تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

كذا ، فجاء رجل بسبي أو برأس ، فله النفل.

ولو جاء برأس فقيل : انّه كان ميّتا ، فقال : أنا قتلته ، ففي القبول مع اليمين نظر ، ولو لم يعلم رأس مسلم أو كافر ، لم يستحقّ النفل.

ولو جاء آخر وادّعى انّه القاتل ، فالقول قول الآتي [به] (١) مع اليمين ، فلو نكل لم يعط النفل ، وهل يستحقّه المدعي؟ فيه إشكال.

٢٧٨٨. السابع عشر : لو قال : من دخل من باب هذه المدينة أو الحصن فله ألف درهم ، فاقتحم قوم من المسلمين فدخلوها ، استحقّ كلّ واحد منهم ألفا ، سواء ترتّبوا أو اجتمعوا.

ولو قال : من دخل فله الربع ، فدخل عشرة ، استحقوا بأجمعهم الربع.

ولو قال : من دخل فله جارية ، فدخلها جماعة ، وليس هناك سوى جارية واحدة ، فلكلّ واحد قيمة جارية وسط ، ولو قال : جارية من جوارهم ، كان لهم ما وجد لا غير.

ولو قال : من دخل أوّلا فله ثلاثة ، ومن دخل ثانيا فله اثنان ، ومن دخل ثالثا فله واحد ، فدخلوا على التعاقب ، كان لهم ما سمّاه ، ولو دخلوا دفعة بطل نفل الأوّل والثاني ، وكان لهم جميعا نفل الثالث.

ولو قال : من دخل منكم خامسا فله درهم ، فدخل خمسة معا ، استحق كل واحد النفل ، ولو دخلوا على التعاقب استحق الأخير خاصّة.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منّا لتتميم العبارة.

١٨١

المطلب الثاني : في السلب

وفيه ستة عشر بحثا :

٢٧٨٩. الأوّل : يجوز للإمام أن يجعل للقاتل سلب المقتول ، فيختصّ به مع الشرط ، ولو لم يشترط الإمام لم يستحقّه على الخصوص ، واختار ابن الجنيد تخصيص القاتل به وان لم يشترط الإمام (١).

٢٧٩٠. الثاني : إذا اشترط الإمام السلب للقاتل ، جاز له أخذه وإن لم يأذن الإمام ، ويستحبّ له استيذانه.

٢٧٩١. الثالث : يشترط في استحقاق السلب كون المقتول من المقاتلة الّذين يجوز قتلهم ، فلو قتل امرأة أو صبيّا أو شيخا فانيا ونحوهم ممّن لا يقاتل ، لم يستحقّ سلبه ، ولو قتل أحد هؤلاء وهو مقاتل ، استحقّ.

٢٧٩٢. الرابع : يشترط أيضا كون المقتول ممتنعا ، فلو قتل أسيرا له أو لغيره أو من اثخن له بالجراح وعجز عن المقاومة لم يستحقّ سلبه.

ولو قطع يدي رجل ورجليه ، وقتله آخر ، فالسلب للقاطع ، ولو قطع يديه أو رجليه ، ثمّ قتله آخر ، قال الشيخ : السلب للقاتل لا للقاطع (٢).

ولو عانق رجل رجلا ، فقتله آخر ، فالسلب للقاتل ، ولو كان الكافر مقبلا على رجل يقاتله ، فجاء آخر من ورائه فقتله ، فالسلب للقاتل.

__________________

(١) نقله عنه المصنف في المختلف : ٤ / ٤١٧.

(٢) المبسوط : ٢ / ٦٧.

١٨٢

٢٧٩٣. الخامس : يشترط في استحقاق السلب أيضا القتل أو الإثخان بالجراح(١) بحيث يجعله معطّلا في حكم المقتول ، ولو أسر رجلا لم يستحقّ سلبه وإن قتله الإمام.

٢٧٩٤. السادس : يشترط أن يغرّر القاتل بنفسه في قتله بأن يبارز إلى صفّ المشركين أو إلى مبارزة من يبارزهم ، فلو لم يغرّر بنفسه ، بل رمى سهما في صفّ المشركين من صفّ المسلمين فقتل ، لم يستحقّ سلبه.

ولو حمل جماعة من المسلمين على مشرك فقتلوه ، فالسلب في الغنيمة ، ولو اشترك في قتله اثنان ، مثل أن جرحاه فمات ، أو ضرباه فقتلاه ، كان السلب لهما وإن كان أحدهما أبلغ في ضربه ، على إشكال.

٢٧٩٥. السابع : يشترط أيضا أن يقتله والحرب قائمة ، سواء قتله مقبلا أو مدبرا ، ولو انهزم المشركون فقتله ، لم يستحقّ السلب.

٢٧٩٦. الثامن : يشترط كون القاتل ذا نصيب من الغنيمة إمّا سهم أو رضخ ، ولو لم يكن له نصيب لارتياب به بأن يكون مخذلا (٢) ، أو معينا على المسلمين ، أو مرجفا لم يستحق السلب ، وإن كان لنقص فيه كالمرأة والمجنون ، فالوجه استحقاق السلب. والصبيّ يستحقّ السلب ، وكذا العبد والمرأة والكافر.

