تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦١٣

١
٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)

التوبة : ١٢٢

٤

كتاب الصلح

٥
٦

المقصد السادس : في الصلح

وفيه ثلاثة وثلاثون بحثا :

٤٠١٤. الأوّل : الصلح عقد شرّع لقطع التنازع بين المختلفين ، وهو على أنواع :

صلح بين المسلمين وأهل الحرب ، أو بين أهل العدل والبغي ، وقد سلف.

وصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما ، وسيأتي.

وصلح بين المختصمين في الأموال ، وهذا الباب معقود له.

٤٠١٥. الثاني : الصلح عقد قائم مستقلّ بنفسه ، ليس فرعا على غيره ، وهو لازم من الطرفين لا يبطل إلّا بالتقايل ، وقد أجمع العلماء كافّة على تسويغه ما لم يؤدّ إلى تحريم حلال ، أو تحليل حرام ، ولا خيار بعد انعقاده لأحدهما ، سواء افترقا من المجلس أو لا ، وإن اشتمل على المعاوضة ، ولا يحتاج إلى شرائط البيع.

وقول الشيخ في الخلاف : إذا أتلف ما يساوي دينارا ، فصالحه مع الإقرار على دينارين لم يصحّ ، وإلّا كان بيعا للدينار بأزيد ، فيكون ربا ، (١) ضعيف (٢) عندي.

٤٠١٦. الثالث : الصلح جائز على الإقرار والإنكار ، وإنّما يقع الصلح على

__________________

(١) الخلاف : ٣ / ٢٩٩ ، المسألة ١٠ من كتاب الصلح. نقله المصنّف بتلخيص.

(٢) قوله «ضعيف» خبر لقوله «وقول الشيخ».

٧

الإنكار إذا اعتقد المدّعي حقّية قوله ، والمدّعى عليه براءة ذمّته ، فيجوز للمدّعي أخذ ما يصالحه عليه المنكر ، سواء كان من جنس المدّعى ، أو من غيره ، وسواء زاد عن المدّعى ، أو نقص ، فإن وجد بالمأخوذ عيبا ، كان له ردّه ، والرجوع في دعواه ، فلو وجد الدافع بالمصالح عنه عيبا لم يرجع به على المدّعي.

ولو كان المأخوذ شقصا ، أو المصالح عنه لم تثبت الشفعة فيه. ولو كان أحدهما كاذبا ، كان الصلح باطلا في نفس الأمر ، ولا يحلّ للمنكر ما أخذه بالصلح إذا دفع الأقلّ مع كذبه ، ولا للمدّعي إذا كان مبطلا ، ويحكم عليهما في الظاهر بالصحّة.

ولو ادّعى على رجل أمانة ، كالوديعة ، والمضاربة ، أو مضمونا ، كالقرض ، والتفريط في الوديعة ، فأنكر ، جاز الصلح.

٤٠١٧. الرابع : إذا صالح أجنبيّ عن المنكر للمنكر صحّ ، سواء اعترف للمدّعي بصحّة دعواه ، أو لم يعترف ، وسواء كان بإذنه ، أو بغير إذنه ، وسواء كان في دين ، أو عين ، ثم إن لم يأذن المنكر في الصلح ، لم يكن للأجنبيّ الرجوع عليه بشي‌ء ، ولو أدّى بإذنه على إشكال.

وإن أذن في الصلح والأداء ، رجع عليه ، وإن أذن في الصّلح خاصّة ، لم يرجع مع الأداء تبرّعا ، وهل يرجع مع نيّة الرجوع (١)؟ الوجه أنّه لا يرجع أيضا.

٤٠١٨. الخامس : إذا صالح الأجنبيّ عن المنكر لنفسه ، لتكون المطالبة له ،فإن لم يعترف للمدّعي بصحّة دعواه ، فالوجه عدم الجواز ، وإن اعترف له بالصحّة ،

__________________

(١) في «ب» : وهل يرجع معه بنيّة الرجوع.

