الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٠١
ولو ضمن أحدهما صاحبه (١) صحّ وانتقل ما على المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، ولو ضمن كلّ واحد منهما صاحبه انتقل ما كان على كلّ واحد إلى ضامنه وبرئ الضامن من الدّين الأصلي ، وليس للمالك مطالبة كلّ واحد بالجميع ، ولا مطالبة أحدهما به.
ولو قال كلّ واحد منهما : ضمنت ما عليه دفعة ، فقال : ضمنتكما ، فالوجه صحّة الضمان ، لكن يتعلّق بذمّة كلّ واحد النصف.
٣٩٤٣. التاسع : إذا ضمن بإذنه ، ونقد بإذنه ، رجع عليه ، سواء قال المضمون عنه : اضمن عنّي وانقد عنّي ، أو قال : انقد ، وأطلق ، وكذا يرجع لو ضمن بإذنه ونقد بغير إذنه ، ولا يشترط تعذّر الرجوع على المضمون عنه ، لأنّ الضمان عندنا ناقل ، ولو ضمن بغير إذنه ، ونقد بإذنه ، لم يرجع ، ولو ضمن بغير إذنه ونقد بغير إذنه (٢) لم يرجع.
٣٩٤٤. العاشر : انّما يرجع الضامن على المضمون عنه في موضع الرجوع بأقلّ الأمرين من قدر الدين والمدفوع ، ولو أبرأه غريمه لم يرجع ، ولو دفع عوض الدّين عرضا ، رجع بأقلّ الأمرين من قيمته وقدر الدّين ، ولو أحاله ، فهي بمنزلة الإقباض يرجع بأقل الأمرين من الدّين والقدر المحال به ، سواء قبض الغريم من المحال عليه ، أو أبرأه أو تعذّر الاستيفاء لفلس أو مطل.
٣٩٤٥. الحادي عشر : إذا كان له على اثنين مائة ، وكلّ واحد منهما ضامن لصاحبه ، وأجاز المالك ضمانهما ، فقد قلنا إنّ ذمّة كلّ منهما مشغولة بالضمان لا
__________________
(١) في «ب» : ولو ضمن أحدهما خاصّة.
(٢) في «ب» : «ونقد بإذنه» والصحيح ما في المتن.
بالأصل ، فإذا ضمن آخر عن أحدهما المائة ، صحّ ضمان الخمسين ، فإذا نقد المائة ، سقط الحقّ عن الجميع ، ورجع على المضمون عنه بالنصف مع الإذن في الضمان ، ولا يرجع على الآخر إلّا مع إذنه في الإنقاد عنه.
ولو ضمن عنهما معا صحّ ، ولزمه المائة ، ورجع على كلّ واحد بالنصف مع إذنهما بالضمان ، وإلّا فعلى الآذن خاصّة.
٣٩٤٦. الثاني عشر : إذا ضمن بإذنه ، لم يكن للضامن مطالبة المضمون عنه إلّا إذا طولب ، وقوّى الشيخ جواز المطالبة وإن لم يطالب الضامن (١) وما قلناه أولى.
ولو ضمن بغير إذنه ، لم تكن له مطالبته مطلقا ، وليس للمأذون في الضّمان مطالبة المضمون عنه بتسليم المال إليه قبل أدائه ، ولا مطالبة المضمون عنه بقبض المال منه ليتولّى المضمون عنه الدفع.
٣٩٤٧. الثالث عشر : إذا قضى المضمون عنه برئ هو والضامن. وكذا لو قضى الضامن من المتبرّع ، أمّا المأذون فيبرأ بأدائه ، ويطالب المضمون عنه ، ولو ضمن تبرّعا فقضى المضمون عنه ، فإن كان بمسألة الضّامن ، فالوجه رجوعه عليه وإلّا فلا.
٣٩٤٨. الرابع عشر : إذا كان له دين على اثنين فضمن كلّ واحد منهما صاحبه ، فعلم المضمون له ، كان له أن يجيز ضمان من شاء منهما ، فيلزمه الدّينان معا ، ويبرأ الآخر ، فإن ضمن ثالث الدّينين معا عمّن أجيز ضمانه صحّ ، ورجع
__________________
(١) المبسوط : ٢ / ٣٢٩.
عليه خاصّة إن كان بإذنه ، وإن ضمن عن الآخر من المالك لم يلزمه شيء ، وإن أجازهما معا انتقل ما في ذمّة كلّ منهما إلى الآخر ، واستقرّ الدّين عليهما كما كان.
٣٩٤٩. الخامس عشر : لو ادّعى على حاضر وغائب ، وأنّ كلّا منهما ضامن لصاحبه ، فاعترف الحاضر ، كان له إلزامه بالجميع إن لم يرض بضمان الغائب ، والقول قوله بعدم الرضا مع يمينه ، فإن حضر الغائب فاعترف ، ألزم بقدر نصيبه ، إن كان الحاضر ضمن بمسألته ، وإلّا فلا ، وإن انكر فالقول قوله مع يمينه.
