تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

بقلعه ، وإن كان في مدّة البيع ، كان له قلعه ، فإن لم يفعل قال الشيخ : تخيّر الراهن بين إبقائه في أرضه وبين إعطائه ثمن الغرس ، وبين مطالبته بالقلع على أنّه يضمن ما نقص الغراس بالقلع ، وكذا البحث في البناء (١).

٣٧٠٩. الثامن : لو ارتهن نخلا مؤبّرا ، لم تدخل الثمرة إلّا بالشرط ، وكذا لو كانت غير مؤبّرة ، أو لم تكن موجودة ، وكذا لو رهنه غنما عليها صوف ، وأرضا فيها بناء أو غرس ، لم يدخل ما فيهما إلّا بالشرط ، ولو رهن شجرا أو بناء صحّ ، ولا يدخل قرار البناء ولا معارش الشجر فيه.

ولو رهن الشجر أو البناء ، لم يدخل البياض الّذي بينه ، وكذا لو كانت بيضاء ثمّ صار فيها نخل وشجر ، سواء أنبته الراهن ، أو حمله السيل ، ولا يجبر الراهن على قلعه على إشكال ، فإن قام ثمن الأرض خاصّة بالدّين ، بيعت دون النابت بها مع امتناعه من القضاء ، ولو شرط دخول النخل ثمّ اختلفا في تجدّد بعضه بعد الرهن ، حكم لمن يشهد له الظاهر ، ولو احتمل الأمران ، قدّم قول الراهن.

٣٧١٠. التاسع : لو دفع رهنا ، وشرط المرتهن في العقد أن يكون وكيلا في بيعه عند المحلّ ، جاز ، وصحّ البيع ، سواء كان الراهن حاضرا أو غائبا ، وكذا لو شرط الوكالة لغيره ، وليس للراهن فسخ الوكالة ، ولو مات ، بطلت دون الرهانة ، ولو مات المرتهن ، لم تنتقل الوكالة إلى الوارث إلّا مع الشرط.

٣٧١١. العاشر : لو شرط المرتهن وضع الرهن تحت يده ، جاز ، وكذا لو

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٤٤.

٤٨١

شرط (١) وضعه على يد عدل ويكون قبض العدل قبضا للرهن ، وكذا لو شرط أن يبيعه العدل عند محلّه ، ولا يكون شرطا في الوكالة ، وهل للراهن عزل العدل عن الوكالة؟ الّذي قوّاه الشيخ نفي ذلك ، (٢) وكذا البحث في المرتهن لو عزل العدل عن البيع ، لكن النفي هنا أقوى ، ومع الحلول يفتقر العدل في بيعه إلى تجديد إذن المرتهن ، أمّا الراهن فلا يفتقر إلى تجديد إذنه.

٣٧١٢. الحادي عشر : لو مات العدل ، فإن اتّفقا على وضعه عند أحدهما أو آخر ، جاز ، وإلّا وضعه الحاكم عند من يرتضيه ، ولو كان في يد المرتهن فمات ، لم يجبر الراهن على تركه في يد الورثة ، ويضعه الحاكم مع التشاجر عند من يختاره.

٣٧١٣. الثاني عشر : إذا عيّنا للعدل جنسا وقدرا ، لم يجز العدول ، وإن أطلقا ، باع بثمن المثل حالّا من نقد البلد ، فإن خالف ، كان لكلّ منهما فسخه ، وتستعاد العين.

ولو كانت تالفة ، تخيّر الراهن في الرجوع على العدل بكمال القيمة ، فيرجع بها على المشتري ، وعلى المشتري بالكمال ، فلا يرجع على العدل ، ولو كان النقص ممّا يتغابن الناس بمثله ، صحّ البيع ، ولا ضمان.

ولو زيد فيما باعه بثمن المثل أو بما يتغابن الناس به ، بعد اللّزوم ، لم ينفسخ (٣) البيع ، وإن كان في مدّة الخيار ، فالوجه عدم الفسخ.

__________________

(١) في «أ» : وكذا لو شرطا.

(٢) المبسوط : ٢ / ٢١٧.

(٣) في «ب» : لم يفسخ.

٤٨٢

٣٧١٤. الثالث عشر : إذا باع العدل الرهن وقبض الثمن ، كان في ضمان الراهن إلى أن يقبضه المرتهن.

٣٧١٥. الرابع عشر : إذا مات الراهن انفسخت وكالة العدل ، ويلزم الوارث بالقضاء أو بيع الرهن ، ولو امتنع منهما ، نصب الحاكم بائعا يقضي من ثمنه الدّين ، فلو تلف الثمن في يده ، واستحقّ الرهن ، نزعه الحاكم إلى المستحقّ من يد المشتري بعد إحلافه ، ولا ضمان على العدل.

فإن كان الرهن شرطا في بيع. تخيّر المرتهن في فسخه ، ويضرب المشتري في تركة الراهن كغيره من الغرماء ، ولا يرجع على العدل ، وكذا يرجع المشتري على الراهن لو كان حيّا ، وباع الوكيل ، وقبض الثمن ، واستحقّ الرهن في يد المشتري.

وكذا كلّ وكيل باع وقبض الثمن واستحقّ المتاع ، مع علم المشتري بالوكالة ، وليس للمشتري الرجوع على الوكيل ، ثمّ يرجع الوكيل على الموكّل.

