تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

وإن لم يشاهد باطنها ، وكذا يصحّ بيع الجزء المشاع منها إذا كان معلوم النسبة والعلم بمقدارها ، وإلّا فلا.

٣٢٨١. الثاني : لا يجوز للبائع أن يغشّ الصبرة بأن يجعلها على دكّة ، أو نشر أو يجعل الرديّ في باطنها ، فإن فعل وباعها وأخبر بمقدارها ثمّ وجد العيب ، يتخيّر بين الفسخ وأخذ الأرش ، ولو كانت تحتها حفرة ، أو كان باطنها أجود ، تخيّر البائع إن لم يعلم.

٣٢٨٢. الثالث : لو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم ، وعلما المقدار صحّ ، وإلّا بطل ، وكذا يبطل في القفيز الواحد على إشكال ، ولو قال : بعتك منها عشرة أقفزة ، صحّ مع العلم بتحقّق العشرة فيها.

٣٢٨٣. الرابع : لو قال : بعتك هذه الصبرة بكذا على أن أزيدك قفيزا ، وكانا عالمين بالمقدار ، وعيّنا القفيز بالمشاهدة أو الوصف ، صحّ البيع ، وإلّا فلا ، وكذا لو قال : على أن أنقصك قفيزا منها ، مع العلم بمقدارها ، وكذا كلّ متساوي الأجزاء.

٣٢٨٤. الخامس : لو باع ما لا تتساوى أجزاؤه ، كالأرض ، والثوب ، والقطيع ، صحّ مع المشاهدة وإن لم يعرف الذرع ولا عدد الغنم ، وكذا بيع أبعاضها بالجزء المشاع.

ولو قال : بعتك كلّ ذراع منها بدرهم ، وعلما الذراع ، صحّ ، وإلّا فلا.

ولو قال : بعتك منها عشرة أذرع ، وكانت أزيد ، فإن عيّنها ، صحّ ، وإن أبهم ، وكانت الدار معلومة الذراع ، قال الشيخ رحمه‌الله : صحّ البيع (١) وله بنسبة العددين (٢) لأنّ

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٥٣ ؛ والخلاف : ٣ / ١٦٤ ، المسألة ٢٦٤ من كتاب البيوع.

(٢) أي يصير المبيع مشاعا فإذا باع عشرة أذرع وكانت الأرض ثلاثين ذراعا فللمشتري ثلثها وهذا المراد من قول المصنّف «بنسبة العددين».

٣٤١

الذراع مكيال كالقفيز ، وقيل : يبطل ، لأنّ الذراع عبارة عن بقعة بعينها ، وموضعه مجهول ، وعندي فيه تردّد.

ولو قال : بعتك من هاهنا إلى هاهنا ، صحّ إجماعا ، ولو قال : عشرة من هاهنا إلى حيث ينتهي ، قال الشيخ : يصحّ لتعيّنه بالذرع والمشاهدة (١). وقيل : لا يصحّ ، لاختلاف أجزاء الأرض وعدم العلم بالمنتهى (٢).

٣٢٨٥. السادس : لو قال : بعتك نصيبي من هذه الدار ، وعلما مقداره ، صحّ ، وإلّا بطل ، وكذا يبطل لو قال : نصيبا أو سهما وأبهم ، وكذا لو قال : بعتك شاة من هذا القطيع ، ولم يعيّنها.

والثوب حكمه حكم الأرض في جميع ما تقدّم.

٣٢٨٦. السابع : لو باعه أرضا على أنّها جربان (٣) معلومة ، فنقصت ، تخيّر المشتري بين الردّ والإمساك ، ولا يبطل البيع من رأس ، فإن ردّ استرجع الثمن ، وإن أمسك للشيخ قولان : أحدهما الإمساك بجميع الثمن (٤) والثاني بقسطه (٥) ، فقيل : يتخيّر البائع حينئذ ، وفيه قوّة ، ولو أمسكه المشتري بالجميع ، سقط خيار البائع. ولو كان للبائع أرض ملاصقة ، قال الشيخ : وجب عليه أن يوفّيه تمام

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٥٤ ؛ والخلاف : ٣ / ١٦٤ ، المسألة ٢٦٥ من كتاب البيوع.

(٢) نسبة الشيخ في الخلاف إلى الشافعي. لاحظ الخلاف : ٣ / ١٦٤ ، المسألة ٢٦٥.

(٣) جربان وأجربة جمع الجريب ، وقدّر الجريب من الأرض بستين ذراعا في ستّين. لاحظ مجمع البحرين.

(٤) ذهب إليه في المبسوط : ٢ / ١٥٤.

(٥) اختاره في النهاية : ٤٢٠.

٣٤٢

المبيع منها (١) تعويلا على رواية عمر بن حنظلة عن الصادق عليه‌السلام (٢) ومنعه ابن إدريس (٣) ، وهو جيّد.

ولو زادت الأرض ، فالّذي قوّاه الشيخ صحّة البيع (٤) ، وهو حسن ، فحينئذ قيل : لا تكون الزيادة هنا للبائع ، بل يتخيّر بين تسليم الجميع بالثمن والفسخ. وقيل : تكون له ، ويتخيّر بين تسليمه زائدا وتسليم المقدّر ، ويسترجع الزيادة ، ومع تسليم الجميع ، لا خيار للمشتري ، ويتخيّر مع استرجاع الزيادة ، فإن اختار مع الاسترجاع الإمساك ، احتمل أن يثبت للبائع الخيار ، لتضرّره بالشركة ، وعدمه لرضاه بالثمن عوض الجميع ، فعوض البعض أولى.

