تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

ومن يحلّ (١) السحر ، فإن كان بشي‌ء من القرآن أو الذكر والاقسام والكلام المباح فلا بأس به ، وإن كان بشي‌ء من السحر فهو حرام.

والكاهن (قيل :) (٢) هو الّذي له رئيّ من الجنّ (٣) يأتيه بالأخبار ، فانّه يقتل ما لم يتب.

والتنجيم حرام ، وكذا تعلّم النجوم مع اعتقاد انّها مؤثّرة ، أولها مدخل في التأثير ، وأخذ الأجرة عليه ، ولو تعلّم ليعرف قدر سير الكواكب وبعدها وأحوالها من التربيع والكسف وغيرها فلا بأس به.

والشعبذة ، هي الحركات السريعة جدّا بحيث يخفى على الحسّ التميز بين الشي‌ء وشبهه لسرعة انتقاله منه الى شبيهه ، وهي حرام وكذا الأجرة عليها ، وكذا القيافة وكلّ ما يشاكلها.

٣٠٢١. السابع عشر : بيع الحرّ حرام ، وكذا أكل ثمنه ، وثمن ما ليس بمملوك للإنسان. ولا يصحّ تملّكه له.

٣٠٢٢. الثامن عشر : يحرم بيع المصحف ، ويجوز بيع الجلد والورق لا بيع كلام الله تعالى ولو اشترى المصحف وعقد البيع على الجلد والورق جاز ، وإلّا حرم كالبيع ، ولو اشترى الكافر مصحفا لم ينعقد البيع. وقال بعض أصحابنا : يجوز ويجبر على بيعه.

ويجوز أخذ الأجرة على كتابة القرآن.

__________________

(١) من الحلّ بمعنى الفتح.

(٢) ما بين القوسين موجود في «ب».

(٣) في مجمع البحرين : «فلان رئيّ من الجنّ» بتشديد الياء على فعيل أو فعول ، لأنّه يتراءى لمتبوعه ، أو هو من الرأى يقال : «فلان رئيّ قومه» إذا كان صاحب رأيهم الّتي ينظر فيها.

٢٦١

٣٠٢٣. التاسع عشر : تحرم السرقة والخيانة وبيعها وأخذ ثمنها ، ولا تحريم مع الجهل بكونها سرقة ، ولو اشتبهت السرقة بغيرها جاز الشراء ما لم يعلم العين المسروقة ، ومن وجد عنده سرقة كان ضامنا لها ، إلّا أن يقيم البيّنة بشرائها ، فيضمن ويرجع به على البائع مع جهله بالغصبيّة.

ولو اشترى بالمال المسروقة ضيعة أو جارية ، فإن كان بالعين ، بطل البيع ، وإن كان في الذمّة ، حلّ له وطء الجارية والتصرّف في الضيعة ، وعليه ردّ المال خاصّة (١) ، ولو حجّ به برأت ذمّته مع وجوبه عليه.

٣٠٢٤. العشرون : الرشاء في الحكم حرام ، سواء كان حكم لباذله أو عليه بحقّ أو باطل.

٣٠٢٥. الواحد والعشرون : لا يجوز بيع تراب الصياغة ، فإن بيع تصدّق بثمنه ، ولم يملكه البائع.

٣٠٢٦. الثاني والعشرون : التطفيف حرام في الكيل والوزن.

٣٠٢٧. الثالث والعشرون : كلّ ما لا ينتفع به كالحشرات ، مثل الفأرة ، والحيّات ، والعقارب ، والخنافس ، والجعلات ، وبنات وردان (٢) ، وسباع البهائم الّتي لا يصلح للاصطياد ، كالأسد والذئب ، وما لا يؤكل ، وما لا يصاد به من الطير ، كالرخم (٣) والحدأة (٤) والغراب الأبقع والأسود ، وبيضها ، لا يجوز (٥) بيعه ولا شراؤه ،

__________________

(١) في «ب» : وزر المال خاصة.

(٢) في مجمع البحرين : «بنات وردان» بفتح الواو دويبة تتولّد في الأماكن الندية قاله في حياة الحيوان ، وفي غيره «بنات وردان» : دود العذرة.

(٣) في مجمع البحرين : الرخمة ـ كقصبة ـ : طائر يأكل العذرة ، وهو من الخبائث وليس من الصيد ، والجمع رخم كقصب ، وفي الصحاح : طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة.

(٤) في مجمع البحرين : الحدأة : طائر خبيث ، ويجمع بحذف الهاء.

(٥) قوله «لا يجوز» خبر لقوله «كلّ ما».

٢٦٢

ولا يحلّ ثمنه ، وكذا المسوخ كلّها ، بحريّة كالجرّي ، والمارماهي ، والتمساح ، والسلاحف ، والرقاق (١) أو بريّة كالدبّ والقرد ، وإن قصد بالبيع حفظ المتاع والدكان.

وجوّز ابن إدريس (٢) بيع السباع كلّها ، سواء كان ممّا يصاد عليها أو لا يصاد ، وهو جيّد.

