تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

وليس للمرتهن منعه ، لكنّها تأوى ليلا إلى يد عدل يرتضيانه ، أو الحاكم ، ولو أراد المرتهن نقلها مع الجدب ، جاز ، ولو أراد الانتقال ، واختلفا ، كان قول الراهن أولى.

وللراهن ختن العبد وخفض الجارية في الزمان المعتدل ، وليس للمرتهن منعه إلّا أن يكون الدّين يحلّ قبل برئهما ، وينقص ثمنهما بذلك ، فله المنع.

ولا يجبر الراهن على مداواة العبد ، لعدم تحقّق أنّه سبب لبقائه ، وقد يبرأ بغيره ، ولو أراد المداواة بما لا ضرر فيه ، لم يكن للمرتهن منعه ، وإلّا كان له ذلك.

ولو أراد المرتهن مداواته مع عدم الضرر لم يكن للراهن منعه وليس له الرجوع على الراهن ، ولو تحقّق الضرر ، لم يكن له.

ولو أراد الراهن تأبير النخل لم يكن للمرتهن منعه ، وما يحصل من ليف وسعف يابس (١) لا يتعلّق به حقّ الرهن ، لقيام المتجدّد منهما مقامه ، ولو كانت النخل والشجر مزدحمة ، وحكم أهل الخبرة بالتحويل ، جاز ، ولو جفّ منها شي‌ء ، كان رهنا ، بخلاف السّعف.

٣٧٦١. الثالث والثلاثون : لو ادّعى اثنان على رجل الرّهن والتسليم ، فالقول قول الراهن مع يمينه ، سواء كان في يده أو يدهما أو يد أحدهما ، ولو كانت مع أحدهما بيّنة حكم بها ، وإن كانت معهما بيّنتان متساويتان ، أقرع بينهما. ولو صدّق أحدهما كان رهنا عنده ويحلف للآخر ، فإن نكل أحلف الآخر وأخذت القيمة رهنا.

ولو صدّقهما وأقرّ بالسبق لأحدهما ، فإن كان في يده ، أو يد عدل ، أو يد

__________________

(١) السعف : جريد النخل وورقه. المعجم الوسيط : ١ / ٣٩١.

٥٠١

المقرّ له ، كان رهنا عند المقرّ له ، والأقرب إحلافه للآخر ، فإن نكل أحلف الآخر ، وأخذ القيمة رهنا ، ولو كان في يد الآخر فالمقرّ له أولى أيضا ، ولو كان في يدهما فكذلك.

وإن قال : لا أعلم ، وصدّقاه ، انفسخ العقد مع عدم البيّنة ، وإن كذّباه ، فالقول قوله مع اليمين ، فيكون كما لو صدّقاه ، ولو نكل حلفا ، وينفسخ العقد ، ويحتمل القسمة.

٣٧٦٢. الرابع والثلاثون : لو رهن الأصل والثمرة صحّ ، وإن كان الدّين مؤجّلا تدرك الثمرة قبل حلوله ، فإن كانت تجفّف ، فعل بها ذلك ، وإلّا باعها ، وكان الثمن رهنا ، وكذا لو رهن الثمرة منفردة ، سواء كانت مؤبّرة أو لا ، وسواء شرط القطع أو لا ، وكذا كلّ زرع قبل إدراكه أو بعده.

ولو رهن ما يخرج على التعاقب ، كالباذنجان والخيار ، صحّ رهن الخارج ، سواء كان الدّين حالا ، أو مؤجّلا إلى أجل يحلّ قبل حدوث الثانية ، أو بعده مع التميّز وعدمه ، فإذا طرأت الثانية واختلطت ، فإن سمح الراهن برهن الجميع ، أو اتّفقا على قدر الرهن ، فلا بحث ، وإلّا كان القول قول الراهن مع يمينه ، وكذا البحث في رهن الخرطة (١) ممّا يخرط ، والجزّة ممّا يجزّ.

ومئونة الثمرة من السقي ، والحافظ ، وأجرة الصلاح والجذاذ والتشميس على الراهن ، مثل مئونة الحيوان ، وليس لأحدهما قطعها قبل بدوّ صلاحها إلّا باتفاق صاحبها (٢) إلّا أن يريد قطع بعضها للتخفيف عن الأصول ، أو لدفع الفساد ،

__________________

(١) خرط الورق : قشره عن الشجرة والمراد ما إذا كان ورق الشجرة رهنا كالحناء وغيره.

(٢) في «ب» : الّا باتفاق من صاحبه.

٥٠٢

أو لازدحام بعضها مع بعض ، وإن كان بعد إدراكها جاز ، وأجبر الممتنع إذا كان فيه مصلحة لها.

ولو احتاجت إلى موضع تجفّف فيه ، كانت أجرة ذلك الموضع على الراهن ، ولو أراد المرتهن دفع ما يخرج عليها ويكون الرهن على الجميع جاز مع الاتّفاق ، ولو كان الراهن غائبا تولّى الحاكم أمرها ، فإن أنفق المرتهن بغير إذنه ، لم يرجع مع القدرة عليه ، وإلّا فالأقرب الرجوع مع إشهاد عدلين.