ولو استحقّ بعد دفع الثمن إلى المرتهن ، رجع المشتري على المرتهن ، ولو ردّه المشتري بعيب ، رجع على الراهن ، ولو لم يعلم المشتري بوكالة العدل ، رجع عليه ، ورجع هو على الراهن إن أقرّ ، ولو أنكر ، فإن لم تكن مع العدل بيّنة ، حلف الراهن.

٣٧١٦. الخامس عشر : العدل أمين لا يضمن ما يتلف في يده ، إلّا مع التفريط أو التعدّي ، فلو ضاع الثمن منه كان القول قوله مع اليمين في عدم التفريط ، ويتلف من ضمان الراهن لا المرتهن ، ولو ادّعى تسليم الثمن إلى المرتهن ، كان القول قول المرتهن مع يمينه إذا لم تكن للعدل بيّنة ، فإذا حلف المرتهن ،

٤٨٣

تخيّر في الرجوع على العدل بأقلّ الأمرين من القيمة والدّين ، ولا رجوع للعدل على الراهن ، وفي الرجوع على الراهن ، فيرجع الراهن على العدل إلّا أن يكون الدفع بحضرته أو يكون قد أشهد اثنين فغابا أو ماتا.

ولو باع بدين ضمن إلّا أن يأذنا له (١).

٣٧١٧. السادس عشر : لو اختلفا فيما يباع به ، بيع بنقد البلد ، سواء كان من جنس الدّين أو لا ، وسواء وافق قول أحدهما أو لا ، ولو كانا من نقد البلد ، بيع بأغلبهما (٢) فإن تساويا ، بيع بأوفرهما حظّا ، فإن تساويا بيع بجنس الحقّ ، ولو خالفهما ، بيع بالأسهل صرفا إلى جنس الحقّ ، فإن تساويا عيّن الحاكم.

٣٧١٨. السابع عشر : لو تغيّرت حال العدل بفسق ، أو ضعف عن حفظ الرهن ، أجيب طالب إخراجه من يده ، وكذا لو ظهرت عداوته لأحدهما ، ثمّ إن اتّفقا على رجل وضع عنده ، وإلّا وضعه الحاكم ، ولو اختلفا في تغيّر حاله بحث الحاكم ، فإن ثبت نقله ، وإلّا أقرّه في يده ، وكذا لو كان في يد المرتهن فادّعى الراهن تغيّر حاله ، ولو مات العدل ، لم يكن لورثته إمساكه إلّا بالتراضي.

٣٧١٩. الثامن عشر : للعدل ردّه عليهما ، ويجب قبوله ، فإن امتنعا أجبرهما الحاكم ، فان امتنعا ، نصب الحاكم أمينا ، وليس له ردّه إلى الحاكم قبل ردّه عليهما ، ويضمن بذلك ، وكذا يضمن الحاكم ، وكذا لو تركه العدل عند أمين مع وجودهما ، يضمن هو والأمين ، ولو امتنعا ولا حاكم ، جاز له وضعه عند أمين ، ولو امتنع أحدهما ، فدفعه إلى الآخر ، ضمن هو وإيّاه.

__________________

(١) قال الشيخ في المبسوط : ولو باع العدل الرهن بدين كان ضامنا له لأنّه مفرط. المبسوط : ٢ / ٢٢٠.

(٢) أي لو كان في البلد نقدان بيع بأغلبهما.

٤٨٤

ولو كانا غائبين ، وللعدل عذر من مرض ، وسفر وغيرهما ، قبضه الحاكم أو من ينصبه ، ولو تعذر الحاكم ، جاز إيداعه من ثقه ، ولو أودعه الثقة مع وجود الحاكم ضمن ، ولو لم يكن له عذر ، لم يجز له التسليم إلى الحاكم ، ولو كان أحدهما غائبا ، لم يسلّم إلى الحاضر.

٣٧٢٠. التاسع عشر : يجوز لهما نقله من العدل متّفقين ، ولو اختلفا ، لم ينقل بقول أحدهما ، ويجوز جعل الرهن في يد عدلين ، ولهما إمساكه ، فإن رضي أحدهما بإمساك الآخر وحده لم يجز ، وكذا لا يجوز أن يقتسما الرهن ، سواء كان ممكن القسمة من غير ضرر أو معه.

٣٧٢١. العشرون : لو جنى على الرهن في يد العدل ، وجبت القيمة على الجاني ، وكانت رهنا ، ويحفظها العدل ، وليس له بيعها مع الحلول.

٣٧٢٢. الواحد والعشرون : لو غصبه المرتهن وجب عليه ردّه ، ويبرأ بالتسليم إلى العدل ، ولو كان في يد المرتهن ، فتعدّى فيه ، ثمّ زال (١) التعدي ، أو سافر به ثمّ ردّه ، لم يسقط الضمان.

٣٧٢٣. الثاني والعشرون : إذا استقرض ذمّي من مسلم ، ورهن عنده خمرا ، لم يصحّ ، وإن وضعها على يد ذمّي ، فإن باعها الذمّي من ذمّي ، وجاءه بالثمن ، أجبر على قبضه أو الإبراء ، ولو جعلت على يد مسلم ، فباعها على ذمّي ، أو باعها الذمّي من مسلم ، لم يجبر على قبض الثمن.