٣٠٢٨. الرابع والعشرون : في بيع الفيل قولان : أحدهما الإباحة ، وهو الأقوى. ويجوز بيع الهرّ وما يتّخذ للصيد ، كالفهد والصقر ونحوهما ، وإن لم يكن معلّما ولا يقبل التعليم ، وهل يجوز بيع ما يصاد عليه كالبوهة (٣) توضع ليجتمع الطير عليها فيصيده الصائد؟ فيه إشكال ، وكذا العلق.

٣٠٢٩. الخامس والعشرون : يجوز بيع كل ما ينتفع به من الأعيان المملوكة انتفاعا مباحا إلّا ما استثنيناه من الكلب والوقف والمكاتب وأمّ الولد وغيرها ممّا يأتي في موضعه ، وكذا يجوز بيع جميع السباع الّتي يصاد بها وينتفع بها في الصيد ، كالفهد والصقر والشاهين والعقاب ، ومنع الشيخ منه في النهاية (٤) وهو ضعيف ، لرواية عيسى بن القاسم الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام (٥).

وبيض ما لا يؤكل لحمه من الطير ، إن كان ممّا لا ينتفع به ، كالغراب

__________________

(١) كذا في النسختين ولعل الصحيح الرّقوق وهي جمع الرّقّ بفتح القاف وهو ذكر السلاحف. لاحظ مجمع البحرين.

(٢) السرائر : ٢ / ٢٢١.

(٣) في لسان العرب : البوهة : الصقر إذا سقط ريشه.

(٤) النهاية : ٣٦٤.

(٥) لاحظ الوسائل : ١٢ / ١٢٣ ، الباب ٣٧ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.

٢٦٣

والحدأة والرخم وأشباهها ، لم يجز بيعه ، وإن كان طاهرا ، وإن كان ممّا ينتفع به بأن يصير فرخا جاز.

وفي العلق الّتي ينتفع بها ، كالّتي تعلق على وجه صاحب الكلف (١) فيمصّ الدم ، والديدان الموضوعة في آلة الصيد ، تردّد ، وأقربه المنع ، من حيث عموم النهي عن بيع الحشرات.

٣٠٣٠. السادس والعشرون : يجوز بيع دود القزّ وبذره وإن لم يكن معه قزّ ، ووبره وإن لم يكن معه قزّ ، وكذا بيع النحل مع المشاهدة ، وإمكان التسليم ، بأن تكون محبوسة وإن كانت منفردة ، ولو تعذّرت مشاهدته ، بأن يكون مستورا في أقراصه (٢) لم يجز.

ويجوز بيع الماء والتراب والحجارة وإن كثر وجودها ، وماله منفعة ساقطة في نظر الشرع كآلات الملاهي وشبهها لا يجوز بيعه.

٣٠٣١. السابع والعشرون : لا يجوز بيع الترياق ، لاشتماله على لحوم الأفاعي والخمر ، ولا يجوز التداوي به ولا بسمّ الأفاعي ، أمّا السمّ من الحشائش والنبات فيجوز بيعه إن كان ممّا ينتفع به ، وإلّا فلا.

وفي جواز بيع لبن الآدميّات تردّد.

٣٠٣٢. الثامن والعشرون : لو باعه دارا لا طريق إليها ، أو بيتا لا مجاز له ، جاز البيع ، ولا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة.

__________________

(١) الكلف ـ بالتحريك ـ : شي‌ء يعلو الوجه كالسمسم. مجمع البحرين.

(٢) هي بيوت النحل من الشمع بحيث تكون النحل مستورة فيه. وفي التذكرة : «لا يجوز بيعها في كوراتها» لاحظ تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٧٧ ـ الطبعة الحجرية ـ.

٢٦٤

٣٠٣٣. التاسع والعشرون : يحرم أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم والصلاة عليهم ، وعلى كلّ ما يجب عليه فعله ، وأخذ الأجرة على الأذان ، ويجوز أخذ الرزق فيه (١) من بيت المال ، وكذا يحرم أخذ الأجرة على القضاء ، ويجوز أخذ الرزق فيه من بيت المال ، وكذا الصلاة بالناس ، ويجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح والخطبة في الاملاك.

الفصل الثاني : فيما يكره التكسّب به

وفيه ثلاثة وثلاثون بحثا :

٣٠٣٤. الأوّل : يكره الصرف وبيع الأكفان والطعام والرقيق ، واتّخاذ الذبح والنحر صنعة ، والحياكة والنساجة ، لقول الصادق عليه‌السلام لأبي إسماعيل الصيقل :

حائك انت؟ قلت : نعم ، قال : لا تكن حائكا. قلت : فما أكون؟ قال : كن صيقلا (٢).

٣٠٣٥. الثاني : كسب الحجّام مكروه مع الشرط وطلق مع عدمه ، وليس بمحرم في البابين ، ورواية سماعة (٣) ضعيفة.

٣٠٣٦. الثالث : يكره أخذ الأجرة على ضراب الفحل للنتاج ، وليس بمحرّم ، ولو أعطى صاحب الفحل هدية أو كرامة لم يكن حراما ، وينبغي أن يوقع العقد

__________________

(١) في بعض النسخ : «عليه» بدل «فيه».

(٢) الوسائل : ١٢ / ١٠٠ ، الباب ٢٣ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.

(٣) لاحظ الوسائل : ١٢ / ٦٢ ، الباب ٥ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢.