٨

فإن كان المدّعى دينا صحّ ، وتكون الخصومة بين الأجنبيّ والمدّعى عليه ، وإن كان عينا ، وصدّقه على دعواه ، صحّ الصلح ، فإن قدر على انتزاعه ، استقرّ الصلح ، وإن عجز قال الشيخ : تخيّر بين فسخ الصلح والإقامة عليه. (١)

٤٠١٩. السادس : لو قال الأجنبيّ للمدّعي : أنا وكيل المدّعى عليه في مصالحتك عن هذه العين ، وهو مقرّ لك بها باطنا ويجحد ظاهرا ، فالوجه صحّة الصّلح ، فإن صدّقه المدّعى عليه ، ملك العين ورجع الأجنبي عليه بما أدّاه ، إن كان أذن له في الدفع.

ولو أنكر الإذن ، فالقول قوله مع يمينه ، وإن أنكر التوكيل ، فالقول قوله مع يمينه ، وليس للأجنبيّ الرجوع عليه ، ثمّ إن كان الأجنبيّ صادقا في دعوى الوكالة ، ملك المدّعى عليه العين بالصلح ، وإن لم يكن صادقا ، احتمل عدم الملك ، واحتمل أن يقف على الإجازة.

٤٠٢٠. السابع : إذا قال المدّعى عليه : صالحني ، لم يكن إقرارا بالمدّعى ، أمّا لو قال : ملّكني ، كان إقرارا له ، وكذا لو قال : بعني ، أو هبني ، أو أبرئني منه ، أو قبضته. (٢)

٤٠٢١. الثامن : إذا اعترف بحقّ فامتنع من أدائه حتّى صولح على بعضه ، كان الصلح باطلا ، سواء كان بلفظ الصلح ، أو الهبة ، أو الإبراء ، وسواء شرط في الهبة والإبراء أداء الباقي ، أو أطلق. أمّا لو اعترف له وصالحه من غير منع ، كان جائزا ، سواء صالحه بالبعض ، أو بأكثر في غير الرّبوي ، وفي الرّبوي إشكال ، أقربه الجواز.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٩٠.

(٢) لعلّ المراد : قبضته منك فيكون إقرارا بملكية المدّعي.

٩

ويجوز بغير الجنس أقلّ ، أو أكثر ، وسواء كان الصلح عن دين أو عين. (١) فإذا اعترف له بدنانير فصالحه على دراهم ، أو بالعكس جاز ، ولم يكن صرفا ، ولا يعتبر فيه شروطه ، وكذا لو صالحه بالجنس.

ولو اعترف له بعوض ، فصالحه بثمن ، أو بالعكس صحّ ، ولم يكن بيعا ، ولا يلحقه أحكامه.

ولو صالحه على سكنى دار ، أو خدمة عبد ، أو على أن يعمل له عملا صحّ ، ولم يكن إجارة ، فإن تلفت الدار أو العبد قبل استيفاء شي‌ء من المنفعة ، بطل الصلح ، وإن كان في الأثناء ، بطل فيما تخلّف من المدّة ، ورجع بقسطه.

ولو ادّعي بعين فاعترف ، ثمّ صالحه على أن يزوّجه أمته صحّ ، ولا بدّ من تجديد عقد النكاح وجعل المصالح عليه مهرا ، فإن انفسخ النكاح بما يسقط المهر قبل الدخول ، وقلنا يكون المصالح عليه مهرا ، يرجع الزّوج به ، ولو طلّقها قبل الدخول ، رجع بنصفه.

ولو اعترفت بدعوى العين ، وصالحته على أن تزوّجه نفسها فتزوّجته (٢) بها صحّ ، ولو اعترفت بعيب في مبيعها ، فصالحته على نكاحها فتزوّجته بالأرش صحّ ، فإن زال العيب ، رجعت بأرشه لا بمهر المثل ، وإن لم يزل ، لكن انفسخ نكاحها بالمسقط للمهر ، رجع [على] الزوجة بأرشه.

