تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

بعد المطالبة ، وجب ردّ المهر عليه إن كان الميّت هي ، وعلى ورثته إن كان الميّت هو ، ولو مات أحدهما قبل المطالبة لم يكن له شي‌ء.

٢٩٠٧. الخامس عشر : لو قدمت مسلمة ، فطلّقها زوجها بائنا أو خالعها قبل المطالبة ، لم يجب ردّ المهر إليه ، وإن كان بعد المطالبة وجب ، وإن كان رجعيّا لم يكن له المطالبة ، ولو راجعها ردّ عليه المهر مع المطالبة.

٢٩٠٨. السادس عشر : لو جاءت مسلمة ، ثمّ جاء زوجها وأسلم ، فإن أسلم قبل انقضاء عدّتها ، كان على النكاح ، فإن كان قد أخذ مهرها قبل إسلامه ، ثمّ أسلم في العدة ، ردّت إليه (١) ووجب عليه ردّ مهرها إليها (٢).

ولو أسلم بعد انقضاء عدّتها بانت منه ، فإن كان قد طالب بالمهر قبل انقضاء عدّتها ، كان له المطالبة ، وإلّا فلا.

ولو كانت غير مدخول بها فأسلمت ثمّ أسلم ، لم يكن له المطالبة بمهرها.

٢٩٠٩. السابع عشر : لو قدمت أمة مسلمة إلى الإمام صارت حرّة ، فإن جاء سيّدها بطلبها لم تدفع إليه ولا قيمتها ، ولو جاء زوجها لم تردّ عليه ، ولو طلب مهرها وكان حرّا ردّ عليه وإن كان عبدا (٣) لم يدفع إليه المهر حتّى يحضر مولاه فيطالب به.

ولو حضر المولى دون العبد لم يدفع إليه شي‌ء ، وعندي في وجوب ردّ مهر الأمة نظر.

__________________

(١) في «أ» : ردت عليه.

(٢) واستدلّ المصنف. في التذكرة بأن استحقاقه للمهر انّما كان بسبب الحيلولة ، وقد زالت.

(٣) في «أ» : ولو كان عبدا.

٢٢١

٢٩١٠. الثامن عشر : إذا قدمت مسلمة إلى الإمام ، فجاء رجل ادّعى زوجيّتها ، فإن اعترفت ثبت ، وإلّا أقام مسلمين عدلين. ولا يقبل الواحد مع امرأتين ولا مع يمين.

وإذا ثبت بالبيّنة أو الاعتراف ، وادّعى تسليم المهر إليها ثبت إن صدّقته ، وإلّا فعليه البيّنة ، ويقبل شاهد وامرأتان أو مع يمين ، ولا يقبل قول الكفّار وإن كثروا ، ولو عدم البيّنة فالقول قولها مع اليمين.

٢٩١١. التاسع عشر : لا اعتبار بالمسمّى بل بأقلّ الأمرين من المقبوض وما وقع عليه العقد ، ولو اختلفا في المقبوض كان القول قولها مع اليمين وعدم البيّنة.

٢٩١٢. العشرون : إذا عقد الإمام الهدنة ثمّ مات ، وجب على من بعده من الأئمة العمل بموجب ما شرطه الأوّل إلى أن يخرج مدة الهدنة.

٢٩١٣. الواحد والعشرون : إذا نزل الإمام على بلد ، وعقد معهم صلحا على أن البلد لهم ، ويضرب خراجا على أرضهم بقدر الجزية (١) ويلتزمون أحكامنا جاز ، ويكون ذلك في الحقيقة جزية ، فلو أسلم منهم واحد ، سقط وصارت الأرض عشرية.

فإن شرط أن يأخذ العشر من زرعهم جاز إذا غلبت على ظنّه أنّه لا يقصر عن أقلّ ما تقتضي المصلحة أن يكون جزية ، ولو ظنّ القصور لم يجز ، فإن لم يظنّ القصور وعدمه ، قال الشيخ : الظاهر من المذهب انّه يجوز لأنّ فعل الإمام حجة (٢).

__________________

(١) في «ب» : «الجزتين» وهو تصحيف. لاحظ المبسوط : ٢ / ٥٦ ؛ والتذكرة ١ / ٤٥٥ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٢) المبسوط : ٢ / ٥٦.

٢٢٢

٢٩١٤. الثاني والعشرون : قال ابن الجنيد : لو كانت بالمسلمين ضرورة أباحت لهم شرطا في الهدنة ، فحدث للمسلمين ما لم يكن يجوز ذلك الشرط معه مبتدأ ، لم يجز عندي فسخ ذلك الشرط ولا الهدنة لأجل الحادث.