٢٦٥

على العمل وتقديره بالمرّة والمرّتين من غير ذكر مدّة ، ولو اكترى فحلا لإطراق ماشية كثيرة ، قرنه بالمدة.

ولو غصب فحلا ، فأنزاه إبله ، كان الولد لصاحب الإبل ، وعليه أجرة المثل.

ويكره انزاء الحمار على العتيق ، وليس بمحرّم.

٣٠٣٧. الرابع : يكره كسب الصبيان ومن لا يجتنب الحرام.

٣٠٣٨. الخامس : يكره أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، وتأوّل الشيخ الروايات بما يدل على التحريم مع الشرط (١). ونحن لا نقول به ، نعم لو تعيّن التعليم وجب عليه لوجوب حفظه لئلّا تنقطع المعجزة ، ولا بأس بأخذ الأجرة على تعليم الحكم والآداب ، امّا ما يجب تعلّمه على الكفاية ، كالفقه ، فانّه يحرم أخذ الأجرة على تعليمه مع تعيّنه عليه.

ويجوز استيجار ناسخ لينسخ له كتب الفقه والأحاديث والأشعار المباحة والسجلات وغيرها ممّا يباح كتابته كالحكم والآداب. وكذا يستأجر من يكتب له مصحفا. ويكره تعشير (٢) المصاحف (٣) بالذهب ، فيكره الأجرة عليه. ولا يجوز أخذ الأجرة على نسخ كتب الضلال لغير الحجّة والنقض.

٣٠٣٩. السادس : يجوز أخذ الأجرة على تعليم الخط ، وينبغي للمعلّم

__________________

(١) لاحظ التهذيب : ٦ / ٣٦٥ في ذيل الحديث ١٠٤٦.

(٢) لاحظ الوسائل : ١٢ / ١٣٢ ، الباب ٣٢ من أبواب ما يكتب به.

(٣) قال في لسان العرب : عواشر القرآن : الآي الّتي يتمّ بها العشر ، والعاشرة : حلقة التعشير من عواشر المصحف وهي لفظ مولّدة. مادة (عشر)

والمراد تزيين آخر الآية العاشرة بالذهب.

٢٦٦

التسوية بين الصبيان في التعليم والأخذ عليهم ، إذا استوجر لتعليم (١) الجميع على الإطلاق ، تفاوتت أجرتهم أو اتّفقت. ولو آجر نفسه لبعضهم لتعليم مخصوص والآخرين لتعليم مخصوص ، جاز التفضيل بحسب ما وقع العقد عليه.

٣٠٤٠. السابع : يجوز الاستيجار للختان وخفض الجواري والمداواة وقطع السلع (٢) والكحل ، سواء كان من العليل أو الطبيب ، وأخذ الأجرة عليه ، فإذا استأجر للكحل مدّة استحقّ الأجرة بالفعل وإن لم يؤثّر.

٣٠٤١. الثامن : يكره أن يوجر نفسه لكل صنعة دنيّة ، وأخذ الأجرة عليه ، ولو فعل حلّت الأجرة.

ويجوز أن يوجر نفسه لكلّ عمل مباح منتفع به ، ولا بأس بأجر القابلة والماشطة مع عدم الغشّ ، ولو فعلته حرم ، كوصل الشعر بالشعر ، ووشم الخدود وتحميرها ، ونقش الأيدي والأرجل.

ويكره الصياغة والقصابة.

٣٠٤٢. التاسع : من دفع إلى غيره مالا ليصرف في المحاويج والفقراء ، فإن عيّن أشخاصا ، لم يجز له المخالفة ، فإن خالف أثم وضمن ، وإن لم يعيّن تخيّر في إعطاء من شاء من المحاويج كيف شاء.

ويجوز له أن يأخذ هو مع حاجته بقدر ما يعطي غيره ، ولا يفضّل نفسه بشي‌ء ، وفي رواية عبد الرّحمن بن الحجاج الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام المنع (٣).

__________________

(١) في «ب» : ليعلّم.

(٢) في مجمع البحرين : السلعة ـ بكسر السين ـ زيادة في الجسد كالغدة ، وتتحرك ، إذا حركت.

(٣) التهذيب : ٦ / ٣٥٢ برقم ١٠٠٠ ، ولاحظ الوسائل : ١٢ / ٢٠٦ ، الباب ٨٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٣.

٢٦٧

وحمله الشيخ على التقدير الأوّل (١). وفي رواية صحيحة : جواز أن يعطي عياله مع حاجتهم (٢).

٣٠٤٣. العاشر : إذا امتزج الحلال بالحرام ، فإن تميّز ، وجب دفع الحرام إلى أربابه مع وجودهم ، والصدقة به مع عدمهم وعدم وارثهم ، وإن لم يتميّز أخرج خمسه وحلّ له الباقي.

٣٠٤٤. الحادي عشر : يجوز أكل ما ينثر في الأعراس ، مع علم الإباحة لفظا أو بشاهد الحال ، ويكره أخذه انتهابا ، ولو لم يعلم قصد الإباحة حرم أخذه.

٣٠٤٥. الثاني عشر : يجوز بيع جلود السباع كلّها مع التذكية ، وكذا بيع عظام الفيل. وقال ابن براج : إنّه مكروه ، (٣) ولا أعلم سنده.