٣٧٦٣. الخامس والثلاثون : الرهن في يد المرتهن أمانة لا يضمنه إلّا بالتفريط أو التعدّي ، ولا يسقط بتلفه شي‌ء من حقّه ، ولو كان الدّين أقلّ من قيمته لم يضمن الفاضل ، وسواء كان ممّا يخفى هلاكه ، كالذهب والفضّة ، أو لا يخفى ، كالحيوان أو العقار.

ولو قضاه الدّين وطالبه باستعادة الرّهن ، فإن أخّره لعذر ، لم يضمن ، وإن كان لغيره ، ضمن أكثر ما كانت قيمته من حين المنع إلى حين التلف ، ومع القضاء أو الإبراء من الدّين ، يبقى أمانة غير مضمونة.

ولو استعار المرتهن الرهن من الراهن لينتفع به ، لم يضمنه ، ولو أتلفه المرتهن أو أجنبيّ ألزم القيمة ، ولا يكون وكيلا في القيمة لو كان وكيلا في الأصل.

٣٧٦٤. السادس والثلاثون : لو ادّعى المرتهن هلاك الرّهن ، فالقول قوله مع اليمين ، ولو ادّعى ردّه على الراهن ، لم يقبل إلّا بالبيّنة ، ولو بان استحقاق الرهن ، ردّه المرتهن على مالكه ، وبطل الرهن ، ولو تلف ضمنه المرتهن لمستحقّه مع التعدّي أو التفريط ، ولا يرجع على الراهن بما يأخذه المالك ، وللمالك الرجوع

٥٠٣

على الراهن فيرجع على المرتهن ، ولو لم يفرط المرتهن فالوجه جواز رجوع المالك عليه ، ويرجع على الراهن ، لغروره ، ولو رجع على الراهن لم يرجع عليه.

ولو أسلم في طعام ، وأخذ به رهنا ، وتقايلا ، برئت ذمّة المسلم إليه من الطعام ، ووجب عليه ردّ مال المسلم ، وبطل الرّهن ، وليس له حبسه على رأس المال ، ولو أعطاه به عينا أخرى جاز ، ولو أقرضه ألفا برهن ، فأخذ بالقرض عينا ، سقط الدين عن ذمّته ، وبطل الرهن ، فإن تلفت العين في يد المقترض ، انفسخ العقد ، وعاد القرض والرهن.

٣٧٦٥. السابع والثلاثون : إذا مات المرتهن ولم يعلم الورثة الرهن ، كان كسبيل ماله حتّى تقوم البيّنة به ، ولو مات الراهن أو أفلس ، كان المرتهن أحقّ باستيفاء دينه من غيره من الغرماء ، ولو أعوز ضرب مع الغرماء بالفاضل.

٣٧٦٦. الثامن والثلاثون : إذا تصرّف المرتهن بركوب ، أو سكنى ، أو إجارة ، ضمن وعليه الأجرة ، ولو كان للرهن مئونة كالدّابة ، أنفق عليها وتقاصّا.

٣٧٦٧. التاسع والثلاثون : يجوز للمرتهن استيفاء دينه ممّا في يده إن خاف جحود الوارث ، ولا بيّنة له ، ولو اعترف بالرهن ، وادّعى دينا ، لم يقبل قوله إلّا بالبيّنة ، وله إحلاف الوارث إن ادّعى علمه.

٣٧٦٨. الأربعون : لو رهنه حبّا فزرعه ، أو بيضة فأحضنها فصارت فرخا ، كان الملك والرهن باقيين.

٣٧٦٩. الواحد والأربعون : إذا مات المرتهن انتقل حقّ الرهانة إلى الوارث ، وللراهن الامتناع من تسليمه إليه ، فإن اتّفقا على أمين ، وإلّا دفعه الحاكم إلى من يرتضيه.

٥٠٤

٣٧٧٠. الثاني والأربعون : إذا اختلفا فقال أحدهما : هو وديعة ، وقال الممسك : هو رهن ، فالقول قول المالك على خلاف.

٣٧٧١. الثالث والأربعون : لو اكترى المرتهن الرهن من صاحبه ، أو أعاره ، لم ينفسخ الرهن ، سواء كان قبل القبض أو بعده ، وكذا لو كان من غير صاحبه ، لكنّه يكون حراما إلّا بإذن الراهن ، والأجرة للراهن ، ولو اكترى شيئا ثمّ ارتهن الرقبة ، ثمّ أكراه ، أو أوصى له بمنفعة عين ثمّ ارتهنها ، ثمّ آجرها ، لم ينفسخ الرهن ، وكان الكراء صحيحا.

ولو رهن عند شريكه ، ثمّ باع ، فطلب الشريك الشفعة ، ففي كونه إجازة للبيع نظر ، ينشأ من كون الطلب موقوفا على صحّة البيع المتوقّفة على الإجازة ، ومن كون الإجازة رضا بالبيع ، فتبطل الشفعة.