المطلب الثاني : في تبديل أهل الذمّة

وفيه ثلاثة مباحث :

٢٩١٥. الأوّل : إذا انتقل ذمّي تقبل منه الجزية إلى دين يقرّ أهله عليه بالجزية كاليهوديّ يصير نصرانيّا أو بالعكس أو مجوسيّا أو النصرانيّ مجوسيّا وبالعكس ، قال ابن الجنيد : يجوز ذلك ، ويقرّ عليه بالجزية ، وقال الشيخ : الّذي يقتضيه المذهب [أنّه يجوز ان يقرّ عليه] (١) انّ الكفر كالملّة الواحدة ، ولو قيل : انّه لا يقرّ عليه كان قويّا (٢) وذلك يدلّ على تردّده. قال : فإذا قلنا يقرّ وانتقل أقرّ على جميع أحكامه ، وإن انتقل إلى المجوسية فكذلك (٣).

٢٩١٦. الثاني : إذا انتقل إلى دين يقرّ أهله عليه فلا بحث مع القول بالإقرار ، وإن قلنا لا يقرّ فبأي شي‌ء يطالب؟ منهم من يقول يطالب بالإسلام خاصّة ، ومنهم من يقول يطالب بالإسلام أو بدينه الأوّل ، وتردّد الشيخ هنا (٤).

٢٩١٧. الثالث : إذا انتقل إلى دين لا يقرّ أهله عليه كاليهودي يصير وثنيّا ، لا يقرّ عليه إجماعا ، وقوى الشيخ أنّه لا يقبل منه إلّا الإسلام (٥) وقيل : يطالب بالإسلام أو بالرجوع إلى دينه الأوّل ، وقيل : أو دين يقرّ أهله عليه ،

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في المصدر ، وتقتضيه استقامة العبارة.

(٢) و (٣) و (٤) و (٥) المبسوط : ٢ / ٥٧.

٢٢٣

واستضعفه الشيخ (١) وابن الجنيد ، فإن أقام على الامتناع قتل.

وأمّا أولاده الكبار فلهم حكم نفوسهم ، وأمّا الصغار ، فإن كانت أمّهم على دين يقرّ أهله عليه ببذل الجزية ، أقرّوا في بلاد الإسلام ، سواء ماتت الأمّ (٢) أولا.

وإن كانت على دين لا يقرّ أهله عليه ، فانّهم يقرّون أيضا لما سبق لهم من الذمّة.

المطلب الثالث : في نقض العهد

وفيه ستة مباحث :

٢٩١٨. الأوّل : إذا عقد الإمام الهدنة وجب عليه الوفاء بما عقده ما لم ينقضه المشركون ، فإن شرعوا في نقضه ، فإن كان الجميع وجب قتالهم ، وإن كان البعض ، فإن أنكر الباقون ما فعله الناقضون بقول أو فعل ظاهر ، (٣) أو اعتزلوهم ، أو راسلوا الإمام يعرّفونه إنكارهم وإقامتهم على العهد ، كان العهد باقيا في حقّهم ، وإن سكتوا كانوا ناقضين أيضا.

٢٩١٩. الثاني : إذا نقض جميع المشركين العهد غزاهم الإمام وبيّتهم وأغار عليهم وصاروا حربا ، وإن نقض البعض غزاهم الإمام خاصّة دون المقيمين على العهد ، فلو اختلطوا أمرهم (٤) الإمام بالتمييز ، ولو لم يتميّزوا فمن اعترف بالنقض قتل ، ومن أنكر قبل قوله وترك.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٥٧.

(٢) وفي النسختين «مات الإمام» وهو تصحيف والصحيح ما اثبتناه ، كما في المبسوط : ٢ / ٥٨ ؛ والتذكرة : ١ / ٤٥٦ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٣) في «أ» : ظاهرا.

(٤) في «أ» : «اقرهم» وهو تصحيف.

٢٢٤

ولو نقضوا العهد ثمّ تابوا ، قال ابن الجنيد : أرى القبول منهم.

٢٩٢٠. الثالث : إذا خاف الإمام من خيانة المهادنين وغدرهم بسبب أو أمارة دلّته على ذلك ، جاز له نقض العهد ، ولا يكفي وقوع ذلك في قلبه حتّى تدلّه أمارة على ما خافه ، ولا تنتقض الهدنة بنفس الخوف ، بل للإمام نقضها ، بخلاف الذمّي إذا خيف منه الخيانة ، فإنّ عقده لا ينقضه الإمام بذلك.

٢٩٢١. الرابع : إذا نقض الإمام الهدنة لخوفه ونبذ إليهم عهدهم ، فانّه يردّهم إلى مأمنهم ويصيرون حربا ، فإن لم يتضمّن النقض حقّا مثل أن يأوي عين المشركين ، أو يطلعهم على عوراتهم ، ردّه إلى مأمنه ولا شي‌ء عليه ، وإن تضمّن حقّا كقتل مسلم ، أو إتلاف مال ، استوفي ذلك منه ، وكذا إن كان لله محضا كالزنا ، أو مشتركا كالسرقة.