٤٠٢٢. التاسع : إذا اعترف بالدّين في ذمّته ، فأبرأه من بعضه وأعطاه الباقي صحّ ، ولو شرط في الإبراء ذلك لم يصحّ ، ولو صالحه على أن يدفع إليه البعض

__________________

(١) في «أ» : أو عن عين.

(٢) في «أ» : فزوّجته.

١٠

ويبرئه من الباقي صحّ ، وإن كان ربويّا ، فإن خرج ما قبضه مستحقّا ، ردّه إلى مستحقّه ، ورجع على الدافع بعوضه ، وليس له الرجوع في الإبراء إلّا إذا كان بعقد الصلح.

٤٠٢٣. العاشر : إذا اعترف بالعين فوهبه بعضها ، ويدفع الباقي صحّ ، وإن شرطه في الهبة ، وكذا يصحّ لو صالحه على بعضها ، ويكون الباقي في حكم الموهوب ، لكن لا تلحقه أحكام الهبة.

٤٠٢٤. الحادي عشر : إذا ادّعى بيتا ، فاعترف له ، وصالحه على بعضه صحّ ، وكذا لو صالحه على بناء غرفة عليه ، أو على سكناه سنة ، ولا يكون ذلك عارية ، بل يجب عليه الإسكان من غير عوض ، وللشيخ هنا قول ضعيف (١).

٤٠٢٥. الثاني عشر : لو صالحه على خدمة العبد سنة ، فباعه ، صحّ البيع ، ويتخيّر المشتري مع عدم علمه ، ولو أعتقه صحّ أيضا ، ولا يبطل الصلح ، ويجب على العبد الخدمة ، ولا يرجع بها على السيّد.

ولو وجده معيبا ، عيبا تنقص الخدمة به ، كان له فسخ الصلح ، ولو صالح على العبد نفسه صحّ ، ولم يكن بيعا ، فإن خرج به عيب ، كان له الفسخ.

٤٠٢٦. الثالث عشر : إذا ظهر استحقاق أحد العوضين ، بطل الصلح ، فإن كان [الصلح] (٢) عن إقرار ، انتزع المقرّ له مضمونه. (٣) وإن كان على إنكار ، رجع

__________________

(١) وهو انّه بمنزلة العارية ومتى شاء رجع في إعارته. لاحظ المبسوط : ٢ / ٢٩٤.

(٢) قد تقدّم في المسألة الثالثة أنّ الصلح على قسمين : صلح على الإقرار. وصلح على الإنكار.

(٣) أي مضمون الإقرار.

١١

مدّعيا. أمّا لو ظهر عيب في أحد العوضين ، فانّ الصلح لا يبطل من رأس ، بل للمصالح فسخه.

٤٠٢٧. الرابع عشر : لو اعترف له بزرع في يده ، وصالحه على دراهم أو غيرها ، جاز ، سواء بدأ صلاحه أو لا ، وسواء شرط القطع أو لا ، أمّا لو صالحه عليه قبل خروجه من الأرض ، ففي الصحّة إشكال ، ولو كان في يد اثنين فاعترف له أحدهما فصالحه عليه ، صحّ ، وإن لم يبد صلاحه ، سواء شرط القطع أو لا ، فإن شرط القطع قاسمه الشريك ، وقطع نصيبه ، وإلّا تركه إلى وقت أخذه.

ولو كان الزرع لواحد ، فاعترف له بنصفه ، وصالحه بنصف الأرض ، ليصير الزّرع كلّه لواحد والأرض بينهما نصفين ، صحّ بشرط القطع وبغيره.

وإن صالحه على جميع الأرض بشرط القطع ليسلّم الأرض فارغة جاز.

٤٠٢٨. الخامس عشر : يجوز تعجيل المؤجّل بإسقاط بعضه ، فإن صالحه على ذلك جاز ، ولم يكن مكروها ، أمّا لو صالحه عن المؤجّل ببعضه حالّا ، وكان ربويّا ، فالوجه عندي الجواز.

ولو صالحه على ألف حالة بنصفها مؤجّلا ، فالوجه عندي الصحّة وإن كان ربويّا ، وكذا يجوز لو أبرأه من النصف لكن لا يلزم الأجل ، فإن شرطه في الإبراء بطل الجميع.