٣٠٤٦. الثالث عشر : يكره ركوب البحر للتجارة ، ويحرم مع أمارة الخوف ، وكذا يحرم كلّ سفر يظهر فيه أمارة الخوف.

٣٠٤٧. الرابع عشر : يجوز أخذ الأجرة على السمسرة في المباح.

٣٠٤٨. الخامس عشر : الأجير الخاصّ لا يجوز له أن يعمل لغير المستأجر ويجوز لغيره (٤) ، ولا بأس للمرأة ان تأخذ أجرا على الغزل.

__________________

(١) الاستبصار : ٣ / ٥٥ في ذيل الحديث ١٧٦ حيث قال بعد نقل صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج : ويحتمل أيضا أن يكون محمولا على أنّه إذا عيّن له أقواما يفرّق فيهم فلا يجوز له أن يأخذ لنفسه على حال.

(٢) التهذيب : ٦ / ٣٥٢ برقم ١٠٠١ ، ولاحظ الوسائل : ١٢ / ٢٠٦ ، الباب ٨٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢.

(٣) المهذب : ١ / ٣٤٦.

(٤) الضمير يرجع إلى الخاصّ.

٢٦٨

٣٠٤٩. السادس عشر : قال الشيخ : إذا مرّ إنسان على ثمرة النخل جاز له أن يأكل منها قدر كفايته ، ولا يحمل منها شيئا على حال (١) ، وشرط ابن إدريس : عدم قصد المضيّ للأكل (٢) ، وفي الزرع والفواكه إشكال.

٣٠٥٠. السابع عشر : لا بأس بالزراعة وليست مكروهة ، وكذا يجوز أخذ الأجرة على البدرقة (٣).

٣٠٥١. الثامن عشر : لا بأس بعمل اليهودي والنصراني في ما لا يحتاج فيه إلى الإسلام ، كالحياكة والنساجة ، امّا ما يحتاج فيه إليه كالذباحة فلا.

وتجوز التجارة في الجارية والنصرانية والمغنّية بالبيع والشراء.

٣٠٥٢. التاسع عشر : يكره بيع الملك لغير حاجة ويستحبّ شراؤه.

٣٠٥٣. العشرون : إذا استأجر مملوك غيره ، فأفسد المملوك ، لم يضمن المولى ، بل يستسعي العبد في ذلك ، أو يرجع عليه بعد العتق قاله الشيخ (٤). ومنع ابن إدريس من الاستسعاء (٥) وبقول الشيخ رواية صحيحة (٦).

٣٠٥٤. الواحد والعشرون : لا بأس بشراء الذهب بترابه قبل سبكه من المعدن بغير الذهب ، وكذا معدن الفضّة بغيرها.

٣٠٥٥. الثاني والعشرون : نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا تحريم

__________________

(١) النهاية : ٣٧٠.

(٢) السرائر : ٢ / ٢٢٦.

(٣) أي حراسة القافلة ومنعها من العدوّ (مجمع البحرين). قال الشيخ في النهاية ص ٣٧٠ : ولا بأس أن يبذرق الإنسان القوافل ، ويأخذ على ذلك الأجر.

(٤) النهاية : ٣٧٠.

(٥) السرائر : ٢ / ٢٢٧.

(٦) التهذيب : ٦ / ٣٨٥ برقم ١١٤٤.

٢٦٩

خصاء الحيوان ورجّح كراهيّته(١).

٣٠٥٦. الثالث والعشرون : ثمن الماء الّذي يغسل به الميّت ، وثمن الكفن سائغ ، وإن وجب التغسيل والتكفين.

قال الشيخ : إذا وجد الماء لغسل الميّت بالثمن ، وجب شراؤه من تركته ، فإن لم يخلّف شيئا لم يجب على أحد ذلك (٢).

ويحرم أخذ الأجرة على حمل الموتى إلى المواضع الّتي يجب حملها إليها ، كظواهر البلدان والجبّانة المعروفة (٣) ، وأمّا ما بعد عن ذلك من المشاهد ، فيجوز أخذ الأجرة عليه.

٣٠٥٧. الرابع والعشرون : سلطان الحقّ ، يستحبّ خدمته والعمل من قبله ، ويجب مع الإلزام ، ويجوز أخذ جوائزه.

أمّا الجائر فلا تجوز الولاية منه اختيارا إلّا مع العلم بالمكنة من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، ومع انتفاء العلم والظنّ بذلك تحرم الولاية من قبله ، ومع العلم بالتمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ووضع الأشياء من الصدقات والمواريث وغيرها مواضعها ، تجوز الولاية من قبل الجائر ، معتقدا انّه يفعل ذلك من قبل سلطان الحقّ على سبيل النيابة.

ولو قهره على الولاية مع عدم العلم جازت الولاية ، ولا يعمل بغير الحقّ ما أمكن ، فإن اضطرّ إلى ظلم جاز للضرورة ما لم يبلغ الدماء ، فلا يجوز التقية فيها

__________________

(١) السرائر : ٢ / ٢١٥.

(٢) المبسوط : ١ / ٣١ ، كتاب الطهارة فصل في ذكر التيمم وأحكامه.

(٣) في مجمع البحرين : الجبّانة : الصحراء ، وتسمّى بها المقابر ، لأنّها تكون في الصحراء.

