تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

بقرض حقيقة ، ويكون الثاني أحقّ باليد ، وليس على المقترض ردّه على المقرض ، فإن فعل كان المردود عليه أحقّ به.

ولو خرج المقرض إلى بلاد الإسلام لم يكن للمقترض ردّه عليه ، بل يردّ إلى المغنم ، ولو خرج المقترض من دار الحرب والطعام في يده ، ردّه إلى المغنم ولا يردّ على المقرض الأوّل.

ولو أقرضه الغانم لمن لا سهم له في الغنيمة لم يصحّ قرضه ، واستعيد من القابض (١) ، وكذا لو باعه منه ، وكذا لو جاء رجل من غير الغانمين وأخذ (٢) من طعام الغنيمة ، ولو باعه من غير الغانمين بطل البيع واستعيد.

ولو باعه من غانم كان الغانم أولى به ، ولا يكون بيعا صحيحا.

٢٧٣٨. العاشر : يجوز للإمام ان يبيع من الغنيمة شيئا قبل القسمة لمصلحة ، فلو عاد الكفّار وأخذوا المبيع من المشتري في دار الحرب ، فإن كان لتفريط من المشتري ، مثل أن خرج به من العسكر وحده ، فضمانه عليه ، وإن حصل بغير تفريط فالتلف منه أيضا ، ولا ينفسخ البيع.

وإذا قسمت الغنائم في دار الحرب جاز لكلّ من أخذ سهمه التصرّف فيه كيف شاء بالبيع وغيره ، فلو باع بعضهم شيئا فغلب المشتري عليه لم يضمنه البائع.

ويجوز لأمير الجيش أن يشتري من مال الغنيمة شيئا قبل القسمة وبعده.

__________________

(١) في «ب» : «واستعيد من القارض».

(٢) في «ب» : فأخذ.

١٦١

القسم الثاني : في أحكام الأسارى

وفيه اثنان وعشرون بحثا :

٢٧٣٩. الأوّل : الأسارى ضربان : ذكور واناث ، والذكور : بالغون وأطفال وهم من لم يبلغ خمس عشرة سنة ، فالنساء والأطفال يملكون بالسبي ، ولا يحلّ قتلهم ، ولو أشكل أمر الصبيّ في البلوغ وعدمه اعتبر بالإنبات ، فإن كان قد أنبت الشعر الخشن على عانته حكم ببلوغه ، وإلّا فلا.

وأمّا البالغون من الذكور فإن أسروا قبل تقضّي الحرب وانقضاء القتال ، تخيّر الإمام بين قتلهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم حتّى ينزفوا ويموتوا ، ولا يجوز إبقاؤهم بفداء ولا بغيره.

وإن أسروا بعد أن وضعت (الْحَرْبُ أَوْزارَها) وانقضاء القتال لم يجز قتلهم ، وكان الإمام مخيّرا بين المنّ والفداء والاسترقاق ، وهذا التخيير ثابت في كلّ كافر سواء كان ممّن يقرّ على دينه بالجزية أو لا.

وقال الشيخ : إن كان من عبدة الاوثان تخيّر الإمام بين المنّ والفداء خاصّة (١) ، وليس بمعتمد.

ولا فرق بين العرب والعجم في ذلك ، وهذا التخيير تخيير مصلحة واجتهاد لا تشهيا إلّا أن يستوي الثلاثة في المصلحة فيختار تشهّيا ، ولا يكون القتل أولى.

٢٧٤٠. الثاني : إذا أسلم الأسير بعد الأسر يسقط عنه القتل ، سواء أخذ قبل

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٠.

١٦٢

تقضي الحرب أو بعدها ، قال الشيخ : ويتخير الإمام بين المنّ والفداء والاسترقاق ، (١) ولا يجب الاسترقاق عينا ، فإن اختار الإمام أن يفادي به مالا أو رجالا جاز بشرط أن يكون له عشيرة تحميه من المشركين ، وإن لم يكن له عشيرة لم يجز ردّه إليهم ، ومال الفداء غنيمة للغانمين.

ولو أسلم الأسير قبل أن يقع في الأسر ، لم يجز قتله ولا استرقاقه ولا المفاداة به ، سواء أسلم في حصن محصورا أو مصبورا أو رمى نفسه في بئر ، ويكون دمه محقونا ، وكذا ماله وذريّته الأطفال ، وأمّا البالغون فحكمهم حكم الكفّار ، وأمّا الدور والأرضون الّتي له ، فهي في‌ء ، فلا يكون له.

٢٧٤١. الثالث : إذا أسر المشرك البالغ وله زوجة لم يأسرها المسلمون ، فالزوجية باقية ، فإن منّ عليه الإمام ، أو فاداه ، لم ينفسخ النكاح ، وإن استرقّه انفسخ.

