تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-6243-66-5
ISBN الدورة:
964-6243-91-6

الصفحات: ٦٠١

الأسر فالأولى أن يقاتل حتّى يقتل ، ولا يسلّم نفسه للأسر.

٢٦٩٤. الحادي عشر : لو زاد المشركون على الضعف من المسلمين ، لم يجب الثبات إجماعا ، ولو غلب على ظن المسلمين الظفر ، استحبّ الثبات ولا يجب. ولو غلب على ظنّه العطب (١) قيل : يجب الانصراف إذا أمنوا معه ، وقيل : لا يجب. (٢) وهو حسن.

وكذا القول فيمن قصده رجل ، فغلب في ظنّه أنّه إن ثبت له قتله ، فعليه الهرب ، ولو غلب الهلاك في الانصراف والثبات ، فالأولى لهم الثبات ، وفي وجوبه إشكال.

٢٦٩٥. الثاني عشر : لو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات ، وقيل : يجب.

٢٦٩٦. الثالث عشر : لو قدم العدوّ إلى بلد ، جاز لأهله التحصين منهم وإن كانوا أزيد من النصف ليلحقهم (٣) المدد والنجدة ، ولو لقوهم خارج الحصن ، جاز التحيّز إلى الحصن ، وذهاب الدابة ليس عذرا في جواز الفرار.

ولو تحيّزوا إلى جبل ليقاتلوا فيه ، وهم رجّالة جاز ، ولو تلف سلاحهم فالتجئوا (٤) إلى مكان يمكنهم القتال فيه بالحجارة والتستّر بالشجر ونحوه ، جاز ، ولو ولّوا حينئذ لا بنيّة القتال بالحجارة والخشب ، (٥) فالأقرب عدم الإثم.

ولو ألقى الكفّار نارا في سفينة فيها مسلمون ، فاشتعلت ، فان غلب ظنّ

__________________

(١) في «ب» : ولو غلب ظنّ العطب.

(٢) لاحظ المبسوط : ٢ / ١٠.

(٣) في «أ» : ليلتحقهم.

(٤) في «ب» : والتجئوا.

(٥) بل لصيانة أنفسهم :

١٤١

سلامتهم بالمقام أقاموا ، وإن غلب بالإلقاء في الماء ألقوا أنفسهم ، وإن استوى الأمران ، فالوجه التخيير.

٢٦٩٧. الرابع عشر : ينبغي للإمام أن يوصي الأمير بتقوى الله ، والرفق بالمسلمين ، وأن لا يحملهم على مهلكة ، ولا يكلّفهم نقب حصن يخاف من سقوطه عليهم ولا دخول مطمورة (١) يخشى من قتلهم تحتها ، فإن فعل شيئا من ذلك أساء واستغفر الله ، ولا كفّارة عليه ولا دية.

٢٦٩٨. الخامس عشر : إذا نزل الإمام على بلد ، جاز له محاصرته بمنع السابلة دخولا وخروجا ، وأن ينصب عليهم المنجنيق ، ويرميهم بالحجارة ، ويهدم الحيطان والحصون والقلاع وإن كان فيهم نساء أو صبيان للضرورة ، ولو لم يحتج إلى ذلك فالأولى تركه ، ولو فعله جاز.

ولو كان فيهم أسارى مسلمون ، وخاف الإمام إن رموهم على الأسارى جاز رميهم ، ويجوز إلقاء النار إليهم وقذفهم بها ، ورميهم بالنفط مع الحاجة ، ويكره لا معها.

ويجوز قتالهم بجميع أسباب القتل ، من رمي الحيّات القواتل والعقارب ، وكلّ ما فيه ضرر عظيم ، وتغريقهم بالماء وفتح الأنهار عليهم ، ويكره مع القدرة بغيره.

وهل يجوز إلقاء السمّ في بلادهم؟ الأولى الكراهية.

٢٦٩٩. السادس عشر : يكره قطع الشجر والنخل ، ولو احتيج جاز ،

__________________

(١) المطمورة : حفيرة تحت الأرض أو مكان تحت الأرض قد هيئ خفيا. لسان العرب (طمر).

١٤٢

وتبييت العدوّ ليلا ، وانما يقاتلون بالنهار ، ولو احتيج جاز.

ويستحبّ القتال بعد الزوال ، ولو اقتضت المصلحة تقديمه جاز ، ولا ينبغي قتل دوابّهم في غير حال الحرب لمغايظتهم والإفساد عليهم سواء خفنا أخذهم لها أو لم يخف ، ويجوز في حال الحرب قتل دوابّهم ، وكذا يجوز عقرها للأكل مع الحاجة ، سواء كان مما لا يتخذ إلّا للأكل كالدجاج ، أو يحتاج إليه للقتال كالخيل ، أو لا يحتاج إليه في القتال كالبقر والغنم.