٢٧٠

على حال ، ولو أمكنه دفع الجائر في عدم الولاية وجب ، ويستحبّ مع تحمل الضرر اليسير.

ولو خاف على نفسه أو ماله أجمع ، أو على بعض المؤمنين ، جازت الولاية.

وجوائز الجائر إن علمت حراما وجب دفعها إلى أربابها مع المكنة ، ومع عدمه يتصدق بها عنه ، ولو لم يعلم تحريمها جاز تناولها ، وينبغي إخراج الخمس منها ، ويصل إخوانه من الباقي.

٣٠٥٨. الخامس والعشرون : يكره معاملة الظالمين ، والأولى تركه مع المكنة ، ولو دفع الظالم شيئا له يعلمه حراما ، لم يحلّ أخذه وإن كان بعوض ، فإن قبضه أعاده على المالك مع العلم ، ولو جهله أو تعذر الوصول إليه ، تصدّق به. قال ابن إدريس : روى أصحابنا ذلك (١). ويكون ضامنا مع عدم رضا صاحبه ، قال : وروي انّه بمنزلة اللقطة وهو بعيد عن الصواب (٢). وليس هو عندي بعيدا من الصواب.

واختار ابن إدريس إبقاءه أمانة حتّى يجد المالك (٣). ولا يجوز إعادته على الظالم مع الإمكان.

وكذا يكره كلّ مال محتمل للحظر والإباحة ، كمال المرابي وغيره ، فإن علمه حراما حرم ، ولا يقبل قول المشتري في ذلك.

٣٠٥٩. السادس والعشرون : أقسام المشتبه ثلاثة :

ما أصله التحريم ، كالذبيحة في بلد الكفّار ، لا يجوز شراؤه ما لم يوجد في يد مسلم ، ولو كانت في بلد الإسلام حلّت.

__________________

(١) و (٢) و (٣) السرائر : ٢ / ٢٠٤.

٢٧١

وما أصله الإباحة ، كالماء المتغيّر ، طاهر وإن جاز إسناد تغيّره إلى النجاسة.

وما لا يعرف له أصل ، كرجل في يده حرام وحلال ولا يعلم أحدهما ، فالأولى اجتنابه.

٣٠٦٠. السابع والعشرون : ما يأخذه الظالم بشبهة الزكاة من الإبل والبقر والغنم ، وما يأخذه عن حقّ الأرض بشبهة الخراج ، وما يأخذه من الغلّات باسم المقاسمة ، حلال ، وإن لم يستحقّ أخذ ذلك ، ولا يجب إعادته على أربابه وإن عرفهم ، إلّا أن يعلم في شي‌ء منه بعينه انّه غصب ، فلا يجوز تناوله ولا شراؤه.

٣٠٦١. الثامن والعشرون : إذا غصب الظالم شيئا ثمّ تمكّن المظلوم من أخذه أو أخذ عوضه ، كان تركه أفضل ، ولو كان الظالم قد أودعه ، ففي جواز الأخذ من الوديعة بقدر ماله قولان ، أقربهما الكراهية ، ولو استخلفه لم تجز المقاصة في الوديعة وغيرها.

ولو أودعه الظالم شيئا ، فإن عرف أنّه له ، أو لم يعرف انّه لغيره ، فانّه يجب عليه ردّه مع المطالبة إليه ، ولو عرف أنّها لغيره ، لم يجز ردّها إلى الظالم ، ويجب ردّها إلى صاحبها مع الأمن ، فإن ردّها إلى الظالم مختارا ضمن.

ولو لم يعرف صاحبها ، تركها إلى أن يعرفه ، ولو حلفه الظالم جاز الحلف ، ولو مزجها الظالم بماله ولم يتميّز ، دفع الجميع إليه.

٣٠٦٢. التاسع والعشرون : يحرم على الرجل أن يأخذ من مال والده شيئا وإن قلّ بغير إذنه إلّا مع الضرورة يخاف منها على نفسه التلف ، فيأخذ ما يمسك به رمقه ، إن كان الوالد ينفق على الولد ، أو كان الولد غنيّا ، ولو لم ينفق مع وجوب النفقة ، أجبره الحاكم ، فإن فقد الحاكم ، جاز أخذ الواجب ، وإن كره الأب.

٢٧٢

٣٠٦٣. الثلاثون : يحرم على الأب أن يأخذ مال ولده البالغ مع غناه عنه ، أو انفاق الولد عليه قدر الواجب ، ولو كان الولد صغيرا ، جاز للأب أخذ ماله قرضا عليه ، مع يساره وإعساره ، ومنع ابن إدريس من الاقتراض (١). (٢)

ولو كان للولد مال والأب معسر ، قال الشيخ : يجوز أن يأخذ منه ما يحجّ به حجّة الإسلام دون التطوع إلّا مع الإذن (٣) ، ومنع ابن إدريس في الواجب أيضا بغير إذن (٤).

ويجوز أن يشتري من مال ولده الصغير بالقيمة العدل ، ويبيع عليه كذلك ، ولو كانت للولد جارية لم يكن له وطؤها ولا مسّها بشهوة.

قال الشيخ : يجوز للأب تقويمها عليه ووطؤها (٥) ، وقيّده في الاستبصار بالصغير (٦). وهو جيّد.