٣٧٢٤. الثالث والعشرون : لو اتّفقا على وضعه على يد عبد ، لم يصحّ إلّا بإذن

__________________

(١) في «أ» : أزال.

٤٨٥

مولاه ، سواء كان بجعل أو لا. ولو اتّفقا على الوضع عند المكاتب صحّ ، إن كان بجعل ، وإلّا فلا.

٣٧٢٥. الرابع والعشرون : لو باع وشرط الارتهان على الثمن ، جاز إذا كان معلوما بالمشاهدة أو الصفة ، كالسلم ، فإن وفى المشتري ، وإلّا تخيّر البائع بين الفسخ والإمضاء بغير رهن ، وكذا يصحّ لو شرط الحميل (١) مع العلم بالإشارة أو الاسم ، وفي الصّفة بأن يقول : رجل غنيّ ثقة ، إشكال.

ولو امتنع الحميل من الضمان ، تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء ، ولو جاء المشتري بغير الرهن أو الحميل المشترطين ، لم يجبر البائع على القبول ، وإن كان أكثر من قيمة المشروط.

ولو شرط شهادة اثنين ، فأتاه بمثلهما (٢) فالأقرب عدم اللزوم ، ولو جهلا الحميل أو الرهن ، بطل الرهن ، وتخيّر البائع في الفسخ والإمضاء.

ولو شرط رهن أحد الشيئين من غير تعيين ، لم يصحّ.

٣٧٢٦. الخامس والعشرون : لو لم يشترطا (٣) رهنا ، وتبرّع المشتري به ، لزمه.

٣٧٢٧. السادس والعشرون : لو شرط كون المبيع رهنا على الثمن ، صحّ الرهن والبيع ، وقال الشيخ : يبطل الرهن (٤) وليس بجيّد ، وكذا لو شرط أن يسلّم إليه المبيع ، ثمّ يردّه إليه رهنا ، فانّه يصحّ البيع والرهن معا ، وقال الشيخ : يبطلان معا (٥) ، وهو جيّد (٦).

__________________

(١) الحميل : الضامن.

(٢) في «أ» : بمثلها.

(٣) في «ب» : لو لم يشترط.

(٤) و (٥) المبسوط : ٢ / ٢٣٥.

(٦) في «ب» : وهو حسن.

٤٨٦

٣٧٢٨. السابع والعشرون : لو رهن المديون بشرط أن يزيده في الأجل ، فسد الرهن ، والأجل غير لازم ، قاله الشيخ ، (١) وعندي فيه تردّد.

الفصل السادس : في الأحكام

وفيه أربعة وأربعون بحثا :

٣٧٢٩. الأوّل : إذا فسخ المرتهن عقد الرهن ، أو نزل عنه ، أو قضاه الراهن الدين أو أبرأه المرتهن منه ، بطل الرهن ، وكان أمانة في يد المرتهن ، لا يجب ردّه إلّا مع المطالبة ، ولو قضاه بعض الدّين أو أبرأه من بعضه ، لم ينفسخ شي‌ء من الرهن ، وكان جميعه محبوسا على باقي الدّين وإن قلّ.

٣٧٣٠. الثاني : إذا رهن المغصوب منه الغصب عند الغاصب ، صحّ ، ولا يزول الضمان ، وإن أذن له في القبض على إشكال ، ولو قبضه المالك ، ثمّ دفعه إلى الغاصب رهنا ، برئ من الضمان ، وكذا لو أبرأه من الضمان من غير قبض ، ولو باعه عليه ، سقط الضمان ، وكذا البحث لو كان في يده بشراء فاسد.

ولو كان في يده عارية ، فلا ضمان إلّا أن تكون العارية مضمونة ، فلا يزول إلّا بالإبراء ، وعلى التقديرين يسقط انتفاع المرتهن.

٣٧٣١. الثالث : إذا رهن عينين ، فتلفت إحداهما قبل القبض ، بطل الرهن فيها

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٣٥.

٤٨٧

خاصّة ، وكانت الأخرى رهنا على جميع الدّين ، ويتخيّر المرتهن إن كان الرهن شرطا في البيع ، وإن كان بعد القبض ، بطل فيها أيضا ، وصحّ في الباقية ، ولا خيار ، وليس له المطالبة بالعوض.

٣٧٣٢. الرابع : إذا وطئ جارية ، جاز له رهنها ، فإن ظهر بها حمل ، وولدت لدون ستّة أشهر أو لأكثر من عشرة أشهر من حين الوطء ، استقرّ الرهن ، وكان الولد رقّا ، وإن كان لستّة أشهر إلى تمام عشرة ، كان حرّا ، ولم تخرج الأمة عن الرهن.

ولو أقرّ الراهن بالوطء قبل العقد ، فإن منعنا من رهن أمّ الولد ، لم يصحّ رهنها ، وإلّا جاز ، ولو كان بعد العقد ، لم يؤثّر في فساد الرهن ، والوجه صيرورتها أمّ ولد ، لا يجوز بيعها ما دام الولد حيّا.

٣٧٣٣. الخامس : الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرّف في الرهن ، فليس لكلّ واحد منهما التصرف فيه ببيع ، ولا هبة ، ولا إجارة ، ولا سكنى ولا وطء ، ولا غير ذلك ، فلو وطئ الراهن ، فعل حراما ، سواء كانت من ذوات الحمل أو لا ، لكن لا حدّ عليه ولا مهر.