٤٠٢٩. السادس عشر : يصحّ الصلح عن المجهول دينا كان أو عينا إذا لم يمكن معرفته ، ولو علمه أحدهما وكان أكثر ، لم يجز إلّا أن يعرّفه إيّاه.

ولو اختلط قفيز حنطة بقفيز شعير ، وطحنا بيعا ، وأخذ كلّ منهما بنسبة قيمة ماله ، إلّا أن يصطلحا.

١٢

ولو أتلف صبرة طعام ولم يعلما مقدارها ، فباعه إيّاها بثمن ، لم يصحّ ، ولو صالحه عليها به ، جاز.

وإذا كان العوض ممّا لا يحتاج إلى تسليمه ، ولا سبيل إلى معرفته ، كالمتنازعين في مواريث مجهولة وحقوق متقدّمة ، أو في أرض ، أو عين من المال لا يعلم كلّ واحد حقّه منها ، جاز الصلح مع الجهالة من الطرفين.

وإن كان ممّا يحتاج إلى تسليمه ، وجب أن يكون معلوما ، وإن أمكنهما معرفة ما يصالحان عليه ، بأن يكون عينا موجودة ، وجب العلم بها ، وكذا لو كان من عليه الحقّ يعلمه ، وجب أن يعرّف صاحبه.

٤٠٣٠. السابع عشر : يصحّ الصلح عن كلّ ما يجوز أخذ العوض عنه ، سواء جاز بيعه ، كالأعيان المملوكة ، أو لا ، كأرش الجناية ، ودم العمد ، وسكنى الدار ، وعيب المبيع ، ولو صالح عمّا يوجب القصاص بأكثر من ديته أو أقلّ جاز ، ولو صالح عن الخطاء بأكثر من ديته من جنسها ، وكان ربويّا ، ففيه إشكال.

ولو أتلف شيئا ، فصالح عنه بأكثر من قيمته من جنسها جاز ، وللشيخ قول بالمنع (١) ضعيف ، ولو صالح عن القيمة ، فالوجه ما قاله الشيخ ، ولا خلاف في الجواز لو صالحه من غير الجنس بالأكثر أو الأقلّ.

٤٠٣١. الثامن عشر : يجوز الصلح عن المؤجّل بالحالّ وبالعكس ، ويلزم الأجل ، وعن كلّ من الحالّ والمؤجّل بمثله.

٤٠٣٢. التاسع عشر : لو صالح عن القصاص بعبد فخرج مستحقّا ،

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٣٠٨.

١٣

بطل الصلح ، ورجع بأرش القصاص لا بقيمة العبد ، وكذا لو خرج حرّا.

ولو صالح على دار ، أو عبد (١) فوجد العوض مستحقّا أو معيبا ، رجع في الدار والعبد إن كان باقيا ، وبقيمته إن كان تالفا ، ولو صالح على العيب بعبد فبان مستحقّا ، أو حرّا ، رجع بأرش العيب ، ولو صالحه عن القصاص بحرّ يعلمان حرّيته ، أو يعلمان أنّه مستحقّ ، رجع بالدّية.

٤٠٣٣. العشرون : لا يجوز الصلح على ما لا يجوز أخذ العوض عنه ، مثل ان يصالح امرأة لتقرّ له بالزّوجية ، ولو دفعت إليه عوضا ليكفّ عن هذه الدعوى ، فالوجه عدم الجواز ، فإن اصطلحا على ذلك ، ثمّ ثبتت الزّوجية بالبيّنة ، أو بإقرارها ، كان النكاح باقيا.

ولو ادّعت أنّ زوجها طلّقها ثلاثا ، فصالحها على مال لتنزل عن دعواها لم يجز ، ولو دفعت إليه عوضا ، ليقرّ بطلاقها لم يملكه ، بخلاف ما لو بذلت عوضا ليطلّقها.

