تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

الحقّ عن رقبة العبد ، قال الشيخ : ينبغي أن نقول في ما يوجب الأرش : إنّ بيعه إيّاه بعد ذلك دلالة على التزام المال في ذمته (١). ويلزمه أقلّ الأمرين من الأرش وقيمة العبد. فإن كان السيّد موسرا الزم بما قلناه ، ولا خيار للمشتري هنا. ولو كان معسرا لم يسقط حقّ المجنيّ عليه عن رقبة العبد ، وللمشتري الفسخ مع عدم علمه ، فإن فسخ رجع بالثمن ، وإن لم يفسخ واستوعبت الجناية قيمته وانتزعت ، رجع المشتري بالثمن أيضا ، وإن لم تستوعب رجع بقدر الأرش.

ولو علم المشتري بتعلّق الحقّ برقبة العبد ، لم يرجع بشي‌ء ، ولو اختار المشتري أن يفديه جاز ، ويرجع به على البائع مع الإذن ، وإلّا فلا.

ولو كانت الجناية عمدا ، فاختار وليّ الدم المال ، فإن رضي المالك أو المشتري بذلك ، فالحكم كما تقدّم ، وإن قتله قبل القبض ، بطل البيع ، وكذا لو كان بعده.

٣٠٨٥. التاسع عشر : العبد الجاني إذا كان مرهونا ، بيع في الجناية ، تقدّم الرهن أو تأخر.

ولو قطع العبد يد غيره عمدا ، فبيع ، وقطعت يده عند المشتري ، كان له الردّ أو الأرش. ولو كان المشتري عالما قبل العقد ، فلا شي‌ء له ، ولم يسقط الردّ ، لوجوب القطع في ملك البائع.

٣٠٨٦. العشرون : يصحّ بيع العبد المرتدّ عن غير فطرة ، ويتخيّر المشتري مع عدم العلم ، ولو كان عن فطرة فالوجه عدم صحّة بيعه ، على إشكال ، وكذا كلّ من

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٣٦.

٢٨١

وجب قتله ، كالعبد في المحاربة ، إذا لم يتب قبل القدرة عليه ، ولو تاب قبلها ، صحّ بيعه.

٣٠٨٧. الواحد والعشرون : القدرة على تسليم المبيع شرط في صحّته ، فلو باع الآبق منفردا ، لم يصحّ ، سواء علم مكانه أو لا ، ولو كان المشتري بحيث يقدر عليه ، قال السيّد المرتضى رحمه‌الله : يجوز بيعه منفردا (١) وكذا لو حصل في يد إنسان ، فإنّه يجوز بيعه عليه ، وقال ابن الجنيد : يجوز بيعه على التقدير الأوّل أو يضمنه البائع (٢). وكذا الجمل الشارد ، والطائر قبل صيده ، والسمك في الاجمّة ، ولو ضمّ الى هذه غيرها صحّ بيعه ، ولو باع ما يمكن تسليمه في ثاني الحال لا فيه ، فالوجه جوازه ، ويتخيّر المشتري.

٣٠٨٨. الثاني والعشرون : يشترط في صحّة البيع علم المتعاقدين بالعوضين ، ومع جهل أحدهما يبطل ، وقال ابن الجنيد : لو كان الثمن مجهولا لأحدهما جاز ، كأن يقول : بعني كرّ طعام بسعر ما بعت ، ولو جهلا معا لم يجز ، والوجه ما قلناه.

وكذا يبطل لو باعه بحكم أحدهما أو بحكم ثالث من غير تعيين الثمن.

__________________

(١) الانتصار : ٤٣٥ ، المسألة ٢٤٧.

(٢) نقله عنه المصنف أيضا في المختلف : ٥ / ٢٤٠.

٢٨٢

المقصد الثالث : في الخيار

وفصوله اثنان

[الفصل] الأوّل : في أقسامه

وهي ستّة

[القسم] الأوّل : خيار المجلس

وفيه تسعة مباحث :

٣٠٨٩. الأوّل : اذا تبايعا ثبت لكلّ منهما خيار الفسخ ما داما في المجلس ، وهو يثبت في كلّ مبيع ، ويبطل لو تفرّقا بالأبدان ولو كان بأدنى انتقال ، سواء كان في الصحراء أو في المنازل ، وكذا يبطل بالتصرّف وبالتخاير قبل العقد ، بأن يقول : بعتك ولا خيار بيننا ويقبل الآخر ، أو بعده ، بأن يقول كلّ منهما بعد العقد : اخترت إمضاء العقد وما أشبه ذلك.