٣٧٧٢. الرابع والأربعون : لو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل ، فإن شرط البيع جاز ، وإلّا بطل عند الشيخ (١) والأقوى عندي الجواز ، ويجبر على بيعه ، ويكون الثمن رهنا.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢١٥ ـ ٢١٦ ؛ والخلاف : ٣ / ٢٤١ ، المسألة ٣٨ من كتاب الرهن.

٥٠٥
٥٠٦

المقصد الثالث : في المفلّس

وفيه فصول

[الفصل] الأوّل : في الشروط

وفيه سبعة مباحث :

٣٧٧٣. الأوّل : الفلس لغة مأخوذة من الفلوس الّتي هي أخسّ مال الرجل ، وفي الشرع اسم لمن عليه ديون لا يفي ماله بها ، ومنع من التصرّف في ماله.

ولا يتحقّق الحجر إلّا بشروط أربعة : ثبوت ديونه عند الحاكم ، وحلولها ، وقصور أمواله عنها ، والتماس الغرماء أو بعضهم الحجر.

٣٧٧٤. الثاني : لو سأل غرماؤه الحجر لم يحجر عليه إلّا بعد ثبوت ديونهم عنده. ويثبت بالبيّنة أو اعترافه ، فإذا ثبتت الديون لم يحجر عليه حتّى ينظر في ماله هل يفي بديونه أم لا؟ فينظركم عليه من الدّيون ، ويقوّم ماله بذلك ، فإذا قصرت حجر عليه ، ويستحبّ أن يظهر الحجر عليه لتجتنب معاملته.

٣٧٧٥. الثالث : تقوّم الأعيان الّتي أثمانها عليه ، وتحتسب من أمواله ، وإن كان لأربابها الرجوع فيها ، لأنّ أربابها بالخيار فيه.

٥٠٧

٣٧٧٦. الرابع : إذا قوّم الحاكم أمواله ووجدها قاصرة عن الدّيون الحالّة ، أجيب من طلب الحجر ، سواء كان بعض الغرماء أو جميعهم ، ولو كانت أمواله تفي بالدّيون ، ولم تظهر أمارات الفلس ، مثل أن تكون نفقته في كسبه ، أو ربح رأس ماله ، لم يحجر عليه إجماعا ، بل يؤمر بقضاء الدّيون ، فإن امتنع حبسه ، أو باع عليه ماله ، وإن ظهرت أمارات الفلس ، مثل أن تكون نفقته من رأس ماله ، لم يحجر عليه ، وإن سأل الغرماء.

٣٧٧٧. الخامس : لو ظهر للحاكم الفلس لم يحجر عليه تبرّعا حتّى يسأل الغرماء ذلك ، ولو سأل المفلّس الحجر عليه ، لم يجز للحاكم إجابته إلى ذلك ، إلّا بعد مسألة الغرماء.

٣٧٧٨. السادس : انّما يحجر على المفلّس إذا قصرت أمواله عن الدّيون الحالّة ، أمّا المؤجّلة فلا ، فلو وفت أمواله بالحالّة وقصرت عنها (١) لم يحجر عليه ، ولو قصرت عن الحالّة ، فحجر عليه ، لم يشارك صاحب الدين المؤجّل ، ولا قسم له ، إلّا أن يحلّ قبل القسمة ، ولا تحلّ الدّيون المؤجّلة بالحجر ، وإن حلّت بالموت.

٣٧٧٩. السابع : إذا حجر الحاكم عليه ، تعلّق به أحكام أربعة : منعه عن التصرّف في ماله ، وبيع أمواله وقسمتها ، والمنع عن حبسه ، واختصاص كلّ غريم بعين ماله.

__________________

(١) الضمير يعود إلى الديون المؤجّلة. وفي المطبوع : «عنهما».

٥٠٨

الفصل الثاني : في منعه عن التصرّفات

وفيه ثلاثة عشر بحثا :

٣٧٨٠. الأوّل : يمنع المفلّس من كلّ تصرّف مبتدأ يصادف المال الموجود وقت الحجر ، كالعتق ، والرهن ، والبيع ، والكتابة ، أمّا ما لا يصادف المال ، كالنكاح ، والخلع ، واستيفاء القصاص ، والعفو عنه ، والإقرار بالنسب ، ونفيه باللّعان ، والاحتطاب ، والاستيهاب ، وقبول الوصيّة ، فانّه ماض.

٣٧٨١. الثاني : إذا تصرّف تصرّفا يصادف المال عند الحجر ، كان باطلا ، ولم يكن موقوفا ، ولا فرق في البطلان بين التصرّف بعوض ، كالبيع ، والإجارة ، أو بغير عوض ، كالهبة ، والعتق ، والوقف ، وسواء كان العوض مثل المعوّض ، أو أزيد ، أو أقصر.

ولو أقرضه إنسان بعد الحجر ، أو باعه بثمن في الذمّة ، كان المال ثابتا في ذمّته ، ولم يشارك صاحبه الغرماء.