ولو أتلف بوطئه جزءا كالافتضاض أو الإفضاء ، ضمن الأرش ، وجعل رهنا ، ولو أحبلها ، صارت أمّ ولد ، ولم تخرج من الرهانة ، سواء كان موسرا أو معسرا ، لكن لا تباع ما دام الولد حيّا.

ولو ماتت بالولادة ، ضمن الراهن القيمة ، [و] تكون رهنا ، وهل تعتبر القيمة حين التلف ، أو حين الإحبال ، أو أكثر ما كانت منهما؟ فيه إشكال ، ولو نقصت قيمتها ، كان عليه الأرش ، يكون رهنا ، ولو بقيت على حالها ، لم يجز بيعها مع حياة ولدها.

٤٨٨

وقيل : يجوز ، لسبق حقّ المرتهن ، فإن استوعب الدين القيمة ، بيعت ، وإلّا لم يجز بيع الفاضل إلّا أن يوجد (١) من يشتري المقابل للدّين خاصّة ، فإن بيع مقابل الدّين ، انفكّ الباقي من الرهن ، فإن مات الراهن عتق ، وكان الباقي رقّا للمشتري لا يقوّم على الميّت ، ولو رجعت إلى الراهن ، ثبت لها حكم الاستيلاد.

أمّا لو وطئها بإذن المرتهن ، فانّها تصير أمّ ولد مع الحبل ، ولا تخرج من الرهن ، ولا يجب عليه أرش ولا قيمة ، لو نقصت أو ماتت بالولادة ، ولو رجع بعد الوطء لم ينفع ، ولو رجع قبله ، وعلم الراهن ، فالحكم كما لو لم يأذن ، ولو لم يعلم ، فالحكم كما لو لم يرجع.

٣٧٣٤. السادس : لا يجوز للراهن ضرب الجارية لتأديب وغيره ، إلّا بإذن المرتهن ، وبدونه يضمن العيب والعين ، ولو أذن المرتهن ، فلا ضمان لو عابت أو تلفت.

٣٧٣٥. السابع : ليس للراهن عتق الرهن ، فإن فعل كان موقوفا على إجازة المرتهن ، سواء كان موسرا أو معسرا ، فإن فسخه ، بطل العتق ، واستقرّ الرهن ، وإن أجازه ، صحّ العتق ، وبطل الرهن ، وليس له المطالبة بالعوض ، ولو انتفت الإجازة والفسخ ، استقرّ الرهن ، فإن بيع بطل العتق ، وإن فك ففي نفوذ العتق حينئذ إشكال.

ولو أعتقه بإذن المرتهن ، صحّ ، وبطل الرهن ، ولو رجع في الإذن ، كان حكمه ما تقدّم في رجوعه في الإحبال ، أمّا المرتهن لو أعتقه لم ينفذ ، وإن أجاز المالك ، ولو سبق الإذن جاز.

__________________

(١) في «ب» : «أن لا يوجد» والصحيح ما في المتن.

٤٨٩

٣٧٣٦. الثامن : لو ادّعى الراهن إذن المرتهن في الإحبال أو الإعتاق ، فالقول قول المرتهن مع اليمين وعدم البيّنة ، فإن حلف كان كما لو لم يأذن ، وإن نكل ، حلف الراهن ، وكان كما لو أذن ، ولو نكل ففي إحلاف الجارية إشكال.

ولو اختلف الراهن وورثة المرتهن ، حلفوا على نفي العلم ، ولو اختلف المرتهن وورثة الراهن ، حلف المرتهن على نفي الإذن ، أو الورثة على إثباته قطعا.

٣٧٣٧. التاسع : إذا اعترف المرتهن بالإذن في الوطء ، وفعله ، وولادة المرأة ، لا التقاطه ولا استعارته ومدّة الحمل ، لم يقبل إنكاره كون الولد منه ، ولا يمين على الراهن ، ولو أنكر أحد الأربعة (١) فالقول قوله مع اليمين.

٣٧٣٨. العاشر : لو وطئها المرتهن من غير إذن ، حد مع العلم ، والولد رقيق للرّاهن ، وعليه مهر المثل إن أكره الجارية ، أو كانت نائمة ، ولو طاوعته ، فلا مهر على إشكال.

ولو ادّعى الجهل بالتحريم ، صدّق مع إمكانه ، ويسقط الحدّ ، ولحقه الولد حرّا ، وعليه قيمته وقت سقوطه حيّا ، والمهر مع الإكراه لا مع المطاوعة ، ولو كانت جاهلة ، ثبت المهر أيضا.

__________________

(١) وهي عبارة : ١ ـ اعتراف المرتهن بإذنه للراهن للوطء.

٢ ـ اعترافه بأنّه وطأ وهو المراد من قول المصنّف (وفعله).

٣ ـ اعترافه بولادة المرأة.

٤ ـ اعترافه بمضيّ مدة الحمل ، فحينئذ لم يقبل انكار المرتهن بأن هذا الولد من غير الراهن. وبذلك ظهر معنى العبارة. لاحظ المبسوط : ٢ / ٢٠٧.