٣٠٩٠. الثاني : لو قال أحدهما لصاحبه : اختر ، ولم يقل الآخر شيئا ، لم يبطل خيار الساكت ولا القائل.

٢٨٣

٣٠٩١. الثالث : لو كان المشتري هو البائع بأن يبيع عن ولده لنفسه أو بالعكس ، قيل : لا خيار ، عملا بالأصل السالم عن معارضة النصّ ، لو روده بصيغة التثنية مقرونة بالافتراق (١) وشرطهما الكثرة ، وقيل : لا يسقط. ويعتبر مفارقة مجلس العقد ، وعندي في ذلك نظر.

٣٠٩٢. الرابع : لو تفرّقا بعد العقد سقط خيارهما ، سواء قصدا ذلك أو لا ، علماه أو جهلاه ، وكذا لو هرب أحدهما من صاحبه.

ولا يقف لزوم العقد على رضاهما في التفرّق ، ويجوز لكلّ واحد منهما بعد العقد مفارقة مجلسه ، ليبطل الخيارين ، وليس بمحرّم.

٣٠٩٣. الخامس : لو أقاما في المجلس ، وضرب بينهما ساتر ، او بني حائط ، أو ناما ، لم يسقط خيارهما ، ولو قاما معا مصطحبين ، ولم يتفرّقا ، فالوجه بقاء الخيار ، وإن طالت المدّة.

٣٠٩٤. السادس : لو أكرها على التفرّق ، فإن منعا من التخاير ، لم يسقط خيارهما ، ويثبت لهما الخيار في مجلس زوال الإكراه ، ما لم يتفرّقا عنه. ولو لم يمنعا من التخاير سقط.

ولو أكره أحدهما لم يسقط خياره ، وخيار الآخر باق ما دام في المجلس ، فإن فارقه ، بطل الخياران ، وكذا لو زال الإكراه عن الآخر ، وفارق مجلس زوال الإكراه ، ولم يختر ، أو أكره على التفرّق دون التخاير.

__________________

(١) وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البيّعان بالخيار ما لم يفترقا. لاحظ الاستبصار : ٣ / ٧٢ برقم ٢٤٠ ؛ سنن البيهقي : ٥ / ٢٦٩ ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٣٥٨ برقم ١٢٦٣ ؛ سنن ابن ماجه : ٢ / ٧٣٦ برقم ٢١٨٢ و ٢١٨٣.

٢٨٤

٣٠٩٥. السابع : لو أوجبه أحدهما ورضي الآخر ، سقط خيارهما ، ولو التزم به أحدهما خاصّة ، سقط خياره ، وبقي خيار صاحبه.

ولو خرس أحدهما ، قامت إشارته مقام لفظه ، ولو لم يفهم ، أو جنّ ، أو أغمي عليه ، قام وليّه مقامه ، فلو زال عذره لم يعترض على الوليّ فيما فعله.

٣٠٩٦. الثامن : لو مات أحدهما ، ينتقل الخيار الى ورثته ، فإن فارق الحيّ مكانه ، بطل الخياران معا ، وكذا إن أخذ الميّت.

ولو تصرّف المشتري ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك ، كان إبطالا لخياره.

وكذا البائع لو تصرّف ، كان دلالة على الفسخ ، ولو تصرّف أحدهما ورضي الآخر ، بطل خيارهما معا.

٣٠٩٧. التاسع : البيع يلزم بعد التفرّق ما لم يوجد ما يقتضي جواز الفسخ ، بأن يكون حيوانا ، أو يشترطا مدّة ، أو يجد به عيبا ، أو تدليسا أو يجده بخلاف الصفة ، أو يظهر الخيانة في المرابحة.

ولو ألحقا في العقد خيارا بعد لزومه ، لم يلحقه.

[القسم] الثاني : خيار الحيوان

وفيه بحثان :

٣٠٩٨. الأوّل : أجمع العلماء على أنّ للمشتري الخيار في الحيوان الى ثلاثة أيّام ، فإن خرجت ولم يختر ، وجب البيع ، وله الفسخ في الثلاثة سواء شرطاه في العقد أو لا ، ولو شرطا سقوطه ، أو أسقطه المشتري بعد العقد ، أو تصرّف

٢٨٥

فيه إمّا تصرّفا لازما ، كالبيع والعتق ، أو غير لازم ، كالهبة والوصيّة ، سقط.