٢٧٠٠. السابع عشر : لو تترّس الكفّار بنسائهم وصبيانهم ، فإن كانت الحرب ملتحمة ، جاز قتالهم ، ولا يقصد قتل الصبيّ ولا المرأة ، وإن لم تكن ملتحمة بل كان الكفّار متحصّنين في حصن أو من وراء خندق كافّين عن القتال ، قال الشيخ :

يجوز رميهم. والأولى تجنّبهم (١).

ولو تترّسوا بمسلم فإن لم تكن الحرب قائمة لم يجز الرمي ، وكذا لو أمكنت القدرة عليهم بدون الرمي ، أو أمن شرّهم ، فإن خالفوا ورموهم ، وجب القود بقتل المسلم مع العمد والكفّارة ، وإلّا فالدية على العاقلة مع الخطأ والكفّارة عليه ، وإن كانت الحرب قائمة جاز رميهم ، ويقصد بالرمي المشركين ، هذا إذا خيف منهم لو تركوا ، ولو لم يخف لكن لا يقدر عليهم إلّا بالرّمي فالوجه الجواز.

٢٧٠١. الثامن عشر : لو رمى فأصاب مسلما ، ولم يعلم انّه مسلم ، والحرب قائمة ، فلا دية ، ولو علمه مسلما ورمى قاصدا للمشركين ولم يمكنه التوقّي فقتله فلا قود ولا دية ، وهل تجب الكفّارة فيهما؟ نصّ الشيخ على وجوبها (٢).

__________________

(١) و (٢) المبسوط : ٢ / ١٢.

١٤٣

٢٧٠٢. التاسع عشر : لا يجوز قتل صبيان المشركين ولا نسائهم ولا المجانين ، وإن قاتلت المرأة أو أسرت إلّا مع الضرورة ، ولو وقعت امرأة في صفّ الكفّار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشّفت لهم جاز رميها.

٢٧٠٣. العشرون : الشيخ من أهل الحرب إن كان له رأي وقتال ، أو قتال خاصّة أو رأي خاصّة قتل ، ولو لم يكن له قتال ولا رأي لم يجز قتله ، وكذا الرهبان وأصحاب الصوامع ، والأولى إلحاق الزمن والأعمى بالشيخ الفاني ، أمّا العبيد فإن قاتلوا مع ساداتهم قتلوا ، وإلّا فلا ، ولو قاتل من ذكرناه جاز قتلهم إلّا النساء إلّا مع الضرورة ، والمريض إن آيس من برئه ، فكالزمن وإلّا قتل ، والفلّاح الّذي لا يقاتل يقتل.

٢٧٠٤. الواحد والعشرون : إذا حاصر الإمام حصنا ، لم يكن له الانصراف إلّا بإسلامهم ، أو يبذلوا مالا على الترك مع المصلحة ، أو كانوا أهل ذمّة يقبل منهم الجزية ، أو بفتحه وملكه ، أو اقتضاء المصلحة الانصراف ، بأن يتضرّر المسلمون بالإقامة أو بأن يحصل اليأس منه أو ينزلوا على حكم حاكم.

٢٧٠٥. الثاني والعشرون : لا يجوز التمثيل بالكفّار ولا الغدر بهم ولا الغلول منهم.

٢٧٠٦. الثالث والعشرون : المبارزة مشروعة غير مكروهة ، وينبغي أن لا يطلبها المسلم إلّا بإذن الإمام ، وتجوز بغير إذنه ، ولو منع منها حرمت ، ولو خرج كافر يطلب البراز استحبّ لمن فيه قوة من المسلمين مبارزته بإذن الإمام ، ويستحبّ للإمام أن يأذن له في ذلك.

فانقسمت المبارزة إلى واجبة إذا ألزم الإمام بها ، ومستحبّة كما إذا

١٤٤

طلب المشرك المبارزة ، ومكروهة بأن يخرج الضعيف من المسلمين للمبارزة ، ومباحة بأن يخرج ابتداء فبارزه ، وحرام إذا منع الإمام منها.

وإذا خرج المشرك يطلب البراز جاز لكلّ أحد رميه إلّا أن تكون العادة جرت بينهم انّ من خرج بطلب المبارزة لا يعرض له ، فيجري مجرى الشرط ، فإن خرج إليه أحد يبارزه بشرط أن لا يعينه عليه سواه ، وجب الوفاء له بالشرط.

ولو انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخنا بالجراح جاز قتال المشرك إلّا أن يشترط أن لا يقاتل حتّى يرجع إلى صفّه ، فيجب الوفاء له إلّا أن يترك المسلم أو يثخنه بالجراح فيرجع فيتّبعه ليقتل ، أو يخشى عليه منه ، فيمنع ويدفع عن المسلم ، فإن امتنع قوتل.