ولو أسر الزوجان معا انفسخ النكاح ، وكذا ينفسخ لو كان الزوج صغيرا ، أو أسرت الزوجة ، سواء سبي الزوج أو لا ، وكذا لو سبي بعدها بيوم أو بأزيد أو بأنقص ، وسواء سباهما رجل واحد أو اثنان ، والوجه انّه إذا سباهما واحد وملكهما معا ، كان النكاح باقيا ما لم يفسخه.

ولو كان الزوجان مملوكين ، قيل : لا ينفسخ النكاح (٢) والوجه تخيّر الغانم.

٢٧٤٢. الرابع : إذا أسلم الحربيّ في دار الحرب حقن ماله ودمه وأولاده الصغار من السبي ، والمال المعصوم هنا انّما هو ما ينقل ويحول ، أمّا ما لا ينقل فانّه في‌ء للمسلمين.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٠.

(٢) المبسوط : ٢ / ٢١.

١٦٣

ولو دخل دار الإسلام فأسلم فيها وله أولاد صغار في دار الحرب صاروا مسلمين ، ولم يجز سبيهم ، ولو أسلم وله حمل تبعه في الإسلام.

ولو سبيت المرأة ، وهي حامل وقد أسلم أبوه ، أو كانت الحربيّة حاملا من مسلم بوطء مباح ، كانت رقّا دون الحمل.

ولو أسلم في دار الحرب ، وله فيها عقار ، ثمّ غنمها المسلمون ، سلّمت عليه أمواله المنقولة ، دون الأرضين والعقارات ، فانّها تكون غنيمة.

ولو استاجر مسلم من حربيّ أرضه في دار الحرب ، صحّت الإجارة ، فلو غنمها المسلمون كانت غنيمة ، وكانت المنافع للمستأجر ، ولا تبطل الاجارة.

٢٧٤٣. الخامس : لو أعتق المسلم عبده الذمّي ، فلحق بدار الحرب ، ثمّ أسر ، ففي جواز استرقاقه وجهان نشأ (١) من مطلق الإذن في الاسترقاق ، ومن ثبوت حق الولاء للمعتق المسلم ، فصار كالآبق المملوك.

ولو أعتق الذمّي عبده الّذي صحّ عتقه ، فإن لحق بدار الحرب فأسر جاز استرقاقه.

٢٧٤٤. السادس : إذا أسلم عبد الحربيّ أو أمته في دار الحرب ، ثمّ أسلم مولاه ، فإن خرج إلينا قبل مولاه تحرّر ، وإلّا فهو على الرّقية ، قال الشيخ : ولو قلنا انّه يصير حرا على كل حال كان قويّا (٢).

ولو كان المولى صبيّا أو امرأة لم يسلم حتّى غنمت وقد حارب العبد المسلم معنا ، جاز أن يملك مولاه.

__________________

(١) في «ب» : ينشأ.

(٢) المبسوط : ٢ / ٢٧.

١٦٤

٢٧٤٥. السابع : لو أسلمت أمّ ولد الحربيّ وخرجت إلينا قبل مولاها ، عتقت واستبرأت نفسها.

٢٧٤٦. الثامن : لو أسلم العبد دون مولاه حتّى غنم العبد ، انتقل إلى المسلمين ، ولو عقد المولى لنفسه أمانا لم يقرّ المسلم على ملكه ، وكذا حكم المدبّر والمكاتب المشروط والمطلق وأمّ الولد.

٢٧٤٧. التاسع : إذا سبيت المرأة وولدها الصغير ، كره التفرقة بينهما ، بل ينبغي للإمام أن يدفعهما إلى واحد ، ولو قصر سهمه دفعهما إليه واستعاد الفاضل ، أو يجعلهما في الخمس ، فإن لم يفعل باعهما وردّ ثمنهما في المغنم ، وحرّم بعض أصحابنا التفرقة (١) والأقوى ما قلناه.

ولا تزول الكراهية برضى الإمام بالتفرقة ، وحكم البيع هذا الحكم ، فيكره للمالك التفرقة بين الأمّ وولدها.

وإذا بلغ الصبيّ سبع سنين جازت التفرقة ، ولو باع الأمّ بانفرادها أو الولد بانفراده ، كان مكروها عندنا ، وصحّ البيع ، وعند الشيخ يحرم ويصحّ البيع (٢).

٢٧٤٨. العاشر : قال الشيخ (٣) : يجوز التفرقة بين الولد والوالد ، وبينه وبين الجدة أمّ الأمّ (٤) وبين الأخوين والأختين ، وبين من خرج من عمود الأبوين من فوق وأسفل. مثل الإخوة وأولادهم ، والأعمام وأولادهم ، وسائر الأقارب.