٤٠٣٤. الواحد والعشرون : لو ادّعى عبوديّة من أنكرها ، فصالحه على مال ليقرّ له بها ، لم يجز ، فإن أقرّ لزمه ، ولو دفع المنكر مالا صلحا عن دعواه ، ففي عدم الصحة إشكال.

ولو ادّعى على رجل مالا ، فأنكر ، فدفع إليه شيئا ليقرّ له به ، لم يصحّ فإن أقرّ لزمه ما أقرّ به ، ويردّ ما أخذه ، ولو دفع المنكر مالا صلحا عن الدعوى ، جاز.

٤٠٣٥. الثاني والعشرون : لو صالح شاهدا على أن لا يشهد عليه ، أو صالح الزّاني والسارق والشّارب بمال على أن لا يرفعه إلى السلطان ، أو

__________________

(١) في «ب» : وعبد.

١٤

صالحه عن القذف ، لم يصحّ ، ولو صالح عن حقّ الشفعة ، فالوجه الجواز.

٤٠٣٦. الثالث والعشرون : إذا ادّعى اثنان عينا بسبب يوجب الاشتراك في كلّ جزء منها ، مثل أن يقولا : ورثناها (١) أو ابتعناها صفقة ، فأقرّ المتشبّث لأحدهما بنصفها ، اشتركا فيه ، فإن صالح المقرّ له عمّا أقرّ به ، مضى الصلح فيه أجمع إن كان بإذن صاحبه ، وإلّا ففي قدر نصيبه ، وهو الرّبع خاصّة.

ولو ادّعياها مطلقا من غير قيد يقتضي الشركة ، فأقرّ لأحدهما ، لم يشاركه الآخر ، ولو أقرّ بها أجمع لأحدهما ، فإن صدّق المقرّ له الآخر سلّم إليه النصف ، سواء سبق تصديقه أو تأخّر ، ولو لم يصدّق الآخر ، كان الجميع له إن ادّعاه بعد الإقرار ، ولا يسقط حقّه من الجميع بدعوى النصف أوّلا. ولو لم يدّع الجميع بعد الإقرار ، ولا اعترف للآخر بالنصف ، ثبت النصف للمقرّ له ، واحتمل إبقاء النصف الآخر في يد المقرّ ، و [احتمل] دفعه إلى الحاكم حتّى يثبت المدّعي ، و [احتمل] دفعه إلى الآخر ، ومنعه الشيخ. (٢)

٤٠٣٧. الرابع والعشرون : إذا تداعيا جملا ولأحدهما عليه حمل ، حكم به لصاحب الحمل.

ولو تنازعا عبدا ولأحدهما عليه ثياب قضي به لهما.

ولو تنازع راكب الدّابة وقابض لجامها، قضي بها للراكب مع يمينه، وقيل: يستويان(٣).

__________________

(١) في «أ» : أورثناها.

(٢) المبسوط : ٢ / ٢٩٤.

(٣) القائل هو الشيخ في الخلاف : ٣ / ٢٩٦ ، المسألة ٥ من كتاب الصلح ، وابن إدريس في السرائر : ٢ / ٦٧.

١٥

ولو تنازعا ثوبا في يد أحدهما أكثره ، تساويا فيه.

ولو تداعيا غرفة على بيت أحدهما وبابها إلى غرفة الآخر ، فهي لصاحب البيت مع اليمين.

٤٠٣٨. الخامس والعشرون : إذا ادّعى دارا في يد أخوين ، فاعترف أحدهما ، فصالحه على بذل ماله بعوض صحّ ، وليس للآخر الأخذ بالشفعة ، سواء كان الإنكار مطلقا ، أو قال : هذه لنا ورثناها جميعا عن أبينا أو أخينا.

٤٠٣٩. السادس والعشرون : إذا اصطلح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس ماله نقدا ، والرّبح والخسران والنقد والنّسيئة والعروض (١) للآخر ويسلّم إليه صحّ ، وهي رواية الحلبي والكناني الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام (٢).