٣٠٩٩. الثاني : الخيار هنا للمشتري خاصّة ، وقال المرتضى : يثبت للبائع أيضا إلى ثلاثة أيّام كالمشتري (١) والمعتمد الأوّل.

[القسم] الثالث : خيار الشرط

وفيه عشرة مباحث :

٣١٠٠. الأوّل : يجوز اشتراط الخيار في العقد لكلّ واحد من المتعاقدين إلى أيّ مدّة كانت ، إذا كانت مضبوطة ، سواء زادت على ثلاثة أيّام أو لا ، وسواء كان بقدر الحاجة أو لا.

٣١٠١. الثاني : يجب أن تكون المدة المذكورة مضبوطة كالسّنة والشهر واليوم ، ولا يجوز اشتراط ما يحتمل الزيادة والنقصان ، كقدوم الحاجّ ، وإدراك الغلّات ، وهبوب الرياح ، ونزول المطر ، والحصاد ، والجذاذ ، فإن شرطا ذلك ، بطل العقد ، سواء أسقط الشرط قبل مضيّ الثلاث ، أو حذفا الزائد عليها.

ولو شرطا الخيار أبدا ، أو ما بقيا ، أو ما شاءا ، بطل العقد.

٣١٠٢. الثالث : لو باعه بشرط أنّ الخيار لهما أو لأحدهما ، وأطلقاه ولم يعيّناه ، ولا قرناه بمدّة معلومة ولا مجهولة ، بطل العقد ؛ قاله الشيخ رحمه‌الله (٢).

وهو جيّد. وقال المرتضى رحمه‌الله : يثبت الخيار ما بينه وبين ثلاثة أيّام ، ثم لا خيار بعد ذلك. واحتجّ بأنّ خيار المعهود متقدّر بالثلاثة ، ومع الإطلاق

__________________

(١) الانتصار : ٤٣٣ ، المسألة ٢٤٥.

(٢) المبسوط : ٢ / ٨٣.

٢٨٦

ينصرف إلى المعهود (١). وهو جيّد إن أراد الشرط في الحيوان ، وإلّا فلا.

٣١٠٣. الرابع : لو شرطاه إلى العطاء وأرادا وقته ، فإن كان معلوما صحّ ، ويبطل لو كان مجهولا ، أو أراد [ا] الفعل. (٢)

٣١٠٤. الخامس : لو شرطا الخيار شهرا ، يثبت يوما ولا يثبت يوما ، احتمل الصحّة في اليوم الأوّل والبطلان في ما عداه ، وبطلان العقد وصحّته مع الشرط بحسبه ، وهو أقرب الاحتمالات.

٣١٠٥. السادس : إذا بطل الشرط بطل العقد المقترن به.

٣١٠٦. السابع : يجوز جعل الخيار لهما ، ولثالث ولهما ، أو لأحدهما معه ، سواء تعدّد الثالث أو اتّحد ، وأن يشترط لأحدهما مدّة وللآخر دونها.

ولو اشترى شيئين ، وجعل الخيار في أحدهما معيّنا ، صحّ البيع ، فإن فسخ في ما شرط ، صحّ ، ورجع بقسطه من الثمن ، وإن ابهم ، بطل العقد فيهما.

٣١٠٧. الثامن : إذا جعل الخيار لنفسه وللأجنبيّ معا ، تخيّر كلّ منهما في الفسخ والإمضاء ، ولو جعل الخيار للأجنبيّ دونه ، صحّ أيضا ، ويكون بمنزلة الوكيل ولا خيار هنا لمن جعل الخيار للأجنبيّ.

ولو كان المبيع عبدا ، فجعل الخيار له ، فالوجه الصحّة ، ولو كان البائع وكيلا ، فشرط الخيار لنفسه أو للمالك أو لهما صحّ ، ولو شرطه لأجنبيّ ، وكان وكيلا في التوكيل ، أو عامّا صحّ ، وإلّا فلا.

__________________

(١) الانتصار : ٤٣٨ ، المسألة ٢٥٠.

(٢) وفي المغني لابن قدامة : ٤ / ٦٧ «وإن شرطه إلى العطاء وأراد وقت العطاء وكان معلوما صحّ ، وإن أراد نفس العطاء فهو مجهول».

٢٨٧

٣١٠٨. التاسع : لو شرط المؤامرة ، صحّ إن قرناها بمدّة معيّنة ، وله الفسخ قبل الاستيمار.