ولو طلب المشتري الزيادة بعوض ، أو طلب البائع عوضها لم يتخيّر الآخر ، ولو اتّفقا جاز.

وحكم الثوب وما لا تتساوى أجزاؤه كذلك ، وكذا لو باعه قطيعا على أنّه مائة ، فزاد أو نقص.

٣٢٨٧. الثامن : لو باع ما تتساوى أجزاؤه فزاد أو نقص ، أخذ البائع الزيادة ، ورجع المشتري بثمن النقصان ، ولا خيار للمشتري لو أخذ البائع الزيادة ، والوجه ثبوته له مع النقصان.

٣٢٨٨. التاسع : لو أخبره بالمقدار وباعه ، صحّ وإن لم يكله ، فإن باعه المشتري فكاله الثاني ردّ الزائد ، واسترجع ثمن الناقص ، ولو اختلفا بعد التلف ، فالقول قول المشتري مع يمينه وعدم البيّنة قلّ أو كثر.

__________________

(١) النهاية : ٤٢٠.

(٢) لاحظ التهذيب : ٧ / ١٥٣ برقم ٦٧٥.

(٣) السرائر : ٢ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦.

(٤) المبسوط : ٢ / ١٥٤.

٣٤٣

ولو أعلمه بالكيل وباعه بثمن سواء زاد أو نقص لم يجز ، ولو نظر أجنبيّ إلى الكيل جاز أن يشتريه بغير كيل.

ولو كاله البائع للمشتري ، ثمّ اشتراه منه لم يحتج إلى كيل ثان ، وكذا لو اشترى الشريكان طعاما ، ثمّ باع أحدهما حصّته شريكه قبل تفرّقهما بعد أن اكتالاه.

٣٢٨٩. العاشر : لو قبض المشتري المبيع ثمّ ادّعى النقصان ، فالقول قوله مع يمينه وعدم البيّنة إن لم يكن حضر كيله ولا وزنه ، وإن حضر فالقول قول البائع إن ادّعى نقصا كثيرا ، والوجه قبول قوله في قليل يمكن وقوعه في الكيل.

٣٢٩٠. الحادي عشر : لو أسلفه في طعام بالعراق ثم طالبه بالمدينة ، لم يجب عليه دفعه ، ولو طلب القيمة ؛ قال الشيخ : لم يجز لأنّه بيع الطعام قبل قبضه (١).

وعندنا انّه مكروه ، فيجوز مع التراضي ، وكذا لو كان قرضا ، ولو طالبه بقيمته بسعر العراق ، وجب دفعها.

ولو تبرّع المقترض بدفع المثل في المدينة لم يجبر المقرض على القبض ، ولو غصبه بالعراق ، وأتلفه ، فطالبه به في المدينة ، قال الشيخ : لا يجب دفع المثل (٢) ، ولو طلب القيمة وجب دفعها بسعر العراق ، ولا يجبر على سعر المدينة ، والوجه عندي مطالبته بالمثل ، فإن تعذّر ، فالقيمة بسعر المدينة.

٣٢٩١. الثاني عشر : لو باع ما اشتراه بعد قبضه ، ولم يقبض البائع ، فتلف غير المقبوض ، بطل البيع الأوّل لا الثاني.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٢) المبسوط : ٢ / ١٢٣.

٣٤٤

الفصل الخامس : في الغرر

وفيه واحد وأربعون بحثا :

٣٢٩٢. الأوّل : لا يجوز بيع ما ليس عنده إذا كان الثمن معيّنا في يد مالكه قبل شرائه ، ولو كان مطلقا موصوفا جاز وإن لم يكن في ملكه.

٣٢٩٣. الثاني : لا يجوز بيع الحمل في بطن أمّه منفردا ، ولو باعه مع أمّه صحّ ، ولو باع الأمّ وشرط وضعها بعد مدّة معيّنة بطل ، ولا يجوز بيع حبل الحبلة ، فقيل :

نتاج النتاج ، وقيل : جعل حمل النتاج أجلا (١) ، وهو باطل بمعنييه ، ولو شرط الأوّل في عقد ، ففي صحّته إشكال.

٣٢٩٤. الثالث : لا يجوز بيع اللبن في الضرع ، سواء كانت أيّاما معلومة أو لا ، ولو باعه مع ما احتلب منه. قال الشيخ : يجوز ، لرواية سماعة (٢) ، والوجه عندي البطلان.

٣٢٩٥. الرابع : اختار المفيد رحمه‌الله (٣) وابن إدريس (٤) جواز بيع أصواف الغنم وشعورها على جلودها منفردة مع المشاهدة ، ومنعه الشيخ (٥) ، والأوّل أقوى.

وكذا يصحّ لو باع الغنم ، واستثنى الأصواف ، ولو باع الصوف على ظهر

__________________

(١) لاحظ المبسوط : ٢ / ١٥٨.

(٢) النهاية : ٤٠٠ ؛ ولاحظ التهذيب : ٧ / ١٢٣ برقم ٥٣٨.