ولا خلاف في جواز التفرقة بينه وبين الرحم غير المحرم ، وبينه وبين الأمّ

__________________

(١) و (٢) و (٣) لاحظ المبسوط : ٢ / ٢١.

(٤) وفي المبسوط : وكذلك لا يفرّق بينه وبين الجدة أمّ الأمّ ، لأنها بمنزلة الأمّ في الحضانة.

١٦٥

من الرضاعة أو الأخت منها ، وفي جواز التفرقة بينهما في العتق.

٢٧٤٩. الحادي عشر : لو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر ، وحسبوا عليه بنصيبه ، بناء على انّهما أقارب يحرم التفريق بينهم ، فظهر أنّه (١) لا نسب بينهم ، وجب عليه ردّ الفضل الّذي فيهم على المغنم.

٢٧٥٠. الثاني عشر : لو جنت جارية ذات ولد صغير ولم يفدها مولاها ، قال الشيخ : لم يجز بيعها منفردة عن ولدها ، بل يباعان معا ويعطى المجنيّ عليه ما يقابل قيمة جارية ذات ولد منفردة عنه ، والباقي للسيد ، ولو كانت حاملا ولم يفدها السيّد ، لم يجز بيعها إن كانت حاملا بحرّ ، ويصبر حتّى تضع ، ويكون الحكم كما لو كان منفصلا ، ولو كانت حاملا بمملوك جاز بيعهما معا إذا كان منفصلا (٢).

٢٧٥١. الثالث عشر : قال رحمه‌الله : لو باع جارية حاملا إلى أجل ، ففلس المشتري ، وقد وضعت ولدا مملوكا ، ففي جواز رجوعه فيها دون ولدها ، وجهان ، ولو ابتاع جارية فأتت بولد مملوك في يد المشتري ، وعلم بعيبها ، لم يكن له ردّها بالعيب ، ولو كانت حاملا تخيّر بين الأرش والردّ (٣).

٢٧٥٢. الرابع عشر : إذا سبي من لم يبلغ صار رقيقا في الحال ، فإن سبي مع أبويه الكافرين فهو على دينهما ، وإن سبي منفردا عنهما ، قال الشيخ : يتبع السابي في الإسلام ، فلو بيع من كافر بطل البيع (٤).

__________________

(١) الضمير للشأن ، وفي «أ» : فظهر أنّهم.

(٢) و (٣) المبسوط : ٢ / ٢٢.

(٤) المبسوط : ٢ / ٢٣.

١٦٦

ولو سبي مع أحدهما ، قال الشيخ : يتبع أحد أبويه في الكفر ، ولو مات أبو الطفل المسبي معهما لم يحكم بإسلامه ، وكره بيعه على الكافر (١).

٢٧٥٣. الخامس عشر : الحميل هو الّذي يجلب من بلاد الشرك ، فإن جلب قوم ، وتعارف اثنان [منهم] (٢) بما يوجب الإرث قبل ذلك ، سواء كان قبل العتق أو بعده ، ويورّثون على ذلك سواء كان النسب نسب الوالدين والولد أو من يتقرّب بهما.

فلو اخذ الطفل من بلاد الشرك كان رقيقا ، فإذا أعتقه السابي نفذ عتقه وثبت عليه الولاء ، فإن أقرّ المعتق بنسب كأب أو جد أو ابن عمّ فالوجه انّه لا يقبل إلّا بالبيّنة أو تصديق المقرّ به ، ولو أقر بولد فالأقرب انّه كذلك.

٢٧٥٤. السادس عشر : لو أسر المشرك ولم يكن معه ما يركبه ، وعجز عن المشي لم يجب قتله ، ولو بدر مسلم فقتله كان هدرا.

ويجب أن يطعم الأسير ويسقى وإن اريد قتله بعد لحظة.

٢٧٥٥. السابع عشر : يكره قتل من يجب قتله صبرا ، وهو الحبس للقتل.

٢٧٥٦. الثامن عشر : لو وطئ جارية من المغنم قبل القسمة ، عالما بالتحريم ، درئ عنه من الحدّ بمقدار نصيبه منها ، ويقام عليه الحدّ بمقدار نصيب باقي الغانمين ، سواء قلّوا أو كثروا.

ولو وطئها جاهلا بالتحريم سقط عنه الحدّ ، قال الشيخ : ولا يجب على واطئ جارية المغنم المهر ، ولو أحبلها قال : حكم ولدها حكمها له منه بقدر

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٢.

(٢) بين المعقوفتين منّا لأجل استقامة المتن.

١٦٧

نصيبه من الغنيمة ، ويقوّم بقيّة سهم الغانمين عليه. فان كانت القيمة قدر حقه فقد استوفي. وان كان أقلّ أعطي تمام حقه ، وإن كان أكثر ردّ الفضل (١) ، ويلحق به الولد لحوقا صحيحا ، والجارية أمّ ولده في الحال.