ولو أعان المشركون صاحبهم كان على المسلمين معونة صاحبهم ، ويقاتلون من أعان عليه ولا يقاتلونه ، فإن كان قد شرط أن لا يقاتله غير مبارزه (١) وجب الوفاء له ، فإن استنجد أصحابه ، فأعانوه فقد نقض أمانه يقتل معهم ، ولو منعهم فلم يمتنعوا ، فأمانه باق ، ويقاتل أصحابه ، ولو سكت عن نهيهم عن المعاونة نقض أمانه. ولو استنجدهم جاز قتاله مطلقا.

ولو طلب المبارزة ولم يشترط جاز معونة قرنه ، ولو شرط ان لا يقاتله غيره ، وجب الوفاء له ، فإن فرّ المسلم ، فطلبه الحربيّ جاز دفعه على ما قلناه ، سواء فرّ المسلم مختارا ، أو لإثخانه بالجراح ، ويجوز لهم معاونة المسلم مع إثخانه ، ولو لم يطلبه المشرك لم تجز محاربته ، وقيل يجوز ما لم يشترط الأمان حتّى يعود إلى فئته (٢).

__________________

(١) في «ب» : غيره مبارزة.

(٢) في «أ» : إلى فئة.

١٤٥

٢٧٠٧. الرابع والعشرون : تجوز المخادعة في الحرب ، وللمبارز أن يخدع قرنه ليتوصّل به إلى قتله.

٢٧٠٨. الخامس والعشرون : يكره القتال قبل الزوال وتعرقب (١) الدابة ، ولو وقعت عليه ذبحها ولا يعرقبها.

الفصل الثالث : في عقد الأمان

وفيه عشرون بحثا :

٢٧٠٩. الأوّل : عقد الأمان هو ترك القتال إجابة لسؤال الكفّار بالإمهال ، وهو جائز مع اعتبار المصلحة ، ولو اقتضت المصلحة عدم إجابتهم لم يفعل ، سواء كان العقد لمشرك واحد أو أكثر ، ولو طلب الأمان ليسمع كلام الله (٢) ويعرف شرائع الإسلام وجب إجابته.

٢٧١٠. الثاني : يجوز للإمام عقد الصلح لواحد ولأكثر ولأهل حصن ، أو قرية ، أو بلد ، أو إقليم ، أو لجميع الكفّار بحسب ما يراه من المصلحة ، وكذا يجوز لنائبه عقد الأمان لمن كان تحت ولايته ، وأمّا في غيرها فكغيره من الرعايا.

__________________

(١) في مجمع البحرين : نهى عن تعرقب الدابّة أي التعرض لقطع عرقوبها ، والعرقوب ـ بالضمّ ـ العصب الغليظ الموتر فوق العقب من الإنسان ومن ذوات الأربع عبارة عن الوتر خلف الكعبين بين مفصل الساق والقدم.

(٢) في «أ» : ليستمع كلام الله.

١٤٦

ويصحّ لآحاد الرعيّة أمان الواحد من المشركين والعدد اليسير منهم كالعشرة والقافلة القليلة ، والحصن الصغير ، ولا يمضي للعدد الكثير ، ولا لأهل بلد ، ولا لإقليم.

٢٧١١. الثالث : يصحّ عقد الأمان لآحاد المشركين من الحرّ والعبد المأذون له في الجهاد وغير المأذون ، والمرأة ، ولا ينعقد أمان المجنون ، ولا الصبيّ وإن كان مميزا ، ولا المكره ، ولا زائل العقل بنوم ، أو سكر ، أو إغماء ، ولا أمان الكافر ، وإن كان ذميّا. ويصحّ أمان الأسير إذا لم يكن مكرها وأمان التاجر والأجير في دار الحرب.

٢٧١٢. الرابع : إذا انعقد الأمان وجب الوفاء به بحسب ما شرط فيه من وقت وغيره ما لم يتضمّن ما يخالف المشروع ، ولو انعقد فاسدا لم يجب الوفاء به ، لكن يجب ردّ الحربي إلى مأمنه (١) وكذا كلّ حربي دخل دار الإسلام بشبهة الأمان ، كمن يسمع لفظا فيعتقده أمانا ، أو يصحب رفقة فيتوهّمها أمانا ، وكذا لو طلبوا الأمان ، فقال لهم المسلمون : لا نذمّكم ، فاعتقدوا أنّهم أذمّوهم ، فانّهم في جميع ذلك يردّون إلى مأمنهم ، ولا يجوز قتلهم.

٢٧١٣. الخامس : للأمان عبارتان وردتا : أحدها أجرتك ، والثانية أمّنتك ، قال الله تعالى : (فَأَجِرْهُ) (٢). وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«من أغلق عليه بابه فهو آمن» (٣).

__________________

(١) وعلّله المصنف في التذكرة بأنّ الحربي اعتقد صحّة الأمان ، وهو معذور لعدم علمه بأحكام الإسلام. تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٢١ ـ الطبعة الحجرية ـ.