(٣) المقنعة : ٦٠٩.

(٤) السرائر : ٢ / ٣٢٢.

(٥) النهاية : ٤٠٠ ؛ والخلاف : ٣ / ١٦٩ ، المسألة ٢٧٦ من كتاب البيوع.

٣٤٥

الحيوان مع ما في بطنه ، قال الشيخ يجوز (١). والوجه المنع.

٣٢٩٦. الخامس : لا يجوز بيع السمك في الآجام إجماعا ، ولو ضم إليه قصب الأجمة. قال الشيخ جاز ، (٢) وليس بمعتمد ، وكذا لا يصحّ لو اصطاد شيئا منه ، وباعه مع ما في الأجمة ، وانّما يصحّ بيعه في الماء مع مشاهدته أجمع وملكه وإمكان اصطياده.

٣٢٩٧. السادس : قال الشيخ : يجوز أن يشتري الإنسان ، أو يتقبّل بشي‌ء معلوم ، جزية رءوس أهل الذمّة ، وخراج الأرضين ، وثمرة الأشجار ، وما في الآجام من السّموك ، إذا كان قد أدرك شي‌ء من هذه الأجناس ، وكان البيع في عقد واحد ، وإن لم يدرك شي‌ء من هذه الأجناس لم يجز ، (٣) ومنعه ابن إدريس مطلقا (٤) ، وهو الأقوى.

٣٢٩٨. السابع : لو أعدّ بركة أو مصفاة لصيد السمك فحصل فيها ، ملكه ، ويجوز أن يستأجر برك الحيتان ليحبسها فيها ، وشبكة الصيد ليصطاد بها ، ولو استاجر أرضا للزراعة فيدخل فيها سمك ، ونصب الماء ، فالمستأجر أحقّ به من غير تملّك.

ولو وثبت سمكة إلى سفينة فأخذها بعض الركاب ، كانت ملكا له ، أمّا السفن المعدّة لذلك ، كالّتي يجعل فيها الضوء ويضرب فيها صواني (٥) الصفر

__________________

(١) النهاية : ٤٠٠.

(٢) النهاية : ٤٠١.

(٣) النهاية : ٤٠٠.

(٤) السرائر : ٣٢٣.

(٥) الصواني مفردها «صينية» : الآنية المنسوبة إلى بلاد الصين ، والمراد الطبق المتخذ من النحاس لوثوب السمك إليه لتلألؤ الضوء عليه.

٣٤٦

ليثب السمك [فيها] ، فانّ صاحبها يملك ما يحصل فيها كالشبكة.

ولو عشش طائر في داره ، وفرخ ، أو توحّل ظبي لم يملكه ، وكان أحقّ ، وكذا لو دخل الماء داره ، ولو نصب شبكة فوقع فيها صيد ملكه ، وكذا لو اغترف الماء بآنية ، ولو اتّخذ لمياه الأمطار والسيول مصانع ، ليحصل فيها الماء ، ملكه بالحصول ، ولو أعدّ أرضا للملح ، فجعلها ملاحة ، ليحصل فيها الماء فيصيد ملحا ، ملكه ، ولو لم يعدها لذلك لم يملكه.

وكذا لا يملك لو وقع الصيد في شبكة غير منصوبة ولا مقصودة للصيد ، ويكون أحقّ ، ولو حصل صيد في (فم) (١) كلب إنسان أو فهده أو صقره ، وكان قد استرسل بإرسال صاحبه ، ملكه ، ولو استرسل من نفسه كان أحقّ من غير ملك ، وكذا ما يحصل في فم البهيمة من الحشيش.

٣٢٩٩. الثامن : لا يجوز بيع الطير في الهواء ، سواء كان مملوكا ، أو غيره ، وسواء كان ممّا يألف الرجوع أو لا ، ولو كان في البرج والباب مفتوح ، لم يجز ، وإن كان مغلقا ، جاز وإن افتقر تسليمه إلى مشقّة.

٣٣٠٠. التاسع : لو باع ما لا يملك وقف على إجازة المالك ، ولا يكفي حضور المالك ولا سكوته ، ولا يقع باطلا في نفسه ، خلافا للشيخ في بعض أقواله (٢) ، فلو اشترى الوكيل أو باع غير المأذون في بيعه أو شرائه ، ضمن ما فوّت على المالك أو تلف ، فإن اشترى غير المعيّن بثمن في الذمّة ، صحّ ، فإن أجاز الموكّل ، وإلّا لزمه الثمن.

__________________

(١) ما بين القوسين موجود في «ب».

(٢) المبسوط : ٢ / ١٥٨ ؛ والخلاف : ٣ / ١٦٨ ، المسألة ٢٧٥ من كتاب البيوع.

٣٤٧

٣٣٠١. العاشر : لو باع الأمّ لم يدخل الحمل الموجود إلّا مع الشرط ، ولو اشتراها على أنّها حامل ، صحّ ، وكذا على أنّها لبون ، ولو شرط حلب قدر معيّن لم يجز.

٣٣٠٢. الحادي عشر : لا يجوز بيع البيض متّصلا بالحيوان منفردا ، ولو اشترط في بيع الدجاجة ، جاز ، ولو انفصل من الحيوان بعد موته حلّ بيعه إن كان قد اكتسى الجلد الأبيض الفوقاني ، وإلّا فلا.