٤٩٠

والأقرب عندي ثبوت العشر مع البكارة ونصفه مع الثيوبة في كلّ موضع أوجبنا المهر فيه.

ولو أذن الراهن ، جاز الوطء ولا حدّ ، ولا مهر ، سواء طاوعته أو أكرهها ، والولد حرّ ولا قيمة على الأب ، وقول الشيخ في المبسوط : إذا أذن الراهن لم يجز الوطء (١) محمول على انتفاء لفظ التحليل ، ولا تصير أمّ ولد في الحال ، ولو ملكها المرتهن صارت أمّ ولده.

٣٧٣٩. الحادي عشر : إذا أذن المرتهن في البيع قبل الأجل ، صحّ البيع ، ولم يجب جعل الثمن رهنا ، إلّا أن يشترط في الإذن ، فيصحّ البيع ، ويلزمه الشرط ، ولا يجب التعجيل (٢).

ولو قال المرتهن : أردت بإطلاق الإذن أن يكون ثمنه رهنا ، لم يلتفت إلى قوله ، ولو اختلفا ، فقال المرتهن : أذنت بشرط أن يعطيني حقّي ، وقال الراهن : بل مطلقا ، قال الشيخ : القول قول المرتهن ، لأنّ القول قوله في أصل الإذن فكذا في صفته (٣) وعندي فيه إشكال ، وكذا لو قال : أذنت بشرط جعل الثمن رهنا ، وقال الراهن : بل مطلقا.

ولو أذن الراهن للمرتهن في البيع قبل الأجل ، لم يجز للمرتهن التصرّف في الثمن إلّا بعد الأجل ، ولو كان بعد حلوله ، جاز.

٣٧٤٠. الثاني عشر : لو رجع في إذن البيع بعده ، لم يؤثّر في صحّته ، ولو كان

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٠٩.

(٢) ان التعجيل في أداء الدّين من ثمن الرهن.

(٣) المبسوط : ٢ / ٢١٠.

٤٩١

قبله ، وعلم الراهن لم يصحّ ، وإن لم يعلم قال الشيخ : الأولى صحة الرجوع وبطلان البيع(١).

ولو قال : بعت بعد رجوعي ، فقال : بل قبله ، فالقول قول المرتهن.

٣٧٤١. الثالث عشر : لو كان الحقّ حالا أو مؤجلا ثم حلّ فأذن (٢) المرتهن في البيع ، كان الثمن رهنا ، إلّا أن يقضيه منه أو من غيره.

٣٧٤٢. الرابع عشر : لو رهن عبدا ثمّ دبّره ، قال الشيخ : يبطل التدبير (٣) ولو قيل بكونه موقوفا على إذن المرتهن ، كان وجها ، فإن انفكّ قبل موت المولى بقي مدبّرا ، وإن باعه في الدّين ، بطل التدبير ، وان امتنع من البيع والرجوع في التدبير ، بيع عليه ، وإن مات وقضى من غيره عتق من الثلث ، وإن لم يكن غيره وكان الدّين مستغرقا بيع به ، وإن فضل من قيمته ، عتق ثلث الفاضل.

٣٧٤٣. الخامس عشر : لو قال المرتهن : أذنت لرسولك في رهنه بعشرين ، فقال : بل بعشرة ، فالقول قول الراهن مع يمينه وعدم البيّنة ، ثمّ الرسول إن صدّق الراهن ، فالغريم الراهن ، وليس على الرسول يمين ، وإن صدّق المرتهن ، فكذلك ، ولا يرجع المرتهن عليه بشي‌ء ، ولا تقبل شهادة الرسول لأحدهما.

٣٧٤٤. السادس عشر : لو قال : رهنت هذا ، فقال : بل هذا ، خرج ما أنكره المرتهن عن الرهن ، وحلف الراهن عن الآخر ، وبقي الدّين بلا رهن ، وكذا لو قال : أذنت في رهن هذا ، فقال : بل في هذا.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٠٩.

(٢) في «أ» : «فإن أذن» والصحيح ما في المتن.

(٣) المبسوط : ٢ / ٢١٣.

٤٩٢

ولو أقام المرسل بيّنة انّه أذن في رهن ما ادّعاه والنهي عن رهن الآخر ، وأقام المرتهن البيّنة بالعكس ، ثبت ما ادّعاه المرتهن.

ولو أنكر الإذن للرسول في الرهن ، فالقول قوله مع اليمين.

ولو قال : لم أرهن الثوب ، أو لم آذن في رهنه ، وانّما رهنت عندك عبدا وقد قتلته ، وعليك قيمته ، فالقول قوله في الثوب ، وقول المرتهن في براءة ذمّته.

٣٧٤٥. السابع عشر : إذا حلّ الحقّ ، وجب على الراهن إيفاء الدّين مع المطالبة ، فإن قضاه من غيره ، انفك ، وإلّا طولب ببيعه ، فإن امتنع ، كان للمرتهن بيعه إن كان وكيلا ، وإلّا رفع أمره إلى الحاكم ، وللحاكم حبسه وتعزيره حتّى يبيع ، وبيعه بنفسه.

٣٧٤٦. الثامن عشر : لو جنى المرهون على عبد الراهن ، فان لم يكن رهنا ، كان للمولى القصاص ، إلّا أن يكون المقتول ابن القاتل ، وليس له العفو على مال ، سواء كان المقتول قنّا ، أو مدبّرا ، أو أمّ ولد للمولى.