(٢) التوبة : آية ٦.

(٣) السيرة النبوية لابن هشام : ٤ / ٤٦.

١٤٧

فبأي العبارتين أتى انعقد الأمان.

وكذا كلّ لفظ يدلّ على هذا المعنى صريحا ، مثل : أذممتك أو أنت في ذمّة الإسلام ، وكذا كلّ كتابة علم بها ذلك من قصد العاقد سواء كان بلغة العرب أو بغيرها ، فلو قال بالفارسية «مترس» فهو آمن ، وكذا لو أشار بما يدلّ على الأمان قطعا أو اصطلاحا مع البيان (١).

أمّا قوله : لا بأس عليك ، أو لا تخف ، أو لا تذهل ، أو لا تحزن ، أو ما شابه ذلك ، فإن علم من قصده الأمان كان أمانا.

وان لم يقصد فلا ، غير أنّهم يردّون إلى مأمنهم إذا اعتقدوه أمانا ، ثمّ يصيرون حربا.

ولو قال له : قف ، أو قم ، أو ألق سلاحك ، لم يكن أمانا ، ويرجع فيه إلى المتكلّم ، فإن قال : أردت به الأمان ، فهو أمان ، وإن قال : لم أرده ، سئل الكافر فإن توهّمه أمانا أعيد إلى مأمنه ، وإلّا فلا.

ولو أشار المسلم إليهم بما يرونه أمانا ، وقال : أردت به الأمان ، فهو أمان ، وإن قال : لم أرد منه الأمان ، فالقول قوله ، ويردّون إلى مأمنهم.

ولو مات المسلم أو غاب ولم يبين ، كانوا آمنين ويردّون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا إلّا (٢) ان يجدّد لهم الوالي أمانا.

٢٧١٤. السادس : وقت الأمان قبل الأسر ، ولا يجوز بعده ، وللإمام أن يؤمّن الأسير بعد الاستيلاء عليه والأسر ، ولو أقرّ المسلم انّه أمّن المشرك ، فإن كان في

__________________

(١) في «أ» : أو صلاحا مع البيان.

(٢) في «أ» : إلى.

١٤٨

وقت يصحّ فيه منه إنشاء الأمان ، قبل إقراره ، وإن كان في وقت لا يصحّ ، كما بعد الأسر ، لم يقبل إلا بالبيّنة.

ولو شهد جماعة من المسلمين أنّهم أمّنوه ، فالوجه عدم القبول ، ولو ادّعى المسلم أنّه أسره فادّعى المشرك أنّه أمّنه ، فالقول قول المسلم.

٢٧١٥. السابع : لو أشرف جيش الإسلام على الظهور ، فاستذمّ الخصم ، جاز مع نظر المصلحة (١) ، ولو استذمّوا بعد حصولهم في الأسر ، فاذمّ لهم ، لم يصحّ.

ولو ادّعى الحربيّ الأمان ، فأنكر المسلم ، فالقول قول المسلم ، فلو حيل بينه وبين الجواب بموت أو إغماء لم يسمع دعوى الحربي ، وفي الحالتين يردّ إلى مأمنه ثمّ هو حرب.

٢٧١٦. الثامن : من عقد أمانا لكافر وجب عليه الوفاء به ، ولا يجوز له الغدر ، فإن نقضه أثم ووجب على الإمام منعه من النقض إن عرف بالأمان ، فلو عقد الحربيّ الأمان ليسكن في دار الإسلام ، وجب الوفاء له ، ودخل ماله تبعا في الأمان وإن لم يذكره ، ولو دخل دار الإسلام بغير أمان ومعه متاع ، فهو حرب ولا أمان له في نفسه ولا ماله.

ولو اعتقد أنّ دخوله بمتاعه على سبيل التجارة أمانا ، لم يكن أمانا ، وردّ إلى مأمنه ويعامل بالبيع والشراء ، ولا يسأل عن شي‌ء ، ولو لم تكن معه تجارة وقال : جئت مستأمنا لم يقبل منه. وتخيّر الإمام فيه ، ولو كان ممّن ضلّ الطريق أو حملته الريح في المركب إلينا ففي كونه فيئا أو يكون لمن أخذه؟ تردّد.

__________________

(١) في «أ» : جاز مع المصلحة.

١٤٩

٢٧١٧. التاسع : لو عقد الأمان ليسكن في دار الإسلام صحّ ، فلو عاد إلى دار الحرب فإن كان لتجارة ، أو رسالة ، أو تنزّه ، وفي نيّته العود ، فالأمان باق ، وإن كان للاستيطان بدار الحرب ، بطل الأمان في نفسه دون ماله ، ولو نقله معه إلى دار الحرب ، انتقض فيه أيضا ، ولو لم ينقله وتصرّف فيه ببيع أو هبة ، أو غيرهما ، صحّ تصرّفه ، ولو طلبه بعث به إليه.