ويصحّ بيع بيض ما لا يؤكل لحمه إن أمكن أن يصير فرخا ، وإلّا فلا.

٣٣٠٣. الثاني عشر : لو شرط البائع في البيع الحمل لنفسه ، جاز. ومنعه الشيخ (١) ، وابن البراج في الجواهر (٢) ، وهو ضعيف. ولو لم يشترطه كان له أيضا ما لم يشترطه المشتري.

٣٣٠٤. الثالث عشر : يجوز بيع المسك في فأره وإن لم يفتق ويشاهد ، وفتقه أحوط. (٣)

٣٣٠٥. الرابع عشر : لو أعطاه راجحا بما تجري العادة ، لم يجب رده وإلّا وجب ، ويجوز أن يندر للظروف ما يحتمل زيادته ونقصانه ممّا تجري العادة بمثله ، ولا يجوز إندار ما يزيد دائما أو ينقص ، ولو باعه السلعة مع الظرف ، جاز من غير اندار.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٥٦.

(٢) جواهر الفقه : ٦٠ ، المسألة ٢٢١ من كتاب البيع.

(٣) قال الشيخ في المبسوط : المسك طاهر يجوز بيعه في فأرة قبل أن يفتح ويرى المسك ، والاحوط أن يباع بعد فتحه.

٣٤٨

ولو قال : بعتك هذا السمن (١) بظرفه كلّ رطل بدرهم ، صحّ إذا عرف وزنهما جملة ، وإن لم يعرف التفصيل على إشكال.

ولو باعه بصاع مجهول ، لم يجز ، ولو قبض من غيره دراهم ففرّقها بالوزن ، فزادت يسيرا يتفاوت الموازين في مثله ، لم يجب ردّ الزيادة ، ولا يجوز لمن عليه الحقّ إعطاء الناقص وإن قلّ.

٣٣٠٦. الخامس عشر : لو لم يعيّن الثمن ، أو باعه بحكم المشتري ، بطل البيع ، فإن هلك في يده ، كانت عليه قيمته يوم ابتاعه ، قاله الشيخ (٢) ، وقال ابن إدريس يضمن بالمثل ، فإن أعوز فثمن المثل يوم الإعواز ، وإن لم يكن مثليا فقيمته أكثر ما كانت إلى يوم الهلاك (٣).

ولو كان قائما بعينه ، انتزعه من يد المبتاع ورجع بأرش نقصه في يده بحدثه. (٤)

ولو زادت القيمة بالحدث ، قال الشيخ ردّ قيمة الزيادة (٥). وهو قوي. وقال ابن إدريس بذلك ان كانت الزيادة عينا وإلّا فلا (٦).

ولو باعه بحكم البائع قال الشيخ : إن حكم بأقلّ من القيمة مضى ، ولم يكن له أكثر ، وإن حكم بأكثر كانت له القيمة وقت البيع إلّا ان يتبرّع المشتري (٧).

__________________

(١) في «ب» : هذا التمر.

(٢) لاحظ النهاية ونكتها : ٢ / ١٤٥ ـ ١٤٦ وقد سقطت في المطبوع من النهاية فلاحظ ٣٧٦ ـ ٣٨٧.

(٣) السرائر : ٢ / ٢٨٥.

(٤) أي بفعله.

(٥) النهاية ونكتها : ٠٢ / ١٤٦.

(٦) السرائر : ٢ / ٢٨٦.

(٧) النهاية : ٣٨٧.

٣٤٩

والوجه عندي بطلان البيع أيضا ، فإن كان باقيا انتزعه ، وإن كان تالفا ، فله المثل ، وإلّا فالقيمة. قال ابن إدريس : أكثر القيم إلى يوم الهلاك لا قيمة حال لبيع (١).

٣٣٠٧. السادس عشر : لا بدّ من اختبار ذي الطعم أو الرائحة بالذوق أو الشمّ ، ويجوز على الوصف ، فإن وجد كما وصف ، وإلّا تخيّر المشتري ، ولو بيع بشرط السلامة من غير اختبار ولا وصف ، فالأقرب جوازه ، فإن خرج معيبا تخيّر بين الأرش والرّد ، ولو تصرّف سقط الردّ.

ولو كان المبيع يؤدّي اختباره إلى فساده ، كالجوز والبطيخ ، جاز مطلقا وبشرط الصحّة ، فإن وجد صحيحا فيهما وإلّا كان له الأرش والردّ إن لم يتصرّف ، ولو تصرف سقط الردّ.

ولو لم تكن لمكسوره قيمة كالبيض ، بطل البيع واسترجع الثمن ، ولو غاب بعد مشاهدته ثمّ اشتراه ، صحّ ، فإن لم يتغير ، لزم وإلّا كان له الردّ ، ولو اختلفا في التغيّر ، فالقول قول المشتري على إشكال.

٣٣٠٨. السابع عشر : يجوز بيع الأعمى وشراؤه ، ولا فرق بين أن يولد أعمى أو يتجدّد له ، ولا بين بيع الحاضر السلف.

٣٣٠٩. الثامن عشر : لو باع ثوبا بمائة ذهبا وفضّة لم يصحّ ، ولا يلزم التنصيف.