٣٧٨٢. الثالث : إذا أقرّ بدين أضافه إلى ما قبل الحجر ، قبل قوله ، وشارك المقرّ له الغرماء ، وهل يفتقر إلى يمين؟ فيه إشكال ، ولو كذّبه الغرماء ، وقلنا بوجوب اليمين ، حلف ، فإن نكل ففي إحلاف الغرماء على المواطاة ، أو المقرّ له إشكال ، ولو أقرّ بعين في يده ، دفعت إلى المقرّ له ، سواء كان هناك وفاء للباقين أو لا.

٣٧٨٣. الرابع : لو لزمه دين بعد الحجر باختيار صاحبه ، كالقرض ، والبيع ،

٥٠٩

لم يضرب به مع الغرماء ، سواء علم صاحب المال بالحجر أو لا ، وإن لم يكن باختياره ، كإتلاف مال ، أو جناية ، شارك من وجب له باقي الغرماء ، ولو ادّعى عليه مال فجحده ، فأقام المدّعي بيّنة ، شارك ، ولو عدم البيّنة كان على المفلّس اليمين ، فإن نكل حلف المدّعي وثبت الدّين ، وشارك ، كالإقرار.

٣٧٨٤. الخامس : لو جني عليه خطأ ، تعلّقت الدّيون بالدّية ، وليس له العفو ، ولو كان عمدا ثبت له القصاص ، وله العفو على غير مال ، وليس للغرماء منعه ، وله العفو على مال ، فتتعلّق به الدّيون ، ولو عفا مطلقا ، سقط القصاص والمال.

٣٧٨٥. السادس : لو شهد له عدل بمال ، جاز له أن يحلف ليثبته ، فيتعلّق به حقّ الغرماء ، ولو امتنع لم يكن للغرماء أن يحلفوا ، وكذا لا يحلف غرماء الميّت مع الشاهد الواحد بحقّ له.

٣٧٨٦. السابع : لو وهب قبل الحجر ، وشرط الثواب(١) جاز ، فإن عيّنه ، فلا بحث ، وإن أطلق ، احتمل (٢) وجوب قيمة الموهوب ، فلا يمضى قبول المفلّس للأقلّ ، وما جرت به العادة أن يثاب بمثله ، فليس له أن يرضى بدونه ، وما يرضى به الواهب فيكون له ما يرضاه وإن قلّ ، ولا اعتراض للغرماء.

٣٧٨٧. الثامن : إذا تبايعا بخيار ، وحجر عليهما قبل انقضائه ، كان لكلّ منهما إجازة البيع وفسخه من غير اعتراض ، وكذا لو حجر على أحدهما وله خيار ، سواء كان الحظّ في تصرّفه أو لا ، ولو كان له حقّ من سلم وغيره ، لم يكن له قبضه أقلّ أو أدون صفة إلّا برضاء الغرماء.

__________________

(١) أي العوض.

(٢) احتمل المصنّف أمورا ثلاثة : ١ ـ وجوب قيمة الموهوب. ٢ ـ ما جرت به العادة. ٣ ـ ما يرضى به الواهب. وبذلك تتّضح العبارة. ولاحظ التذكرة : ٢ / ٥٥ ـ الطبعة الحجرية ـ.

٥١٠

٣٧٨٨. التاسع : إذا آجر دارا ثم أفلس وحجر عليه ، لم يكن له ولا لغرمائه فسخ الإجارة ، فإن اختار الغرماء الصّبر في البيع حتّى تنقضي مدّة الإجارة جاز ، فلو انهدمت الدار في الاثناء ، انفسخت الإجارة في المتخلّف ، ويرجع المستأجر بحصّته من الأجرة يشارك الغرماء ، إن لم يجد عين ماله ، ولو كان الغرماء قد اقتسموا ، ففي فسخ القسمة إشكال.

ولو طلب الغرماء البيع في الحال جاز ، وتمّت الإجارة على حالها ، ولو اختلف الغرماء في البيع والصبر ، قدّم طالب البيع.

٣٧٨٩. العاشر : لو اشترى بالعين لم ينعقد ، ولو اشترى في الذمّة جاز ، ولا يشارك البائع الغرماء ، ولا يتعلّق بعين متاعه ، سواء علم بالحجر أو لا.

ولو اشترى قبل الحجر ، جاز له ردّه بعده بالعيب ، مع الغبطة لا بدونها.

٣٧٩٠. الحادي عشر : لو أقرّ بمال وجهل السّبب ، لم يشارك المقرّ له الغرماء ، ولو قال : هذا المال مضاربة لغائب ، احتمل قبول قوله مع اليمين ، ويقرّ في يده ، ولو قال : لحاضر ، وصدّقه ، كان للمقرّ له ، وإن كذّبه ، كان للغرماء.

٣٧٩١. الثاني عشر : لو تجدّد له مال بعد الحجر ، تعلّق الحجر به ما لم يف بالحقوق.

٣٧٩٢. الثالث عشر : لو كان عليه دين مؤجّل ، لم يحلّ بالحجر ، ولا حقّ لصاحبه في أعيان أمواله ، بل تقسّم على باقي الغرماء ، فإذا حلّ الأجل بعد فكّ الحجر عليه ، ابتدئ الحجر عليه إن كان في يده شي‌ء لا يفي بما عليه.

