداء ، فلو لبس ناسيا ثمّ ذكر ، وجب خلعه فإن لم يفعل ، وجب الفداء ، وينزعه من أسفله لا من رأسه.

٢٤٥٣. الثالث : لو لبس مع الذّكر ، وجبت الفدية بمجرّد الفعل

وإن لم يستدمه ، ولو نزعه من رأسه ، فعل حراما ، وتجب الفدية إن قلنا انّه تغطية وإلّا فلا.

٢٤٥٤. الرابع : لو لبس ثيابا كثيرة دفعة ، وجب عليه فداء واحد ، ولو كان في مرّات متعدّدة ، وجب لكلّ ثوب دم من غير تداخل مع تعدّد المجلس.

٢٤٥٥. الخامس : لو احتاج إلى اللبس ، لبس ووجب عليه الفداء ، ولو اضطرّ إلى لبس الخفين والجوربين لبسهما. قال الشيخ : ولا شي‌ء عليه (٢).

٢٤٥٦. السادس : لو لبس قميصا وعمامة وخفّين وسراويل ، وجب عليه لكلّ واحد فدية.

__________________

(١) التهذيب : ٥ / ٣٠٤ في ذيل المسألة ١٠٣٧.

(٢) التهذيب : ٥ / ٣٨٤ في ذيل الحديث ١٣٤٠.

٦٥

٢٤٥٧. السابع : إذا لبس ثمّ صبر ساعة ، ثمّ لبس شيئا آخر ، ثمّ لبس بعد ساعة أخرى ، وجب عليه عن كلّ لبسة فدية ، سواء كفّر عن الأولى أو لا.

٢٤٥٨. الثامن : لو لبس ناسيا أو جاهلا ثمّ ذكر أو علم فنزع ، لم يكن عليه شي‌ء (١) ، والمكره لا فدية عليه أيضا.

٢٤٥٩. التاسع : من غطّى رأسه ، وجب عليه دم شاة ، وكذا لو ظلّل على نفسه حال سيره. ولو فعلهما للحاجة أو الضرورة ، وجبت الفدية ، ولا شي‌ء على الناسي والجاهل والمكره إذا أزاله بعد زوال الأعذار.

المطلب الخامس : في حلق الرأس وقصّ الأظفار

وفيه اثنا عشر بحثا :

٢٤٦٠. الأوّل : إذا حلق المحرم رأسه متعمّدا ، وجب عليه الفداء ، سواء كان لأذى أو لغيره ، ولو فعله ناسيا ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ وكذا النائم لو قلع شعره أو قرّبه إلى النار فأحرقه ، أمّا الجاهل ، فأوجب الشيخ عليه الفدية (٢). وعندي فيه نظر.

٢٤٦١. الثاني : الكفّارة إمّا صيام ثلاثة أيّام ، أو دم شاة ، أو الصدقة على ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع. وقيل : عشرة ، لكلّ مسكين مدّ (٣). ويتخيّر المكفّر بين الثلاثة ، سواء كان لعذر أو غيره.

__________________

(١) في «ب» : لم يكن عليه فدية.

(٢) الخلاف : ٢ / ٣١١ ، المسألة ١٠٢ من كتاب الحجّ.

(٣) قاله المحقّق في الشرائع : ١ / ٢٩٦.

٦٦

٢٤٦٢. الثالث : يجزئ البرّ والشعير والزبيب في الفدية ، وتجب الفدية بما يطلق عليه اسم حلق الرأس.

٢٤٦٣. الرابع : لا فرق بين شعر الرأس وبين شعر سائر البدن في وجوب الفدية ، وان اختلفت مقاديرهما ، فلو نتف إبطيه جميعا ، وجب عليه دم شاة ، ولو نتف إبطا واحدا ، وجب عليه إطعام ثلاثة مساكين ، ولا يجب به الدم.

ولو مسّ رأسه أو لحيته فسقط منهما شي‌ء من الشعر ، أطعم كفّا من طعام ، ولو فعله في وضوء الصلاة ، لم يكن عليه شي‌ء.

٢٤٦٤. الخامس : اختلف قول الشيخ في المحرم هل له أن يحلق رأس المحلّ؟ فجوّزه في الخلاف (١) ولا ضمان ، ومنعه في التهذيب (٢).

٢٤٦٥. السادس : لو قلع جلدة عليها شعر ، لم يكن عليه ضمان ، ولو خلّل شعره فسقطت شعرة ، فإن كانت ميتة فلا ضمان ، وكذا لو شكّ ، ولو كانت ثابتة ، وجبت الفدية.