٣٣١٠. التاسع عشر : لو باع ما يجوز بيعه وما لا يجوز ، فأقسامه ثلاثة : أن يبيع معلوما ومجهولا ، فيبطل ، ومعلومين يتقسّط (٢) الثمن عليهما بالأجزاء ، كعبد مشترك يبيعه أجمع فيصحّ في نصيبه بقسطه ، ويقف الباقي على الإجازة ، فإن

__________________

(١) السرائر : ٢ / ٢٨٦.

(٢) في «أ» : ولا يتقسط.

٣٥٠

أجاز المالك صحّ ، وأخذ نصيبه من الثمن ، وإلّا فلا ، ولا يبطل نصيب الشريك من رأس ، ومعلومين لا يتقسّط بالأجزاء ، كعبد وحرّ ، وخلّ وخمر ، وعبد نفسه وعبد غيره فيصحّ فيما يصحّ بيعه بقسطه ، ويبطل في الآخر إلّا في ملك غيره ، فيقف على رضاه ، ثمّ إن ضمّ مملوك غيره فيقسط الثمن بالنسبة إلى القيمة ، وإن لم يكن مملوكا قسط بالنسبة إلى مستحلّه. وكذا حكم رهن ما يملك وما لا يملك وهبته ، وسائر العقود.

٣٣١١. الثلاثون : لو اشترى جملة ، فتلف البعض قبل القبض ، لم ينفسخ في الباقي ، ويأخذ بحصّته من الثمن ، وله الفسخ ، ولو كان لكلّ رجل عبد ، فباعاهما صفقة بثمن واحد ، صحّ ، وقسط الثمن على قدر القيمتين.

٣٣١٢. الواحد والثلاثون : كلّ موضع يعلم المشتري تفريق الصفقة قبل البيع ، لا خيار له فيه ، ولو جهله فله الخيار دون البائع.

٣٣١٣. الثاني والثلاثون : يجوز بيع الرقم ، وهو بيع الثوب برقمه المكتوب عليه إذ كان معلوما حال العقد ، من غير كراهيته.

٣٣١٤. الثالث والثلاثون : لو باعه عبدا من عبدين أو ثلاثة ، لم يصحّ وإن شرط له الخيار.

٣٣١٥. الرابع والثلاثون : يجوز إعطاء البقر والغنم بالضريبة مدّة من الزمان بشي‌ء من الدراهم أو الدنانير والسمن ، والذهب والفضة أحوط ، قاله الشيخ (١) ، وقال ابن إدريس : يمكن العمل بهذه الرواية بأن يحلب بعض اللبن ويبيعه مع ما

__________________

(١) النهاية : ٤٠٠.

٣٥١

في الضرع ، مدّة من الزمان (١). والوجه عندي البطلان إن كان بيعا ، وإلّا كان هذا بمنزلة الإباحة.

٣٣١٦. الخامس والثلاثون : قال الشيخ : يجوز أن يشتري الإنسان تبن البيدر لكلّ كرّ من الطعام تبنة بشي‌ء معلوم وإن لم يكل بعد الطعام (٢) لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه‌السلام (٣). وابن إدريس منع من ذلك (٤).

٣٣١٧. السادس والثلاثون : قال الشيخ إذا اشترى من غيره أطنانا معروفة من القصب ، ولم يتسلّمها غير أنّه شاهدها ، فهلك القصب قبل القبض ، كان من مال البائع ، لأنّ الّذي اشتري منه في ذمّته (٥) ، وفي التعليل نقد.

٣٣١٨. السابع والثلاثون : من وجد عنده سرقة ، كان غارما لها ان هلكت ، ويرجع على بائعها مع قيام البيّنة بالبيع بما دفعه إلى البائع وبما غرمه وأنفقه ممّا لم يحصل في مقابلته نفع ، إلّا أن يعلم أنّها سرقة ، فلا رجوع.

ولا يجوز أن يشتري من الظالم ما يعلمه ظلما بعينه إذا لم يكن مأخوذا على وجه الخراج والزكاة ، ويجوز فيهما وفيما لا يعلم أنّه ظلم وإن علم إجمالا أنّ في ماله غصبا ، وتركه أفضل.

٣٣١٩. الثامن والثلاثون : يجوز بيع عظام الفيل واتّخاذ الأمشاط منها ، وكذا بيع جلود السباع وكلّ حيوان سوى الآدمي ونجس العين إذا علم أنّه مذكّى أو شراه من المسلمين.

__________________

(١) السرائر : ٢ / ٣٢١ ـ ٣٢٢.

(٢) النهاية : ٤٠٠.

(٣) لاحظ التهذيب : ٧ / ١٢٥ برقم ٥٤٧.

(٤) السرائر : ٢ / ٣٢٣.

(٥) النهاية : ٤٠١.

٣٥٢

٣٣٢٠. التاسع والثلاثون : يجوز بيع ولد الزنا وشراؤه إذا كان مملوكا ، للرواية الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام (١) ، ورواية النفي متأوّلة (٢) ويجوز أخذ ثمن ما باعه الذمّي من الخمور في الدين ، ولو أسلم الذمّي بعد بيعه ، جاز له قبض ثمنه ، ولو أسلم قبل بيعه ، حرم بيعه بنفسه أو بوكيله المسلم أو الذمّي.