وتقوّم الجارية عليه ، ويلزم سهم الغانمين ، فإن كانت القيمة بقدر النصيب احتسب عليه ، وإن كانت أقلّ أعطي تمام حقه ، وإن كانت أكثر ردّ الفاضل ، وانّما يقوّم الولد إذا قوّمت الجارية بعد وضعه فيقوّمان معا ، ويأخذ الغانمون الفاضل من القيمتين عن النصيب ، ولو قوّمت قبل وضعه لم يقوّم الولد عليه.

٢٧٥٧. التاسع عشر : لو وطئ بعد القسمة وحصولها في نصيبه بتعيين الإمام ولم نشترط الرضا (٢) كان الوطء مصادقا للملك ، وإن عيّنت لغيره وجب عليه ما يجب على واطئ أمة غيره من الحدّ والمهر ورقيّة الولد مع العلم.

ولو توهّم أنّ تعيين الإمام غير كاف في التمليك فوطئ ، كان شبهة في سقوط الحدّ.

٢٧٥٨. العشرون : لو وطئها وهو معسر ، قوّمت عليه مع ولدها واستسعى في نصيب الباقين ، فإن امتنع كان له من الجارية بقدر نصيبه ، ويتحرّر من الولد بقدر النصيب ، والباقي للغانمين ، والجارية أمّ ولد.

٢٧٥٩. الواحد والعشرون : لو كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين ، قال الشيخ : الّذي يقتضيه المذهب انّه ينعتق منه نصيبه ، ويكون الباقي للغانمين ، ولا يلزمه قيمة الباقين ، ولو جعله الإمام في نصيبه أو نصيب جماعة هو أحدهم ،

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٢.

(٢) في «ب» : ولم يشرط الرضا.

١٦٨

فانّه ينعتق نصيبه (١) والأقرب انّه لا يجب عليه شراء حصص الباقين. ولو رضى بالقسمة (٢) فالأقرب التقويم عليه مع اليسار.

ولو أسر أباه منفردا ، فالأقرب عدم عتقه عليه ، ولو أسر أمّه أو ابنه الصغير صار رقيقا وعتق عليه.

٢٧٦٠. الثاني والعشرون : لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة ، فإن كان ممّن (٣) لا يثبت فيه الملك كالرجل ، لم يصحّ عتقه ، وإن كان ممّن يملك كالمرأة والصبيّ ، فالأقرب صحّة عتق نصيبه وتقويم الباقي عليه ، فيطرح في الغنيمة إن كان موسرا ، وإن كان معسرا صحّ عتق نصيبه ، فإن كان بقدر نصيبه من الغنيمة لم يسهم له من الغنيمة شي‌ء ، وإن كان أقلّ ، يعطى التمام ، وإن كان أكثر ردّ الفاضل.

القسم الثالث : في الأرضين

وفيه ثمانية مباحث :

٢٧٦١. الأوّل : الأرضون على أربعة أقسام :

أحدها : ما تملك بالاستغنام ، ويؤخذ قهرا بالسيف ، فانّها للمسلمين قاطبة ، ولا يختص بها المقاتلة ، ولا يفضلون على غيرهم ، ولا يتخيّر الإمام بين قسمتها ووقفها وتقرير أهلها عليها بالخراج.

ويقبّلها الإمام لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث ، وعلى

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٢ و ٣٣.

(٢) في «ب» : بالقسمة به.

(٣) في «أ» : ممّا.

١٦٩

المتقبّل إخراج مال القبالة وحق الرقبة ، وفيما يفضل في يده إذا كان نصابا العشر أو نصف العشر.

ولا يصحّ التصرّف في هذه الأرض بالبيع والشراء والوقف وغير ذلك.

وللإمام أن ينقله من متقبّل إلى غيره إذا انقضت مدّة القبالة ، وله التصرّف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين ، وارتفاع هذه الأرض يصرف إلى المسلمين بأجمعهم وإلى مصالحهم ، وليس للمقاتلة فيها إلّا مثل ما لغيرهم من النصيب في الارتفاع.

٢٧٦٢. الثاني : أرض من أسلم أهلها عليها طوعا من قبل نفوسهم من غير قتال ، فيترك في أيديهم ملكا لهم ، يصحّ لهم التصرّف فيها بالبيع والشراء والوقف وسائر أنواع التصرّف إذا عمروها وقاموا بعمارتها ، ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر زكاة إذا بلغ النصاب.

فان تركوا عمارتها وتركوها خرابا كانت للمسلمين قاطبة ، وجاز للإمام أن يقبّلها ممّن يعمرها بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع ، وكان على المتقبّل بعد إخراج حقّ القبالة ومئونة الأرض إذا بقي معه النصاب ، العشر أو نصف العشر ، وعلى الإمام أن يعطي أربابها حقّ الرقبة.