ولو مات وعليه دين مؤجّل ، حلّ أجل ما عليه ، سواء كان الميّت محجورا عليه أو لا ، وسواء وثق الورثة أو لا ، ولو كان له مال مؤجّل ، لم يحلّ بموته.

٥١١

الفصل الثالث : في اختصاص الغريم بعين ماله

وفيه سبعة وعشرون بحثا :

٣٧٩٣. الأوّل : من وجد من الغرماء عين ماله ، كان أحقّ به ، إذا كان حيّا ، سواء كان هناك وفاء للباقين أو لم يكن ، ولصاحب السلعة أن يضرب مع الغرماء ، فلو اشترى سلعة ، وأفلس بثمنها ، وحجر الحاكم ، كان البائع أحقّ بسلعته ، إن شاء أخذها ، وإن شاء ضرب مع الغرماء بالثمن.

ولو مات المفلّس (١) فإن كان هناك وفاء كان لصاحب المال أن يأخذ عين ماله ، وأن يضرب مع الغرماء ، وإن لم يكن هناك وفاء لم يكن له الاختصاص ، ولا فرق بين أن يموت بعد الحجر عليه أو قبله ، فإنّ الموت بمنزلة الحجر مع الوفاء.

٣٧٩٤. الثاني : تخيير المالك بين أخذ العين والضرب مع الغرماء ، قيل : على الفور(٢) ولو قيل : إنّه على التراخي كان وجها ، ومع اختيار العين ، يثبت له ، سواء كانت السلعة متساوية لثمنها ، أو أكثر ، أو أقلّ.

ولا يفتقر الفسخ إلى حكم حاكم ، ولا معرفة المبيع ، ولا القدرة على تسليمه ، ولا امتيازه من غيره ، فلو رجع في الغائب بعد مضيّ مدّة يمكن التغيّر فيها ، صحّ ، فإن بان تالفا وقت الرجوع بطل ، وضرب بالثمن مع الغرماء ، ولو رجع

__________________

(١) في «ب» : ولو مات الغريم.

(٢) لاحظ جواهر الكلام : ٢٥ / ٢٩٨ ؛ والمغني لابن قدامة : ٤ / ٤٥٧.

٥١٢

في الآبق ، أو البعير الشارد ، صحّ ، فإن قدر عليه ، أخذه ، وان تلف ، كان من ماله ، إلّا أن يكون التلف قبل الرجوع ، ولو رجع واشتبه بغيره ، فقال البائع : هذا المبيع ، فقال المفلس : هذا ، فالقول قول المفلّس.

٣٧٩٥. الثالث : لو اشترى شقصا ممّا تجب فيه الشفعة ، ثمّ أفلس وحجر عليه الحاكم ، ثمّ علم الشريك بالبيع ، وأراد الأخذ بالشفعة ، وأراد البائع الرجوع في الشقص ، دفع إلى الشفيع ، وكان الثمن أسوة بين الغرماء لا يختصّ به البائع.

٣٧٩٦. الرابع : لو أراد الغرماء أو وارث الميّت دفع الثمن منهم ، أو خصّوه به من باقي مال المفلّس أو التركة ، لم يجبر البائع على القبول ، وكان له الرجوع في العين ، ولو دفعوا إلى المفلّس ثمنا ، فبذله للبائع ، لم يكن له الفسخ ، وكذا لو أسقط سائر الغرماء حقوقهم ، فملك أداء الثمن ، أو وهب له مال أمكنه الأداء منه ، أو غلت أمواله حتّى وفت بالدّيون.

٣٧٩٧. الخامس : إذا وجد البائع السلعة بحالها ، تخيّر بين تركها والضرب مع الغرماء بثمنها لا بقيمتها ، وبين أخذها ، وإن وجدها ناقصة نقصا يقابله عوض ، ويصحّ إفراده بالبيع ـ كما لو وجد عبدا من عبدين ، أو بعض الثوب ـ تخيّر بين ترك الباقي والضرب مع الغرماء ، وبين أخذ الباقي بحصّة من الثمن والضرب بما يبقى من الثمن ، وإن لم يقابله عوض ، مثل أن يسقط بعض أطراف العبد ، فان لم يجب في مقابلته الأرش بأن يسقط بفعل الله تعالى ، أو بفعل المشتري تخيّر بين أخذ العين ناقصة بجميع الثمن ، وبين تركها والضرب بجميعه.

وإن وجب في مقابلته الارش ، بأن يحصل بجناية أجنبيّ ، تخيّر بين تركه والضرب بجميع الثمن ، وبين الرجوع فيه والضرب بحصّة ما نقص من

٥١٣

الثمن ، فينظر كم نقص من قيمته ، فيرجع بذلك الجزء من الثمن ، لا من القيمة.