٣١٠٩. العاشر : يجوز اشتراط مدّة معلومة يردّ البائع فيها الثمن ويرتجع المبيع ، والنماء في مدّة الخيار للمشتري ، ولو جاء ببعض الثمن في المدّة ، لم يجب القبول ، ولم ينفسخ البيع ، إلّا أن يشترط الإتيان بذلك البعض.

ثمّ إن كانت المدّة ظرفا للأداء والاسترجاع ، كان له الفسخ متى جاء بالثمن في أثنائها ، ويجب على المشتري قبضه ، ولو جعلها غاية لم يجب قبضه إلّا بعد مضيّها.

ولو جعل البائع الخيار لنفسه مدّة معلومة ، كان له الفسخ في جميع المدة ، وإن لم يحضر الثمن ولا بعضه ، بخلاف الصورة الأولى.

[القسم] الرابع : خيار الغبن

ويثبت للمغبون خيار الفسخ ، سواء كان بائعا أو مشتريا ، وإنّما يثبت مع الغبن الفاحش وقت البيع ، وجهالة المغبون ، وإن استندت جهالته إلى عجلته ، فلو كان عالما بالقيمة ، لم يثبت له خيار وإن قلّ العوض.

ولا حدّ للغبن بل يرجع إلى العادة. فما يقع التغابن له حال المعاملة لا يثبت به خيار ، وما لا يتغابن به يوجب الخيار ، وليس الثلث شرطا.

ولا يسقط الخيار بالتصرّف مع إمكان الردّ ، ولو نقله ببيع وشبهه ، بطل خياره وكذا لو استولد الأمة.

٢٨٨

ولا يثبت بهذا الغبن أرش بل يتخيّر بين الردّ والإمساك بجميع الثمن ، ومع امتناع الردّ ، يلزمه الثمن أجمع.

[القسم] الخامس : خيار التأخير

وفيه ثلاثة مباحث :

٣١١٠. الأوّل : من باع شيئا معيّنا بثمن معلوم ، ولم يشترطا تأخير الثمن ، ولم يقبض البائع الثمن ولا المشتري السلعة ، لزم البيع ثلاثة أيّام ، فإن جاء المشتري بالثمن في الثلاثة ، كان أحقّ بالمبيع ، وإن خرجت المدة ، تخيّر البائع بين الفسخ والإمضاء.

ولو كان الثمن مؤجّلا ، سقط خياره ، وإن خرج الأجل ولم يقبض الثمن ، وكذا لا خيار للبائع لو كان في المبيع خيار لأحدهما.

ولو قبض المشتري المتاع ، وأودعه البائع ، فلا خيار ، (١) وكذا لو مكّنه من المتاع ، أو قبض الثمن ، وأودعه المشتري ، ولو قبض بعض المتاع ، أو قبض البائع بعض الثمن ، فالخيار باق.

٣١١١. الثاني : لو هلك المبيع قبل القبض ، فهو من مال البائع ، سواء هلك في الثلاثة أو بعدها.

وقال المفيد والمرتضى رحمهما‌الله : التلف في الثلاثة من المشتري (٢).

__________________

(١) قال المصنف في التذكرة : لو قبض المشتري المبيع ثم دفعه وديعة عند بائعه أو رهنا حتّى يأتي بالثمن فلا خيار للبائع ، لأنه بإقباضه رضي بلزوم البيع ، ويده الآن يد نيابة عن المشتري.

تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٩٨ ـ الطبعة الحجرية.

(٢) المقنعة : ٥٩٢ ؛ والانتصار : ٤٣٧ ، المسألة ٢٤٩.

٢٨٩

ولو هلك بعد القبض والايداع ، فهو من مال المشتري قبل الثلاثة وبعدها إجماعا.

٣١١٢. الثالث : لو كان المتاع ممّا يسرع إليه الفساد ، كالخضر وغيرها من البقول وشبهها ، كان الخيار يوما إلى الليل ، إن جاء المشتري بالثمن فيه لزم البيع ، وإلّا تخيّر البائع على ما قلنا من الشروط.

[القسم] السادس : خيار الرؤية

وفيه اثنا عشر بحثا :

٣١١٣. الأوّل : إذا باع شيئا معيّنا غير مشاهد ، وجب وصفه بما يرفع الجهالة ، ويسمّى بيع خيار الرؤية ، وهو بيع صحيح ، ثمّ إن وجده على الصفة ، لزم البيع ، ولا خيار ، وإن لم يجده على الصفة ، تخيّر بين الفسخ والإمضاء ، ولو اختلفا في اختلاف الصفة ، فالقول قول المشتري.