أمّا العاصي بالقتال ، كمن يدخل بغير إذن الإمام ، أو يمنعه أبواه مع عدم تعيّنه عليه ، فانّه لا يستحقّ السلب ، والعبد إذا قتل قتيلا استحق سلبه

__________________

(١) في مجمع البحرين : أثخنته الجراحة : أي أثقلته.

(٢) وفي المبسوط : فإن كان لا سهم له ، إمّا بأن يكون كافرا أو لارتياب فيه كالمخذل مثل عبد الله ابن أبيّ ... المبسوط : ٢ / ٦٦.

١٨٣

مولاه ، ولو خرج من غير إذنه ، فالأقرب استحقاق مولاه أيضا.

٢٧٩٧. التاسع : اختلف علماؤنا في السلب ، فقيل : يجب فيه الخمس ، وقيل :

لا يجب (١) ، وهو جيّد (٢).

٢٧٩٨. العاشر : السلب يستحقّه القاتل من أصل الغنيمة لا من خمس الخمس.

٢٧٩٩. الحادي عشر : إذا نفل أحد أو استحقّ التنفيل بفعل ما قوطع عليه خمّس عليه.

٢٨٠٠. الثاني عشر : النفل يستحقه المجعول له زائدا عن السهم الراتب له ، ولا يتقدّر بقدر ، بل هو موكول إلى الإمام ، قلّ أو كثر ، والنفل يكون إمّا بأن يبذل الإمام (٣) من سهم نفسه من الأنفال ، أو يجعله من جملة الغنيمة ، فلو جعل الإمام نفلا لمن ينتدب إلى فعل مصلحة ، فتبرّع قوم بتلك المصلحة ، لم يكن للإمام أن ينفل ، وكذا لو وجد من يفعل ذلك بنفل أقلّ.

٢٨٠١. الثالث عشر : المنفصل عن المشرك كالرّحل والعبد (٤) والدوابّ الّتي عليها أحمال المشرك والسلاح الّذي ليس معه ، غنيمة لا سلب.

__________________

(١) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٢ / ٦٦.

(٢) قال المصنف في التذكرة : اختلف علماؤنا في السلب هل يخمس أم لا على قولين : احدهما يجب فيه الخمس ، وبه قال ابن عباس والأوزاعي ومكحول ، والثاني لا يجب ، وهو قوي. تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٣٨ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٣) في «أ» : بأن ينفل الإمام.

(٤) في «ب» : العبيد.

١٨٤

والمتّصل به إن احتاج إليه في القتال ، كالثياب ، والعمامة ، والدرع ، والسلاح ، كالسيف ، فهو سلب ، وإن لم يحتج إليه كالخاتم ، والمنطقة (١) ، والهميان الّذي للنفقة ، والتاج ، والسوار ، فقد تردّد الشيخ فيه ، وقوى كونه سلبا (٢).

والدابة الّتي يركبها من السلب ، سواء كان راكبا لها أو نازلا عنها إذا كانت بيده ، وجميع ما على الدابّة من سرج ولجام وجميع آلاتها ، والحلية الّتي على الآلات سلب.

وانّما تكون الدابة سلبا لو كان راكبا عليها أو في يده ، ولو كانت في منزله أو مع غيره أو منفصلة لم تكن سلبا. ولو كان ماسكا بعنانها فهي سلب.

والجنيب الّذي يساق خلفه ليس من السلب ، ولو كان بيده قال ابن الجنيد : يكون سلبا (٣).

٢٨٠٢. الرابع عشر : يجوز سلب القتلى وتركهم عراة ، ويكره تجريدهم : ولم يأخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام سلبا عند مباشرته الحرب.

٢٨٠٣. الخامس عشر : يفتقر مدّعي السلب إلى بيّنة بالقتل ، والأقرب الاكتفاء بشاهد واحد.

٢٨٠٤. السادس عشر : لو قال الإمام : من أخذ شيئا (٤) فهو له ، جاز.

__________________

(١) في مجمع البحرين : المنطق ـ كمنبر : ما يشدّ به الوسط.

(٢) المبسوط : ٢ / ٦٧.

(٣) نقله عنه المصنف أيضا في التذكرة : ١ / ٤٣٨ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٤) في «أ» : من أخذ شيئا سلبا.

١٨٥

المطلب الثالث : في الرضخ

وفيه تسعة أبحاث :

٢٨٠٥. الأوّل : لا يسهم للنساء من الغنيمة ، بل يرضخ لهنّ وإن احتيج إليهنّ للطبخ والمداراة ، ومعناه أن تعطى شيئا من الغنيمة يقصر عن السهم بحسب ما يراه الإمام.

٢٨٠٦. الثاني : العبيد لا يسهم لهم بل يرضخ لهم الإمام بحسب ما يراه وإن جاهدوا ، ولا فرق بين العبد المأذون وغيره في عدم الإسهام.