ولو أنكر الحاضر ولا بيّنة ، فالقول قوله مع يمينه ، فإن قامت عليه بيّنة واستوفى منه ، لم يكن له الرجوع على الغائب ، ولو اعترف الغائب ، ورجع الحاضر عن إنكاره ، كان له الرجوع بما أدّى عنه.
ولو أنكر الحاضر وحلف ، ثمّ حضر الغائب واعترف ، لم يكن للمضمون له الرجوع عليه بشيء (١) مع رضاه بضمان الحاضر أوّلا.
٣٩٥٠. السادس عشر : المأذون له في الضمان ، إذا ادّعى أداء ما ضمنه ، فأنكر المضمون له ، كان القول قول المضمون له مع يمينه ، فإن شهد المضمون عنه ، قبلت شهادته مع انتفاء التهمة ، ولو لم يكن مقبول القول ، حلف المضمون له ، ورجع على الضّامن ثانيا ، ويرجع الضامن بما أدّاه أوّلا ، ولو لم يشهد رجع بما أدّاه أخيرا.
ولو اعترف المضمون له بالقضاء ، فأنكر المضمون عنه ، ففي رجوع
__________________
(١) في «ب» : بشيء عنه.
الضامن بمجرّد اعتراف المضمون له على المضمون عنه إشكال ، أقربه الرجوع.
٣٩٥١. السابع عشر : إذا قال واحد : أنا وهذان ضامنون لك ، فسكت الآخران ، وجب على الضّامن الثالث نصيبه.
٣٩٥٢. الثامن عشر : كلّ من قضى دين غيره متبرّعا ، لم يكن له الرجوع على من عليه الحقّ ، ولو كان بنيّة الرجوع ، أمّا لو قضى بأمره مع نيّة الرجوع ، فإنّه يرجع بما أدّى عنه ، والوجه أنّه كذلك مع عدم نيّة الرجوع.
ولو أذن لغيره في قضاء دينه عنه ، فصالح المأذون على غير جنس الحقّ ، فالوجه رجوعه على الآمر بأقلّ الأمرين.
٣٩٥٣. التاسع عشر : إنّما يرجع المأذون في القضاء مع الإشهاد ، فإن قصّر لم يرجع إن كذبه الآذن ، ولو صدّقه ، احتمل ذلك أيضا ، لأنّ المراد قضاء مبرئ وأداؤه لم ينفعه ، وإن صدّقه القابض ، رجع قطعا.
والمعتبر شهادة من يثبت به الحقّ ، فلو أشهد رجلا ، أو امرأتين جاز ، ولو أشهد واحدا ليحلف معه ، فالوجه الجواز أيضا ، ولو أشهد من ظاهره الفسق لم يعتدّ بتلك الشهادة.
ولو أشهد من فسقه مستور ، ففي الاعتداد به احتمال ، ولو ادّعى موت الشاهدين وأنكر الآذن أصل الإشهاد ، ففي تقديم قوله إن كان (١) قد دفع إليه مالا للقضاء ، نظر.
__________________
(١) في «ب» : لو كان.
٣٩٥٤. العشرون : إذا كان له على كلّ واحد منهما مائة ، فضمن كلّ منهما صاحبه ، فقد قلنا إنّه ينتقل ما في ذمّة كلّ منهما إلى الآخر ، ولا يجتمع المالان في ذمّة كلّ واحد منهما ، ولا يقع هذا الضمان باطلا في نفسه.
وتظهر له فوائد.
منها : أنّ المضمون له إذا أجاز ضمان أحدهما دون الآخر ، اجتمع المالان في ذمّته ، وبرئ الآخر من مطالبته.
ومنها : أنّ الحقّ قد يكون حالّا ، فإذا ضمن كلّ منهما مؤجّلا ، لزمه الأجل بعد أن كان حالّا.
ومنها : أن يكون مؤجّلا ، فإذا ضمناه حالّا انحل الأجل ، وكان له المطالبة في الحال.
ومنها : انفكاك الرهن ، لو كان بهما رهنان.
وهل ضمان كلّ واحد منهما يجري مجرى الأداء؟ الأقرب أنّه ليس كذلك ، فحينئذ لو أبرأ أحدهما ، أو دفع أقلّ ممّا ضمنه ، ففي رجوع الآخر عليه ، نظر.
ولو ضمن أحدهما صاحبه ، تحوّل المالان عليه ، فإن ضمن المضمون عنه الضامن ، انتقل المالان إلى ذمّته.
الفصل الثاني : في الكفالة
وفيه ثلاثة وثلاثون بحثا :
٣٩٥٥. الأوّل : الكفالة هي التعهّد بالنفس غالبا ، ومعناها التزام إحضاره ، فإن تكفّل المال كان ضامنا ، والكفالة بنوعيها صحيحة ، قال الشيخ : ولا بدّ فيها من الأجل ، (١) والأقرب جوازها حالّة ، ومؤجّلة ، ومع الإطلاق تكون معجّلة. فإذا اشترط الأجل وجب أن يكون معلوما لا يتطرّق إليه الزيادة والنقصان.