٢٤٦٦. السابع : يباح حلق الرأس لأذى ، وعليه الفدية ، ويتخيّر في التكفير (٣) قبل الحلق وبعده.

٢٤٦٧. الثامن : لو ذبح الشاة في كفّارة الحلق لم يبح له أكل شي‌ء منها ، ويدفعها إلى المساكين.

__________________

(١) الخلاف : ٢ / ٣١١ ـ ٣١٢ ، المسألة ١٠٣ من كتاب الحجّ.

(٢) التهذيب : ٥ / ٣٤٠ ـ ٣٤١ في ذيل الحديث ١١٧٨ والحديث ١١٧٩.

(٣) في «أ» : ويتخير بين التكفير.

٦٧

٢٤٦٨. التاسع : يحرم على المحرم قصّ أظفاره ، وتجب به الفدية مع العمد ، ففي الظفر الواحد مدّ من طعام ، وفي الظفرين مدّين ، وفي الثلاثة ثلاثة أمداد ، وكذا فيما زاد إلى العشرة فيجب بها دم ، ولا شي‌ء على الناسي والجاهل.

٢٤٦٩. العاشر : لو قصّ بعض الظفر ، وجب عليه ما يجب في جميعه ، طال أو قصر.

٢٤٧٠. الحادي عشر : لو قصّ أظفار يديه ورجليه معا ، فإن اتّحد المجلس ، وجب دم واحد ، وإن كان في مجلسين ، وجب دمان.

٢٤٧١. الثاني عشر : من أفتى غيره بتقليم ظفره ، فقلمه فأدماه ، وجب على المفتي دم شاة.

المطلب السادس : في كفّارة باقي المحظورات

وفيه ستّة مباحث :

٢٤٧٢. الأوّل : إذا رمى المحرم القملة من جسده أو قتلها ، وجب عليه كفّ من طعام ، سواء كان عمدا أو سهوا أو خطأ.

٢٤٧٣. الثاني : يجب في قطع الشجرة الكبيرة من الحرم بقرة ، وفي الصغيرة شاة ، وفي أبعاضها قيمة ، وعندي نظر.

٢٤٧٤. الثالث : من جادل مرّة أو مرتين صادقا حال إحرامه ، لم يكن عليه شي‌ء ، ويجب عليه التوبة ، فإن جادل ثلاثا ، وجب عليه دم شاة ، ولو جادل مرّة كاذبا ، وجب عليه دم شاة ، فإن جادل مرّتين ، وجب عليه بقرة ،

٦٨

فإن جادل ثلاثة فجزور ، ولا شي‌ء حال النسيان في الصدق والكذب.

٢٤٧٥. الرابع : قد بيّنا انّ الجدال هو قول الرجل : لا والله وبلى والله ، ويتحقّق الجدال بواحدة منهما لا بمجموع اللفظين.

٢٤٧٦. الخامس : لا كفّارة في الكذب سوى الاستغفار ، ولا في لبس السلاح مع الخوف.

٢٤٧٧. السادس : قال الشيخ : إذا اقتتل اثنان في الحرم ، لزم كل واحد منهما دم (١).

المطلب السابع : في اللواحق

وفيه سبعة مباحث :

٢٤٧٨. الأوّل : إذا اجتمعت أسباب مختلفة كاللبس وتقليم الأظفار والطيب ، تعدّدت الكفّارة ، اتّحد الوقت أو تكرّر ، كفّر عن الأوّل أو لا ، ولو اتّحد الفعل فأقسامه ثلاثة :

١ ـ إتلاف على وجه التعديل ، كقتل الصيد ، فانّه يعدل به ، ويجب فيه مثله ، ويختلف بالصغر والكبر (٢) فتتكرر الكفّارة بتكرره.

٢ ـ إتلاف مضمون لا على وجه التعديل ، كحلق الشعر وقلم الأظفار ، فإن فعل أحدهما دفعة واحدة في وقت واحد ، وجبت فدية واحدة ، وإن فعل ذلك

__________________

(١) التهذيب : ٥ / ٤٦٣ برقم ١٦١٨.

(٢) في «ب» : بالصغير والكبير.

٦٩

في أوقات كأن يحلق بعض رأسه غدوة وبعضه عشية ، وجبت فديتان.