٣١١٤. الثاني : لو دفع العين فوجدت فوق الصفة ، فلا خيار ، ولو وجدها دونه ، تخيّر ، وليس له المطالبة بالعوض ، ولو اختار الإمساك ، لم يكن له المطالبة بالأرش.

٣١١٥. الثالث : لو ادّعى المشتري زيادة وصف على ما ذكره البائع ، فالقول قول البائع ، بخلاف ما لو ادّعى بأنّ الوصف ضدّ الموجود.

٣١١٦. الرابع : لو وجد البعض بخلاف الوصف ، تخيّر في المبيع كلّه.

٣١١٧. الخامس : لو أخلّ بذكر الوصف الرافع للجهالة ، مع عدم

٢٩٠

المشاهدة ، بطل البيع ، وإن كان المبيع معيّنا ، بخلاف النكاح.

٣١١٨. السادس : يشترط في بيع خيار الرؤية أمران : ذكر الجنس والوصف ، فلو أخلّ بأحدهما بطل ، ولو باع المشاهد ، وجب رؤية كلّ ما هو مقصود بالبيع ، ولو شاهد بعضها ووصف له الباقي ، صحّ ، وتخيّر مع عدم المطابقة ، ولو نسج بعض الثوب وباعه على أن ينسج الباقي ويدفعه ، بطل العقد.

٣١١٩. السابع : الأقرب انّ خيار الرؤية على الفور ، ويثبت بعد الرؤية إن كان على غير الوصف لا مطلقا ، ولو اختار إمضاء العقد قبل العقد ، ففي عدم اللزوم إشكال ، وكذا لو تبايعا على أنّه لا يثبت الخيار للمشتري.

٣١٢٠. الثامن : يثبت الخيار لمن لم يشاهده ، سواء كان البائع أو المشتري.

ولو لم يكونا رأياه ، ثبت لهما معا الخيار ، ويثبت مع الزيادة في الوصف للبائع ومع النقصان للمشتري.

ولو شرط البائع خيار الرؤية لنفسه ، فلو لم يكن قد رآه ، صحّ الشرط ، وإن كان قد رآه ، فلا وجه للشرط.

٣١٢١. التاسع : إذا شاهد المبيع ، ثمّ عقدا بعد مدّة ، فإن لم يتطرّق التغيّر إليه ، صحّ البيع ، وإن كان غائبا ، فإن وجداه كما كان ، لزم البيع ، وإن تغيّر إلى الزيادة تخيّر البائع ، وإلى النقصان تخيّر المشتري ، ولو اختلفا في التغيّر ، فالقول قول المشتري.

وإن باعه بعد مدّة يعلم تلفه فيها ، بطل إجماعا ، ولو تساوى الأمران ، صحّ البيع ، فإن وجد على الوصف ، لزم ، وإلّا ثبت الخيار.

٣١٢٢. العاشر : يصحّ بيع الموصوف مع التعيين ، مثل بعتك عبدي

٢٩١

التركيّ ، ويصفه (١) ويثبت للمشتري الخيار مع خلاف الوصف ، وليس له المطالبة بالعوض على ما قلنا ، وكذا لو تلف قبل قبضه ، بل يبطل البيع ، ومع عدمه (٢) مثل بعتك عبدا تركيّا ، ويصفه من غير إشارة إلى عين معهودة ، ولو وجده على الوصف ، وجب قبضه ، وإلّا طالبه بالبدل.

ويجوز التفرّق قبل القبض ، ولا يجوز العقد في هذا على ما يتعذّر وجوده ، ولو قرنه بالمدّة كان سلما.

٣١٢٣. الحادي عشر : لا يجوز بيع عين بصفة مضمونة ، كأن يقول : بعتك هذا الثوب ، على أنّ طوله كذا ، وعرضه كذا ، وغيره من الصفات ، على أنّه إن لم يكن كذا فعليّ بدله على هذا الصفات.

٣١٢٤. الثاني عشر : يجوز أن يبيع شيئا ويشترط أن يسلّمه إليه بعد شهر أو أكثر ، ويجوز بيع العين الحاضرة بالحاضرة وبالدين بلا خلاف.