٣٩٥٦. الثاني : الخيار لا يدخل الكفالة ، ويفسد لو شرط ، وفي فساد الكفالة حينئذ نظر.
٣٩٥٧. الثالث : إذا قال : أنا كفيل بفلان ، أو بنفسه ، أو ببدنه ، أو بوجهه ، كان كفيلا به أجمع ، لأنّ هذه الأشياء ، يعبر بها عن الجملة ، فلو قال : أنا كفيل برأسه ، أو كبده ، أو قلبه ، أو جزء لا يمكن حياته بدونه ، فالأقرب الصحّة ، وكذا لو كفل بجزء مشاع منه ، كثلثه وربعه.
ولو قال : أنا كفيل بيده ، أو رجله (٢) أو بجزء يمكن أن يعيش بدونه ، ففي الصحّة إشكال ، وأبطله الشيخ (٣) ، وهو حسن.
٣٩٥٨. الرابع : تصحّ الكفالة ببدن كلّ من يجب إحضاره في مجلس الحكم
__________________
(١) النهاية : ٣١٥.
(٢) في «ب» : أو رجليه.
(٣) المبسوط : ٢ / ٣٤١.
بدين لازم ، أو حقّ تصحّ المطالبة به ، سواء كان الدّين معلوما ، أو مجهولا ، وسواء كان المكفول بالغا ، أو صبيّا ، أو عاقلا ، أو مجنونا ، وإذن الوليّ قائم مقام إذنهما إن اشترط إذن المكفول به.
٣٩٥٩. الخامس : تصحّ الكفالة ببدن المحبوس ، والغائب ، والزّوجة ، والعبد الآبق ، ومن عليه عقوبة لآدميّ ، والمدّعى عليه وإن لم تقم عليه البيّنة.
٣٩٦٠. السادس : لا تصحّ كفالة بدن من عليه الحدّ لأجل الحد ، سواء كان لله تعالى أو لآدميّ ، نعم تجوز الكفالة على إحضار الجاني عمدا ، أو خطأ في النفس وما دونها.
٣٩٦١. السابع : الأقرب جواز الكفالة بالمكاتب. ومنع الشيخ (١) ليس بجيّد.
٣٩٦٢. الثامن : يعتبر في الكفالة رضاء الكفيل ، والمكفول له. ولا عبرة برضاء المكفول به ، وفي المبسوط يعتبر رضاه (٢) واختاره ابن إدريس (٣) وفيه قوّة.
٣٩٦٣. التاسع : إذا كانت الكفالة حالّة ، أو مطلقة ، كان له مطالبته بإحضاره في الحال ، فإن أحضره وهناك يد ظالمة تمنعه من استيفاء ما عليه ، لم يبرأ الكفيل ، ولم يلزم المكفول له تسليمه في تلك الحال ، وإن لم تكن هناك يد حائلة ، لزمه قبوله ، على إشكال ، فإن قبله برئ الكفيل ، ولا يفتقر إلى أن يقول : برئت إليك منه ، أو قد سلمته إليك ، أو قد أخرجت نفسي من كفالته ، وإن امتنع من تسلميه برئ الكفيل على إشكال. ولا يفتقر إلى إشهاد رجلين (٤) ولا اذن
__________________
(١) المبسوط : ٢ / ٣٤٠.
(٢) المبسوط : ٢ / ٣٣٧.
(٣) السرائر : ٢ / ٧٧.
(٤) في «أ» : إشهاد رجل.
الحاكم وفي المبسوط : إذا امتنع من تسلميه أشهد رجلين وبرئ ، (١) فإن قصد شرط الإشهاد كان ممنوعا.
وإن كانت مؤجّلة ، لم يجب الإحضار قبل الأجل ، ولو أحضره قبله ، لم يجب على المكفول له القبول وإن انتفى الضرر في التسليم على الأقوى ، ولا تبرأ ذمّة الكفيل ، فإن حلّ الأجل وأحضره وسلّمه برئ.
٣٩٦٤. العاشر : لو كان المكفول محبوسا ، فإن كان في حبس الحاكم وجب تسليمه ، لإمكانه بأمر الحاكم ، أو بأمر الحابس ، ثمّ يردّ إلى السجن ويحبس على الحقّين معا ، وإن كان في حبس ظالم لم يجب قبوله.
٣٩٦٥. الحادي عشر : لو كفل حالّا وكان المكفول غائبا أجّل بمقدار وصوله إليه وعوده. وإن كفل مؤجّلا أجّل ذلك بعد الحلول ، ولو امتنع من إحضاره مع وجوبه وإمكانه ، وجب عليه حقّ المكفول له.
٣٩٦٦. الثاني عشر : إذا كفل وأطلق ولم يعيّن موضع التسليم ، انصرف إلى بلد العقد ، وإن سلّمه في غيره لم يبرأ ، وليس له أن يسلّمه إيّاه محبوسا في حبس الظالم ، كما قلنا. وله أن يسلّمه محبوسا في حبس الحاكم ، فإن طالب الحاكم بإحضاره ، أحضره مجلس الحكم ، وحكم بينهما ، ثمّ ردّه إلى السجن.