٢٩٢٢. الخامس : إذا عقد الهدنة وجب حفظهم من المسلمين وأهل الذمة دون أهل الحرب ، فإن عقد الذمّة كان عليه أن يذبّ عنهم أهل الحرب وغيرهم ، فإن شرط في عقد الذمة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب ، فإن كانوا في بلاد الإسلام بطل الشرط ، وإن كانوا في دار الحرب أو بين الدارين صحّ الصلح.

ومتى لم يدفع عنهم أهل الحرب حتّى مضى حول ، لم تكن عليهم جزية ، وإن سباهم أهل الحرب فعليه أن يستردّ ما سبي منهم من الأموال إلّا الخمر والخنزير.

٢٩٢٣. السادس : لو أغار أهل الحرب على أهل الهدنة ، وأخذوا أموالهم ، وظفر بهم الإمام ، واستنقذ أموال أهل الهدنة ، احتمل وجوب الردّ عليهم وعدمه.

٢٢٥

المطلب الرابع : في الحكم بين المعاهدين والمهادنين

وفيه تسعة مباحث :

٢٩٢٤. الأوّل : إذا تحاكم إلينا ذمّي ومسلم ، أو مستأمن ومسلم ، وجب على الحاكم أن يحكم بينهما على ما يقتضيه حكم الإسلام ، وإن تحاكم أهل الذمّة بعضهم مع بعض ، تخيّر الإمام بين الحكم بينهم والإعراض عنهم (١) ولا يجب الحكم بينهم ، وكذا لو كانوا مستأمنين.

٢٩٢٥. الثاني : إذا استعدى أحد الخصمين على الآخر أعداه الإمام في كلّ موضع يلزم الحاكم الحكم بينهم ، فإذا استدعى خصمه وجب عليه الحضور إلى مجلس الحاكم.

ولو جاءت امرأة ذمّية تستعدي على زوجها الذمّي في طلاق أو ظهار أو ايلاء ، تخيّر الإمام في الحكم بينهم حكم المسلمين والردّ على أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم.

فإن حكم بينهم منعه في الظهار من الوطء قبل الكفارة ، ولا يكفّر بالصوم ولا بالعتق بل بالإطعام.

٢٩٢٦. الثالث : لا يكره للمسلم أن يأخذ من نصرانيّ ما لا مضاربة ، ويكره له أن يدفع إلى النصرانيّ مالا للمضاربة ، وينبغي أن يشترط عليه ألّا يتصرّف إلّا بما يسوغ في شرع الإسلام.

__________________

(١) في «ب» : أو الإعراض عنهم.

٢٢٦

فإذا شرط واشترى خمرا بطل الشراء ، سواء كان بعين المال أو في الذمة ، فإن قبض الثمن ضمنه ، وإن لم يشترط واشترى الخمر ، بطل البيع أيضا.

وإذا نضّ المال فإن علم المالك انّه تصرّف في محظور أو خالط محظورا ، لم يجز له قبضه ، وإن علم انّه مباح ، قبضه ، وإن شكّ كره.

٢٩٢٧. الرابع : إذا آجر نفسه للذمّي صحّ ، سواء كانت في الذمّة أو معيّنة ، وتكون أوقات العبادة مستثناة.

٢٩٢٨. الخامس : إذا فعل الذمي ما لا يسوغ في شرعنا وشرعه ، كالزنا واللواط والسرقة ، كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود ، وإن كان ممّا يجوز في شرعهم ، كشرب الخمر ونكاح المحارم ، لم يتعرّض لهم مع الاستتار ، وإن أعلنوه أدّبهم الإمام على إظهاره.

قال الشيخ : وروي أنّه يقيم عليهم الحدّ ، وهو الصحيح (١).

٢٩٢٩. السادس : لو باع نصرانيّ من مسلم خمرا ، أو اشتراه منه ، أبطلنا البيع وإن تقابضا ، ورددنا الثمن إلى المشتري ، سواء كان مسلما أو مشركا ، وأرقنا الخمر.

٢٩٣٠. السابع : إذا أوصى مسلم لذمّي بعبد مسلم لم تصحّ الوصية ، ولو كان العبد مشركا فأسلم قبل موت الموصي ثمّ مات فقبله الموصى له لم يملكه.

٢٩٣١. الثامن : يمنع المشرك من تملّك العبد المسلم وشراء المصاحف ، فإن اشترى لم يصحّ البيع ، قال الشيخ : وحكم أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآثار السلف

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٦١.

٢٢٧

وأقاويلهم حكم المصحف (١) ، والأقوى عندي الكراهية ، أمّا كتب النحو واللغة والآداب ، فإنّ شراءها جائز لهم.