وإن وجدها زائدة زيادة منفصلة ، تخيّر بين الرجوع في العين خاصّة دون الزيادة ، وبين الضرب بالثمن ، وإن كانت متّصلة ، قال الشيخ : تكون تابعة للأصل إن تخيّر المالك العين كان له مع الزيادة ، وإن تخيّر الثمن ، كان له ذلك (١). وعندي فيه نظر.

٣٧٩٨. السادس : لو باع نخلا مثمرا قد بلغت ثمرته ، أو طلعا أبّر واشترطه المشتري ، فإذا أفلس بعد ما أتلف الثمرة ، أو تلفت الثمرة ، تخيّر البائع بين الضرب بجميع الثمن ، وبين الرجوع في النخل والضرب بحصّة الثمرة من الثمن وتقوّم الثمرة بأقلّ الأمرين من يوم البيع ويوم قبض المشتري. وقال الشيخ : يعتبر يوم القبض (٢).

ولو لم يكن النخل مؤبّرا ، ورجع البائع في الأصل ولم توجد الثمرة ، قال الشيخ : يضرب بحصّتها من الثمن ، ولو كانت مثمرة ، وتلفت في يد المشتري وأفلس بعد بدوّ الصلاح أو التجفيف ، رجع البائع فيه مع النخل (٣) على إشكال عندي.

٣٧٩٩. السابع : لو اشترى أرضا فيها بذر واشترطه ، ثمّ أفلس بعد اشتداد حبّه ، كان للبائع الرجوع في الأرض دون الزرع ، وكذا لو اشترى بيضا فأحضنه ثمّ أفلس بعد أن صار فرخا ، لم يكن له الرجوع فيه بل بالثمن.

٣٨٠٠. الثامن : لو باع حائطا لا ثمر فيه ، أو أرضا فارغة ، فأثمرت ، وزرع الأرض ، ثمّ أفلس بعد التّأبير ، كان له الرجوع في الأرض والحائط دون الثمرة

__________________

(١) و (٢) و (٣) المبسوط : ٢ / ٢٥٢.

٥١٤

والزرع ، وليس له المطالبة بقطع الثمرة ولا قلع الزرع قبل الجذاذ والحصاد ، ولا أجرة له في ذلك ، فإن طلب المفلّس ، أو الغرماء أو بعضهم قطعه ، قال الشيخ : يجاب الطالب (١) ولو قيل : يعمل ما فيه الحظّ كان حسنا.

ولو اتفق المفلّس والغرماء على القطع ، جاز ، ولو رجع في النخل قبل التأبير ، لم يتبعه الطلع في الرجوع.

٣٨٠١. التاسع : لو اشترى حائلا فأفلس وقد حملت ورجع قبل الولادة ، لم يتبعها الحمل ، وإن أفلس بعدها ، فكذلك ، ويكره له أخذ الأم بانفرادها عندنا ، وعند الشيخ يحرم قبل سبع سنين (٢).

فإن دفع إلى المفلّس قيمة الولد ليأخذهما معا ، قال الشيخ : يجبر المفلس (٣) وعندي فيه نظر ، ولو امتنع البائع بيعت الأمّ والولد ، فما أصاب قيمة الولد فللمفلّس ، ويسلّم إلى البائع ما أصاب قيمة أمة لها ولد بلا ولد.

ولو باعها حاملا ورجع قبل الولادة ، استعادها مع الحمل ، فإن كانت قد ولدت ، فالوجه انّه لا يتبعها الولد ، ولو كان الحبل من المشتري كان للبائع الرجوع فيها دون ولدها ، ولو طالب بثمنها ، بيعت فيه دون الولد.

٣٨٠٢. العاشر : حكم ما يكون في الكمام من الثمار حكم الطلع ، فالّذي لم يظهر من كمامه بمنزلة الطلع غير المؤبّر ، والظاهر بمنزلة المؤبّر ، وما يظهر من الورد ، حكمه حكم المؤبّر إن ظهر (٤) من ورده وانتثر عنه. وغير المؤبّر إن لم ينثر.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٥٥.

(٢) لاحظ المبسوط : ٢ / ٢٥٥ ؛ النهاية : ٤١٠.

(٣) المبسوط : ٢ / ٢٥٥.

(٤) في «ب» : حكم المؤبر ظهر.

٥١٥

وإن كانت الثمرة وردا كالمشمومات ، كانت كالمؤبرة إن تفتحت عن الجنبذ وإلا فكغيره.

٣٨٠٣. الحادي عشر : لو قال البائع : رجعت قبل ظهور الثمرة ، فهي لى ، فقال المفلّس : بعده ، فإن صدّق الغرماء المفلّس ، لم تقبل شهادتهم ، ويحلف المفلّس على إشكال ، ويأخذ الثمرة ، ويقسّمها على الغرماء ، ولو نكل ، لم يحلف الغرماء بل يحلف البائع ، ويثبت الطلع له ، وإن نكل ، سقط حقّه ، وكان للمفلّس ، ولو صدّق الغرماء البائع ، قبلت شهادتهم مع الشرائط ، ولو اختلف ، حلف المفلّس ، ولا تجب قسمته بينهم ، فإن طلب المفلّس ذلك ، فالوجه انّهم لا يجبرون على قبضه ، ولو صدّقه بعضهم ، وكان مقبول القول ، صحّت شهادته ، وإلّا حلف المفلّس ، وقسم على المكذّب للبائع ، وحكم المصدّق ما تقدّم ، ولو صدّق المفلّس البائع ، فإن صدّقه الغرماء ، فالثمرة له ، وإن كذّبوه ، فالأقرب قبول قول المفلّس.