وقال ابن جنيد : يسهم للمأذون (١) ، وإن كره مولاه الغزو لم يرضخ له أيضا ، ولو عرف منه الإباحة استحقّ الرضخ كالمأذون ، والمدبّر والمكاتب كالقنّ. ولو اعتق (٢) العبد قبل تقضّي الحرب اسهم للسيد.

ولو قتل سيّد المدبّر قبل تقضّي الحرب ، وهو يخرج من الثلث ، عتق واسهم له إذا كان حاضرا ، ومن انعتق نصفه قيل يرضخ له بقدر الرقيّة ، ويسهم له بقدر الحريّة. وقيل : يرضخ له.

٢٨٠٧. الثالث : الخنثى المشكل يرضخ له ، وقيل : له نصف سهم ونصف الرضخ ، ولو انكشف حاله ، وعلمت رجوليّته أتمّ (٣) له سهم الرجل سواء انكشف قبل تقضّي الحرب أو بعده ، وقبل القسمة أو بعدها ، على إشكال.

__________________

(١) نقله عنه المصنّف أيضا في التذكرة : ١ / ٤٣٩ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٢) في «أ» : ولو عتق.

(٣) في «ب» : «أسهم» بدل «أتمّ».

١٨٦

٢٨٠٨. الرابع : الصبيّ يسهم له إذا حضر الحرب ، سواء كان من أهل القتال أو لم يكن حتّى انّه لو ولد بعد الحيازة قبل القسمة أسهم كالرجل المقاتل ، ولو ولد بعد القسمة لم يسهم له.

٢٨٠٩. الخامس : الكافر لا سهم له بل يرضخ له الإمام ما يراه ، وانّما يستحقّ سهم المؤلّفة أو الرضخ إذا خرج إلى القتال بإذن الإمام.

ويجوز الاستعانة في الجهاد بالمشركين بشرط أن يكون حسن الرأي في المسلمين مأمون الضرر.

وليس للرضخ قدر معيّن بل هو موكول إلى نظر الإمام لكن لا يبلغ للفارس سهم الفارس ولا للراجل سهم الراجل ، وينبغي تفضيل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم وكثرة النفع بهم.

٢٨١٠. السادس : الرضخ يكون من أصل الغنيمة لا من أربعة الأخماس ، ولا من سهم المصالح ، ولو أعطاهم الإمام ذلك من ماله من الأنفال وحصّة من الخمس ، جاز ذلك.

٢٨١١. السابع : يجوز للإمام أن يستأجر أهل الذمة للقتال ، ولا يبيّن المدّة ، فان لم يكن قتال لم يستحقّوا شيئا ، وإن كان وقاتلوا استحقّوا الأجرة ، وإن لم يقاتلوا فالأقرب عدم الاستحقاق.

ولو زادت الأجرة على سهم الراجل والفارس ، احتمل أن يعطى ما يكون رضخا من الغنيمة وما زاد من سهم المصالح ، واحتمل دفع ذلك كلّه من الغنيمة ، وهو الأقوى عندي.

١٨٧

٢٨١٢. الثامن : لو غزا المرجف أو المخذل لم يسهم له وإن كان ذا فرس ، ولا لفرسه.

ولو غزا رجل بغير إذن الإمام ، أخطأ وسهمه من الغنيمة للإمام ، ولو غزا بغير إذن أبويه أو بغير إذن من له الدين استحقّ السهم.

٢٨١٣. التاسع : قال الشيخ : ليس للأعراب من الغنيمة شي‌ء وإن قاتلوا مع المهاجرين ، بل يرضخ لهم الإمام ما يراه (١) ونعني بالأعراب من أظهر الإسلام ولم يصفه وصولح على أعقابه عن المهاجرة وترك النصيب. قال : ويجوز أن يعطهم من سهم ابن السبيل من صدقة (٢) وأوجب ابن إدريس لهم النصيب (٣) وفيه قوّة.

المطلب الرابع : في كيفيّة القسمة

وفيه ثلاثة وعشرون بحثا :

٢٨١٤. الأوّل : أوّل ما يبدأ الإمام يدفع (٤) السلب إلى من جعله له ، ثمّ يخرج من الغنيمة أجرة الحمال والحافظ والناقل والراعي وكلّ ما تحتاج إليه الغنيمة من النفقة مدة بقائها ، ثمّ يخرج الرضخ ، ثمّ يقسم ، فيفرد (٥) الخمس لأهله ، ويقسّم أربعة الأخماس الباقية بين الغانمين ، ويقدّم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس لحضورهم وغيبة أولئك.

٢٨١٥. الثاني : للإمام أن يصطفي من الغنيمة ما يختاره من فرس جواد أو

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٢ / ٧٤ ؛ والنهاية : ٢٩٩.

(٣) السرائر : ٢ / ٢١.

(٤) كذا في النسختين والأصحّ «بدفع».