وإن عيّن المكان في الكفالة لم يبرأ بتسليمه في غيره ، سواء كان بمكان آخر من البلد أو لا ، وسواء كان فيه سلطان أو لا.
٣٩٦٧. الثالث عشر : إذا قال : أكفلت إلى الغد أو إلى شهر كذا ، حلّ بأوّله.
__________________
(١) المبسوط : ٢ / ٣٣٧.
٣٩٦٨. الرابع عشر : إذا امتنع الكفيل من إحضار المكفول ، حبس عليه ، أو على أداء ما عليه أبدا ، إلّا أن يحضره ، أو يموت المكفول به.
٣٩٦٩. الخامس عشر : لا يصحّ الضمان والكفالة إلّا منجّزين. ولو قال : إذا جاء زيد فأنا ضامن لك ما عليه ، أو إذا قدم الحاجّ فأنا كفيل بفلان ، لم يصحّ ، وكذا لو قال : إذا جاء رأس الشهر ، أو خرجت السنة الفلانية.
٣٩٧٠. السادس عشر : تصحّ الكفالة مؤقّتة ، فلو قال : أنا كفيل بفلان شهرا ، على معنى أنّه يحضره متى شاء المكفول له في مدّة الشهر ، جاز.
٣٩٧١. السابع عشر : إذا تكفّل برجل إلى أجل إن جاء به فيه ، وإلّا لزمه ما عليه ، فالوجه الصحّة ، لأنّ ذلك مقتضى الكفالة.
أمّا لو قال : إن لم آت به كان عليّ كذا ، وحضر الأجل ، لم يلزمه إلا إحضار الرّجل ، ولو قال : عليّ كذا إلى كذا إن لم يحضره ، ثمّ لم يحضره ، وجب عليه ما ذكره من المال.
ولو قال : إن جئت به في وقت كذا ، وإلّا فأنا كفيل ببدن فلان ، أو ضامن ما على فلان ، لم يصحّ.
٣٩٧٢. الثامن عشر : من أطلق غريما من يد صاحب الحقّ قهرا ، ضمن إحضاره ، أو أداء ما عليه ، فلو كان قاتلا لزمه إحضاره ، أو دفع الدّية ، ومع الدفع ، إذا حضر القاتل ، هل يقتل ويستعيد الدافع من الأولياء؟ فيه إشكال ، فليس للدافع قتل القاتل ، وهل له إلزامه بما أدّى عنه على تقدير انتفاء جواز قتله؟ فيه نظر.
٣٩٧٣. التاسع عشر : لا بدّ من تعيين المكفول ، فلو قال : كفلت أحد هذين ،
أو كفلت بزيد أو عمرو ، أو كفلت بزيد فإن لم آت به فبعمرو ، لم يصحّ.
٣٩٧٤. العشرون : إذا قال : كفلت ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل ، أو على أن يبرأه من الكفالة ، قال الشيخ : لم يصحّ ، لفساد الشرط إذ لا يصحّ أن يبرأه (١). والوجه عندي الصحّة إن جوّزنا الشرط في الكفالة ، وحينئذ لا تلزمه الكفالة ، إلّا أن يبرأ المكفول له الكفيل الأوّل.
وكذا يصحّ لو قال : كفلت لك هذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان ، أو ضمنت هذا الدّين لك بشرط أن تبرئني من ضمان الدّين الآخر ، أو على أن تبرئني من الكفالة لفلان ، وكذا لو شرط في الكفالة والضمان أن يتكفّل المكفول له ، أو المكفول به بآخر ، أو يضمن دينا عليه ، أو يبيعه شيئا معيّنا ، أو يؤجره إيّاه.
٣٩٧٥. الواحد والعشرون : إذا مات المكفول برئ الكفيل ، ولا يجب عليه غرم المال ولا بعضه إن كان كفيلا بالبدن ، وإن كان كفيلا بالمال لزمه ، لأنّه يكون ضمانا ، وكذا يبرأ الكفيل لو أبرأ المكفول له المكفول أو الكفيل ، أو قضاه الكفيل ، أو سلّم المكفول نفسه تسليما تامّا ، أو هرب المكفول بحيث لا يعلم خبره ، أو اختفى كذلك على إشكال ، ولو أبرأ الكفيل لم يبرأ الأصيل.
ولو كفل اثنان بواحد صحّ ، فإن قضى أحدهما الدّين برئ الآخر ، وكذا لو قضاه المكفول برئا معا ، وكذا لو سلّم نفسه إلى المكفول منه تسليما تامّا. ولو سلّمه أحدهما قال الشيخ : لا يبرأ الآخر (٢) وعندي فيه نظر.
٣٩٧٦. الثاني والعشرون : إذا تكفّل رجلا من اثنين ، لم يبرأ بتسليمه
__________________
(١) المبسوط : ٢ / ٢٣٨.