وإن كان مرهونا عند غير المرتهن ، كان للمولى القصاص أيضا ، وله العفو على مال ، فإن قصر أرش الجناية عن قيمة القاتل ، بيع بقدر الأرش يكون رهنا عند مرتهن المجنيّ عليه ، ولو لم يرغب أحد في شراء البعض ، بيع الجميع ، وكان باقي أرش الجناية رهنا عند مرتهنه ، وإن تساويا ، أو كان الأرش أكثر ، بيع الجميع ، وكان الثمن رهنا عند مرتهن المجنيّ عليه.

ويحتمل انّه ينقل إلى يد مرتهن المجنيّ عليه رهنا ، وينفكّ من رهن مرتهنه مع عدم راغب في شرائه بالأزيد من القيمة.

٤٩٣

ولو كان رهنا عند مرتهن الجاني ، فإن اتّحد الحقّ ، فالجناية هدر ، وإن تعدّد ، فإن تساوت القيمتان ، وتساوى الحقّان قدرا وجنسا ، فالجناية هدر ، إلّا أن يكون دين المقتول أصحّ وأثبت من دين القاتل ، بأن يكون مستقرّا ، ودين القاتل عوض شي‌ء يردّ بعيب ، أو صداقا قبل الدخول فيحتمل نقله وعدمه ، ومع النقل يباع ، ويكون الثمن رهنا ، أو يتّفقا على التّبقية.

وإن اتّفقت القيمتان واختلف الحقّان ، بأن تكون قيمة كلّ منهما مائة ، ودين أحدهما مائة والآخر مائتين ، لم ينقل إن كان دين القاتل أكثر ، وإلّا نقل.

وإن انعكس الفرض (١) لم ينقل إن كانت قيمة المقتول أكثر ، وإن كانت قيمة القاتل أكثر ، بيع بقدر الجناية يكون رهنا بدين المجنيّ عليه ، ويبقى الباقي رهنا بدينه ، ولو اتّفقا على التّبقية ، وجعله رهنا بالدينين ، جاز.

ولو كان أحد الدينين مؤجّلا والآخر معجّلا ، بيع القاتل بكلّ حال ، فإن كان دين المقتول معجّلا ، بيع القاتل ليستوفى دية المقتول منه ، وإن بقى منه شي‌ء كان رهنا بدينه ، وإن كان دين القاتل معجّلا ، بيع واستوفى المعجّل ، فإن بقى منه شي‌ء ، كان رهنا بدين المقتول.

٣٧٤٧. التاسع عشر : إقرار العبد بما فيه قصاص أو دية باطل ، سواء كان مرهونا أو غير مرهون.

٣٧٤٨. العشرون : إذا جنى المرهون ، تخيّر المولى بين افتكاكه بأرش الجناية ، ويبقى رهنا على حاله ، وبين تسليمه للبيع ، وللمرتهن حينئذ افتكاكه بالأرش

__________________

(١) بأن يتّفق الدينان وتختلف القيمتان.

٤٩٤

أيضا ، ويرجع على الراهن إن أذن له ، وإن لم يأذن ، قال الشيخ : يرجع أيضا (١) وعندي فيه نظر.

٣٧٤٩. الواحد والعشرون : لو أمر السيّد عبده المرهون بالجناية ، وكان بالغا عاقلا مختارا ، تعلّق الإثم بالمولى والجناية برقبة العبد ، والحكم كما تقدّم. وإن أكرهه فكذلك عندنا تتعلّق الجناية برقبة العبد ، ولو لم يكن بالغا وكان مميّزا ، فكذلك على ما روي من ثبوت القصاص على من بلغ عشر سنين (٢) على إشكال. ولو لم يكن مميّزا كان الجاني هو المولى ، والقصاص عليه ، والمال في ذمّته ، فإن كان له غير العبد دفع منه ، وإن لم يكن قال الشيخ. الأحوط أن لا يباع العبد في الجناية. (٣)

٣٧٥٠. الثاني والعشرون : يجوز أن يستعير شيئا ليرهنه ، ويكون مضمونا بالقيمة ، إن تلف أو تعذّر إعارته أو بيع بها.

وإن بيع بالأكثر كان له المطالبة بما بيع به ، وهل يرجع بأعلى القيم أو بالقيمة وقت الإقباض أو التلف؟ إشكال.

ولو رجع عن الإذن قبل العقد ، لم ينعقد الرهن ، وإن كان بعده ، لم يصحّ الرجوع ، والأقرب جواز إذنه في الرهن مطلقا ، إلّا أنّه إن عيّن الحقّ والقدر والحلول أو التأجيل ، لم يجز للمستعير المخالفة ، إلّا أن يرهنه بالأدون ، ولو رهنه بالأزيد ، بطل في الزائد ، وصحّ في المأذون فيه ، على إشكال.

ولو أذن في الحالّ ، فرهن مؤجّلا ، أو بالعكس ، لم يصحّ ، فإن رهنه على

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٢٦.

(٢) نقله الشيخ في المبسوط : ٢ / ٢٢٧ ولم نعثر عليه في الجوامع الحديثية.

(٣) المبسوط : ٢ / ٢٢٧.