(٥) كذا في النسختين ولعلّ الأولى «فيفرز».

١٨٨

ثوب مرتفع أو جارية حسناء أو سيف قاطع وغير ذلك ما لم يضرّ بالعسكر.

ولم يبطل الاصطفاء بموت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل هو ثابت للإمام بعده ، وهل هو قبل الخمس أو بعده؟ قولان.

٢٨١٦. الثالث : إذا أخرج الإمام ما ذكرناه ، قسّم الباقي بين الغانمين ممّا ينقل ويحول ، لا يشرك غيرهم فيه ، وأمّا الأرضون والعقارات فهي للمسلمين قاطبة. (١)

ويقسّم ما ينقل ويحول بين الغانمين ، للراجل سهم واحد وللفارس سهمان. وقال ابن الجنيد : له ثلاثة أسهم. وهو رواية (٢) لنا.

ولو كان معه أفراس جماعة ، كان له سهم ولأفراسه سهمان وإن تعدّدت.

ولو غزا العبد بإذن مولاه على فرسه رضخ للعبد وأسهم للفرس ، وكان الجميع للمولى ، ولو كان معه فرسان رضخ له وأسهم لفرسين ، سواء حضر السيّد القتال أو لا.

ولو غزا الصبيّ على فرس أسهم له ولفرسه ، ولو غزت المرأة أو الكافر ، فالأقرب انّهما يرضخان أزيد من رضخ الراجل من صنفهما وأقلّ من سهم الفارس.

ولو غزا المرجف أو المخذل على فرس لم يسهم له ولا لفرسه.

٢٨١٧. الرابع : إذا استعار فرسا ليغزوا عليه ، ففعل ، أسهم له وللفرس ، ويكون

__________________

(١) نقله عنه المصنف أيضا في المختلف : ٤ / ٤١٨ ؛ والتذكرة : ١ / ٤٣٩ ـ من الطبع القديم ـ.

(٢) رواها اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام : انّ عليّا عليه‌السلام كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما. التهذيب : ٦ / ١٤٧ برقم ٢٥٧.

١٨٩

سهم الفرس للمستعير ، ولو استعاره لغير الغزو فغزا عليه ، استحقّ السهم له ، وأمّا سهم الفرس فكالمغصوب.

ولو استاجره ليغزو عليه ، فسهم الفرس للمستأجر ، ولو استاجره لغير الغزو فغزا عليه فكالمغصوب.

ولو غصب فرسا ، فقاتل عليه ، لم يسهم للغاصب إلّا عن نفسه ، وصاحب الفرس إن كان حاضرا كان سهم الفرس له ، وإلّا فلا شي‌ء للفرس (١) ، وعلى الغاصب أجرة المثل ، سواء كان صاحبه حاضرا أو غائبا.

ولو كان الغاصب لا يسهم لهم كالمرجف ، كان سهم الفرس لصاحبه مع الحضور ، وإلّا فلا شي‌ء له ، وكذا لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس مولاه.

٢٨١٨. الخامس : لو غزا جماعة بالتناوب على فرس واحد ، قال ابن الجنيد : يعطى كلّ واحد سهم راجل ، ثمّ يفرق بينهم سهم فرس واحدة (٢) وهو جيّد.

٢٨١٩. السادس : يستحقّ السهم الثاني بالفرس ، سواء كان عتيقا (٣) أو برذونا أو مقرفا أو هجينا ، سواء ادركت ادراك العراب أو لا. قال الشيخ : ويسهم للحطم والقحم والضرع (والعجم) (٤) والاعجف والرازح (٥).

__________________

(١) في «ب» : فلا شي‌ء عليه للفرس.

(٢) نقله عنه المصنف أيضا في التذكرة : ١ / ٤٤٠ ـ من الطبع القديم ـ.

(٣) العتيق هو الّذي أبواه عتيقان عربيّان كريمان والبرذون هو الّذي أبواه أعجميّان ، والمقرف هو الّذي أبوه برذون وأمّه عتيقة ، والهجين هو عكس المقرف ، لاحظ تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٤٠ ـ الطبعة الحجرية ـ. وفيها «عكس البرذون» وما أثبتناه هو الصحيح.

(٤) ما بين القوسين ليس في المصدر ، وهو موجود في نسخة «أ».

(٥) المبسوط : ٢ / ٧١ ، وفيه : الحطم هو الّذي يكسر ، والقحم هو الكبير الّذي لا يمكن القتال عليه لكبر سنّه وهرمه ، والضرع هو الّذي لا يمكن القتال عليه لصغره ، والأعجف هو المهزول ، والرازح هو الّذي لا حراك به.

١٩٠

ومنع ابن الجنيد من إسهام ذلك كلّه. وهو حسن.

٢٨٢٠. السابع : المريض يسهم له ، ان لم يخرج بمرضه عن كونه من أهل الجهاد كالمحموم وصاحب الصراع ، ولو خرج به عن كونه من أهل الجهاد ، قال الشيخ : يسهم له عندنا (١) كالزمن والأشل ، ولو نكس الفرس بصاحبه في حملته أو مبارزته أو سربه (٢) أسهم له ، ولم يمنع بذلك من الإسهام.