٣ ـ الاستمتاع باللباس والطيب والقبلة ، فإن فعله دفعة فكفّارة واحدة ، وإلّا تعدّدت ، كفّر عن الأوّل أو لا.

٢٤٧٩. الثاني : لو جنّ بعد إحرامه ، فجامع قبل الموقفين لم يفسد حجّه ، ولو صاد لزمه الضمان بخلاف غيره.

٢٤٨٠. الثالث : الصبيّ إذا قتل صيدا ضمنه ، وإن تطيب أو لبس ناسيا ، لم يكن عليه شي‌ء ، وإن كان عامدا فإن قلنا : عمده وخطاؤه واحد فكذلك ، وإلّا وجبت الكفّارة ، وقد تردد الشيخ (١). ومع وجوبها هل يجب في ماله أو على الوليّ؟ إشكال.

ولو جامع بشهوة فإن قلنا : انّ عمده عمد فسد حجّه إن كان قبل الوقوف ، وإلّا فبدنة (٢) على الولي أو في ماله على التردد. وإن قلنا : انّه خطاء لم يكن عليه شي‌ء.

ومع القول بإفساد الحجّ ففي وجوب القضاء وجهان ، أقربهما السقوط ، ومع القول بوجوبه ففي إجزائه حال صغره تردّد.

وإذا أوجبنا عليه القضاء لو قضى حال البلوغ فهل يجزئه عن حجّة الإسلام؟ الوجه التفصيل ، وهو أن يقال : إن كانت الحجّة الّتي أفسدها لو صحّت أجزأته ـ بأن يكون قد بلغ قبل مضيّ وقت الوقوف ـ أجزأه القضاء ، وإلّا فلا.

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٢٩.

(٢) في «ب» : ففدية.

٧٠

٢٤٨١. الرابع : لو خرجت قافلة الحجّ فأغمي على واحد منهم ، لم يصر محرما بإحرام غيره عنه.

٢٤٨٢. الخامس : لو قبّل امرأته بعد طواف النساء ، فإن كانت قد طافت هي فليس عليهما شي‌ء ، وإن كانت لم تطف ، فقد روى معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه‌السلام : انّ على الرجل دما يهرقه عنها (١).

٢٤٨٣. السادس : لو أحصر فبعث بهديه ، ثمّ احتاج إلى الحلق لأذى ، قبل أن يبلغ الهدي محلّه ، جاز له الحلق ، ويكفّر بالنسك أو الصيام أو الصدقة.

٢٤٨٤. السابع : لو قلع ضرسه مع الحاجة ، لم يكن عليه شي‌ء ، وإن كان لا معها ، وجب عليه دم شاة ؛ قاله الشيخ (٢) لرواية مرسلة (٣).

__________________

(١) التهذيب : ٥ / ٣٢٣ برقم ١١٠٩.

(٢) النهاية : ٢٣٥ ؛ المبسوط : ١ / ٣٥٠ ؛ التهذيب : ٥ / ٣٨٥ في ذيل الحديث ١٣٤٣.

(٣) التهذيب : ٥ / ٣٨٥ برقم ١٣٤٤.

٧١
٧٢

المقصد الثاني عشر : في الحصر والصدّ والفوات

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في الصدّ

وفيه أربعة وعشرون بحثا :

٢٤٨٥. الأوّل : الحصر هو المنع عن تتمّة أفعال الحجّ بالمرض خاصّة ، والصدّ بالعدوّ.

٢٤٨٦. الثاني : إذا تلبّس الحاجّ بالإحرام وصار محرما ، ثمّ صدّ عن الوصول إلى مكّة ، ولا طريق سواه ، أو كان لكن قصرت نفقته عنها ، تحلّل سواء كان الإحرام للحجّ أو العمرة.

٢٤٨٧. الثالث : لو كان له طريق سوى موضع الصدّ ، ومعه نفقة تكفيه ، وجب عليه سلوكها ، ولم يجز له التحلّل ، سواء بعدت أو قربت ، خاف الفوات أو لا ، لأنّه انّما يجوز التحلّل بالصدّ لا بخوف الفوات ، وهو غير مصدود عن الأبعد ، فيسلكه ويمضي في إحرامه ، فإن كان محرما بعمرة لم يفت ، وإن كان بحجّ ،

٧٣

صبر حتّى يتحقق الفوات ، ثمّ يتحلّل بعمرة ، فليس له التحلّل والإتيان بالعمرة بمجرّد خوف الفوات.