٤٩٥

دين حالّ بإذنه ، كان له المطالبة بفكاكه ، ولو أذن في المؤجّل ، فالأقرب انّه ليس له المطالبة بافتكاكه قبل الأجل.

ولو تلف العبد في يد المرتهن بغير تفريط ، أو جنى فبيع في الجناية ، رجع صاحبه على الراهن بالقيمة ، ولو طالب المالك الراهن بفكاكه ، فامتنع ، ففكّه صاحبه بغير إذنه ، لم يرجع ، وإن كان بإذنه رجع وإن لم يشترط الرجوع ، ولو اختلفا في الإذن ، فالقول قول الراهن ، فإن أقام السيّد البيّنة بالإذن رجع ، ولو شهد له المرتهن ، فالوجه قبول شهادته.

٣٧٥١. الثالث والعشرون : لو استعار من رجل شيئا للرهن ، ثمّ دفع نصف الدّين ، لم ينفكّ من الرهن شي‌ء حتّى يقضي الجميع ، ولو استعار من اثنين ، فرهن عند واحد ، وقضاه نصف الدين عن أحد النصفين ، احتمل الأوّل وأن ينفكّ نصفه ، فإن علم المرتهن تعدّد المالك فلا خيار ، وإلّا احتمل ثبوته وعدمه.

ولو كان هذا العبد رهنا عند اثنين ، فقضى أحدهما ، انفكّ نصف نصيب كلّ واحد منهما ، ولو جعل الرهن رهنا على كلّ جزء من الدّين ، لم ينفكّ من الرهن شي‌ء في هذه الصور كلّها.

٣٧٥٢. الرابع والعشرون : إذا جني على المرهون ، كان الخصم المولى لا المرتهن ، وله أن يحضر الخصومة ليأخذ ما يحصل للمالك ، وكذا العبد المستأجر والمودع ، الخصم فيهما المالك ، فإن قامت البيّنة ، وإلّا حلف المنكر ، فإن نكل ، ردّت على الراهن لا المرتهن ، وإن نكل الراهن ، سواء كانت عمدا أو خطاء ، فإن كانت عمدا ، كان للمولى القصاص ، وإن لم يرض المرتهن ، ولو عفا على مال تعلّق به حق المرتهن ولو عفا مطلقا أو على غير مال ، فلا قصاص

٤٩٦

ولا دية ، فإن عفا على مال أو كانت الجناية خطأ ، يثبت من نقد البلد ، ولو أراد أخذ العوض افتقر إلى إذن المرتهن ، ويكون المأخوذ رهنا ، ولو أبرأ الراهن الجاني من الأرش لم يصحّ ، وإن سقط حقّ المرتهن بعد ذلك.

ولو قال المرتهن : أسقطت حقّي من ذلك ، سقط حقّه ، وكان للراهن ، ولو قال المرتهن : أسقطت الأرش ، أو أبرأت منه ، لم يصحّ ، وهل يسقط حقّه بذلك من الوثيقة فيه؟ يحتمل الأمرين ، وأقربهما السقوط.

٣٧٥٣. الخامس والعشرون : لو كان الرهن أمة حاملا ، فضربها ضارب فألقت جنينا ميّتا ، لزم الجاني عشر قيمة أمة للراهن ، إلّا أن يشترط المرتهن رهانة النماء ، ولا يجب أرش ما نقص بالولادة ، ولو كانت دابّة ، وجب أرش ما نقص بوضعه يكون رهنا ، ولا يجب بدل الجنين.

ولو ألقت حيّا ثمّ مات ، وجب قيمة الولد دون النقص والقيمة للراهن ، لا حقّ للمرتهن فيها ، قال الشيخ : ولا يجب أكثر الأمرين من قيمة الولد أو أرش ما نقصت الأمّ (١).

٣٧٥٤. السادس والعشرون : إذا جني على الرهن ، وجهل الجاني ، فأقرّ شخص بالجناية ، فإن كذّباه ، سقط حقّهما ، وإن صدّقه الراهن خاصّة ، سقط حقّ المرتهن من الوثيقة ، وكان للراهن ، وإن صدّقه المرتهن ، سقط حقّ الراهن ، وتعلّق حقّ المرتهن بالأرش ، ثمّ إن قضاه الراهن من ماله ، أو أبرأه المرتهن ، رجع الأرش إلى المقرّ.

٣٧٥٥. السابع والعشرون : إذا حدث في الرهن عيب في يد المرتهن ، لم

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٣١.

٤٩٧

يضمنه إلّا مع التعدي أو التفريط ، ولا يثبت له خيار في البيع الّذي شرط فيه الرهن.

ولو اختلفا فقال الراهن : حدث عندك ، وقال المرتهن : قبل القبض ، فان كان في قرض أو ثمن لم يشترط فيه الرهن ، لم يكن للاختلاف معنى ، وإن كان مشروطا في البيع ، قدّم قول من يشهد الحال له ، ولو تساويا في الاحتمال ، فالقول قول الراهن ، عملا بصحّة العقد.

ولو قتل الرهن بردّة ، أو قطع في سرقة قبل القبض ، كان له فسخ البيع المشروط به.