٣٣٢١. الأربعون : من غصب مالا واشترى به جارية ، حلّ له الفرج ، وكان عليه وزر المال إذا كان الشراء في الذمّة ، وإن نقد الغصب ، ولو كان بالعين بطل الشراء ، وكان الفرج حراما ، ولو حجّ به من غير سبق وجوب لم يجزئ عن الوجوب المتجدّد ، ولو سبق وجوب حجّة الإسلام ، أجزأه إلّا الهدي ، وعليه وزر المال.

٣٣٢٢. الواحد والأربعون : بيع المكره باطل ، ولو أجاز بعد زوال الإكراه ، جاز.

الفصل السادس : في الشروط المذكورة في العقد

وفيه ستّة عشر بحثا :

٣٣٢٣. الأوّل : إذا ضم في البيع شرطا سائغا ، صحّ البيع ، ولزم الشرط ، اتّحد الشرط أو تعدّد ، ولو شرط ما ليس بسائغ ، بطل الشرط إجماعا ، والبيع إن اقتضى الشرط جهالة المبيع ، وإلّا فالأقرب انّه كذلك ، خلافا للشيخ (٣). ومع القول

__________________

(١) التهذيب : ٧ / ١٣٤ برقم ٥٨٩.

(٢) لاحظ التهذيب : ٧ / ١٣٣ برقم ٥٨٧ ؛ والكافي : ٥ / ٢٢٥ ، كتاب المعيشة ، الحديث ٦. وقد أوّله الشيخ فلاحظ التهذيب : ٧ / ١٣٣.

(٣) لاحظ المبسوط : ٢ / ١٤٩.

٣٥٣

بالصحة ليس للبائع الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن ، ولا للمشتري الرجوع بزيادة الثمن إن كان هو المشترط ، ومع البطلان لا يحصل به ملك سواء اتّصل به القبض أو لا ، ولا ينفذ تصرّف المشتري فيه ببيع وغيره.

٣٣٢٤. الثاني : الشرط ان اقتضاه العقد ، كالتسليم وخيار المجلس ، لم يفد حكما زائدا في وجوده وعدمه.

وإن تعلّقت به مصلحة المتعاقدين ، كالأجل ، والخيار ، والشهادة ، والضمين ، والرهن ، واشتراط صفة مقصودة كالكتابة ، جاز ، ولزم الوفاء.

وإن لم يكن من مقتضاه ، ولا من مصلحة ، ولا منافيا لمقتضاه ، جاز أيضا ، سواء اقتضى منفعة البائع في المبيع ، أو يشترط عقدا في عقد ، مثل أن يبيعه بشرط أن يشتري آخر أو يزوّجه.

وإن اقتضى ما ينافيه ، صحّ إن بني (١) على التغليب والسراية ، مثل أن يشترط البائع عتق العبد ، وإن اشترط غير العتق مثل أن لا يبيع أو لا يهب أو لا يطأ ، بطل الشرط ، دون البيع ، عند الشيخ (٢).

٣٣٢٥. الثالث : لو قال : بع عبدك من فلان على أنّ عليّ خمسمائة. فباعه على هذا الشرط. قال الشيخ صحّ البيع ، لقوله عليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم (٣) ، وهذا شرط سائغ.

ولو قال : بع عبدك منه بألف على أنّ على فلان خمسمائة ، فإن سبق

__________________

(١) في المطبوع : «وإن بني» والصحيح ما في المتن. لاحظ المبسوط : ٢ / ١٤٩.

(٢) المبسوط : ٢ / ١٤٩.

(٣) المبسوط : ٢ / ١٤٨.

٣٥٤

الشرط العقد ، وعقد البيع مطلقا ، لزم البيع ، ولم يكن على الضامن من شي‌ء ، وإن قرنه بأن يقول : بعتك بألف على أن يضمن فلان خمسمائة ، صحّ البيع بشرط الضمان ، فإن ضمن فلان لزم ، وإلّا تخيّر البائع.

٣٣٢٦. الرابع : بيع العربون (١) باطل ، وهو أن يدفع بعض الثمن ، على أنّه إن أخذ السلعة احتسبه من الثمن وإلّا كان للبائع.

٣٣٢٧. الخامس : إذا شرط البائع عتق العبد ، صحّ البيع والشرط ، فإن أعتقه المشتري ، وإلّا ففي إجباره وجهان : أقربهما عدم الإجبار. فيتخير البائع حينئذ.

ولو مات العبد قبل عتقه ، احتمل استقرار الثمن عليه ، ولا شي‌ء عليه ، واحتمل أن يكون للبائع الرجوع بما يقتضيه الشرط من النقصان. واحتمل تخيّر البائع بين إجازة البيع بجميع الثمن وبين فسخه ، فيرجع بالقيمة.

ولو شرط الولاء ، بطل الشرط خاصّة ، وفي بطلان البيع وجه قويّ ، ولو باعه بشرط العتق بعد شهر أو سنة ، فالوجه عندي الجواز.

٣٣٢٨. السادس : لو اشتراه بشرط العتق ، ثمّ باعه بشرط العتق ، فالوجه بطلان الثاني.

ولو اشتراها بشرط العتق فأحبلها ، فإنّه كعتقها (٢).

٣٣٢٩. السابع : لو باعه دارا بشرط أن يقفها جاز ، وكذا لو باعه شيئا بشرط أن يتصدّق به.