الفصل الثاني : في محلّه وأحكامه

وفيه تسعة وثلاثون بحثا :

٣١٢٥. الأوّل : بيع العين المشاهدة يدخله خيار المجلس والشرط.

وإن كان حيوانا ، دخله خيار الحيوان أيضا.

__________________

(١) في «أ» : ووصفه.

(٢) الضمير يرجع إلى التعيين.

٢٩٢

وإن كان غائبا دخله خيار الرؤية والشرط.

وإن كان صرفا ، دخله خيار المجلس ، قال الشيخ : ولا يدخله خيار الشرط إجماعا (١) وعندي فيه نظر.

وإن كان سلما دخله خيار المجلس والشرط.

٣١٢٦. الثاني : الرهن لا يدخله خيار الشرط للمرتهن ، وفي الراهن إشكال.

٣١٢٧. الثالث : الصلح إن كان إبراء ـ كأن يقول : لي الف ، أبرأتك عن النصف وادفع الباقي ـ فلا خيار فيه ، وإن كان معاوضة ، لم يدخله خيار المجلس ، والوجه عندي دخول خيار الشرط فيه.

٣١٢٨. الرابع : الهبة لا يدخلها الخيار.

٣١٢٩. الخامس : الحوالة لا يدخلها خيار المجلس ، والأقرب دخول خيار الشرط ، وكذا الضمان.

٣١٣٠. السادس : الشفعة لا يدخلها الخيار.

٣١٣١. السابع : المساقاة لا يدخلها خيار الشرط.

٣١٣٢. الثامن : الإجارة يدخلها خيار الشرط دون خيار المجلس ، سواء كانت معيّنة أو مطلقة.

٣١٣٣. التاسع : الوقف لا يدخله الخياران معا وكذا النكاح.

والصداق يدخله خيار الشرط دون المجلس.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٧٩.

٢٩٣

٣١٣٤. العاشر : الطلاق لا يدخله الخياران ، وكذا العتق والخلع.

٣١٣٥. الحادي عشر : السبق والرماية لا يدخله خيار المجلس ، ويدخله خيار الشرط.

٣١٣٦. الثاني عشر : الكتابة المشروطة ليس للمولى فيها خيار المجلس ، وله خيار الشرط ، وللعبد الخياران ، والمطلقة (١) لا خيار فيها لهما.

٣١٣٧. الثالث عشر : العقود الجائزة كالشركة والمضاربة لا يدخلها الخياران معا ، فظهر أنّ خيار المجلس لا يدخل في شي‌ء من العقود سوى البيع ، وخيار الشرط يثبت في كلّ عقد سوى النكاح والوقف والإبراء والطلاق والعتق.

٣١٣٨. الرابع عشر : خيار المجلس يبطل بالتفرّق والتخاير والتصرّف ، وخيار الشرط بالتصرّف ، ولو مات صاحب الخيار انتقل إلى الوارث من أيّ أنواع الخيار كان ، سواء طالب بالفسخ قبل موته أو لا ، ولو جنّ ، قام وليّه مقامه ، وليس له الاعتراض بعد زوال العذر في ما فعل الوليّ.

ولو كان صاحب الخيار مملوكا فمات ، فالخيار للمولى ، سواء كان الشراء للعبد أو لأجنبيّ وشرط له الخيار على إشكال.

ولو جعل الخيار لأجنبيّ فمات ، فالوجه عدم سقوط الخيار ، بل ينقل إلى الوارث لا إلى المتعاقدين.

٣١٣٩. الخامس عشر : إذا تلف المبيع قبل القبض ، فهو من مال البائع ، وإن كان في مدّة الخيار ، ولو أتلفه المشتري فهو من ضمانه ، ويبطل

__________________

(١). تقابل المشروطة.

٢٩٤

خياره ، والأقرب عدم بطلان خيار البائع.

ولو تلف بعد القبض والقضاء الخيار فمن المشتري. وإن كان في مدّة الخيار ، وفسخا البيع أو أحدهما سقط الثمن ووجبت القيمة على المشتري ، وإن اختار الإمضاء ، أو سكتا حتّى مضت مدّة الخيار وجب الثمن.

٣١٤٠. السادس عشر : لو تصرّف المشتري في مدّة الخيار تصرّفا يختصّ الملك ، كالعتق ، والوطء ، والوقف ، والركوب ، والسكنى ، بطل خياره ، وكذا لو عرضه للبيع ، أو باعه بيعا فاسدا ، أو عرضه للرهن ، أو وهبه فلم يقبل الموهوب ، أو استخدمه.