ولو وجد المرتهن عيبا في يد الراهن ، فله الردّ وفسخ البيع ، ولو مات الرهن ، أو حدث فيه عيب قبل ردّه ، لم يكن له ردّه وفسخ البيع ؛ قاله الشيخ : (١) والأقرب عندي جواز ردّه مع العيب المتجدّد بالعيب القديم ، ولو رهن عبدين فسلّم أحدهما ، فمات في يد المرتهن ، وامتنع من تسليم الآخر ، لم يكن للمرتهن خيار فسخ البيع ، قاله الشيخ : (٢) وكذا لو تجدّد فيه عيب وامتنع من تسليم الآخر (٣) والأقوى عندي ثبوت الخيار له في الموضعين.

٣٧٥٦. الثامن والعشرون : إذا اتّفقا على أنّ العدل قبض الرهن ، لزم الرهن ، وإن أنكر العدل ، سواء قلنا باشتراط القبض أو لا ، ثمّ إن اتّفقا على تركه في يد من شاءا جاز ، وإلّا دفعه الحاكم إلى الثقة.

٣٧٥٧. التاسع والعشرون : الوارث كالموروث إلّا في شيئين أحدهما حلول

__________________

(١) و (٢) و (٣) المبسوط : ٢ / ٢٣٤.

٤٩٨

الدّين المؤجّل بموت من عليه ، والثاني امتناع الراهن من تركه في يد الوارث إذا لم يشترط المرتهن.

٣٧٥٨. الثلاثون : لو قال الراهن : رهنتك أحد العبدين اللّذين في يدك ، فقال المرتهن : بل هما ، فالقول قول الراهن ، ولو قال : رهنتك على خمسمائة من الألف الّتي لك عليّ ، فقال : بل على الجميع فالقول قول الراهن ، وكذا القول قول الراهن في قدر الدّين.

ولو قال لاثنين : رهنتماني عبدكما على الدّين الّذي عليكما ، فالقول قولهما مع اليمين ، ولو صدّقه أحدهما ، ثبت الرهن في حقّه ، وحلف الآخر ، ولو شهد عليه شريكه ، قبل مع اليمين ، ولو أنكراه ، وشهد كلّ على صاحبه ، فالوجه جواز حلف صاحب الدّين مع كلّ واحد ، ويثبت ما ادّعاه ، ولا يقتضي الإنكار فسقا ، لاحتمال الشبهة ، كالمتخاصمين.

والقول قول الراهن في دعوى قضاء الدّين بالرّهن ، لو كان عليه آخر بغير رهن ، سواء ادّعى التّلفظ بذلك أو لا ، مع النيّة.

ولو اتّفقا على الإطلاق ولم يدّع القاضي نيّته ، احتمل أن يعيّنه بأيّ الدّينين شاء. وأن يكون بينهما ، وكذا لو أبرأه المرتهن عن أحد الدّينين ثمّ اختلفا ، فالقول قول المرتهن ، ومع الإطلاق يحتمل الأمران.

ولو قال : لم أسلّم الرهن إليك بل آجرتك ، أو غصبتنيه ، أو آجرته لغيرك فحصل في يدك ، وادّعى المرتهن الإقباض ، فالقول قول الراهن في عدم الإقباض.

٣٧٥٩. الواحد والثلاثون : منافع الرهن للرّاهن ، سواء كانت منفصلة أو

٤٩٩

متّصلة ، لكن المتّصلة تتبع الرهن ، كالسّمن ، أمّا المنفصلة مثل سكنى الدّار ، وخدمة العبد ، وثمرة الشجرة ، وحمل الدّابة ـ سواء كانت موجودة حال الارتهان أو بعده ـ فلا تكون رهنا ، سواء كانت ولدا أو غيره ، وليس للرّاهن سكنى الدّار ولا إسكانها بإجارة ولا عارية ، لكنّه إن آجر كانت الأجرة له.

ولو كان الرهن أمة لم يجز للرّاهن استخدامها ، وتوضع على يد امرأة أو عدل ، وليس للرّاهن وطؤها ، وإن لم تكن من ذوات الحبل.

وليس له أن يغرس في الأرض ، فإن غرس لم يقلع ، ولو رهن شجرا يقصد ورقه كالتوت والحنّاء والآس ، لم يدخل في الرهن.

ويجوز له تزويج العبد المرهون والجارية المرهونة ، لكن لا يسلّم الجارية الّا بعد الانفكاك.

٣٧٦٠. الثاني والثلاثون : يجب على الراهن الإنفاق على الرهن ، ولو جنى عليه ، كان عليه المداواة ، وكذا لو مات المرهون كان عليه مئونة تجهيزه ودفنه ، وكذا أجرة مسكنه وحافظه على الراهن ، وكذا أجرة من يردّ العبد من الإباق.

ولو كان الرهن ماشية ، لم يكن للراهن إنزاء فحولتها على إناثه أو إناث غيره ، وكذا لا ينزي عليها لو كانت إناثا ، سواء ظهر الحمل قبل حلول الدّين أو لا ، وقال الشيخ : لا يجوز للمرتهن منعه من ذلك في الذكور والإناث (١).

ولو أراد الراهن رعي الماشية لم يكن للمرتهن منعه ، وتأوى ليلا إلى من هي في يده ، وليس له الانتقال بها مع وجود المرعى ؛ ولو لم يوجد ، كان له ذلك ،

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٣٨.

٥٠٠