٤٠٤٠. السابع والعشرون : إذا كان مع اثنين درهمان ادّعاهما وادّعى الآخر واحدا منهما ، أعطي مدّعيهما درهما ونصفا ، وللآخر النصف الآخر ، ولو كانا في يد مدّعيهما ، حلف للآخر وكان الجميع له ، ولو كانا في يد مدّعي أحدهما ، حلف للآخر وأخذ درهما.

٤٠٤١. الثامن والعشرون : إذا أخذ رجل من آخر عشرين درهما بضاعة ، ومن آخر ثلاثين كذلك ، واشترى بكلّ منهما ثوبا وامتزجا ولم يتميّزا ، فإن خيّر أحدهما صاحبه ، فقد انصفه ، وإن ماكسا بيعا وقسّم الثمن على خمسة أجزاء ، فأعطي صاحب العشرين خمسيه (٣) وللآخر الباقي ، وهي رواية إسحاق بن

__________________

(١) في «ب» : القروض.

(٢) الوسائل : ١٣ / ١٦٥ ، الباب ٤ من كتاب الصلح ، الحديث ١.

(٣) في «ب» : خمسين.

١٦

عمّار عن الصادق عليه‌السلام. (١) قال ابن إدريس : والأولى استعمال القرعة (٢).

٤٠٤٢. التاسع والعشرون : إذا استودع لرجل دينارين وللآخر دينارا ، وامتزج المال من غير تفريط ، وضاع منها ) دينار ففي رواية السكوني عن الصادق عليه‌السلام : يعطى صاحب الدينارين دينارا منهما ، ويقسّم الآخر بينهما نصفين. (٤) وفي السكوني ضعف.

والأولى عندي قسمة التالف على قدر رأس المالين ، فيعطى صاحب الدينارين دينارا وثلث دينار ، وللآخر ثلثي دينار ، ولو فرّط المستودع في المزج لزمه الدينار.

٤٠٤٣. الثلاثون : يصحّ الصلح على عين بمثلها وبمنفعة ، وعلى منفعة بمثلها وبعين ، وعلى دين بمثله أو عين ، وبالعكس.

٤٠٤٤. الواحد والثلاثون : إذا كان لأحدهما عليه ألف درهم ولآخر مائة دينار ، فصالحاه على ألف درهم ، ففي صحّته إشكال ، وجوّزه ابن الجنيد بشرط التقابض ، فإن عيّن حصّة كلّ واحد وإلّا بسطت على الألف وقيمة المائة بالنسبة.

٤٠٤٥. الثاني والثلاثون : إذا كان الدّين مؤجّلا ، فصالحه على التعجيل صحّ ، وسقط الأجل ، فإن ظهر العوض مستحقّا أو معيبا فردّه ، قال ابن الجنيد : كان لصاحب الدّين مطالبته بتوفيته إيّاه معجّلا ، وليس بمعتمد.

__________________

(١) الوسائل : ١٣ / ١٧٠ ، الباب ١١ من كتاب الصلح ، الحديث ١.

(٢) السرائر : ٢ / ٦٩.

(٣) في «أ» : منهما.

(٤) الوسائل : ١٣ / ١٧١ ، الباب ١٢ من كتاب الصلح ، الحديث ١.

١٧

٤٠٤٦. الثالث والثلاثون : لو صالح الوصيّ المدّعي (١) على الميّت بغير بيّنة ، قال ابن الجنيد : بطل الصلح ، والوجه تقييده بانتفاء المصلحة. ولو كان لليتيم مال وبه بيّنة ، فصالح عنه وصيّه ، قال : لا يصحّ الصلح بالبعض ، ولو لم تكن بيّنة ، جاز الصلح. قال : ولو وجد الوصيّ ، أو اليتيم بيّنة بحقّه (٢) انتقض الصلح (٣) وهو أشكل من الأوّل.

وقد بقي في الصلح مسائل تتعلّق بالأملاك وأشباهها ، تذكر في كتاب إحياء الموات إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) في «أ» : للمدّعي.

(٢) في «أ» : بحق.

(٣) نقله عنه المصنف أيضا في المختلف : ٦ / ١٨٢.

١٨

كتاب الوكالة

١٩
٢٠