ولو ركب الدابة لينظر سيرها ، أو طحنها ليعرف قدره ، أو حلب الشاة ليعلم مقداره فقد قيل : لا يبطل خياره ، ولو قبّلت الجارية المشتري ، قال الشافعي : لا يبطل خياره (١) والوجه بطلانه مع الرضا.

٣١٤١. السابع عشر : لا يبطل خيار البائع ببطلان خيار المشتري ، ولو تصرّف بما يفتقر إلى الملك ، كان فسخا.

٣١٤٢. الثامن عشر : لو اعتقه المشتري بطل خياره ، والوجه عدم بطلان خيار البائع.

٣١٤٣. التاسع عشر : هل للمشتري وطء الجارية في مدة الخيار المشترك أو خيار البائع؟ الأقرب جوازه ، فلا مهر عليه ولا حدّ ، وينعقد الولد حرّا بغير قيمة.

قال الشيخ : ولو فسخ البائع ، لزمه قيمة الولد ، ولو لم يكن ولد ، لزمه عشر

__________________

(١) المغني لابن قدامة : ٤ / ٧٤.

٢٩٥

قيمتها إن كانت بكرا ، أو نصف عشر ان كانت ثيّبا ، ولا يبطل خيار البائع بوطء المشتري مع علمه وبدونه الا مع رضاه (١).

والوجه عندي انّ البائع إذا فسخ رجع بالقيمة ولا يرجع بقيمة الولد ولا عقر عليه ، أمّا وطء البائع فالتحريم فيه قويّ إلّا بعد الفسخ ، ومعه ينفسخ العقد ولا حدّ عليه وإن علم بالتحريم ، ويحصل الفسخ بأوّل جزء من الوطء فيقع تمامه في الملك ، فلا حدّ ولا مهر ، وينعقد الولد حرّا ، ولا قيمة له ، والأمة أمّ ولد.

٣١٤٤. العشرون : المبيع ينتقل بالعقد : وللشيخ قول بانتقاله به وبالقضاء الخيار ، سواء كان لهما أو لأحدهما أيّهما كان (٢).

٣١٤٥. الواحد والعشرون : النماء المتّصل المتجدّد تابع للمبيع ، إن فسخ تبعه ، والمنفصل للمشتري ، سواء أمضيا العقد أو فسخاه.

٣١٤٦. الثاني والعشرون : إذا تلف المبيع في زمن الخيار قبل القبض ، انفسخ البيع ، وكان من ضمان البائع ، وإن كان بعد القبض ، والخيار للبائع ، فالتلف من المشتري ، وإن كان للمشتري فالتلف من البائع ، ولو كان مشتركا فالتلف من المشتري.

ولو كان بتفريط ، فالضمان على المفرّط ، ويجب على المشتري فطرته في الخيار مع الشرائط.

٣١٤٧. الثالث والعشرون : لو اشترى أمة حاملا فولدت عنده في مدّة الخيار ، ثمّ ردّها ، لزمه ردّ الولد أيضا.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٨٣.

(٢) الخلاف : ٣ / ٢٢ ، المسألة ٢٩ من كتاب البيوع ؛ والمبسوط : ٢ / ٨٣ ـ ٨٤.

٢٩٦

٣١٤٨. الرابع والعشرون : تصرّف أحد المتبايعين في مدّة الخيار ـ إمّا بنقل العين كالبيع ، أو بإشغالها كالإجارة والرهن والتزويج ـ مبطل للخيار ، والوجه صحّة تصرّفه ، سواء كان البائع أو المشتري على إشكال.

ولو تصرّف المشتري بإذن البائع أو البائع بوكالة المشتري صحّ التصرّف وانقطع خيارهما ، ولو أعتقه المشتري نفذ العتق ، وكذا لو أعتقه البائع في خياره على إشكال ، وينفسخ البيع قطعا ، ولو أعتقه ثانيا زال الإشكال.

ولو اشترى جارية بعبد ، ثمّ اعتقهما معا ، نفذ عتق الجارية خاصّة ، ولو قدّم عتق الأمة ، صحّ وبطل خياره ، ويبطل عتق العبد ، ولو قدّم عتق العبد انفسخ البيع وصحّ العتق على إشكال ، وبطل عتق الأمة.

٣١٤٩. الخامس والعشرون : لا يكره نقد الثمن وقبض المبيع في مدّة الخيار.