ولو مات في دار الحرب انتقل إلى وارثه ، فإن كان مسلما ملكه ، وإن كان حربيّا انتقل إليه ، وانتقض الأمان فيه ، ويكون للإمام خاصّة.

ولو دخل دار الإسلام فعقد أمانا لنفسه ، ثمّ مات عندنا انتقل ماله إلى وارثه المسلم ، وإن لم يكن إلّا كافرا في دار الحرب ، انتقل إليه وصار فيئا للإمام ، وكذا لو لم يكن له وارث.

ولو كان له أمان ، فترك ماله ونقض الأمان ولحق بدار الحرب ، لم يبطل أمان ماله ، فإن رجع ليأخذ ماله ، جاز سبيه.

ولو أسر الحربيّ الّذي لماله أمان ، لم يزل الأمان عن ماله ، فإن قتل ، انتقل إلى وارثه المسلم إن كان ، وإلّا إلى الحربيّ وصار فيئا ، وإن فاداه ، أو منّ عليه ، ردّ ماله إليه ، وإن استرقّه زال ملكه عنه ، وإن اعتق لم يعد إليه ، وإن مات لم يردّ على ورثته وإن كانوا مسلمين.

٢٧١٨. العاشر : لو دخل المسلم أرض العدوّ بأمان ، فسرق منهم شيئا ، وجب عليه ردّه إلى أربابه ، ولو أسره المشركون وأطلقوه بأمان على أن يقيم في دارهم ويترك خيانتهم ، حرمت عليه أموالهم بالشرط ، ولا يجوز له المقام مع القدرة على المهاجرة.

١٥٠

ولو لم يأمنوه بل أسروه واستخدموه ، كان له الهرب ، وأخذ ما أمكنه من مالهم ، ولو أطلقوه على مال لم يجب الوفاء به.

ولو دخل المسلم دار الحرب بأمان فاقترض من حربي مالا وعاد إلينا ودخل صاحب المال بأمان ، كان عليه ردّه إليه. ولو اقترض حربيّ من حربيّ مالا (١) ثمّ دخل المقترض إلينا بأمان ، كان عليه ردّه إليه.

٢٧١٩. الحادي عشر : لو تزوّج الحربيّ بحربيّة وأمهرها مهرا وجب عليه ردّه إليها (٢) ، وكذا لو أسلما معا وترافعا إلينا فانّا نلزم الزوج المهر إن صحّ للمسلم تملّكه ، وإلّا القيمة.

ولو تزوّج الحربيّ بحربيّة ، ثمّ أسلم الحربيّ خاصّة ، والمهر في ذمّته ، لم تكن للزوجة مطالبته به ، وكذا لو ماتت ولها ورثة كفّار ، لم يكن لهم أيضا المطالبة به ، ولو كانوا مسلمين كان لهم المطالبة.

ولو ماتت الحربيّة ثم أسلم الزوج بعد موتها كان لوارثها المسلم مطالبة الزوج بالمهر ، وليس للحربيّ مطالبته به ، وكذا لو أسلمت قبله ثمّ ماتت ، طالبه وارثها المسلم دون الحربيّ.

ولو خرج الحربيّ المستأمن بمال من أموال دار الحرب ليشتري به شيئا لم يتعرّض له ، ولو دفع الحربيّ إلى الذمّي شيئا وديعة في دار الإسلام كان آمنا.

٢٧٢٠. الثاني عشر : إذا خلّى المشركون أسيرا مسلما من أيديهم ، واستحلفوه

__________________

(١) في «ب» : ولو اقرض حربيّ من حربيّ مالا.

(٢) في «ب» : ردّه عليها.

١٥١

على أن يبعث فداء عنه ، أو يعود إليهم ، فإن كان ذلك كرها له لم يلزمه الوفاء لهم برجوع ولا فدية ، وإن كان مختارا لم يجب الوفاء بالمال ولا يعود (١) إليهم مع المكنة على المال والعجز ، سواء في ذلك المرأة والرجل.

٢٧٢١. الثالث عشر : إذا طلب المشركون الأمان جاز للإمام أمنهم مع المصلحة ، فإن طلبوا أمانا لأنفسهم ففعل الإمام ، كانوا آمنين على أنفسهم ، وإن طلبوه لأهلهم خاصّة ، فهم في‌ء وأهلهم آمنون.

ولو أمنوهم على ذريّتهم فهم آمنون وأولادهم وأولاد أولادهم وإن نزلوا ، والوجه دخول أولاد البنات ، ولو أمنوهم على إخوتهم ، دخل الذكور والاناث ، وكذا الأبناء يدخل فيهم الذكور والاناث ، أمّا البنات والاخوات فتختص بالاناث.