(٢) المبسوط : ٢ / ٣٣٩.
إلى أحدهما ولا بإبراء أحدهما له (١).
٣٩٧٧. الثالث والعشرون : إذا تكفّل بإذن المكفول ، وجب على المكفول الحضور معه عند المطالبة به ، فإن كفل بغير إذنه ، وطلبه للحضور ، فإن كان المكفول له طلبه منه ، وجب عليه الحضور ، وإلّا فلا ، ولو قال المكفول له : أحضر مكفولك ، كان توكيلا (له) (٢) بإحضاره فيجب عليه الحضور معه. ولو قال : خلّص نفسك من الكفالة لم يكن توكيلا ، ولم يجب على المكفول الحضور معه ، إلّا أن يكون قد أذن له في الكفالة.
٣٩٧٨. الرابع والعشرون : إذا قال لغيره : اكفل فلانا ، أو اضمنه ، ففعل المأمور ، كان الكفيل والضامن هو المباشر ، ولا شيء على الآمر.
٣٩٧٩. الخامس والعشرون : إذا قال الكفيل : أبرأت المكفول به من الدّين ، فأنكر المكفول له ، كان القول قوله مع يمينه ، فإن حلف بقيت الكفالة ، وإن نكل حلف الكفيل ، وبرئ من الكفالة ، ولم يبرأ المكفول به من الدّين.
ولو قال : كفلت ولا حقّ لك عليه ، فأنكر المكفول له ، فالقول قوله كما قلنا ، وهل يفتقر إلى اليمين؟ الأقرب ذلك ، ولو نكل ، فالوجه إحلاف الكفيل مع احتمال بعيد.
٣٩٨٠. السادس والعشرون : إذا قال المكفول له للكفيل : قد أبرأتك من الكفالة ، برئ ، وكذا لو قال قد برئت إليّ منه ، أو رددته إليّ ، وكذا لو قال : برئت من الدّين الّذي كفلت به ، ويبرأ الكفيل في هذه المواضع دون المكفول به ، ولا
__________________
(١) النسخ هنا مشوشة ، وما أثبتناه هو الصحيح.
(٢) ما بين القوسين موجود في «ب».
يكون ذلك اعترافا بالقبض ، إلّا في الصورة الأخيرة ، فإنّه يبرأ المكفول به ، لأنّ كفالة المال عندنا ناقلة.
ولو قال للمكفول به : قد أبرأتك من الدّين الّذي كفلك عليه فلان ، أو برئت إليّ منه ، برئ الكفيل والمكفول به ، وكذا لو قال له : أبرأتك من الدّين الّذي لي قبلك ، أو برئت إليّ من الدّين الّذي قبلك ، لأنّه من ألفاظ العموم ، ولو قال :
قصدت (من) (١) غير دين الكفالة ، قبل قوله مع يمينه.
٣٩٨١. السابع والعشرون : إذا كان لذمّي على مثله خمر ، فكفله ذمّي آخر ، ثمّ أسلم المكفول له ، برئ الكفيل والمكفول به معا ، ولو أسلم المكفول عنه فكذلك ، ولو أسلم الكفيل خاصّة ، برئ من الكفالة دون المكفول عنه ، إلّا أن يكون كفيلا بالمال.
٣٩٨٢. الثامن والعشرون : إذا قال : أعط فلانا كذا ، لم يكن كفيلا ، فإذا أعطاه كان الغريم الآخذ لا الآمر ، ولا يلزم الآمر شيء وإن كان خليطا ، ولو قال :
أعطه عنّي ، كان كفيلا.
٣٩٨٣. التاسع والعشرون : إذا خاف بعض الركاب فألقى بعض متاعه أو جميعه في البحر لتخف (٢) السفينة ، لم يرجع به على أحد ، سواء ألقاه بنيّة الرجوع ، أو متبرّعا ، (٣) وكذا لو قال بعضهم : ألق متاعك فألقاه ، ولو قال : ألقه وعليّ ضمانه ، ضمنه القائل خاصّة ، وإن كان ضمان ما لم يجب للضرورة.
__________________
(١) ما بين القوسين موجود في «ب».
(٢) في «ب» : لتخفف.
(٣) في «أ» : تبرّعا.
ولو قال : ألقه أنا والركبان له ضمناء ، فإن قصد ضمان الاشتراك والانفراد (١) ضمن الجميع ، ولا يلزم باقي الركبان شيء ، سواء سمعوا وسكتوا ، أو أنكروا ، أو لم يسمعوا ، وإن قصد ضمان الاشتراك لزمه ضمان حصّته ، ولا يضمن الباقون شيئا ، وأمّا الّذي يضمن يحتمل النصف ويحتمل أن يكون كأحدهم إلّا أن يقصد الثاني ، والقول قوله مع يمينه في إرادته ، ولو أذنوا له في ذلك لزم الجميع المال.