ويجوز للأب المعسر أن يتناول قدر الكفاية من مال ولده الصغير والبالغ مع الامتناع من الإنفاق عليه ، ولو كان موسرا حرم ذلك إلّا من جهة القرض من الصغير على ما قلناه ، وان كان ابن إدريس قد خالف فيه (٧).

٣٠٦٤. الواحد والثلاثون : يحرم على الأمّ أخذ شي‌ء من مال ولدها ، صغيرا كان أو كبيرا ، وكذا الولد لا يجوز له أن يأخذ من مال والدته شيئا ، ولو كانت معسرة وهو موسرا أجبر على نفقتها على ما يأتي.

__________________

(١) في «ب» : من الاقراض.

(٢) السرائر : ٢ / ٢٠٨.

(٣) النهاية : ٣٦٠ ـ باب ما يجوز للرجل أن يأخذ من مال ولده ـ.

(٤) السرائر : ٢ / ٢٠٨.

(٥) النهاية : ٣٦٠.

(٦) الاستبصار : ٣ / ٥٠ و ٥١ في ذيل الحديث ١٦٥.

(٧) السرائر : ٢ / ٢٨٠.

٢٧٣

وهل لها أن تقترض من مال الولد؟ جوّزه الشيخ (١) ومنعه ابن إدريس (٢). وعندي فيه توقّف ، وبقول الشيخ رواية حسنة (٣).

٣٠٦٥. الثاني والثلاثون : لا يجوز للمرأة أن تأخذ شيئا من مال زوجها وإن قلّ إلّا بإذنه ، ويجوز لها أخذ المأدوم إذا كان يسيرا أو تتصدق به مع عدم الإضرار بالزوج ، ولو منعها لفظا حرم.

ولا يترخص (٤) في ذلك من يقوم مقام المرأة في المنزل ، كالجارية والبنت ، والأخت والأم والغلام.

والمرأة الممنوعة من التصرّف في طعام ، لا تجوز لها الصدقة بشي‌ء منه.

٣٠٦٦. الثالث والثلاثون : لا يجوز للرجل أن يأخذ من مال زوجته شيئا مع عدم الإذن ، ويقتصر على المأذون.

ولو دفعت إليه مالا ، وشرطت له الانتفاع به ، جاز التصرف فيه ، ويكره أن يشتري به جارية يطأها ، ولو أذنت فلا كراهية.

ولو شرطت له شيئا من الربح ، كان قراضا ، ولو شرطت جميعه ، كان قرضا ، ولو شرطت الربح لها بأجمعه ، كان بضاعة.

__________________

(١) النهاية : ٣٦٠.

(٢) السرائر : ٢ / ٢٠٩.

(٣) والروايات على جواز قرضها من ماله متوفّرة لاحظ الوسائل : ١٢ / ١٩٤ ، الباب ٧٨ من أبواب ما يكتسب به.

(٤) في «ب» : ولا يرخص.

٢٧٤

المقصد الثاني : في عقد البيع وشروطه

وفيه اثنان وعشرون بحثا :

٣٠٦٧. الأوّل : البيع انتقال عين مملوكة من شخص الى غيره بعوض معلوم على وجه التراضي ، ومشروعيته مستفادة بالنصّ والإجماع.

ولا بدّ فيه من عقد يشتمل على إيجاب وقبول.

فالإيجاب : اللفظ الدالّ على النقل ، مثل بعتك ، أو ملّكتك ، أو ما يقوم مقامهما. والقبول : اللفظ الدالّ على الرضا ، مثل قبلت ، أو اشتريت ونحوهما.

والأقوى عندي انّ المعاطاة غير لازم ، بل لكلّ منهما فسخ المعاوضة ما دامت العين باقية ، فإن تلفت إحدى العينين لزمت ، ولا يحرم على كلّ واحد منهما الانتفاع بما قبضه ، بخلاف البيع الفاسد.

٣٠٦٨. الثاني : لا بدّ في العقد من اللفظ ، ولا تكفي الإشارة ولا الكتابة مع القدرة ، وإن كان غائبا ، وتجزئ الأخرس وشبهه الإشارة.

٣٠٦٩. الثالث : لا بدّ في اللفظ أن يكون بصيغة الماضي في الإيجاب والقبول ، دون المستقبل والأمر ، والأقرب عدم اشتراط تقديم الإيجاب.

٣٠٧٠. الرابع : يشترط في المتعاقدين البلوغ ، فلا يصحّ بيع الصبيّ ولا

٢٧٥

شراؤه ، وإن أذن له الوليّ ، وسواء كان مميّزا أو غير مميّز. وفي رواية لنا ، صحّة بيعه إذا بلغ عشر سنين رشيدا (١) ولا فرق بين اليسير والكثير.

٣٠٧١. الخامس : يشترط في المتعاقدين العقل ، فلا يصحّ بيع المجنون ولا شراؤه ، وإن أذن له الوليّ ، سواء كان مطبقا او أدوارا ، إلّا أن يعقد صحيحا ، وكذا لا ينعقد بيع المغمى عليه ولا شراؤه ولا السكران غير المميّز.

ولو رضي كلّ واحد من هؤلاء أو الصبيّ بعد زوال العذر بما فعله ، لم يعتدّ به.