ولو أمنوا آبائهم دخل الآباء والأمّهات ، والأقرب دخول الأجداد ، ولو أمنوا أبناءهم دخل أبناء الأبناء.

٢٧٢٢. الرابع عشر : ينبغي للأمير إذا أراد انفاذ رسول أن يختار العدل العارف بمواقع الأشياء ، فلو دخل الرسول بكتاب أمان ، وشهد جماعة من المسلمين بصحّته ، ثمّ فتح المشركون الباب ودخل المسلمون ، لم يجز لهم السبي إذا كان الكتاب باطلا (٢).

__________________

(١) في «أ» : ولا بعود.

(٢) قال في التذكرة : إذا أرسل الأمير رسولا مسلما ، فذهب الرسول إلى أمير المشركين فبلّغه الرسالة ، ثمّ قال له : إنّي أرسل على لساني إليك الأمان ولأهل ملّتك فافتح الباب ، ثمّ ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير وقرأه بمحضر من المسلمين ، فلمّا فتحوا ودخل المسلمون وشرعوا في السبي ، فقال لهم أمير المشركين : إنّ رسولكم أخبرنا أنّ أميركم أمّننا ، وشهد أولئك المسلمون على مقالته ، كانوا آمنين ولم يجز سبيهم لعسر التمييز بين الحقّ والاحتيال في حقّ المبعوث إليه ، إذا الاعتماد على خبره فيجعل كأنّه صدق بعد ما تثبت رسالته لئلّا يؤدّي إلى الغرور في حقّهم وهو حرام. تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٢١ ـ الطبعة الحجرية ـ.

١٥٢

٢٧٢٣. الخامس عشر : إذا أمن المسلمون مشركا على أن يفتح لهم الحصن لم يكن لهم نقض أمانه ، ولو ادّعى كلّ واحد من أهل الحصن انّه الآمن حرم استرقاقهم مع الاشتباه.

ولو قال : اعقدوا الأمان على أهل حصني أفتحه لكم ، فأمنوه على ذلك فهو آمن وأهل الحصن وأموالهم.

ولو قال : آمنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن فهو آمن على ما طلب ، ويكون الباقي فيئا ، ولو لم يف ماله بالألف لم يكن له زيادة على ماله ، ولو لم يكن له دراهم وكان له عروض أعطى من ذلك ما يساوي ألفا ، أمّا لو قال : ألف درهم من دراهمي ولا دراهم له كان لغوا.

٢٧٢٤. السادس عشر : يجوز التحكيم ، فإذا حصر الإمام بلدا جاز له أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه ، فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه ، وليس له أن ينزلهم على حكم الله ، ويجوز أن ينزلوا على حكم الإمام أو حكم بعض أصحابه.

ويشترط في الحاكم سبعة أمور : الحريّة ، والإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والذكوريّة ، والفقه ، والعدالة ، ولا يشترط علمه بالفقه أجمع ، بل بما يتعلّق بهذا الحكم وما يجوز فيه ويعتبر له.

ويجوز أن يكون الحاكم أعمى ومحدودا في القذف ، وعلى حكم أسير معهم مسلم إلّا أن يكون حسن الرأي فيهم فيكره ، وإن لم يكن أسيرا.

ولو نزلوا على حكم رجل غير معيّن على أنّهم يعيّنون ما يختارونه

١٥٣

لأنفسهم جاز ، فإن اختاروا من يجوز حكمه قبل منهم وإلّا فلا ، ولو جعلوا اختيار التعيين إلى الإمام جاز إجماعا.

ويجوز أن يكون الحاكم اثنين وأكثر ، فإن اتفقا جاز ، ولو مات أحدهما لم يحكم الآخر إلّا بعد الاتفاق عليه أو يعيّنوا غيره ، ولو اختلفا لم يمض الحكم حتّى يتفقا.

ولو نزلوا على حكم اثنين أحدهما مسلم والآخر كافر لم يجز ، ولو مات من اتّفقوا على تعيينه لم يحكم فيهم غيره إلّا مع الاتفاق ، ويردّون إلى مأمنهم.

ولو حكموا من لا يجتمع فيه شرائط الحكم ونزلوا إلينا ثمّ ظهر انّه لا يصلح ، لم يحكم ، وردّوا إلى مأمنهم (١).

٢٧٢٥. السابع عشر : يتّبع ما يحكم به الحاكم ما لم يخالف المشروع ، وانّما يمضى الحكم إذا كان الحظّ للمسلمين ، فإن حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذريّة وغنيمة المال نفذ ، وإن حكم باسترقاق الرجال وسبي النساء والولدان وأخذ الأموال جاز ، وإن حكم بالمنّ وترك السبي بكل حال جاز مع الحظّ. وإن حكم بعقد الذمّة وأداء الجزية جاز ، ولزمهم النزول على حكمه ، وإن حكم بالفداء جاز ، وإن حكم بالمنّ على الذريّة جاز ، وكذا إن حكم بالاسترقاق.