فإذا مضى على تلك الطريق وأدرك الحجّ أتمّه ، وإن فاته تحلّل بعمرة ، ولو قصرت نفقته ، جاز له التحلّل ، وكذا لو لم يكن طريق سوى موضع الصدّ ، فانّه يحلّ ويرجع إلى بلده.

٢٤٨٨. الرابع : انّما يتحلّل المصدود بالهدي ونيّة التحلّل معا ، ولو نوى التحلّل قبل الهدي لم يتحلّل ، وكان على إحرامه حتّى ينحر الهدي ، ولا فدية عليه في نيّة التحلّل ، فإن فعل شيئا من المحظورات قبل الهدي ، فعليه الفداء.

٢٤٨٩. الخامس : لا بدل لهدي التحلّل ، فلو عجز عنه وعن ثمنه ، لم ينتقل إلى غيره ، وبقي على إحرامه ، ولو تحلّل لم يحلّ.

٢٤٩٠. السادس : هل يجب عليه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدي؟ فيه تردّد مع قرب الوجوب.

٢٤٩١. السابع : خصّ بعض أصحابنا وجوب الهدي بالمحصور لا بالمصدود ، وقوّاه ابن إدريس (١) والأقرب الأوّل.

٢٤٩٢. الثامن : لو ساق المصدود في إحرامه هديا قبل الصدّ ثمّ صدّ ، هل يكفيه هدي السياق عن هدي التحلّل؟

قولان : أحدهما الإجزاء ، وهو الأقرب.

٢٤٩٣. التاسع : لا يتعيّن مكان لنحر هدي التحلّل في المصدود ، بل يجوز

__________________

(١) السرائر : ١ / ٦٤١.

٧٤

نحره موضع الصدّ ، سواء كان حلّا أو حرما ، ولو قدر على الحرم ، ففي وجوب البعث إليه تردّد.

٢٤٩٤. العاشر : وكما لا يتعيّن بمكان ، فكذا لا يختص بزمان ، بل متى صدّ جاز الذبح في الحال والإحلال.

٢٤٩٥. الحادي عشر : إذا منع عن الوصول إلى مكّة قبل الموقفين ، فهو مصدود ، وكذا لو صدّ عن الوقوف بالموقفين. قال الشيخ : وكذا لو منع من إحدى الموقفين (١). أمّا لو منع عن رمي الحجار والمبيت بمنى ، لم يكن مصدودا ، وتمّ (٢) حجّه فيتحلّل ويستنيب من يرمي عنه.

ولو منع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة والسعي ، كان له أن يتحلّل وأن يبقى على إحرامه ، فإن بقي ولحق أيّام منى ، رمى وحلق وذبح ، وإلّا أمر من ينوب عنه ، فإذا تمكّن ، رجع إلى مكّة فطاف طواف الحجّ وسعيه ، وقد تمّ حجّه ولا قضاء ، وإن تحلّل كان عليه الحجّ من قابل.

ولو تمكّن من البيت (٣) وصدّ عن الموقفين أو أحدهما ، جاز له التحلّل والبقاء ، فإن أقام على إحرامه حتّى فاته الوقوف ، فاته الحجّ ، وتحلّل بعمرة ، ولا دم عليه لفوات الحجّ ، وهل يجوز له أن يفسخ نيّة الحجّ ويجعل عمرة قبل الفوات؟ فيه إشكال.

ولو طاف وسعى للقدوم ، ثم صدّ حتى فاته الحجّ ، طاف وسعى ثانيا لعمرة

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٣٣.

(٢) في «أ» : وأتمّ.

(٣) في «ب» : «من المبيت» والصحيح ما في المتن.

٧٥

أخرى ، ولا يجتزئ بالطواف الأوّل وسعيه ، لأنّه لم يقصد به طواف العمرة ولا سعيها ، ويجتزئ بالإحرام الأوّل.

٢٤٩٦. الثاني عشر : إذا تحلّل وفاته الحجّ ، وجب عليه القضاء في العام القابل إن كان الفائت واجبا ، وإلّا فلا ، وكذا العمرة.

٢٤٩٧. الثالث عشر : لا فرق بين الصدّ العامّ والخاص (١) ، ولو حبس بدين ، وهو قادر على أدائه ، لم يكن مصدودا ، ولم يجز له التحلّل ، ولو كان عاجزا عنه ، تحلّل وكان مصدودا. وكذا يتحلّل لو حبس ظلما.