٣٠٧٢. السادس : الاختيار شرط ، فلا يصحّ عقد المكره ، ولو أجاز ما فعله بعد زوال عذره ، صحّ العقد.

٣٠٧٣. السابع : لو باع العبد ما في يده بإذن سيّده صحّ ، وبغير إذنه يقف على الإجازة ، وكذا لو اشترى بما في يده.

ولو اشترى في الذمة ، قال الشيخ : الأولى انّه لا يصحّ شراؤه (٢) ولو أمره آمر أن يبتاع له نفسه من مولاه ، فالأقرب الجواز.

٣٠٧٤. الثامن : الملك أو حكمه شرط في لزوم البيع ، ونعني بحكم الملك أن يكون البائع وليّا عن المالك ، بأن يكون وليّا أو وكيلا أو مأذونا له فيه ، أو

__________________

(١) لم نعثر على رواية تختص بالبيع وانما ورد نفوذ وصيته أو شهادته إذا بلغ عشرا لاحظ الوسائل : ج ١٣ ، الباب ٤٤ من أبواب أحكام الوصايا. وج ١٨ ، الباب ٢٢ من أبواب الشهادات كما انه لم يشر في التذكرة الى الرواية واقتصر بقوله : «وفي وجه آخر لنا جواز بيعه اذا بلغ عشرا» وكأنّه انتزع قاعدة كليّة من الحديثين لاحظ التذكرة : ١ / ٤٦٨ ـ الطبعة الحجرية ـ.

نعم قال الشيخ في المبسوط : ٢ / ١٦٣ : وروي انّه اذا بلغ عشر سنين وكان رشيدا كان جائزا.

(٢) المبسوط : ٢ / ١٦٢.

٢٧٦

وصيّا ، أو حاكما ، أو أمينا لحاكم ، أو أبا ، أو جدّا مع صغر المالك.

فلو باع غير المالك من غير ولاية ، وقف على الإجازة ، فإن أجازه المالك ، صحّ ولزم ، وإلّا بطل ، وقيل : يبطل من رأس (١) ، وليس بمعتمد.

وقد نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن بيع ما ليس عندك (٢) وهو أن يبيع سلعة معيّنة وليس بمالك لها ، ثمّ يمضي إلى المالك ليشتريها منه ويدفعها.

ولو باع ما ليس معيّنا صحّ وان لم يكن عنده.

٣٠٧٥. التاسع : لو باع الفضولي ، وصاحب السلعة ساكت ، لم يلزمه البيع ، وإن كان حاضرا.

٣٠٧٦. العاشر : لو وكّل رجلين في بيع السلعة على الجمع والتفريق ، فباعا معا ، فالعقد للسابق في العقد لا القبض ، ولو اتّفقا دفعة ، فالوجه البطلان ، ويجوز للمالك أن يبيع بنفسه مع انتفاء الموانع ، وكذا الوكيل المأذون والوصيّ والحاكم وأمينه والأب والجدّ مع المصلحة للمولّى عليه.

ولو باع ما لا يملكه ، وفسخ المالك ، انتزع من المشتري ، ورجع المشتري على البائع بما دفعه إليه وبما اغترمه ، من نفقة ، أو عوض عن أجرة ، أو نما على قول ، اذا لم يعلم ، او ادّعى البائع إذن المالك ، وإلّا فلا رجوع مع العلم بالقضيّة.

ولو باع ما يملك وما لا يملك صفقة ، صحّ في ما يملك ، ووقف الآخر ،

__________________

(١) قال الشيخ : من باع ما لا يملك كان البيع باطلا. المبسوط : ٢ / ١٥٨ ، ولاحظ الخلاف : ٣ / ١٦٨ ، المسألة ٢٧٥ من كتاب البيوع.

(٢) لاحظ سنن الترمذي : ٢ / ٣٥٠ برقم ١٢٥٠ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٧٣٧ برقم ٢١٨٧ ، مسند أحمد : ٣ / ٤٠٢ و ٤٣٤.

٢٧٧

فإن أجاز المالك ، صحّ العقد ، وإلّا بطل ، فتخيّر المشتري في المملوك بين أخذه بقدر نصيبه من الثمن وبين الفسخ.

ولو باع ما يملك وما لا يصحّ تملّكه ، كالخمر والخنزير ، صحّ في ما يملك خاصّة ، بقدر حصّته من الثمن ، ولا خيار مع عدم الغشّ.

٣٠٧٧. الحادي عشر : للأب والجدّ للأب الولاية على الولد ما دام غير رشيد وإن بلغ ، أو غير بالغ ، أمّا لو بلغ رشيدا ، زالت الولاية عنه ، ولكلّ منهما أن يتولّى طرفي العقد.

وللوكيل التصرّف في ما جعل له ما دام الموكّل جائز التصرف ، وفي جواز توليته طرفي العقد إشكال ، المرويّ الجواز مع الإعلام (١).

والوصيّ يمضي تصرّفه بعد موت الموصي على الصبيّ والمجنون ، ويجوز توليته طرفي العقد على خلاف (٢) وفي جواز اقتراضه قولان ، منع ابن إدريس منه (٣). وجوّزه الشيخ (٤) ، وجوّز أيضا ان يقوّم على نفسه (٥) والحاكم وأمينه يليان على المحجور عليه للسفه والفلس مطلقا ، وللصغير مع عدم الأب والجدّ له والوصيّ ، ويحكمان على الغائب.