٢٩٣٢. التاسع : إذا أوصى الذمّي ببناء كنيسة أو بيعة أو موضع لصلواتهم أو مجتمع لعباداتهم بطلت الوصية ، وكذا لو أوصى أن يستأجر خادما للبيعة والكنيسة أو يعمل صلبانا.

ولو أوصى ببناء كنيسة ينزلها المارّة من أهل الذمّة أو من غيرهم ، أو وقفها على قوم يسكنونها ، أو جعل أجرتها للنصارى جازت الوصية ، وكذا لو أوصى للرهبان والشمامسة (٢) بشي‌ء.

ولو أوصى ببناء كنيسة لنزول المارّة والصلاة ، قيل بطلت في الصلاة ، فتبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارّة ، فإن لم يمكن بطلت ، وقيل تبنى بالثلث لنزول المارّة ، ويمنعون من الاجتماع للصلاة ، وكلاهما قويّ.

ولو أوصى بشي‌ء يكتب به التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة بطلت الوصيّة.

ولو أوصى أن يكتب طبّ أو حساب أو غيره ، ويوقف عليهم أو على غيرهم جاز.

ويكره للمسلم أجرة رمّ ما يستهدم من الكنائس والبيع من بناء ونجارة وغير ذلك ، وليس بمحرّم.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٦٢.

(٢) الشمامسة جمع شمّاس ، وهو من رءوس النصارى الّذي يحلق وسط رأسه ويلزم البيعة. لسان العرب مادة (شمس).

٢٢٨

الفصل الثامن : في قتال أهل البغي

وفيه أربعة وثلاثون بحثا :

٢٩٣٣. الأوّل : قتال أهل البغي واجب بالنصّ والإجماع ، ويثبت حكم البغي بشرائط ثلاثة :

[الأوّل] أن يكونوا في منعة وكثرة لا يمكن كفّهم وتفريق جمعهم إلّا باتفاق وتجهيز جيوش وقتال ، ولو كانوا نفرا يسيرا كالواحد والعشرة لم يكونوا أهل بغي وكانوا قطاع طريق ؛ اختاره الشيخ (١) وابن إدريس (٢) ، وعندي فيه نظر.

الثاني : أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية ، ولو كانوا معه أو في قبضته لم يكونوا أهل بغي.

الثالث : أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم لحصول شبهة اقتضت خروجهم على الإمام ، ولو لم يكن لهم تأويل سائغ وباينوا بغير شبهة ، فهم قطّاع الطريق ، حكمهم حكم المحاربين.

٢٩٣٤. الثاني : لا يشترط في كونهم أهل بغي أن ينصبوا لأنفسهم إماما ، بل كلّ من خرج على إمام عادل ونكث بيعته وخالفه في أحكامه فهو باغ ، وحكمه حكم البغاة ، سواء نصبوا لأنفسهم إماما أو لا.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٢٦٤ و ٢٦٥ ـ كتاب قتال أهل البغي ـ.

(٢) السرائر : ٢ / ١٥ ، كتاب الجهاد ، باب قتال أهل البغي.

٢٢٩

٢٩٣٥. الثالث : الإمامة عندنا تثبت بالنصّ لا بالإجماع ولا الاختيار ، وكلّ من خرج على إمام منصوص على إمامته ، وجب قتاله بعد البعث إليه والسؤال عن سبب خروجه وإيضاح الصواب له ، إلّا أن يخاف كلبهم (١) فان رجعوا وإلّا قاتلهم.

ويجب تعريفهم (٢) مع المكنة قبل القتال.

٢٩٣٦. الرابع : الخوارج هم الذين يكفرون بالذنب ، وينالون من عليّ عليه‌السلام ومن عثمان ، فهؤلاء بغاة.

٢٩٣٧. الخامس : يجب قتال أهل البغي على كلّ من ندبه الإمام لقتالهم عموما أو خصوصا ، أو من نصبه الإمام على الكفاية (٣) ، ما لم يستنهضه الإمام على التعيين ، فيجب ، ولا يكفيه قيام غيره.

والتأخير عنه كبيرة ، والفرار في حربهم كالفرار في حرب الكفار.

ويجب مصابرتهم إلى أن يفيئوا إلى طاعة الإمام أو يقتلوا.

٢٩٣٨. السادس : إذا ظهر قوم اعتقدوا مذهب الخوارج ، وطعنوا في الأئمة ، ولم يصلّوا معهم ، وامتنعوا من الجماعات ، وقالوا : لا نصلّي خلف إمام ، إلّا انّهم في قبضة الإمام ، ولم يخرجوا عن طاعته ، لم يجز (٤) قتلهم بمجرّد ذلك ، ولا يكونوا بغاة ما داموا في قبضة الإمام ، فإن بعث الإمام إليهم واليا

__________________

(١) في مجمع البحرين : تكالب : تجاهر بالعداوة.