٢٧٦٣. الثالث : أرض الصلح ، وهي كلّ أرض صالح أهلها عليها ، وهي أرض الجزية يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من نصف أو ثلث أو ربع أو غير ذلك ، وليس عليهم غير ذلك.

وإذا أسلم أربابها كان حكم أراضيهم (١) حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء ،

__________________

(١) في «أ» : حكم أرضهم.

١٧٠

ويسقط عنهم الصلح ، لأنّه جزية ، ويصحّ لأربابها التصرّف فيها بالبيع والشراء والهبة وغير ذلك.

وللإمام أن يزيد وينقص ما يصالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصلح بحسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها.

ولو باعها المالك من مسلم صحّ وانتقل ما عليها إلى رقبة البائع ، هذا إذا صولحوا على أنّ الأرض لهم ، أمّا لو صولحوا على أنّ الأرض للمسلمين ، وعلى أعناقهم الجزية ، كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة ، عامرها للمسلمين ومواتها للإمام.

٢٧٦٤. الرابع : أرض الأنفال ، وهي كلّ أرض انجلى أهلها عنها وتركوها ، أو كانت مواتا لغير مالك فأحييت ، أو كانت آجاما وغيرها ممّا لا يزرع فاستحدثت مزارع ، فانّها كلّها للإمام خاصّة ، لا نصيب لأحد معه فيها ، وله التصرّف فيها بالقبض والهبة والبيع والشراء بحسب ما يراه ، وكان له أن يقبّلها بما يراه من نصف أو ثلث أو ربع.

ويجوز نزعها من يد متقبّلها إذا انقضت مدّة الضمان إلّا ما أحييت بعد موتها ، فانّ من أحياها أولى بالتصرف فيها إذا تقبّلها بما يتقبّلها غيره ، فإن أبى كان للإمام نزعها من يده وتقبيلها لمن يراه ، وعلى المتقبّل بعد إخراج مال القبالة فيما يحصل في حصته العشر أو نصف العشر.

٢٧٦٥. الثاني : قال الشيخ : كل موضع أوجبنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام الأرضين إذا اخرج الإنسان مئونته ومئونة عياله لسنة وجب عليه فيما بقي بعد ذلك الخمس لأهله (١).

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٣٦ ، كتاب الزكاة.

١٧١

٢٧٦٦. الثالث : الأرض المأخوذة عنوة للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح ، يصرف الإمام حاصلها في المصالح مثل سدّ الثغور ، ومعونة الغزاة ، وبناء القناطير ، وأرزاق القضاة والولاة وصاحب الديوان (١) وغير ذلك من مصالح المسلمين.

وأمّا الموات وقت الفتح ، فهي للإمام خاصّة ، ولا يجوز لأحد إحياؤه إلّا بإذنه مع ظهوره ، ولو تصرّف كان عليه طسقها له ، ولو كان غائبا ملكها المحيي من غير إذن.

ومع ظهوره يجوز له نقلها من يد من أحياها إذا لم يقبلها بما يقبلها غيره ، ولا يجوز بيع هذه الأرض على ما تقدّم ، بل البيع يتناول التصرّف من البناء والغرس ، وحقّ الاختصاص بالتصرّف لا الرقبة.

٢٧٦٧. الرابع : كلّما يخصّ (٢) الإمام من الأرضين الموات ورءوس الجبال وبطون الأودية والآجام ، ليس لأحد التصرّف فيها مع ظهور الإمام عليه‌السلام إلّا بإذنه.

وسوّغوا لشيعتهم حال الغيبة التصرّف فيها بمجرّد الإذن منهم.

٢٧٦٨. الخامس : الظاهر من المذهب انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتح مكّة بالسيف ثم أمنهم بعد ذلك لا صلحا.

٢٧٦٩. السادس : أرض السواد ، هي الأرض المغنومة من الفرس الّتي فتحها عمر ، وهي سواد العراق ، وحدّه في العرض من منقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسيّة المتصل بعذيب من أرض العرب ، ومن تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة.

__________________

(١) في «أ» : وصاحب الديون.

(٢) في «أ» : يختصّ.

١٧٢

فأمّا الغربي الّذي تليه البصرة ، فانّما هو إسلامي مثل شطّ عثمان بن أبي العاص وما والاها كانت سباخا ومواتا فأحياها عثمان بن أبي العاص.

وسمّيت هذه الأرض سوادا ، لأنّ الجيش لما خرجوا من البادية رأوا التفاف شجرها ، فسمّوها سوادا.

وبعث عمر إليها بعد فتحها ثلاثة أنفس : عمّار بن ياسر على صلواتهم أميرا ، وابن مسعود قاضيا [و] (١) واليا على بيت المال ، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض.