٣٩٨٤. الثلاثون : تصحّ ترامي الكفالات ، فإن كانت بالمال فهي ضمان وقد تقدّم ، وإن كانت بالنفس لزم الأخير احضار من كفله ، ويلزم السابق عليه إحضار من تقدّمه (٢) وهكذا إلى أن ينتهي إلى المديون ، فإن مات المديون ، أو أبرأه المكفول له برئوا جميعا.
وكلّ كفيل مات مكفوله برئ هو دون مكفول الميّت ، فلو مات أوسط الكفلاء الثلاثة ، برئ الميّت وكفيله معا ، دون المديون وكفيله.
ولو كفل كلّ من الكفيلين بدن صاحبه جاز ، فإن مات الأصليّ ، أو برئ من الدّين برئا معا ، وإن مات أحدهما لم يبرأ الآخر.
٣٩٨٥. الواحد والثلاثون : إذا رهن وشرط الإقباض ، جاز أن يكفل الراهن على التسليم ، ولو لم يشرطه (٣) لم يجز إلّا مع القول بوجوب التسليم.
٣٩٨٦. الثاني والثلاثون : هل تجوز الكفالة ببدن الميّت؟ لم أعرف لأصحابنا فيه نصّا ، وجوّزه بعض الجمهور ، إذ قد يستحقّ إحضاره لأداء
__________________
(١) بأن قصد أنّ كلّ واحد منّا ضامن لمتاعه أو قيمته.
(٢) في «أ» : يقدمه.
(٣) في «أ» : لم يشترطه.
الشهادة على صورته ، وعندي فيه نظر.
٣٩٨٧. الثالث والثلاثون : إذا مات المكفول له ، فالأقرب عدم بطلان الكفالة ، وينتقل الحقّ إلى ورثته.
الفصل الثالث : في الحوالة
وفيه مطلبان
[المطلب] الأوّل : في ماهيّتها وشروطها
وفيه أحد عشر بحثا :
٣٩٨٨. الأوّل : الحوالة عقد شرع لانتقال الحقّ من ذمّة إلى أخرى ، واشتقاقها من التحويل ، وليست بيعا ، فلا يدخلها خيار المجلس ، وإنّما هي عقد إرفاق بنفسه ، ليس محمولا على غيره.
ولا تجوز بلفظ البيع ، وتجوز في الرّبويين ، وتلزم بمجرّد العقد ، ويجب الوفاء بها ، وهي معاملة صحيحة في قول العلماء كافّة.
وتتعلق بثلاثة أشخاص :
المحيل : وهو الّذي عليه الحق.
والمحتال : الّذي يقبل الحوالة.
والمحال عليه : وهو الّذي عليه الحق للمحيل ، يقال أحاله بالحقّ عليه يحيله إحالة ، واحتال الرجل : إذا قبلها ، والمحال به هو الدّين نفسه.
٣٩٨٩. الثاني : يشترط في الحوالة رضاء الأشخاص الثلاثة ، وهل يشترط أن يكون على المحال عليه دين أو لا؟ قال الشيخ : الأقوى عدم الاشتراط ، (١) وهو جيّد.
٣٩٩٠. الثالث : الحقّ إن كان مثليّا صحّت الحوالة به إجماعا ، وإن لم يكن مثليّا كالحيوان والثياب ، قال الشيخ : لا تصحّ الحوالة به (٢) إذا ثبت في الذمّة بالقرض ، ويجوز إذا كان في ذمّته حيوان وجب عليه بالجناية ، كأرش الموضحة وغيرها ، أن يحيل بها. (٣) والوجه عندي جواز الحوالة بكلّ حقّ ماليّ ، وإن لم يكن مثليّا.
٣٩٩١. الرابع : يجب أن يكون المال معلوما ، فلا تصحّ الحوالة بالمجهول إجماعا ، وقد بيّنا أنّ المثليّة ليست شرطا ، وعلى قول الشيخ إذا كان له إبل من الدّية وعليه لآخر مثلها صحّت الحوالة بها ، وإن كان عليه إبل من دية وله على آخر مثلها قرضا فأحاله عليه ، فإن قلنا القرض يضمن بالقيمة لم تصحّ الحوالة ، لاختلاف الجنس ، وإن قلنا بالمثل هنا ، صحّت الحوالة ، وكذا العكس.
٣٩٩٢. الخامس : إذا أحال من له عليه دين ، قال الشيخ رحمهالله : يشترط تماثل
__________________
(١) المبسوط : ٢ / ٣١٣.
(٢) نقله المصنف في المختلف : ٥ / ٤٩٤ عن الشيخ في الخلاف ، ولكن في الخلاف المطبوع ـ : ٣ / ٣١٠ ، المسألة ١٠ من كتاب الحوالة ـ «تجوز» مكان «لا تجوز» والظاهر صحّة ما في المختلف دون ما في الخلاف المطبوع. ولاحظ المبسوط : ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣.
(٣) فاعل قول «يجوز» مؤوّلا بالمصدر.