ولو استاجر [أجيرا] للحرب ثمّ دخلا معا دار الحرب أسهم للأجير والمستاجر ، سواء كانت الإجارة في الذمّة أو معيّنة ، ويستحق الأجير مع ذلك الأجرة ، ولو لم يحضر المستأجر استحقّ الموجر السهم والأجرة.

٢٨٢١. الثامن : الاعتبار بكونه فارسا وقت الحيازة للغنائم لا بدخوله المعركة ، فلو ذهب فرسه قبل تقضّي الحرب لم يسهم لفرسه ، ولو دخل راجلا فاحرزت الغنيمة وهو فارس ، فله سهم فارس.

٢٨٢٢. التاسع : من مات من الغزاة أو قتل ، فإن كان قبل إحراز الغنيمة وتقضّي القتال ، فلا سهم له ، وإن كان بعده ، فسهمه لورثته.

٢٨٢٣. العاشر : لا يجوز تفضيل بعض الغانمين في القسمة على بعض ، بل تقسّم الغنيمة للفارس سهمان ، وللراجل سهم ، ولذي الأفراس ثلاثة ، (٣) سواء حاربوا أو لا ، إذا حضروا للحرب ، لا للإرجاف والتخذيل. ولا يفضل أحد لشرفه ولا لشدّة بلائه وكثرة حربه ، ولا يعطى من لم يحضر الوقعة

__________________

(١) الخلاف : ٤ / ٢٠٥ ، المسألة ٣٠ من كتاب الغنائم ؛ والمبسوط : ٢ / ٧١.

(٢) السّرب : الطريق. مجمع البحرين.

(٣) فلا يزيد السهم بزيادة الفرس على اثنين.

١٩١

ولا القسمة ، وليس للإمام أن يقول : من أخذ شيئا فهو له.

٢٨٢٤. الحادي عشر : الغنيمة تستحقّ بالحضور قبل القسمة ، فلو غنم المسلمون ثمّ لحق بهم مدد ، فإن كان قبل تقضّي الحرب أسهم لهم إجماعا ، وإن كان بعد القسمة لم يسهم لهم إجماعا ، وإن كان بعد تقضّي الحرب واحراز الغنيمة قبل القسمة ، أسهم لهم عندنا.

ولو لحق الأسير المسلمين بعد تقضّي الحرب وقسمة الغنيمة ، لم يسهم له ، وإن لحق قبل انقضاء الحرب فحارب مع المسلمين استحقّ السهم ، وإن لم يقاتل أسهم له ، وكذا لو لحقهم بعد الانقضاء قبل القسمة.

ولو دخل تاجر مع المجاهدين دار الحرب كالبزاز والخياط والبيطار والخباز والشواء وغيرهم من أتباع العسكر فإن قصدوا الجهاد مع التجارة أسهم لهم ، وكذا إن جاهدوا ولم يقصدوا ، ولو لم يقصدوا ولم يجاهدوا لم يسهم لهم ، ولو لم يعلم لأيّ شي‌ء حضروا ، فالظاهر انّه يسهم لهم.

٢٨٢٥. الثاني عشر : إذا خرج الجيش من بلد غازيا ، فبعث الإمام منه سريّة فغنمت شاركها الجيش ، وكذا لو غنم الجيش شاركهم السريّة ، ولو بعث منه سريّتين إلى جهة واحدة فغنمتا اشترك الجيش والسّريّتان جميعا ، ولو بعثهما إلى جهتين فكذلك.

ولو بعث سريّة وهو مقيم ببلاد الإسلام فغنمت اختصّت بالغنيمة ، ولم يشاركهم أهل البلد ولا الإمام ولا جيشه ، وكذا لو بعث جيشا وهو مقيم ببلده.

ولو بعث سريّتين أو جيشين وهو مقيم ، فكلّ واحد منهما مختصّ بما غنمه.

١٩٢

ولو اجتمعت السريّتان أو الجيشان في موضع فغنما كانا جيشا واحدا.

ولو بعث الأمير رسولا لمصلحة الجيش أو دليلا أو جاسوسا ، لينظر عددهم وينقل أخبارهم ، فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ، اسهم له.

٢٨٢٦. الثالث عشر : قال ابن الجنيد (١) إذا وقع النفير (٢) ، فخرج أهل البلد متقاطرين ، فانهزم العدوّ ، وغنم أوائل المسلمين ، كان كلّ من خرج أو تهيأ للخروج أو اقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من العدوّ شركاء في الغنيمة ، وكذا لو حاصرهم العدوّ فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا وغنموه (٣) إذا كانوا مشتركين في المعونة والحفظ للمدينة.

ولو كان الذين هزموا العدوّ على ثمانية فراسخ من المدينة ، فقاتلوه وغنموه اختصّوا بالغنيمة.