(٢) قال الشيخ في المبسوط : كلّ موضع حكم بأنّهم بغاة لم يحلّ قتالهم حتّى يبعث الإمام من يناظرهم ويذكر لهم ما ينقمون منه ، فإن كان حقا بذله لهم وإن كان لهم شبهة حلّها ، فإذا عرّفهم ذلك ، فان رجعوا فذاك وإن لم يرجعوا قاتلهم. المبسوط : ٧ / ٢٦٥.

(٣) قيد لقوله : «يجب قتال».

(٤) جواب لقوله : «إذا ظهر قوم».

٢٣٠

فقتلوه أو قتلوا غير الوالي من أصحاب الإمام أقيد منهم حتما.

٢٩٣٩. السابع : إذا استعان أهل البغي بنسائهم وصبيانهم وعبيدهم في القتال ، وقاتلوا أهل العدل ، قوتلوا مع الرجال إذا لم يكن التحرّز عنهم وإن أتى القتل عليهم ، وإذا أرادت امرأة أو صبيّة (١) قتل إنسان كان له دفعهما وإن أتى على أنفسهما.

٢٩٤٠. الثامن : إذا استعان أهل البغي بالمشركين الحربيّين ، وعقدوا لهم ذمّة وأمانا على قتل أهل العدل لم يصحّ ما عقدوه ، ويقتلهم الإمام مقبلين ومدبرين ، وإذا وقعوا في الأسر تخيّر الإمام بين المنّ والفداء والاسترقاق والقتل ، وليس لأهل البغي أن يتعرّضوا لهم ، لبذلهم الأمان ، وان كان فاسدا.

وإن استعانوا بأهل الذمّة فعاونوهم ، راسلهم الإمام ، فإن ادّعوا الشبهة المحتملة من اعتقادهم تسويغ القتل مع الطائفة من المسلمين أو الإكراه ، قبل قولهم بغير بيّنة ، وكان عهدهم باقيا ، وإن لم يدّعوه انتقض عهدهم ، وجاز قتالهم مقبلين ومدبرين.

ولو أتلفوا أموالا وأنفسا ضمنوها ، وكذا يضمن أهل البغي ما يتلفونه من مال أهل العدل وأنفسهم حال الحرب في قبلها وبعدها ، وإن استعانوا بالمستأمنين انتقض أمانهم ، ولو ادّعوا الإكراه ، افتقروا إلى البيّنة.

٢٩٤١. التاسع : يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمّة على حرب أهل البغي ، ومنع الشيخ في المبسوط ذلك (٢) وليس بجيّد.

__________________

(١) في التذكرة : «أو صبيّ» بدل «أو صبيّة».

(٢) المبسوط : ٧ / ٢٧٤.

٢٣١

ولو استعان من المسلمين بمن يرى قتلهم مقبلين ومدبرين في موضع لا يجوز ، لم يجز إلّا مع الضرورة ، أو يتمكّن الإمام من دفعهم عنهم حالة الإدبار.

وكذا يجوز أن يستعين على أهل الحرب بأهل الذمّة ممّن هو حسن الرأي في المسلمين مع أمن الإمام من صيرورتهم مع أهل الحرب.

٢٩٤٢. العاشر : إذا افترق أهل البغي فرقتين فاقتتلوا ، فإن قدر الإمام على قهرهما فعل ، ولا يعاون إحداهما على الأخرى ، بل يقاتلهما حتّى يعودوا إلى الطاعة.

وإن لم يتمكّن تركهما ، ويدعوا القاهرة إلى الطاعة ، فإن أبت قاتلها.

وان خاف اجتماعهما عليه ضمّ احداهما إليه ، وقاتل الأخرى قاصدا كسرها لا معونة الأخرى.

وينبغي أن يقاتل مع الّتي هي أقرب إلى الحق ، فإن تساويا ، فمع الّتي ، المصلحة أكثر بالقتال معها ، فإن انهزمت الّتي قاتلها أو رجعت إلى طاعته ، كفّ عنها ، ولم يجز قتال الّتي ضمّها إليه إلّا بعد دعائها إلى طاعته.

٢٩٤٣. الحادي عشر : لا يقاتل أهل البغي بما يعمّ اتلافه ، كالنار والمنجنيق والتغريق إلّا مع الضرورة.

٢٩٤٤. الثاني عشر : إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلّا بالقتل وجب ، ولا شي‌ء على القاتل ، ولا ضمان على أهل العدل فيما يتلفونه من مال أهل البغي حال الحرب ، ولو قتل العادل كان شهيدا ولا يغسّل ولا يكفن ، ويصلّى عليه ويدفن.

ولو أتلف أهل العدل مال أهل البغي أو أنفسهم قبل الشروع في الحرب أو بعد انقضائه ، ضمنوه.