قال أبو عبيدة مبلغ مساحتها ستّة وثلاثون ألف ألف جريب : وضرب على كلّ جريب نخل عشرة دراهم ، وعلى الكرم ثمانية دراهم ، وعلى جريب الشجر والرطبة ستّة دراهم ، وعلى الحنطة أربعة دراهم ، وعلى الشعير درهمين. ثمّ كتب إلى عمر بذلك فأمضاه ، وكان ارتفاعها مائة وستين ألف ألف درهم ، ولما انتهى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام أمضى ذلك ، ورجع ارتفاعها في زمن الحجّاج إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم.

قال الشيخ : والّذي يقتضيه المذهب ، انّ هذه الأراضي وغيرها من البلاد الّتي فتحت عنوة يخرج خمسها لأربابه وأربعة الأخماس الباقية للمسلمين قاطبة ، لا يصحّ التصرّف فيه ببيع ولا هبة ولا إجارة ولا إرث ، ولا يصحّ أن يبنى دورا ومنازل ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرّف الّذي يتبع الملك ، ومتى فعل شي‌ء من ذلك كان التصرّف باطلا وهو باق على الأصل. (٢)

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منّا.

(٢) المبسوط : ٢ / ٣٤.

١٧٣

قال : وعلى الرواية الّتي رواها أصحابنا انّ كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام تكون الغنيمة للإمام خاصة تكون هذه الأرضون وغيرها ممّا فتحت بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا ما فتح في أيّام أمير المؤمنين عليه‌السلام إن صحّ شي‌ء من ذلك ، يكون للإمام خاصّة ويكون من جملة الأنفال الّتي له خاصّة لا يشركه فيها غيره.

٢٧٧٠. السابع : إذا نزل الإمام على بلد فحاصره ، وأرادوا الصلح على أن يكون البلد لهم ، وكانوا من أهل الكتاب ، جاز له أن يصالحهم بشروط ثلاثة : أن يبذلوا الجزية ، وأن يجري عليهم أحكام المسلمين ، وأن لا يجتمعوا مع مشرك على قتال المسلمين ، فإذا بذلوا ذلك عقد معهم الصلح ، ولزم ما داموا على الشرط ، وتكون أرضهم ملكا لهم يصحّ لهم التصرّف فيها كيف شاءوا.

ويجوز للمسلم استيجارها منهم ، وتكون الأجرة له والخراج عليه ، ولو باعها من مسلم صحّ البيع وانتقل ما عليها من الخراج إلى رقبة الذمي ، ولا يبقى متعلّقا بالأرض.

٢٧٧١. الثامن : كل أرض ترك أهلها عمارتها ، كان للإمام تقبيلها ممّن يقوم بها ، وعليه طسقها لأربابها ، وكل أرض موات سبق إليها سابق فعمرها وأحياها كان أحقّ بها إذا لم يكن لها مالك معروف ، فإن كان لها مالك معروف ، وجب عليه طسقها لمالكها.

١٧٤

الفصل الخامس : في كيفية قسمة الغنيمة

وفيه مطالب :

[المطلب] الأوّل : الجعائل

وفيه سبعة عشر بحثا :

٢٧٧٢. الأوّل : يجوز للإمام أن يجعل جعلا لمن يدلّه على مصلحة من مصالح المسلمين ، كطريق سهل ، أو ماء في مفازة ، أو قلعة يفتحها ، أو مال يأخذه ، أو عدوّ يغير عليه ، أو ثغر يدخل به.

ويستحقّ المجعول له الجعل بنفس الفعل الّذي جعل له الجعل ، سواء كان مسلما أو كافرا.

ثمّ الجعالة يجب أن تكون معلومة إن كانت في يد الجاعل إمّا بالمشاهدة أو الوصف ، وإن كانت في يد المشركين (١) جاز أن تكون مجهولة كجارية وثوب.

٢٧٧٣. الثاني : انّما تثبت الجعالة بحسب الحاجة ، ثم إن كانت في يده بأن قال : من دلّنا على ثغر القلعة فله كذا ، فانّه يجب عليه دفع الجعل بنفس الدلالة ، ولا يتوقّف على فتح البلد ، وإن كانت من مال الغنيمة ، بأن قال : من دلّنا على ثغر القلعة فله الجارية المعيّنة منها ، أو جارية مطلقة منها ، فانّه انّما يستحق بالدلالة والفتح معا.

__________________

(١) في «أ» : في بلد المشركين.

١٧٥

٢٧٧٤. الثالث : لو شرط جارية معيّنة من القلعة ، وفتحت عنوة ، سلّمت الجارية إليه إن بقيت على الكفر ، وإن كانت قد أسلمت قبل الأسر لم يجز استرقاقها ، ودفع إلى الدالّ القيمة ، ولو أسلمت بعد الأسر سلّمت إليه إن كان مسلما ، وإن كان كافرا دفع إليه القيمة.