الحقّين جنسا ووصفا وقدرا (١) فيحيل على من عليه ذهب بذهب ، ومن عليه فضّة بفضّة ، دون العكس ، وكذا يحيل من عليه صحاح بمثلها ، ومن عليه مكسّرة بمثلها ، ومن عليه مضروبة بمثلها. وعندي في ذلك إشكال ، لأنّا سوّغنا الحوالة على بريء الذمّة. فعلى مشغولها بالمخالف أولى ، والوجه جواز ذلك كلّه. ثم إنّ الشيخ اختار ما ذهبنا إليه (٢).
وهل يشترط التساوي في التأجيل والحلول؟ فيه إشكال ، أقربه عدم الاشتراط ، فلو أحال من عليه (٣) دين مؤجّل أو حالّ بدين مخالف له في الحلول والتأجيل ، أو مساو له في التأجيل لكنّه مخالف له في زيادة الأجل ونقصانه ، لم أستبعد جوازه ، فلو احتال (٤) من دينه حالّ بدين مؤجّل وشرط تعجيله ، فالوجه الجواز ، وكذا يجوز لو شرط بقاءه على صفته.
ولو احتال على من دينه حالّ وشرط تأجيله ، فالأقرب الصحّة ، ولزوم الشرط ، كما قلنا في الضمان ، ولا خلاف في أنّه لو ردّ المحال عليه فوق الصفة ، أو دونها مع رضا المحتال ، أو عجّل ما شرط تأجيله من غير شرط ، كان سائغا ، ولو احال مؤجّلا ، فمات المحيل أو المحتال ، لم يبطل التأجيل ، وإن مات المحال عليه ، حلّ الدّين.
٣٩٩٣. السادس : شرط الشيخ كون الحقّ ممّا تصحّ المعاوضة عليه قبل قبضه ، قال فلا تصحّ الحوالة بمال السّلم ، لأنّه لا تجوز المعاوضة
__________________
(١) و (٢) المبسوط : ٢ / ٣١٣.
(٣) في «ب» : فلو أحال وعليه.
(٤) في «ب» : فلو احال.
عليه قبل قبضه (١) وعندي فيه نظر.
٣٩٩٤. السابع : شرط الحوالة ثبوت الحقّ في ذمّة المحيل ، فلو أحاله بما يعرضه في المستقبل لم تصحّ إجماعا ، وتصحّ الحوالة بمال الكتابة. وقيل :
بالمنع (٢) وقد تقدّم في الضمان ، وكذا تصحّ الحوالة على المكاتب بغير مال الكتابة ، فلو حلّ نجم جاز للعبد أن يحيل مولاه بقسطه من الكتابة إجماعا.
٣٩٩٥. الثامن : الزّوج إذا أحال المرأة بالصداق صحّ ، وإن كان قبل الدخول ، وكذا لو أحالت المرأة به أجمع قبل الدخول ، ولو أحالت به بعد الدخول صحّ إجماعا.
٣٩٩٦. التاسع : إذا أحال البائع بالثمن على المشتري في مدّة الخيار جاز ، وكذا يجوز بلا خلاف لو أحال المشتري به البائع في المدّة.
٣٩٩٧. العاشر : إذا أحال من لا دين عليه رجلا على آخر له عليه دين كان توكيلا ، وليس حوالة تثبت فيها أحكام الوكالة ، ولو أحال من عليه دين على من لا دين عليه ، فقد بينّا جواز ذلك ، وأنّه حوالة صحيحة ، وقيل : ليس حوالة ، وانّما هو اقتراض ، فإن قبض المحتال منه (٣) الدّين ، رجع على المحيل ، لأنّه قرض ، وإن أبرأه منه ، ولم يقبض شيئا ، لم تصحّ البراءة ، لأنّها براءة لمن لا دين عليه ، وإن قبض منه الدين ثمّ وهبه إيّاه ، رجع المحال عليه على المحيل ، لأنّه قد غرم عنه ، وإنّما عاد المال بعقد مستأنف ، ويحتمل عدم الرجوع.
__________________
(١) المبسوط : ٢ / ٣١٣.
(٢) لاحظ المبسوط : ٢ / ٣٢١.
(٣) الضمير يرجع إلى المحال عليه.
وإن أحال من لا دين عليه على من لا دين عليه ، فهي وكالة في اقتراض ، وليست حوالة ، لأنّ الحوالة إنّما هي بدين على دين ، ولم يوجد واحد منهما.
٣٩٩٨. الحادي عشر : شرط لزوم الحوالة ملاءة المحال عليه ، أو علم المحتال بإعساره ، فلو أحاله على معسر ولم يعلم المحتال بإعساره ، كان له فسخ الحوالة والرجوع على المحيل ، سواء شرط المحتال الملاءة أو لا ، وعلى تقدير عدم الشرط فسواء مات المحال عليه مفلسا أو لا ، وسواء جحده وحلف عند الحاكم أو لا.