٢٣٢

قال الشيخ : ولا خلاف انّ الحربي إذا أتلف شيئا من أموال المسلمين ونفوسهم ، ثمّ أسلم فإنّه لا يضمن ولا يقاد به. وأمّا المرتدون فانّهم يضمنون ما يتلفونه من الأموال والأنفس قبل الحرب وبعدها وفيها (١) ولا فرق بين الواحد والجمع من أهل البغي في التضمين.

٢٩٤٥. الثالث عشر : أهل البغي قسمان :

أحدهما : أن لا يكون لهم فئة يرجعون إليها ، ولا رئيس يجتمعون عنده.

الثاني : أن يكون لهم رئيس يجمعهم وفئة يرجعون إليها ، فالأوّل لا يجتاز على جريحهم ، ولا يتبع مدبرهم ، ولا يقتل أسيرهم ؛ والثاني يجتاز على جريحهم ، وينبع مدبرهم ، ويقتل أسيرهم ، سواء كانت الفئة حاضرة أو غائبة ، قريبة أو بعيدة.

٢٩٤٦. الرابع عشر : لو قتل واحد من أهل العدل من منع من قتله ضمنه. والوجه سقوط القصاص.

٢٩٤٧. الخامس عشر : لو وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل وكان شابّا قويّا ، حبس حتّى يبايع أو ينهزم أصحابه إلى غير فئة ويرموا سلاحهم ولو ولّوا مدبرين إلى فئة ، لم يطلق وجاز قتله ، ولو كان الأسير من غير أهل القتال كالصبيّ والمرأة أطلق على إشكال.

٢٩٤٨. السادس عشر : لو أسر كلّ واحد من الفريقين أسارى من الآخر ، جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغي ، ولو أبى أهل البغي ، حبس أهل

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٢٦٧.

٢٣٣

العدل من معهم ، ولو قتل أهل البغي أسارى أهل العدل لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم إذا لم تكن لهم فئة.

٢٩٤٩. السابع عشر : أموال أهل البغي ضربان :

أحدهما : ما لم يحوه العسكر ، والإجماع على بقائه على ملكهم.

الثاني : ما حواه العسكر من سلاح وكراع (١) وخيل وأثاث وغير ذلك ، فللشيخ قولان : احدهما انها تقسم بين أهل العدل للراجل سهم وللفارس سهمان ولذي الافراس ثلاثة (٢) وبه قال ابن الجنيد : (٣) والثاني انّها باقية على ملك أهل البغي لا يجوز استغنامها ولا قسمتها (٤) وهو اختيار المرتضى (٥) وابن ادريس (٦) وهو قويّ.

٢٩٥٠. الثامن عشر : لا يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي ولا بسلاحهم إلّا في حال الضرورة ، قاله السيد المرتضى ، (٧) وجوزه الشيخ (٨) والأوّل أقوى.

__________________

(١) الكراع اسم لجماعة الخيل خاصّة. مجمع البيان.

(٢) الخلاف : ٥ / ٣٤٦ ، المسألة ١٧ ، من كتاب الباغي ؛ والنهاية : ٢٩٧ ؛ والمبسوط : ٧ / ٢٨٠.

(٣) نقله عنه المصنف أيضا في المختلف : ٤ / ٤٦٤.

(٤) المبسوط : ٧ / ٢٦٦.

(٥) الناصريات : ٤٤٣ ، المسألة ٢٠٦.

(٦) السرائر : ٢ / ١٩.

(٧) عنونه السيد في الناصريات دون الانتصار. وفي الأولى ما يظهر منه الجواز لا المنع قال «واختلف الفقهاء في الانتفاع بدوابّ أهل البغي وبسلاحهم في حال قيام الحرب ... وليس يمتنع عندي أن يجوز قتالهم بسلاحهم على وجه لا يقع التملّك له».

الناصريات : ٤٤٤ ، المسألة ٢٠٦.

(٨) المبسوط : ٧ / ٢٨٠ ، كتاب قتال أهل البغي.

٢٣٤

٢٩٥١. التاسع عشر : الإجماع على أنّه لا يجوز سبي ذراري أهل البغي ، سواء كان لهم فئة أو لا ولا تملك نساؤهم.

٢٩٥٢. العشرون : إذا سأل أهل البغي أن ينظرهم ويكف عنهم ، فإن سألوا [به] (١) الإنظار أبدا لم يصحّ ، وإن كان مدّة معلومة ، ليجتمعوا ويتقوّوا ، لم يجبهم إلى ذلك ، وإن كان للتفكر والعود إلى الطاعة قبل ، ولو بذلوا مالا لينظرهم فيما لا يسوغ لهم إنظاره لم يجز.

ولو كان في أيديهم أسارى أهل العدل وسألوا الإنظار والكفّ ليطلقوا أسارى أهل العدل وأخذ منهم الرهائن ، جاز ، فإن أطلقوا أسارى أهل العدل ، أطلق الإمام رهائنهم ، وإن قتلوا من عندهم لم يقتل رهائنهم ، فإذا انقضت الحرب أطلقت الرهائن مع الأمن.