وإن فتحت صلحا (١) ولم تكن الجارية داخلة في الهدنة ، فكذلك ، وإن دخلت ، صحّ الصلح ، فإن اختار الدالّ قيمتها مضى الصلح ، وسلّم إليه القيمة ، وإن أبى واختار صاحب القلعة دفعها إلى الدالّ وأخذ القيمة فعل ذلك ، وإن أبى كلّ واحد منهما ، قال الشيخ : يفسخ الصلح (٢) ولو قيل بمضيّ الصلح ويدفع إلى المجعول له القيمة كما لو أسلمت قبل الصلح ، كان حسنا.

ولو ماتت الجارية المجعولة قبل الظفر أو بعده ، قال الشيخ : لا يدفع القيمة إليه (٣) وهو جيّد.

ولو كان الدليل جماعة كانت الجارية بينهم.

٢٧٧٥. الرابع : لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام وما عزم عليه من قصدهم وبذكر أحواله ، لم يقتل بذلك ، بل يعزّر ولا يسهم له إلّا أن يتوب قبل تحصيل الغنيمة.

٢٧٧٦. الخامس : يجوز النفل ، فلو بعث الإمام أو نائبه وقت دخوله دار الحرب للغزو سريّة يغير على العدوّ ويجعل لهم الربع بعد الخمس جاز ، فما قدمت به السريّة يخرج خمسه ، والباقي يعطي السريّة منه الربع ، وهو خمس آخر ، ثمّ يقسم الباقي بين الجيش والسرية.

__________________

(١) في «أ» : فإن فتحت صلحا.

(٢) و (٣) المبسوط : ٢ / ٢٨.

١٧٦

وكذلك إذا نفل من دار الحرب مع الجيش وأنفذ سريّة ، وجعل لهم الثلث بعد الخمس جاز ، فإذا قدمت السرية بشي‌ء أخرج خمسه الإمام ثمّ أعطى السريّة ثلث ما بقى ، ثمّ قسم الباقي بين الجيش والسريّة معه ، ولا يشترط في النفل أن يكون من الخمس ولا من خمس الخمس.

٢٧٧٧. السادس : انّما يستحق النفل بالشرط السابق ، ولو لم يشترط الإمام (١) نفلا لم يكن لأحد فضله عن سهمه.

٢٧٧٨. السابع : انّما يسوغ للإمام التنفيل مع الحاجة إليه بأن يقلّ المسلمون ويكثر المشركون ، ولو كانوا مستظهرين فلا حاجة به ، ومع الحاجة إن رأى ان ينفلهم دون الثلث أو الربع فله ذلك ، والأقرب انّه يجوز أن ينفل أكثر من الثلث أو الربع.

والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفل في البداءة الثلث وفي الرجعة الربع ، فالبداءة السريّة عند دخول الجيش دار الحرب ، والرجعة عند الخروج ، وقيل البداءة السريّة الأولى ، والرجعة الثانية.

وكما يجوز التنفيل للسريّة كذا يجوز لبعض الجيش.

٢٧٧٩. الثامن : إذا نفذ الإمام سريّة فأتى بعضهم بشي‌ء دون الآخرين ، كان للوالي تخصيص من جاء بشي‌ء دون الآخرين مع الشرط لا بدونه.

٢٧٨٠. التاسع : لو قال الأمير من طلع هذا الحصن ، أو هدم هذا السور ، أو

__________________

(١) في «ب» : لم يشرط الإمام.

١٧٧

نقب (١) هذا البيت ، أو فعل كذا ، فله كذا ، ومن جاء بأسير فله كذا ، جاز ، ولم يكن مكروها.

٢٧٨١. العاشر : لو لم تكن في التنفيل مصلحة للمسلمين لم يجز ، ولا يختصّ النفل بنوع من المال ، ولو قال : من رجع إلى الساقة فله دينار جاز ، وكذا لو قال : من يعمل في سياقه المغنم.

ولو نفل السريّة استوى فيه الفارس والراجل ، إلّا أن يشترط التفضيل ، وكذا لو بعث سريّة من أهل الذمة جاز له أن ينفلهم مع المصلحة.

٢٧٨٢. الحادي عشر : لو بعث سريّة عليهم أمير ونفلهم بالثلث بعد الخمس ، ثمّ انّ أمير السريّة نفل قوما منهم لفتح الحصن أو للمبارزة بغير إذن الإمام ، نظر فإن نفلهم من سهم السريّة أو من سهامهم بعد النفل جاز ، ولو نفلهم من سهم العسكر لم يجز.