٢٨٢٧. الرابع عشر : قال الشيخ : يستحبّ قسمة الغنيمة في أرض العدو ، ويكره تأخيرها إلّا لعذر من خوف المشركين أو قلّة علف أو انقطاع ميرة (٤). (٥)

وقال ابن الجنيد : الأولى أن لا يقسّم إلّا بعد الخروج من دار الحرب ، ويجوز فيها.

٢٨٢٨. الخامس عشر : لا ينبغي للإمام إقامة الحدّ في أرض العدو بل يؤخّره إلى دار الإسلام ، ولا يسقط الحدّ ، سواء كان هناك إمام أو نائبه أو لا. ولو رأى من

__________________

(١) نقله عنه المصنف أيضا في التذكرة : ١ / ٤٤٢ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٢) في «ب» : النفر.

(٣) كذا في النسختين ولكن في التذكرة : ظفروه وغنموه.

(٤) الميرة ـ بالكسر فالسكون ـ : طعام يجلبه الإنسان من بلد إلى بلد. مجمع البحرين.

(٥) المبسوط : ٢ / ٣٥.

١٩٣

المصلحة تقديمه في دار جاز ، سواء كان مستحق الحدّ أسيرا ، أو اسلم فيهم ولم يخرج إلينا ، أو خرج من عندنا لتجارة وغيرها.

ولو قتل مسلما اقتصّ منه في دار الحرب إن قتل عمدا ، ولا يسقط القصاص وإن لم يكن الإمام أو نائبه حاضرا.

٢٨٢٩. السادس عشر : المشركون لا يملكون أموال المسلمين بالاستغنام ، فإذا أغار المشركون على المسلمين ، فأخذوا ذراريهم وعبيدهم وأموالهم ، ثمّ ظفر بهم المسلمون ، فاستعادوا ما اخذ منهم ، فانّ أولادهم تردّ إليهم بالبيّنة ولا يسترقّون.

وأما العبيد والأموال فإن أقاموا البيّنة قبل القسمة ردّت عليهم ، ولا يغرم الإمام للمقاتلة شيئا. وإن أقاموها بعد القسمة ، فللشيخ قولان : أحدهما انّه يردّ على أربابه ، ويردّ الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال (١) والثاني انّه يكون للمقاتلة ويعطى الإمام أربابهما أثمانها (٢) والأوّل أحقّ ، ولو أخذ المال أحد الرعية بعوض أو غيره ، فصاحبه أحقّ به بغير شي‌ء.

٢٨٣٠. السابع عشر : لو أبق عبد المسلم فلحق بدار الحرب لم يملكوه ، ولو أسلم المشرك الّذي في يده مال المسلم أخذ منه بغير قيمة ، ولو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو اشتراه ثمّ أخرجه إلى دار الإسلام فصاحبه أحقّ به ولا قيمة عليه ، ولو أعتقه من هو في يده أو باعه أو تصرّف فيه بطل.

ولو غنم المسلمون من المشركين شيئا عليه علامة المسلمين ، ولم يعلم صاحبه ، فهو غنيمة ، ولا يوقف حتّى يجي‌ء صاحبه.

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٢٦.

(٢) النهاية : ٢٩٥.

١٩٤

ولو قال العبد في بلاد الشرك : أنا لفلان من بلاد الإسلام ، ففي قبول قوله نظر ، وكذا لو اعترف المشرك بما في يده لمسلم بعد الاستغنام ، ويقبل قبله. (١)

ولو كان المال الموجود في يد الكافر اخذ من مسلم وكان في يد المسلم مستأجرا أو مستعارا من مسلم ثمّ وجده المستاجر أو المستعير كان له المطالبة به قبل القسمة وبعدها.

ولو دخل حربيّ دار الإسلام بأمان ، فابتاع عبدا مسلما ، ثمّ لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون ، كان باقيا على ملك البائع ، ويردّ المسلم الثمن الّذي أخذه ، ولو تلف العبد كان للسيّد القيمة ، وعليه ردّ ثمنه ، ويرادّان الفضل.

ولو أسلم الحربيّ في دار الحرب وله مال أو عقار ، أو دخل مسلم دار الحرب واشترى منها عقارا ومالا ، ثم غزاهم المسلمون ، فظهروا على ماله وعقاره لم يملكوه ، وكان باقيا عليه إن كان ممّا ينقل ويحول ، وأمّا العقار فانّه غنيمة.

ولو أحرز المشركون جارية مسلم ، فوطئها المحرز ، ثمّ ظهر المسلمون عليها ، فهي وأولادها لمالكها ، ولو أسلم عليها المشرك لم يزل ملك صاحب الجارية عن أولادها (٢) إلّا أن يسلم ثمّ يطأها بعد الإسلام ظنّا انّه ملكها ، ثمّ يحمّل (٣) بعد الإسلام ، فانّ الولد يقوّم على الأب ويلزمه العقر (٤).

__________________

(١) أي يقبل قوله قبل الاستغنام.