ولو خاف الإمام على أهل العدل الضعف عنهم ، فالوجه تأخيرهم إلى وقت المكنة.

٢٩٥٣. الواحد والعشرون : لو تعوّذ أهل البغي عند النكاية (٢) فيهم برفع المصاحف أو الدعوة إلى حكم الكتاب بعد أن دعوا إلى ذلك فأبوا ، لم يرفع عنهم الحرب إلّا بما يكون رجوعا إلى الحقّ مصرّحا من غير تأويل.

٢٩٥٤. الثاني والعشرون : لو كان مع أهل البغي من لا يقاتل ، ففي جواز قتله إشكال.

٢٩٥٥. الثالث والعشرون : إذا غلب أهل البغي على بلد فجبوا الصدقات ،

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في «أ».

(٢) في مجمع البحرين : نكيت في العدوّ نكاية ـ من باب رمى ـ : إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل.

٢٣٥

وأخذوا الجزية ، واستأدوا الخراج ، لم يقع موقعه ، وللإمام أن يجيزه.

وإذا أقاموا الحدود ، قال الشيخ : لا يعاد مرّة أخرى للمشقة (١) ولو طالبهم الإمام بالصدقات ، فذكروا أنّ أهل البغي استوفاها منهم ، فإن لم يجز الإمام طالبهم ثانية ، ولو أجازه فالأقرب القبول من غير بينة ولا يمين.

قال الشيخ : لو ادعوا أداء الخراج لم يقبل قولهم (٢) ولو ادّعى أهل الذمة أداء الجزية إلى أهل البغي ، لم يقبل منهم.

٢٩٥٦. الرابع والعشرون : لا يجوز لأحد الحكم والقضاء إلّا بإذن الإمام أو من نصبه ، فلو نصب أهل البغي قاضيا لم ينفذ قضاؤه مطلقا في حقّ أو باطل ، سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل ، ولو كتب بحكمه إلى قاض آخر لم ينفذه (٣).

٢٩٥٧. الخامس والعشرون : أهل البغي فسّاق ، وبعضهم كفّار ، فلا تقبل شهادتهم وإن كان عدلا في مذهبه ، سواء شهد لهم أو عليهم ، وسواء كان على طريق التديّن أو لا على وجه التديّن.

٢٩٥٨. السادس والعشرون : المقتول من أهل العدل لا يغسّل ولا يكفّن ويصلّى عليه ، والمقتول من أهل البغي لا يغسّل ولا يكفن ولا يصلّى عليه ، ولا فرق بين الخوارج وغيرهم.

٢٩٥٩. السابع والعشرون : إذا ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحدّ ثمّ قدر عليهم ، أقيم فيهم الحدّ وإن امتنعوا بدار الحرب.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٢٧٦.

(٢) المبسوط : ٧ / ٢٧٧.

(٣) لاحظ المبسوط : ٧ / ٢٧٧ ؛ والتذكرة : ١ / ٤٦٣ ـ الطبعة الحجرية ـ.

٢٣٦

٢٩٦٠. الثامن والعشرون : قال الشيخ : يكره للعادل القصد إلى قتل أبيه الباغي أو ذي رحمه ، فإن قتله كان جائزا (١) وورثه إن كان وارثا ، ولو قتل الباغي العادل ، منع من الميراث.

٢٩٦١. التاسع والعشرون : يجوز للعادل قصد الباغي بالقتل ، قال ابن الجنيد : لا يستحبّ للوالي أن يبدأ بقتالهم لجواز الهدنة (٢). ولا بيات أحد من أهل البغي ولا قتله غيلة ، قال : ويستحبّ للواليّ إذا أراد إنفاذ سريّة إلى عدو أن يأمر فيطاف باللواء في المساجد الجامعة وأسواق المسلمين ، ويأمر الناس بالدعاء له بالنصر على أعداء المسلمين.

٢٩٦٢. الثلاثون : من سبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أحد الأئمة عليهم‌السلام وجب قتله ، ولو عرض بالسبّ عزّر ، وكذا لو عرض بالشتم.

٢٩٦٣. الواحد والثلاثون : الردّة ، هي الخروج عن الملّة بالكفر ، ومانع الزكاة ليس بمرتدّ ، ويجب قتاله حتّى يدفعها ، فإن دفعها ، وإلّا قتل إن كان محرّما للترك (٣) ، ولا تركها مع التحليل للترك كان مرتدا.

وإذا أتلف المرتدّ مالا أو نفسا حال ردّته ، ضمنه سواء تحيّز وصار في منعة أو لا.

٢٩٦٤. الثاني والثلاثون : إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله أو حريمه ،

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٢٧٨.