٣٨٠٤. الثاني عشر : لو باع أرضا بيضاء فبنى فيها المشتري ، أو غرس ، ثمّ أفلس ، فإن اتّفق المفلّس والغرماء على الإزالة ، جاز له الرجوع في العين ، وعليهم تسوية الحفر من مال المفلّس ، ولو نقصت الأرض بذلك ، فله أرش النقصان ، ولو منعوه من القلع لم يجب قلعه ، فإن دفع البائع قيمة البناء والغرس ، جاز الرجوع في العين ، وكذا لو دفع ما ينقص بالقلع ، وهل يجبرون على ذلك؟ قال الشيخ : نعم (١) وعندي فيه نظر. وإن امتنع من ضمان القيمة ، أو أرش النقص بالقلع ، فالوجه جواز رجوعه في العين ، سواء كانت الأرض أقلّ من قيمة

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٦٠.

٥١٦

الغراس أو أكثر ، فإن اتّفقوا على البيع قسّم الثمن على قدر القيمتين.

ولو امتنع صاحب الأرض من بيعها فالوجه عدم إجباره على ذلك ، بل يباع البناء والغراس خاصّة يقسّم على الغرماء.

ولو كانت الأرض من رجل ، والغرس من آخر ، وغرسه ثمّ أفلس ، كان لكلّ منهما الرجوع في عينه ، فإن أراد صاحب الغرس قلعه ، كان له ذلك ، ولا يجبر على أخذ القيمة من صاحب الأرض.

ولو أراد صاحب الأرض قلعه ويضمن النقصان ، كان له ، ولو أراد بغير ضمان احتمل أن لا يكون له ذلك ، لأنّه غرس بحقّ ، ولأنّه لو كان للمفلّس ، لم يجبر على قلعه بغير ضمان ، واحتمل أن يكون له ذلك ، لأنّه ابتاعه منه مقلوعا ، فكان عليه أن يأخذه وليس له تبقيته في ملك غيره ، بخلاف المفلّس ، لأنّه غرسه في ملكه.

٣٨٠٥. الثالث عشر : لو أفلس بعد إقباض بعض الثمن ، كان له الرجوع في العين بقدر ما بقي من الثمن ، ولا يشترط في رجوعه في العين ردّ ما قبضه ليرجع في الجميع ، ولو طلبه لم تجب إجابته ، ولو تلف بعض المبيع ، احتمل أن يرجع في جميع الباقي مع تساوي نسبة التالف والمقبوض من الثمن ، وأن يرجع في بعضه ، ويقسط المقبوض من الثمن على التالف والباقي ، فيضرب مع الغرماء بالباقي.

٣٨٠٦. الرابع عشر : لو أفلس المستأجر بالأجرة بعد مضيّ المدّة ، ضرب بالأجرة مع الغرماء ، وإن كان قبل مضيّ شي‌ء من المدّة ، تخيّر المؤجر بين الرجوع فيها والضرب مع الغرماء ، وإن مضى بعضها ، تخيّر بين

٥١٧

الضرب بالجميع وبين الضرب بأجرة ما مضى والرجوع فيما بقي.

فإن كانت الأرض مشغولة بزرع قد استحصد ، طالب بحصاده وتفريغ الأرض ، وإن لم يستحصد ، فإن كانت له قيمة إذا قطع ، واتّفق المفلّس والغرماء على قطعه ، كان لهم ، وإن اتّفقوا على التبقية وبذلوا لصاحب الأرض أجرة مثله ، لزمه قبوله وتركه ، وإن أرادوا التبقية بغير عوض ، لم يكن لهم ذلك.

ولو اختلفوا أجيب من طلب القطع ، ويحتمل إجابة من يطلب الأنفع ، وعلى تقدير بقائه إذا احتاج إلى السقي وسقاه الغرماء بأمر الحاكم أو المفلّس ، رجعوا بأجرة السّقي مقدّمة على سائر الديون ، وإن لم يأذن الحاكم ولا المفلّس ، لم يرجعوا بشي‌ء.

ولو كان للمفلّس مال لم يقسّم ، وطلبوا الإنفاق منه ، احتمل عدم الإجابة ، لئلّا يتلف المعلوم في المظنون ، وثبوتها (١) لأنّه من المصالح ، وبقاء الزرع معتاد ، ولو لم تكن له قيمة مع القطع ، فإن اتفق الغرماء والمفلّس على قطعه ، لم يجبرهم الحاكم على التبقية. وإن اتفقوا على التبقية ، كان الحكم كما تقدّم فيما له قيمة ، وإن اختلفوا قدّم قول من يطلب التبقية.