٣١٥٠. السادس والعشرون : ابتداء مدّة خيار الشرط من حين العقد ، وقال الشيخ : من حين التفرّق (١). ولو شرطاه من حين التفرّق بطل.

٣١٥١. السابع والعشرون : إذا شرطا الخيار إلى مدّة لم يدخل تلك الغاية بكمالها ، فلو باعه بخيار إلى الليل لم يدخل الليل ، ولو شرطا إلى طلوع الشمس أو غروبها ، صحّ ، ولو شرطا إلى طلوعها من تحت السحاب أو غروبها عنه ، بطل.

ولو شرط المؤامرة ، بأن يبيعه بشرط أن يستأمر فلانا أو يستشيره لذلك ، لم يكن له الردّ حتّى يستأمره. قال الشيخ : ليس للاستيمار حدّ إلّا أن يشترط مدّة معيّنة (٢). ويقوي عندي وجوب التعيين.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٨٥.

(٢) المبسوط : ٢ / ٨٦.

٢٩٧

٣١٥٢. الثامن والعشرون : لصاحب الخيار الفسخ وإن كان غريمه غائبا ، وكذا فسخ المعيب ، ولو انقضت المدّة ولم يفسخ أحدهما ، لزم العقد ، وبطل الخيار.

٣١٥٣. التاسع والعشرون : إذا قال أحد المتبايعين : لا خلابة (١) جاز ، وله الخيار إن غبنه صاحبه ، وإلّا فلا ، سواء خدعه أو لا ، ولو شرط الخيار في العقد حيلة على الانتفاع بالقرض ، ليأخذ غلّته في مدّة انتفاع المقترض بالثمن ، ثم يردّ بالخيار عند ردّ الثمن ، جاز وحلّ لأخذ الثمن الانتفاع به في مدّة الخيار.

٣١٥٤. الثلاثون : إذا قال : بعتك على ان تنقد لي الثمن بعد شهر ، وإلّا فلا بيع بيننا ، صحّ البيع ، ولو باعه على أن يسلّمه المبيع بعد شهر ، صحّ أيضا.

٣١٥٥. الواحد والثلاثون : البيع منضما إلى شرط سائغ جائز ما لم يوجب تجهيل أحد العوضين ، فلو باعه جارية بشرط أن يطأها المشتري ، صحّ البيع.

٣١٥٦. الثاني والثلاثون : لو باعه عبدين وشرط مدّة الخيار في أحدهما معيّنا ، صحّ ، وإن أبهم بطل ، ولكلّ منهما قسط من الثمن ، سواء عيّنه ، بأن يقول : ثمن هذا ألف والآخر الباقي أو لا.

٣١٥٧. الثالث والثلاثون : إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض ، لم ينقطع الخيار.

٣١٥٨. الرابع والثلاثون : إذا اشترى اثنان بشرط أنّ الخيار لهما ، ثم أجاز أحدهما ، فالوجه جواز فسخ الآخر ، بخلاف ما لو ظهر معيبا واختلفا.

٣١٥٩. الخامس والثلاثون : القول قول منكر الخيار ومنكر الزيادة ومدّعي التعيين

__________________

(١) في مجمع البحرين : خلبه : خدعه ، والاسم «الخلابة» بالكسر.

٢٩٨

إلّا عند من جوّز تجهيله.

٣١٦٠. السادس والثلاثون : لا تقوم رؤية الوكيل في خيار الرؤية مقام رؤيته ، ولا يبطل خياره إذا لم يوكّله في التزام البيع. (١)

٣١٦١. السابع والثلاثون : إذا جنى البائع في خيار المشتري لم يبطل خياره ، وإن كان مقبوضا.

٣١٦٢. الثامن والثلاثون : إذا شرط وليّ الصبي خيارا ، فبلغ في أثناء مدّته ، كان الخيار في الباقي للصبيّ.

٣١٦٣. التاسع والثلاثون : إذا شرط الوكيل الخيار لموكّله صحّ ، وإن شرط لأجنبيّ لم يصحّ ، والإطلاق ليس بجيّد بل إن كان وكيلا مطلقا صحّ ، وإلّا فلا.

ولو شرط أحد المتعاقدين خيارا أزيد صحّ ، فإذا انقضت مدّة الأقصر لزم من جهته دون الآخر.

__________________

(١) في «ب» : في التزام المبيع.

٢٩٩
٣٠٠