ولو بعث أمير السريّة سريّة من سريّته ، ونفل لهم أقلّ من النفل الأوّل أو أكثر فهو جائز من حصّة أصحاب السريّة لا من حصّة العسكر إلّا أن يكون أمير العسكر اذن له في التنفيل ، فيجوز تنفيله للسريّة الثانية في حقّ جميع العسكر.

٢٧٨٣. الثاني عشر : لو فقد رجل من السريّة ، فذهب بعضهم بطلبه ، وذهب آخرون لإصابة الغنائم ، ثمّ رجع الجميع مع المفقود ، اشتركوا بأجمعهم في النفل (٢) وكذا لو أصاب المفقود الغنائم (٣) والطالب له وباقي السريّة اشتركوا بالسويّة كما لو لم يفترقوا.

__________________

(١) في «أ» : أو ثقب.

(٢) في «ب» : اشتركوا بالسوية جمعهم في النفل.

(٣) في «أ» : غنائم.

١٧٨

ولو تفرّقت السريّة قسمين وبعد أحدهما عن الآخر بحيث لا يقدر على معونته ، ثمّ أصاب كلّ قسم غنيمة ، أو أصاب أحدهما دون صاحبه ، فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسويّة ، ولو لم يلتقوا إلّا عند العسكر ، فلكلّ فريق النفل ممّا أصابوا خاصة.

ولو قال الإمام : من أخذ شيئا فهو له ، فالوجه عندي الجواز.

٢٧٨٤. الثالث عشر : لو بعث سريّتين إحداهما يمنة والأخرى يسرة ، ونفل إحداهما الثلث والأخرى الربع فيما أصابوا ، كان جائزا ، فلو ذهب رجل ممّن بعثه الإمام في سريّة الربع مع الأخرى ، احتمل وجهين : احدهما حرمانه ، والثاني أن يجعل له مع سرية الثلث مقدار ما سمّى له وهو الربع ، أمّا لو ضلّ ووقع في الأخرى ، فالوجه مشاركتهم.

٢٧٨٥. الرابع عشر : لو بعث سريّة ونفلهم الربع ، ثمّ أرسل أخرى وقال : ألحقوا بأصحابكم فما أصبتم فأنتم شركاؤهم ، فلحقهم الثانية بعد الاستغنام ، ثم غنموا معهم أخرى ، فنفل الثانية لهم جميعا ، والأولى للسريّة الأولى.

قال ابن الجنيد : لو غنمت السريّة المنفّلة ، فاحاط بها العدوّ ، فأنجدهم المسلمون ، شركوهم في النفل ما لم يحرزوه في العسكر (١).

٢٧٨٦. الخامس عشر : قد بيّنا جواز التنفيل المجهول ، فلو قال : من جاء بشي‌ء فله منه طائفة ، فجاء رجل بمتاع ، نفله الإمام بما يراه ، ولو قال : فله منه قليل ، أو يسير ، أو شي‌ء منه ، فله أقلّ من النصف ، ولو قال : فله جزء منه ، نفله النصف فما دونه.

__________________

(١) نقله عنه المصنف في التذكرة أيضا ، لاحظ تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٣٦ ـ الطبعة الحجرية ـ.

١٧٩

ولو قال : من جاء بشي‌ء فله سهم رجل (١) أعطاه سهم راجل لا فارس.

ولو قال : من جاء بألف درهم فله ألفا درهم ، فجاء بالألف لا غير ، لم يكن له أكثر من ألف.

ولو قال : من جاء بالأسير فله الأسير وألف ، لزمه دفعهما.

ولو قال : من جاء بأسير فله مائة درهم ، كان ذلك من الغنيمة ، أو في رقبة الأسير أو بيت مال المسلمين.

٢٧٨٧. السادس عشر : لو قال : من أصاب ذهبا أو فضّة فهو له ، فأصاب سيفا محلّى بأحدهما ، كان الذهب والفضّة له دون السيف والجفن ، ولو أصاب خاتما نزع فصّه للغنيمة.

ولو ظهر مشرك على السور يقاتل المسلمين ، فقال الإمام : من صعد السور فأخذه فهو له وخمس مائة ، فصعد رجل وأخذه كان له مع خمس مائة.

ولو سقط الرجل من السور ، فبادر إليه رجل فقتله خارج الحصن لم يكن له شي‌ء.

ولو رماه فطرحه من السور فالأقرب انّه لا يستحقّ النفل أيضا.

ولو التقى الصفّان فقال : من جاء برأس فله كذا ، انصرف إلى رءوس الرجال دون الصبيان ، ولو انهزم الكفّار فقال : من جاء برأس فله

__________________

(١) والرجل كناية عن المجاهد وبما أنّه ينقسم إلى راجل وفارس يعطى سهم الراجل ، لأنّه القدر المتيقّن ، ومنه يظهر أنّ الصحيح هو «رجل» لا «راجل» كما في نسخة «ب».

١٨٠