ولو حكم على من أسلم بالاسترقاق ، وعلى من أقام على الكفر بالقتل جاز ، فلو أراد استرقاق من أقام على الكفر بعد ذلك ، لم يكن له ، وإن أراد أن يمنّ

__________________

(١) قال في التذكرة : ولو رضوا بتحكيم فاقد أحد الشرائط ، ورضي به الجيش ونزلوا على ذلك إلينا ثمّ ظهر عدم صلاحيّته لم يحكم وردّوا إلى مأمنهم ويكونون على الحصار كما كانوا. تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٢٤ ـ الطبعة الحجرية ـ.

١٥٤

عليه جاز ، ولو حكم بالقتل وأخذ الأموال وسبي الذريّة ورأى الإمام المنّ على الرّجال أو على بعضهم جاز.

٢٧٢٦. الثامن عشر : إذا نزلوا على ما يحكم به الحاكم فأسلموا قبل حكمه ، عصموا أموالهم ودماءهم وذراريهم من الاستغنام والقتل والسبي.

ولو أسلموا بعد الحكم عليهم ، فإن كان قد حكم بقتل الرجال وسبي الذراري ونهب الأموال ، مضى الحكم عليهم إلّا القتل ، ولو أراد الإمام استرقاقهم بعد الإسلام لم يجز ، ويستغنم المال ويسترق الذريّة.

ولو حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذريّة وأخذ المال ، كان المال غنيمة ويجب فيه الخمس.

ولو نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب الله تعالى أو القرآن كره ، لأنّه ليس بمنصوص ، فيحصل الاختلاف.

٢٧٢٧. التاسع عشر : إذا دخل حربيّ إلينا بأمان ، فقال له الإمام : إن رجعت إلى دار الحرب ، وإلّا حكمت عليك حكم أهل الذمّة ، فأقام سنة ، جاز أن يأخذ منه الجزية.

ولو قال له : اخرج إلى دار الحرب ، فإن أقمت عندنا صيّرت نفسك ذميّا ، فأقام سنة ثمّ قال : أقمت لحاجة ، قبل قوله ، ولم يجز أخذ الجزية منه ، بل يردّ إلى مأمنه. قال الشيخ : ولو قلنا : انّه يصير ذميا لأنّه خالف الإمام كان قويّا (١).

٢٧٢٨. العشرون : إذا حكم الحاكم بالردّ لم يجز ، وإذا اتّفقوا على حاكم لم

__________________

(١) المبسوط : ٢ / ١٦.

١٥٥

يجب عليه الحكم ، بل جاز ، سواء كان قبل التحكيم أو لم يقبله ، بل يجوز أن يخرج نفسه من الحكومة.

وإذا حكم الحاكم بما لا يجوز ، لم ينفذ ، ولو حكم بعد ذلك بالسائغ فالوجه النفوذ.

الفصل الرابع : في الغنيمة

وهي الفائدة المكتسبة ، سواء اكتسبت برأس مال كأرباح التجارات والزراعات وغيرهما ، أو اكتسبت بالقتال.

والبحث انّما هو عن الثاني ، وأقسامه ثلاثة : ما ينقل ويحول كالأقمشة والحيوان ، وما لا ينقل كالعقارات ، وما هو سبي كالأطفال والنساء.

والقسم الأوّل : فيما ينقل ويحول

وفيه عشرة مباحث :

٢٧٢٩. الأوّل : ما يحويه العسكر ممّا ينقل ويحول ، إن لم يصحّ تملّكه للمسلم كالخمر والخنزير لم يكن غنيمة.

وإن كان مما يصحّ تملّكه من الاشياء المملوكة فهو للغانمين خاصّة ، بعد إخراج الخمس والجعائل.

والاشياء المباحة في الأصل كالصيود والأحجار والأشجار ، فإن لم

١٥٦

يكن عليه أثر تملّك ، فهو للواجد ، وليس غنيمة وإلّا فغنيمة.

ولو وجد ما يحتمل أن يكون لهم وللمسلمين كالسّلاح ، فالأقرب انّ حكمه حكم اللقطة ، وقيل (١) : يعرف سنة ثم يلحق بالغنيمة ، ولو ادّعاه مسلم فالأقرب انّ عليه البينة.

ولو اخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم كالمسنّ (٢) والأدوية فهو أحقّ به ، ولو صارت له قيمة بنقله أو معالجته فكذلك.

٢٧٣٠. الثاني : لو ترك صاحب المقسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله ، فقال : من حمله فهو له ، كان جائزا ويصير لآخذه ، ولو وجد في أرضهم ركازا ، فإن كان في موضع يقدر عليه ، فهو كما لو وجده في دار الإسلام يخرج منه الخمس ، والباقي له ، وإن لم يقدر عليه إلّا بجماعة من المسلمين ، فالأقرب انّه غنيمة.