__________________

(١) قال ابن الأثير في النهاية : ٣ / ٢٠٢ : العربون : هو أن يشتري السّلعة ويدفع إلى صاحبها شيئا على أنّه إن أمضى البيع حسب من الثمن ، وإن لم يمض البيع كان لصاحب السّلعة ولم يرتجعه المشتري.

(٢) في «أ» : «فانّه يعتقها».

٣٥٥

٣٣٣٠. الثامن : إذا جمع بين عقدين مختلفي الحكم بعوض واحد ، كالصرف ، وبيع القماش ، والنكاح ، والبيع والاجارة ، صحّ ، ولو جمع بين البيع والكتابة مثل :

كاتبتك وبعتك كذا بدينار قيل : لم يجز ، لأنّه قبل تمام الكتابة عبد قنّ ، ومع بطلان البيع ، ففي فساد الكتابة وصحّتها بقسطها ، وجهان.

٣٣٣١. التاسع : إذا باعه زرعا أو ثمرة ، كان على المشتري حصاده أو الجذاذ. وكذا ما يجزّ ويخرط ، ولو شرطه على البائع ، صحّ.

٣٣٣٢. العاشر : لو شرط منفعة البائع ، صحّ إذا كانت معلومة ، إمّا بتقدير العمل ، كخياطة الثوب ، ونساجة الغزل ، أو بتقدير المدّة ، كالعمل شهرا ، ولو تعذّر العمل إمّا بتلف المبيع قبله ، أو بموت البائع ، ففي الإبطال نظر ، وكذا يجوز أن يشترط البائع نفع المبيع مدّة معلومة ، ولو باع أمة واستثنى وطأها مدّة ، لم يصحّ.

٣٣٣٣. الحادي عشر : لو باع ما اشتراه بشرط المنفعة ، صحّ ، وتكون المنفعة مستثناة في يد المشتري الثاني ، فيتخير مع عدم العلم لا معه ، ولو أتلفه ، ضمن أجرة المثل ، ولو تلف بغير تفريط ، فلا ضمان.

٣٣٣٤. الثاني عشر : لو أراد المشتري تفويض البائع عن المنفعة المشترطة عوضا أو ما يقوم مقام المبيع في المنفعة ، لم يجب على البائع القبول ، وكان له التصرّف في عين المبيع باستيفائه المنفعة ، ولو تراضيا جاز.

ولو أراد البائع إعارة العين أو إجارتها لمن يقوم مقامه ، فالأقرب جوازه ، ولو اشترط المشتري منفعة البائع في المبيع ، فأقام البائع مقامه من يعمل ، فالأقرب جوازه ، إلّا أن يشترط المباشرة ، ولو دفع العوض لم يجب القبول ، سواء البائع والمشتري.

٣٥٦

ولو قال : بعتك هذه الدار ، وأجرتكها شهرا بكذا ، فالوجه الصحّة.

٣٣٣٥. الثالث عشر : لو شرط في العقد إن هو باعه ، فالبائع أحقّ به بالثمن ، ففي الجواز إشكال.

٣٣٣٦. الرابع عشر : لو اشترى جارية بشرط أن لا خسارة عليه إذا باعها ، أو شرط ألّا يعتقها أو لا يطأها ، قال الشيخ : صحّ العقد دون الشرط (١).

٣٣٣٧. الخامس عشر : لو باعه بشرط الرهن أو الضمين ، صحّ العقد والشرط إن كان الرهن معلوما بالمشاهدة أو الوصف ، والضمين بالإشارة أو بذكر النسب (٢) ولو كانا مجهولين لم يصحّ ، ومع الصحة لو دفع الرهن أو ضمن ، لزم ، وإلّا تخيّر البائع ، ولا يجب على الضمين الضمان وإن وعد به.

ولو دفع غير الرهن أو غير الضمين ، لم يلزم البائع قبوله ، وإن كان المدفوع أجود.

ولو شرط رهنا فاسدا ، كالمحرّم والمجهول ، بطل الشرط ، وفي بطلان البيع حينئذ نظر.

٣٣٣٨. السادس عشر : لو شرط رهنا معيّنا ، فعاب قبل القبض ، تخيّر البائع بين قبضه معيبا وبين فسخ البيع ، ولو علم بالعيب بعد قبضه ، لم يبطل خياره ، ولا أرش له ولا المطالبة بالبدل ، ولو غاب بعد القبض أو تلف ، فلا خيار.

ولو اختلفا في زمن حدوث العيب ، حكم لمن لا يحتمل إلّا قوله من غير

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٢) في «أ» : «أو بذكر السبب» وهو تصحيف.

٣٥٧

يمين ، ولو جاز الأمران احتمل تقديم قول الراهن ، عملا بصحّة العقد ، والمرتهن لعدم ثبوت قبض المرتهن للجزء الفائت.

ولو قال الراهن : تلف بعد القبض والمرتهن قبله ، فالقول قول منكر القبض.

ولو اختلفا في زمن انقلاب العصير الرهن خمرا. قيل : القول قول الراهن ، لاتّفاقهما على العقد والقبض الصحيحين ، واختلافهما في المفسد ، فالقول قول النافي ، وقيل : قول المرتهن ، لأصالة عدم القبض (١).