(٢) وفي التذكرة : «لجواز حدوث إرادة التوبة» ولعلّ ما في التذكرة أولى ممّا في المتن لعدم الهدنة في الباغي. لاحظ تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٦٣ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٣) أي غير منكر وجوبها ، وتقابله الفقرة التالية : فينكر وجوبها فيكون مرتدا.

٢٣٧

كان له أن يقاتله دفعا عن نفسه أو حريمه بأقلّ ما يمكن دفعه به ، ولو لم يندفع إلّا بالقتل جاز ، ولا دية له ، ولا قود ، ولا كفّارة.

وهل يجب على الإنسان أن يدافع عن نفسه؟ قال الشيخ : الأقوى الوجوب ، ولا يجوز الاستسلام (١) أمّا المال فلا يجب أن يدافع عنه ، ولا أعلم فيه خلافا.

والمرأة يجب عليها أن تدافع من أراد فرجها ، ولو قتل لم تكن له دية.

٢٩٦٥. الثالث والثلاثون : إذا تمكّن المقصود من الهرب وجب وإلّا دافع ، ولو تمكّن من الصياح وجب إذا حصل المساعد (٢).

٢٩٦٦. الرابع والثلاثون : المضطرّ إلى أكل طعام نجس أو شراب نجس يجب عليه تناوله لحفظ الرمق.

الفصل التاسع : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وفيه ثلاثة عشر بحثا :

٢٩٦٧. الأوّل : الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء ، والنهي نقيضه.

والمعروف : كلّ فعل حسن اختصّ بوصف زائد على حسنه ، إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه.

__________________

(١) المبسوط : ٧ / ٢٧٩.

(٢) في «أ» : المساعدة.

٢٣٨

والمنكر : كلّ فعل قبيح عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه.

والحسن : ما للقادر عليه المتمكّن من العلم بحاله أن يفعله.

والقبيح : هو الّذي ليس للمتمكّن منه ومن العلم بقبحه أن يفعله.

والحسن شامل للواجب والندب والمباح والمكروه.

والقبيح : هو الحرام خاصّة.

٢٩٦٨. الثاني : المعروف ينقسم إلى الواجب والندب ، فالأمر بالواجب واجب ، وبالندب ندب ، والمنكر كلّه قبيح ، والنهي عنه واجب.

٢٩٦٩. الثالث : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثواب عظيم ، قال الله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (١).

وقال : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ـ إلى قوله ـ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) (٢).

وروي عن الصادق عليه‌السلام : قال : «جاء رجل من خثعم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله : أخبرني ما أفضل الإسلام؟ فقال : الإيمان بالله ، قال : ثمّ ما ذا؟ قال : صلة الرحم ، قال : ثمّ ما ذا؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقال الرجل : فأيّ الأعمال أبغض إلى الله؟ قال : الشرك بالله ، قال : ثمّ ما ذا؟ قال : قطيعة الرحم ، قال : ثمّ ما ذا؟ قال : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (٣).

وقال الكاظم عليه‌السلام : «لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو

__________________

(١) آل عمران : ١١٠.

(٢) المائدة : ٧٨.

(٣) التهذيب : ٦ / ١٧٦. برقم ٣٥٥ ـ باختلاف يسير ـ ولاحظ الوسائل : ١١ / ٣٩٦ الباب ١ من أبواب الأمر والنهي : الحديث ١١.

٢٣٩

ليستعملنّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم» (١).

وعن الباقر عليه‌السلام : قال : «ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر» (٢).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، وتعاونوا على البرّ ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات ، وسلّط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء (٣). والأخبار في ذلك كثيرة (٤).

٢٩٧٠. الرابع : اتّفق العقلاء على وجوب الأمر بالمعروف الواجب والنهي عن المنكر ، واختلفوا في وجوبهما في مقامين.

أحدهما : هل هو عقليّ أو سمعيّ؟ والثاني أقوى.

الثاني : هل هما واجبان على الكفاية أو على الأعيان؟ السيّد على الأوّل (٥) وهو الأقوى. والشيخ على الثاني (٦).

٢٩٧١. الخامس : شرائط وجوبهما أربعة :

أن يعلم المعروف معروفا والمنكر منكرا ، ليأمن الغلط في الإنكار والأمر.

__________________

(١) التهذيب : ٦ / ١٧٦ برقم ٣٥٢.

(٢) التهذيب : ٦ / ١٧٦ برقم ٢ ، الوسائل : ١١ / ٣٩٣ ، الباب ١ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ١.

(٣) التهذيب : ٦ / ١٨٠ برقم ٣٧٣.

(٤) لاحظ الوسائل : ١١ / ٣٩٣ ؛ والتهذيب : ٦ / ١٧٦.

(٥) نقله عنه الحلّي في السرائر : ٢ / ٢٢ ؛ والمصنف في المختلف : ٤ / ٤٧٢.

(٦) الاقتصاد : ١٧٤.

٢٤٠