٣٨٠٧. الخامس عشر : لو أفلس بعد مزج المبيع بغيره ، فإن كان مساويا ، تخيّر البائع بين الضرب بالثمن وبين الرجوع في العين ، ويقاسم ، ولو طلب البيع ، فالوجه عدم وجوب إجابته إلى ذلك ، وإن كان مال المفلّس أردأ ، تخيّر أيضا بين الضرب بالثمن والرجوع في العين فيقاسم ، وله المطالبة بالبيع ، فيأخذ ما يساوي

__________________

(١) الضمير يرجع إلى «الإجابة».

٥١٨

ماله ، ويدفع الباقي إلى الغرماء ، وإن كان أجود سقط حقّه من العين ، وضرب بالثمن مع الغرماء.

٣٨٠٨. السادس عشر : لو اشترى حنطة فطحنها ، أو ثوبا فقصّره ، أو خاطه بخيوط منه ، أو غزلا فنسجه ، أو عبدا فعلّمه صنعة ، ثمّ أفلس ، كان للبائع الضرب بالثمن مع الغرماء وأخذ العين ، وكان للمفلّس أجرة ما فعله ، بخلاف ما لو سمن من قبله تعالى أو تعلم صنعة من قبل نفسه.

ولو لم تزد القيمة ، أو نقصت بالعمل ، سقط حكم العمل ، ومع الزيادة إن كان المفلّس عمل بنفسه أو بأجرة وفاها كان شريكا للبائع ، فإن دفع البائع الزيادة بالعمل أجبر المفلّس على قبوله للغرماء ، وإن لم يدفع ، بيع الجميع ، ودفع ثمن الأصل بغير الزيادة إلى البائع ، وما قابل الزيادة إلى الغرماء.

وإن كان العامل أجيرا لم يستوف أجرته ، كان له حبس العين على الاستيفاء ، وقدّم في أجرته على سائر الغرماء ، فإن كانت أجرته بقدر الزيادة ، دفعت إليه ، وإن كانت أكثر ، أخذ بقدر الزيادة ، وضرب بالباقي ، وإن كانت أقلّ ، كان له بقدر أجرته ، والباقي للغرماء.

ولو صبغ الثوب بصبغ من عنده ، ورجع البائع في العين ، فإن بقيت قيمة الثوب والصبغ ، تشاركا بالنسبة ، وإن نقصت قيمة الثوب ، جعل النقصان من قيمة الصبغ ، ويكون شريكا في الثوب بقدر ما بقي ، وإن زاد ، كانت الزيادة للمفلّس ، ويكون شريكا في الثوب بقدر قيمة الصبغ والزيادة.

ولو كان الصبغ من غيره ، وثمنهما باق ، فإن بقيت القيمتان ، كان صاحب الثوب والصّبغ شريكين بالنسبة ، وإن نقصت القيمة ، ضرب صاحب الصبغ

٥١٩

بقدر الناقص مع الغرماء ، وإن زادت ، كانت الزيادة للمفلّس.

ولو كان الصّبغ والثوب من واحد ، وبقيت القيمتان ، رجع فيه إن شاء ، وإن نقصت ، ضرب بالنقص من القيمة مع الغرماء ، وإن زادت ، كانت الزيادة للمفلّس.

ولو كان الثوب للمفلّس والصبغ لغيره ولم تزد القيمة ، كان صاحب الصّبغ شريكا بقدره ، وإن نقصت كان النقصان من الصّبغ ، وضرب بالباقي مع الغرماء.

وإن زادت كان لصاحب الصّبغ بقدر صبغه ، والباقي للمفلّس.

٣٨٠٩. السابع عشر : المرتهن أحقّ بالرهن من غيره ، فإن بيع بقدر الدين أو أكثر ، استوفى المرتهن ، وكان الفاضل الباقي للغرماء ، وإن بيع بأقلّ ، ضرب المرتهن بالباقي مع الغرماء ، ولو كان الرهن مبيعا لم يكن للبائع الرجوع في العين ، لتعلّق حقّ المرتهن به وتقدّم حقّ المرتهن على حقوق الغرماء ، فإن كان الدين أكثر من قيمته أو مثله بيع فيه ، وإن كان أقلّ بيع منه بقدر الدين ، وكان للبائع الرجوع في الباقي.

٣٨١٠. الثامن عشر : إذا أفلس البائع سلما ، فإن وجد المشتري عين ماله كان أحقّ من سائر الغرماء. وان لم يجده قال الشيخ : يضرب بالمسلم فيه (١) ولو قيل : انّه يتخيّر بين ذلك وبين فسخ البيع ، فيضرب بالثمن ، كان وجها.

قال الشيخ : وكيفيّة الضرب بالمسلم فيه ، أن يقوّم ويضرب بالقيمة مع الغرماء ، وإن كان في مال المفلّس من جنس المتاع ، أعطى منه بقدر ما يخصّه من القيمة إن كان مثليا ، وإن لم يكن اشترى له بقدر الّذي يخصّه من القيمة مثل

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٦٦.

٥٢٠