ولو كان عليه دين يحلّ قبل قدوم الحاجّ ، فقدم الحاجّ فمنعه صاحب الدين من الحجّ ، كان له التحلّل.

٢٤٩٨. الرابع عشر : لو أحرم العبد بغير إذن سيّده ، أو الزوجة تطوّعا بغير إذن زوجها ، كان للمولى أو الزوج منعهما من إتمام الحجّ ، ولا دم عليهما.

٢٤٩٩. الخامس عشر : يستحبّ له تأخير الإحلال لجواز زوال العذر فإذا أخّر وزال العذر قبل تحلّله ، وجب عليه المضيّ في إتمام نسكه ، ولو خشي الفوات لم يتحلّل وصبر ، حتّى يتحقّق ثمّ يتحلّل بعمرة ، ولو صابر ففات الحجّ ، لم يكن له أن يتحلّل بالهدي ، ووجب عليه أن يتحلّل بعمرة ، وعليه القضاء إن كان واجبا وإلّا فلا.

ولو فات الحجّ ثمّ زال الصدّ بعده ، فعليه أن يتحلّل بعمرة ولا دم

__________________

(١) قال في التذكرة : لا فرق بين الصدّ العام ـ وهو الّذي يصدّه المشركون وأصحابه ـ وبين الصدّ الخاص كالمحبوس بغير حقّ ومأخوذ اللصوص وحده التذكرة : ٨ / ٣٩٤.

٧٦

عليه لفوات الحجّ.

٢٥٠٠. السادس عشر : لو غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبل الفوات ، جاز له التحلّل (ويجب عليه دم التحلّل) (١) ويستحبّ البقاء على الإحرام ، فإن انكشف العدوّ أتمّ ، ولو اتّفق الفوات أحلّ بعمرة.

٢٥٠١. السابع عشر : لو صدّ فأفسد حجّه ، جاز له التحلّل ، ووجب عليه دم التحلّل وبدنة للإفساد والقضاء.

٢٥٠٢. الثامن عشر : يستحبّ للمحرم أن يشترط على ربّه حال الإحرام كما بيّناه ، فإذا شرط أن يحلّ متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفدت أو منعه ظالم أو غير ذلك من الموانع ، فانّه يحلّ متى وجد ذلك إجماعا.

وهل يسقط الهدي؟ قال الشيخ : لا (٢) ، وقال المرتضى : «يسقط» (٣). ولا تأثير للشرط في سقوط الحجّ من قابل مع وجوبه.

٢٥٠٣. التاسع عشر : ينبغي أن يشترط ما له فائدة ، مثل أن يقول : إن مرضت أو فنى مالي ، أو ضاق عليّ الوقت ، أو منعني العدوّ ، ولو قال : أن تحلّني حيث شئت ، فليس له ذلك.

ولو قال : أنا أرفض إحرامي وأحلّ ، فلبس الثياب وذبح الصيد ، وعمل ما يعمل الحلال من غير صدّ أو حصر أو إتمام ، لم يحلّ ، ووجبت عليه عن

__________________

(١) ما بين القوسين موجود في «ب».

(٢) الخلاف : ٢ / ٤٣١ ، المسألة ٣٢٤ من كتاب الحجّ.

(٣) الانتصار : ١٠٤.

٧٧

كلّ فعل كفّارة ، وليس عليه لرفضه للإحرام شي‌ء.

٢٥٠٤. العشرون : الصادّ لأهل الحجّ إن كانوا مسلمين ، فالأولى الانصراف عنهم ، إلّا ان يدعو الإمام أو من نصبه إلى قتالهم ، ويجوز من غير دعاء ، وإن كانوا مشركين ، لم يجب قتالهم.

قال الشيخ : ولا يجوز أيضا ، سواء كانوا قليلين أو كثيرين ، أو المسلمون أقلّ أو أكثر (١) ، مع أنّه قال : في جانب المسلمين : الأولى ترك قتالهم (٢) ، وهو مشعر بجوازه.

والأولى استحبابه مع الظنّ بالظفر.

٢٥٠٥. الواحد والعشرون : لو احتاج الحاجّ إلى لبس السلاح وما يجب فيه الفدية لأجل الحرب ، جاز وعليه الفدية. ولو قتلوا أنفسا أو أتلفوا أموالا ، فلا ضمان.

فإن كان هناك صيد فقتله الحاجّ ، فإن كان لأهل الحرب ، ففيه الجزاء دون القيمة ، وإن كان لمسلم أو لا لمالك ، كان فيه الجزاء والقيمة.