وليس استدامة الغنى شرطا ، فلو أحاله على مليّ ورضي ثمّ أعسر ، لم يكن له فسخ الحوالة ، ولو لم يرض المحتال بالحوالة ، ثمّ بان المحال عليه مفلسا أو ميّتا ، رجع على المحيل إجماعا ، ولو أحيل على مليّ فلم يقبل حتى أعسر ، فله الرجوع على المحيل.
المطلب الثاني : في الأحكام
وفيه خمسة عشر بحثا :
٣٩٩٩. الأوّل : الحوالة عقد ناقل للمال عن ذمّة المحيل إلى المحال عليه ، ويبرأ المحيل إذا تمّت بأركانها من دين المحتال ، سواء أبراه المحتال أو لا ، وللشيخ رحمهالله هنا قول آخر ضعيف (١) وسواء ضمن المحال عليه المال أو لم يضمن.
__________________
(١) ذهب إليه في النهاية ، وهو انّه يشترط في براءة ذمّة المحيل إبراء المحتال وإلّا كان له الرجوع عليه أيّ وقت شاء. النهاية : ٣١٦.
قال الشيخ : ولو لم يقبل المحتال الحوالة إلّا بعد ضمان المحال عليه ولم يضمن (من أحيل عليه ذلك) (١) كان له مطالبة المحيل ، ولم تبرأ ذمّته بالحوالة (٢) وهو جيّد ، لأنّه شرط ما لم يحصل له ، فكان له فسخ الحوالة ، لكن هذا الشرط لا فائدة فيه ، لاقتضاء الحوالة الانتقال ، سواء حصل الضمان أو لا ، وكذا (٣) يبرأ المحالّ عليه من دين المحيل.
٤٠٠٠. الثاني : إذا تمّت الحوالة بشرائطها ، لم يعد الحقّ إلى المحيل أبدا ، إلّا أن يكون المحال عليه معسرا ، ولا يعلم المحتال ، أمّا في غير هذه الصورة فلا ، سواء أمكنه استيفاء الحقّ ، أو تعذّر لمطل ، أو فلس متجدّد ، أو سابق معلوم ، أو موت ، أو غير ذلك.
ولو شرط المحتال الرجوع على المحيل مع تعذّر الاستيفاء ، فالوجه بطلان الشرط ، وفي بطلان الحوالة حينئذ إشكال.
٤٠٠١. الثالث : إذا أحاله على مليّ غير مماطل ولا جاحد ، لم يجب عليه القبول ، لأنّا قد اعتبرنا رضا المحتال ، ولو قبل المحتال لم يجب على المحال عليه قبول الحوالة ، لأنّا اعتبرنا رضاه أيضا ، وإن لم يكن المحتال عدوّه ، ومع قبول الثلاثة تلزم (٤) الحوالة.
٤٠٠٢. الرابع : يجوز ترامي الحوالات.
__________________
(١) ما بين القوسين يوجد في المصدر.
(٢) النهاية : ٣١٦.
(٣) عطف على قوله : «ويبرأ المحيل» أي إذا تمّت أركان الحوالة ، يبرأ المحال عليه ، من دين المحيل.
(٤) في «أ» : يلزمه.
٤٠٠٣. الخامس : إذا أحال البائع بثمن العبد فخرج حرّا ، أو مستحقّا ، بطلت الحوالة ، فإن كان البائع قد قبض ، برئ المحال عليه من دين المشتري ، وكان له الرجوع عليه إن لم يكن له عليه دين ، ويكون الثمن في يد البائع للمشتري يجب ردّه إليه ، وإن لم يقبض بقي الحقّ كما كان في ذمّة المحال عليه إن كان عليه حقّ.
وتثبت حرّية العبد بالبيّنة ، أو اتّفاقهم ، وكذا لو أحال البائع الأجنبيّ على المشتري بالثمن ، وقبل الحوالة ، ثمّ ظهرت الحرّية ، أو الاستحقاق ، بطلت الحوالة. وتثبت الحريّة بالبيّنة أيضا ، أو الاتّفاق ، وإن (١) أقرّ المحيل والمحال عليه ، وكذّبهما المحتال ولا بيّنة ، لم يقبل قولهما.
ولو أقاما بيّنة لم تسمع لتكذيبهما إيّاها بالتبايع ، أمّا لو أقامها العبد ، فإنّها تقبل ، وتبطل الحوالة.
ولو صدّقهما المحتال ، وادّعى أنّ الحوالة بغير ثمن العبد ، فالقول قوله مع يمينه ، ولو أقاما بيّنة بأنّ الحوالة بالثمن ، قبلت لعدم التكذيب.
لو اتّفق المحيل والمحتال على حرّية العبد وكذّبهما المحال عليه ، لم يقبل قولهما عليه في حرّية العبد ، وتبطل الحوالة ، وليس للمحيل ولا للمحتال مطالبة المحال عليه بشيء.
ولو اتّفق المحتال والمحال عليه على الحرّية ، عتق العبد ، وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما ، ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل.
٤٠٠٤. السادس : إذا أحال المشتري البائع بالثمن على أجنبيّ فقبضه ،
__________________
(١) في «ب» : فإن.