ولو وجد بالرهن عيبا بعد أن حدث عنده عيب آخر ، فله الردّ وفسخ البيع ، ولا ضمان على المرتهن في الحادث عنده بغير تفريط.

ولو هلك في يد المرتهن ، ثمّ علم أنّه كان معيبا. قيل : لا يملك فسخ البيع ، لتعذّر الردّ. (٢)

ولو شرط استرهان المبيع على ثمنه ، قال الشيخ : لا يصحّ (٣). والوجه عندي صحّتها.

ولو شرط لا بيع بينهما (٤) إن لم ينقده في مدّة معلومة ، صحّا معا وإن زاد عن عشرين ليلة.

__________________

(١) لاحظ الأقوال في المغني لابن قدامة : ٤ / ٤٢٦ ، كتاب الرهن.

(٢) قال ابن قدامة في المغني : ٤ / ٤٢٧ : وإن هلك الرهن في يد المرتهن ثم علم أنّه كان معيبا لم يملك فسخ البيع ، لأنّه تعذّر عليه ردّه.

(٣) المبسوط : ٢ / ٢٣٥ ، كتاب الرهن.

(٤) كذا في «ب» : ولكن في «أ» : «ولو شرط أن لا يبيع بينهما». والصحيح «أن لا بيع».

٣٥٨

ولو قال : بعنيه على أن أقضيك دينك منه ، ففعل صحّا معا ، ولو قال :

أقضني حقّي على أن أبيعك كذا ، صحّ القضاء والشرط ، وكذا أقضني أجود من مالي على أن أبيعك كذا.

ولو باعه بشرط تأجيل الحالّ ، صحّ ، سواء باعه بثمن المثل أو أزيد أو أنقص مع علمه بالقيمة.

الفصل السابع : في أحكام البيع الفاسد

وفيه سبعة مباحث :

٣٣٣٩. الأوّل : البيع الفاسد من أصله ، لا يحصل به ملك ، سواء اتّصل به قبض أو لا ، ويجب على القابض بالبيع الفاسد ردّ المبيع مع نمائه المتّصل والمنفصل وأجرة مثله مدّة بقائه في يده إن كان ذا أجرة ، وردّ أرش النقصان إن نقصت العين ، والقيمة إن تلفت ، فقيل : يوم التلف ، وقيل : الأكثر من يوم القبض إلى التلف ، واختار الشيخ ، الأوّل (١).

٣٣٤٠. الثاني : لو كان المبيع أمة فوطئها المشتري ، فلا حدّ ولا إثم ، وكذا في غيرها ، ويجب عليه عشر القيمة مع البكارة ، ونصفه مع الثيوبة ، ولا يجب المهر مع ذلك. وينعتق الولد حرّا لا ولاء عليه ، ويلحق به ، ويجب على الواطئ قيمته

__________________

(١) ولكن في المبسوط : وإن تلفت في يده كان عليه أكثر ما كانت قيمته من وقت القبض إلى وقت التلف. المبسوط : ٢ / ١٤٩. ولم نعثر على فتوى الشيخ في المسألة بما يوافق المنقول في المتن.

٣٥٩

يوم سقط حيّا ، لا يوم المحاكمة ، وأرش النقصان بالولادة ، ولا يجبر قيمة الولد النقصان ، وإن ساواه في القيمة ، ولو سقط ميّتا لم يضمنه.

أمّا لو ضرب أجنبي بطنها ، فألقته ميّتا تامّا ، وجب على الضارب مائة دينار ، وللسيّد منها أقل الأمرين من دية الجنين أو قيمته حين سقوطه ، وباقي الدية لورثته ، وأمّا حكم الأمة فيجب ردّها مع أرش النقص بالولادة ، كما قلناه.

ولو ماتت بالولادة ، ضمن قيمتها. ولو كان الضارب الواطئ فألقته ميّتا فعليه دية الجنين يأخذ السيّد منها أقلّ الأمرين ، والباقي لورثته غير الواطئ.

ولو ملك الواطئ هذه الجارية فيما بعد ، قال الشيخ رحمه‌الله : تصير أمّ ولد (١).

٣٣٤١. الثالث : لو أعتقه المشتري بالبيع الفاسد لم ينفذ ، وكذا سائر تصرّفاته ، ولو باعه وجب على المشتري الثاني ردّه إلى البائع الأوّل ، ولو تلف في يده ، تخيّر المالك في مطالبة من شاء بقيمته ، ويرجع المشتري الثاني بثمنه على الأوّل ، والأوّل على المالك بما دفعه إليه ، وفي القيمة وجهان : قال الشيخ : يعتبر أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف ، وقيل : يوم التلف (٢). ثمّ ينظر ، فإن تساوت في يدهما ، رجع على من شاء ، فإن رجع على الثاني لم يرجع الثاني على الأوّل ، وإن رجع على الأوّل ، رجع الأوّل على الثاني.

وان اختلف وكانت الزيادة في يد الأوّل ورجع عليه بالجميع ، رجع الأوّل على الثاني بالناقص ، وإن رجع على الثاني رجع بالناقص ، ويرجع بالزيادة على الأوّل ، ولا يرجع بها الأوّل على الثاني ، وإن كانت في يد الثاني فحكمها حكم ما لم يزد.

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٢ / ١٥٠.

٣٦٠