٢٥٠٦. الثاني والعشرون : لو بذل العدوّ الطريق وهم معروفون بالعذر ، جاز الانصراف ، وإلّا وجب السلوك ، ولو طلب العدوّ مالا على بذل الطريق وهم غير مأمونين ، لم يجب قطعا.

وإن كانوا ممّن يوثق بقولهم ، فإن كان المال كثيرا ، كره بذله ، وإن كان

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ١ / ٣٣٤.

٧٨

قليلا ، قال الشيخ : لا يجب بذله وجاز التحلل (١).

٢٥٠٧. الثالث والعشرون : إذا تحلّل المصدود قضى ما وجب عليه خاصة ، فإن كان حجّا ، لم يجب عليه عمرة بل الحجّ ، وكذا بالعكس.

٢٥٠٨. الرابع والعشرون : الصدّ قد يتحقق في العمرة.

الفصل الثاني : في المحصور

وفيه ثمانية مباحث :

٢٥٠٩. الأوّل : الحصر هو المنع بالمرض عن مكّة أو عن الموقفين ، فمتى منع الحاج ، بعث هديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح ، فإن كان قد ساق هديا ، بعث ما ساقه ، وإلّا بعث هديا أو ثمنه.

ولا يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه ، وهو منى إن كان حاجّا ، ومكّة إن كان معتمرا ، فإذا بلغ الهدي محلّه ، قصّر من شعر رأسه ، وأحلّ من كل شي‌ء إلّا من النساء إلى أن يطوف للنساء في القابل إن كان واجبا ، أو يأمر من يطوف عنه إن كان الحجّ ندبا ، فتحلّ له النساء حينئذ.

٢٥١٠. الثاني : لو وجد المحصور من نفسه خفّة بعد أن يبعث هديه ، وأمكنه المسير إلى مكّة ، فليلحق (٢) بأصحابه ، فإن أدرك أحد الموقفين في وقته ، فقد

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٣٣٤.

(٢) في «أ» : فليلتحق.

٧٩

أدرك الحجّ ، وليس عليه الحجّ من قابل ، وإن لم يدركهما ، فاته الحجّ ، وقضاه.

٢٥١١. الثالث : إذا لم يبعث الهدي بعث الثمن ، وواعد أصحابه ليشتروه ويذبحوه يوم المواعدة ، ويبقى على إحرامه إلى ذلك اليوم ، فيقصّر ويحلّ من كلّ شي‌ء إلّا النساء ، فلو ردّوا عليه الثمن ، ولم يكونوا وجدوا الهدي ، أو وجدوه ولم يشتروه ، ولا ذبحوه عنه ، لم يبطل تحلّله ، ووجب عليه أن يبعث به في العام المقبل ، ليذبح عنه في موضع الذبح ، قال الشيخ : ويجب عليه أن يمسك عمّا يمسك عنه المحرم إلى أن يذبح عنه (١). ومنع ابن إدريس ذلك كل المنع (٢).

قال الشيخ : ومن بعث بهدي تطوعا من أفق من الآفاق ، فليواعد أصحابه يوما بعينه بإشعاره وتقليده وذبحه ، ثم ليجتنب ما يجتنبه المحرم من النساء والثياب والطيب وغيرها يوم المواعدة ، إلّا أنّه لا يلبّي (٣) ، فإن فعل شيئا ممّا يحرم عليه ، كانت عليه الكفارة ، كما يجب على المحرم سواء ، فإذا كان يوم المواعدة بالذبح ، أحلّ (٤) ومنع ابن إدريس ذلك (٥).

٢٥١٢. الرابع : المحصور إذا احتاج إلى حلق رأسه لأذى ، ساغ له ، وفداه.

٢٥١٣. الخامس : لا فرق في حكم الإحصار بين الحاجّ والمعتمر ، ويقضيان الحجّ والعمرة مع وجوبهما ، وإلّا نفلا.

ولو كان المحصور قد أحرم بالحجّ قارنا ، لم يكن له أن يحجّ في القابل إلّا

__________________

(١) النهاية : ٢٨٢.

(٢) السرائر : ١ / ٦٣٩.

(٣) في «أ» : يوم المواعدة بالإشعار إلّا أنّه لا يلبّي.

(٤) النهاية : ٢٨٣ ؛ التهذيب : ٥ / ٤٢٣ في ذيل الحديث ١٤٧٠.

(٥) السرائر : ١ / ٦٤٢.

٨٠