(٢) في «أ» : عن أولاده. والجار متعلّق ب «لم يزل» أي لا يزول ملك صاحب الجارية عن أولادها فهم ملك له.

(٣) أي يجعلها حاملا بعد ما أسلم.

(٤) في مجمع البحرين : العقر ـ بالضم ـ هو دية فرج المرأة إذا غصبت على نفسها ، ثم كثر ذلك حتّى استعمل في المهر ، والعقر ما تعطاه المرأة على وطء الشبهة.

١٩٥

٢٨٣١. الثامن عشر : لو أسر الإمام قوما من أهل الكتاب ونسائهم وذراريهم فسألوه أن يعتقهم ونساءهم وذراريهم بإعطاء الجزية ، لم يكن له ذلك في النساء والذراري.

٢٨٣٢. التاسع عشر : من فرّ والمسلمون على الصف قبل القسمة ، لم يستحقّ الغنيمة ما لم يعد قبل القسمة ، ولو فرّوا بعد القسمة لم يزل ملكهم ، ولو فرّوا قبل القسمة وقالوا : كنّا متحرّفين لقتال أو متحيّزين إلى فئة ، فالوجه انّ لهم سهامهم فيما غنم قبل الفرار لا بعده ما لم يلحقوا القسمة.

٢٨٣٣. العشرون : إذا استاجر أجيرا لعمل في الذمة (١) كخياطة ثوب أو غيره ، فحضر الأجير الوقعة ، أسهم له ، وإن استاجره مدّة معلومة ، فحضر فيها بغير إذنه ، فالوجه انّه لا يستحقّ سهما إلا أن يتعيّن عليه فيملك السهم ، ولو استوجر (٢) للخدمة في الغزو أو آجر دوابّه له ، وخرج معها وشهد الوقعة ، استحقّ السهم ، ولو آجر نفسه لحفظ الغنيمة أو سوق الدوابّ الّتي من المغنم أو رعيها جاز وحلّت له الأجرة.

٢٨٣٤. الواحد والعشرون : لو دفع إلى الموجر فرسا ليغزو عليها لم يملكها الموجر بذلك.

٢٨٣٥. الثاني والعشرون : لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدوّ بإذنه ، لزمه دفع ما أدّاه المشتري إلى البائع من الثمن ، وإن كان بغير إذنه لم يجب ، ولو اتفقا على الإذن واختلفا في قدر الثمن فالقول قول الأسير.

__________________

(١) في «ب» : إذا استأجر أجيرا يعمل في الذمة.

(٢) في «أ» : ولو استأجر.

١٩٦

٢٨٣٦. الثالث والعشرون : أهل الحرب إذا استولوا على أهل الذمّة فسبوهم وأخذوا أموالهم ثمّ قدر عليهم المسلمون ، وجب ردّهم إلى ذمّتهم ولم يجز استرقاقهم ، وأموالهم بحكم أموال المسلمين ، إذا علم صاحبها قبل القسمة ردت إليه (١) ، وإن كان بعد القسمة فعلى ما تقدم من الخلاف ، وهل يجب فداؤهم؟ فيه نظر.

ويجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة.

المطلب الخامس : في أقسام الغزاة

وفيه ثمانية مباحث :

٢٨٣٧. الأوّل : الغزاة ضربان :

المطوّعة ، وهم الذين إذا نشطوا غزوا ، وإذا لم ينشطوا اشتغلوا بمعايشهم ، فهؤلاء لهم سهم في الصدقات ، وإذا غنموا في دار الحرب شاركوا الغانمين وأسهم لهم.

الثاني : الذين أرصدوا أنفسهم للجهاد ، فلهم من الغنيمة أربعة الأخماس ، ويجوز أن يعطوا من الصدقة من سهم ابن السبيل.

٢٨٣٨. الثاني : ينبغي للإمام أن يتخذ الديوان ، وهو الدفتر الّذي فيه أسماء القبائل قبيلة قبيلة ، ويكتب عطاياهم ، ويجعل لكلّ قبيلة عريفا ، ويجعل لهم علامة بينهم ، ويعقد لهم ألوية.

٢٨٣٩. الثالث: إذا أراد الإمام القسمة عليهم، قدّم الأقرب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) في «أ» : ردّت عليه.

١٩٧

فالأقرب ، فإن استووا قدّم أقدمهم هجرة ، فإن استووا قدّم الأسنّ ، فإذا فرغ من عطاياهم بدأ بالأنصار ، فإذا فرغ منهم بدأ بالعرب ، فإذا فرغ قسّم على العجم ، هذا كله مستحبّ لا واجب.

٢٨٤٠. الرابع : قال الشيخ : ذريّة المجاهدين إذا كانوا أحياء يعطون على ما تقدّم ، فإذا مات المجاهد أو قتل وله ذريّة وامرأة ، أعطوا من بيت المال كفايتهم لا من الغنيمة ، فإذا بلغوا فإن أرصدوا أنفسهم للجهاد كانوا بحكمهم (١).