٣٠٧٨. الثاني عشر : يشترط في مشتري المسلم الإسلام ، فلو اشترى الكافر مسلما ، لم ينعقد وقيل : يجوز ويجبر على بيعه (٦) ولو وكّل الكافر مسلما في

__________________

(١) لاحظ المختلف : ٥ / ٨٩ ، المسألة ٤٩.

(٢) لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف : ٦ / ٣٥٦.

(٣) السرائر : ٢ / ٢١٢.

(٤) النهاية : ٣٦١.

(٥) الخلاف : ٣ / ٣٤٦ و ٣٤٧ ، المسألة ٩ من كتاب الوكالة ولاحظ المبسوط : ٢ / ٣٨١.

(٦) قال الشيخ : اذا اشترى كافر عبدا مسلما ، لا ينعقد الشراء ولا يملكه الكافر ، وبه قال الشافعي في الاملاء ، وقال في الأم : يصحّ الشراء ويملكه ويجبر على بيعه ، وبه قال ابو حنيفة وأصحابه.

الخلاف : ٣ / ١٨٨ ، المسألة ٣١٥ من كتاب البيوع.

٢٧٨

شراء مسلم لم يصحّ ، ولو وكلّ مسلم كافرا في شراء مسلم ، فالوجه الصحّة.

ولو قال كافر لمسلم : اعتق عبدك عنّي عن كفّارتي ، فأعتقه ، فالوجه عدم الصحّة. ولو اشترى الكافر مسلما في شراء ينعتق عليه ، كالاب ، ففي البطلان إشكال.

ولو استأجر الكافر مسلما لعمل في الذمة ، صحّ ، ولو استأجر مدّة كشهر ، ففي الجواز نظر.

٣٠٧٩. الثالث عشر : لا يصحّ بيع الحرّ ولا شراؤه ، وكذا ما لا منفعة فيه ، كفضلات الإنسان ، من شعره ، وظفره ، وقد سلف ، والأقرب جواز بيع لبن الآدميّات.

وكذا لا يجوز بيع ما يشترك فيه المسلمون قبل الحيازة ، كالماء والكلاء ، والسمك.

ولو استولى على شي‌ء منها جاز بيعه.

ولا يصحّ بيع الأرض المفتوحة عنوة ، بل يجوز بيع آثاره فيها ، كالبناء ، والغراس ، وماء البئر لمن استنبطه ، وماء النهر لمن حفره ، يجوز بيعه على كراهية.

وما يظهر من المعادن في الأرض المملوكة ، لمالكها يجوز بيعها والتصرّف فيها.

٣٠٨٠. الرابع عشر : لا يجوز بيع الوقف ما دام عامرا ، ولو أدّى بقاؤه الى خرابه ، جاز بيعه ، وكذا يباع لو خشي وقوع فتنة بين أربابه مع بقائه ، على خلاف.

٣٠٨١. الخامس عشر : لا يجوز بيع أمّهات الأولاد مع حياة الولد ، إلّا في

٢٧٩

ثمن رقبتهنّ اذا كان دينا على مولاها ولا شي‌ء سواها ، وفي اشتراط موت المالك إشكال ، ولو مات ولدها جاز بيعها مطلقا.

٣٠٨٢. السادس عشر : لا يجوز بيع الرهن إلّا بإذن الراهن ، أو يكون المرتهن وكيلا ، وكذا ليس للراهن بيعه إلّا بإذن المرتهن ، ولو باع كلّ منهما من دون إذن صاحبه ، جاز للآخر الفسخ ، إلّا أن يبيح المرتهن الوكيل.

٣٠٨٣. السابع عشر : العبد الجاني يجوز بيعه ، سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ ، ومنع الشيخ في العمد (١) والوجه ما قلناه. ثمّ المجنيّ عليه أو وليّه إن عفا أو صالح على مال ، التزمه المالك ، لزم البيع ، وإن قتله قصاصا رجع المشتري بالثمن الّذي دفعه على البائع ، إن لم يكن عالما باستحقاقه القتل.

ولو كانت الجناية خطإ ، فإن أخذه المجنيّ عليه ، بطل البيع ، وإلّا كان له مطالبة المولى بأرش الجناية أو قيمة العبد.

٣٠٨٤. الثامن عشر : لو كانت الجناية توجب القصاص ، فاقتصّ استوفى ، وإن عفي على مال ، أو كانت الجناية خطأ ، تعلّق المال برقبة العبد ، ويتخيّر المولى بين تسليمه للبيع ، وبين أن يفديه من ماله ، فإن اختار المولى بيعه فزادت القيمة على الأرش ، كان الزائد للمولى ، ولا رجوع عليه في النقصان.

ولو اختار الفداء جاز ؛ قال الشيخ بأقلّ الأمرين من قيمته وأرش الجناية ، وروي جميع الأرش أو تسليم العبد (٢).

وبيع الجاني خطاء دلالة على اختيار أداء الأرش أو القيمة عنه ، ويزول

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٣٥.

(٢) المبسوط : ٢ / ١٣٦.

٢٨٠