٢٨٤١. الخامس : يحصي الإمام المقاتلة وهم البالغون ، ويحصي الفرسان والرجّالة (٢) والذريّة والنساء ليعلم قدر الكفاية ، ويقسّم في السنة مرّة ، ويعطي المولود ، ويحتسب مئونته من كفاية أبيه إلّا انّه يفرد بالعطاء وكلّما زادت سنّه زاد في عطاء أبيه ، ويعطي كلّ قوم قدر كفايتهم بالنسبة إلى بلدهم.

ويجوز تفضيل بعضهم من سبيل الله وابن السبيل لا من الغنيمة.

٢٨٤٢. السادس : إذا مرض واحد من أهل الجهاد مرضا يرجى زواله لم يسقط عطاؤه ، وإلّا كان حكمه حكم الذريّة بعد موت المجاهد ، ولو مات المجاهد بعد الحول طالب ورثته بالسهم (٣).

٢٨٤٣. السابع : ما يحتاج الكراع وآلات الحرب إليه يؤخذ من بيت المال من أموال المصالح ، وكذلك رزق الحكّام والولاة ، والمصالح يخرج من ارتفاع الأراضي المفتوحة عنوة ومن سهم سبيل الله ، ومن جملة ذلك ما يلزمه فيما

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ٧٣.

(٢) جمع الراجل.

(٣) في «ب» : طالب ذريّته بالسهم.

١٩٨

يخصّه من الأنفال والفي‌ء وهو جنايات من لا عقل له ودية من لا يعرف قاتله وغير ذلك ممّا نقول انّه يلزم من بيت المال.

٢٨٤٤. الثامن : إذا أهدى المشرك إلى الإمام أو إلى رجل من المسلمين هدية والحرب قائمة ، فالأقرب اختصاص المهدى بها ، ولا يكون غنيمة.

الفصل السادس : في أحكام أهل الذمّة

وفيه مطالب :

[المطلب] الأوّل : في وجوب الجزية ومن يؤخذ منه

وفيه سبعة عشر بحثا :

٢٨٤٥. الأوّل : الجزية واجبة بالنصّ (١) والإجماع ، وتعقد لكلّ كتابيّ عاقل بالغ ذكر ، ونعني بالكتابي من له كتاب حقيقة ، وهم اليهود والنصارى ، ومن له شبهة كتاب وهم المجوس ، فتؤخذ الجزية من هؤلاء الثلاثة ، سواء كانوا من المبدّلين أو غير المبدّلين (٢) وسواء كانوا عربا أو عجما.

وتؤخذ ممّن دخل في دينهم من الكفّار إن كانوا دخلوا قبل النسخ

__________________

(١) قال الله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ... حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) التوبة : آية ٢٩.

(٢) في المبسوط : ٢ / ٣٦ «المبذلين» باعجام الدال وهو تصحيف.

١٩٩

والتبديل ومن نسله (١) وذراريه ، ويقرّون بالجزية ولو ولدوا بعد النسخ وإن دخلوا في دينهم بعد النسخ ، لم يقبل منهم إلّا الإسلام ، ولا فرق بين أن يكون المنتقل ابن كتابيّين أو وثنيّين أو ابن كتابي ووثنيّ في التفصيل الّذي ذكرناه.

ولو ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية والآخر لا تقبل ففي قبول الجزية منه تردّد.

٢٨٤٦. الثاني : المجوس تؤخذ منه الجزية مثل اليهود والنصارى.

٢٨٤٧. الثالث : لا تؤخذ من غير أصناف الثلاثة جزية ، ولا يقبل منهم إلّا الإسلام من ساير أصناف الكفّار ، ولو بذلوها لم تقبل وإن لم يكونوا عربا ولم يكونوا من عبّاد الأوثان من العرب أو لم يكونوا من مشركي قريش ، سواء كان لهم كتاب كمصحف إبراهيم وصحف آدم وإدريس أو لم يكن.

٢٨٤٨. الرابع : قال ابن الجنيد : انّ الصابئين تؤخذ منهم الجزية لأنّهم من أهل الكتاب وانّما يخالفونهم في فروع المسائل لا في الأصول ، وقيل : انّهم من اليهود وكذا السامرة (٢).

٢٨٤٩. الخامس : تؤخذ الجزية من جميع النصارى من اليعقوبية (٣)

__________________

(١) في «ب» : أو من نسله.

(٢) أي يؤخذ عنهم الجزية «لاحظ التذكرة : ١ / ٤٤٥ ـ الطبعة الحجرية ـ وليعلم ان الكلام في الصابئين ذو شجون فليطلب من محلّه.

(٣) هم فرقة من النصارى ، ينسبون إلى يعقوب البرذعاني ، كان راهبا بالقسطنطينية ، ويعتقدون بالأقانيم الثلاثة ، إلّا انّهم قالوا : انقلبت الكلمة لحما ودما فصار الإله هو المسيح ، وهو الظاهر بجسده ، بل هو هو. لاحظ الملل والنحل : ٢ / ٢٥٣.

٢٠٠