٢٧٣١. الثالث : لا يجوز التصرّف في شي‌ء من الغنيمة قبل القسمة إلّا ما لا بدّ منه ، كالطعام وعلف الدوابّ مع الحاجة لا بدونهما ، ويجوز ذبح الحيوان المأكول مع الحاجة ، ولا تجب عليه القيمة ، ويردّ جلودها إلى المغنم ، ولو استعمله في سقاء أو نعل أو شراك ردّه إلى المغنم ، وعليه أجرة المدّة وارش ما نقص ، (٣) ولو زادت القيمة بالصنعة لم يكن له شي‌ء.

__________________

(١) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٢ / ٣٠.

(٢) ما يحدّ به السكين من مرمر وغيره.

(٣) قال في التذكرة : ردّه إلى المغنم مع أجرة المثل لمدّة استعماله وأرش نقص أجزائه بالاستعمال. تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٢٦ ـ الطبعة الحجرية ـ.

١٥٧

ولا يجوز تناول ما عدا الطعام والعلف واللحم ولا استعماله ولا الانفراد به ، ويجوز استعمال الدهن المأكول في الطعام عند الحاجة ، ولو لم يكن مأكولا ، فاحتاج إلى أن يدهن به ، أو يدهن به دابته لم يكن له ذلك إلّا بالقيمة على إشكال.

ويجوز أن يأكل ما يتداوى به أو يشربه كالجلاب والسكنجبين وغيرهما عند الحاجة ، وليس له أن يغسل ثوبه بالصابون ، ولا ينتفع بالجلود ولا اتخاذ النعال منها ولا الجورب ولا الخف ولا الحبال من الشعر.

والكتب الّتي لهم إن انتفع بها كالطبّ والأدب ، فهي غنيمة ، وإن لم ينتفع بها كالتوراة والإنجيل ، فإن أمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد الغسل ، كانت غنيمة ، وإلّا فلا.

وجوارح الصيد والبزاة غنيمة ، وكذا كلاب الصيد ، ولو لم يرغب فيها أحد من الغانمين جاز إرسالها واعطاؤها غير الغانم ، ولو رغب فيها بعض الغانمين دفعت إليه ، ولا تحتسب عليه من نصيبه ، ولو رغب الجميع قسّمت ، ولو تعذّرت القسمة أو تنازعوا في الجيد ، أقرع بينهم ، أمّا الخنازير فليست غنيمة ، ولا تعطى أحدا.

ولا يجوز لبس الثياب ولا ركوب دابّة من المغنم ، ولو كان للغازي دوابّ أو رقيق جاز أن يطعمهم ممّا يجوز له الأكل منه ، سواء كانت للغنيمة أو للتجارة.

ولو كان معه بزاة أو صقورة لم يكن له أن يطعمها من المغنم بخلاف الخيل.

١٥٨

٢٧٣٢. الرابع : إذا ثبت يد المسلمين على الغنيمة لم يجز التصرّف فيها ، ولا في بعضها حتّى الطعام إلّا مع الضرورة ، سواء أحازوها في دار الإسلام أو في دار الحرب على إشكال ، ولو كان معه من الطعام فضلة ، فأدخله في دار الإسلام ردّه إلى المغنم ، سواء كان قليلا أو كثيرا.

ولا يجوز وطء جارية المغنم ، وإذا حاز المسلمون الغنائم وجمعوها ، ثبت حقّهم فيها وملكوها ، سواء جمعوها في دار الحرب أو دار الاسلام ، وثبت لكلّ واحد من الغانمين حق الملك في جزء مشاع غير معيّن. وإنّما يتعيّن باختيار الإمام.

٢٧٣٣. الخامس : من غلّ من الغنيمة شيئا ردّه إلى المغنم ، ولا يحرق رحله ، سواء كان آلة السلاح أو لا ، وسواء كان الرحل ثياب بدنه أو لا ، وسواء كان كتب الأحاديث والعلم أو لا ، وسواء كان آلة الدابّة أو لا ، وسواء اتخذت متاعا آخر أو لا ، وسواء رجع إلى بلده أو لا. وسواء مات أو لا. وسواء باع متاعه ، أو وهبه ، أو نقله عنه أو لا ، وسواء كان الغالّ صبيّا أو لا ، حرّا كان أو عبدا ذكرا كان أو لا ، مسلما كان أو لا ، أنكر الغلول أو اعترف به.

ولا يحرم سهمه من الغنيمة ، سواء كان صبيّا أو بالغا.

٢٧٣٤. السادس : إذا تاب (١) الغالّ قبل القسمة ، وجب ردّ ما غلّه في المغنم (٢) وكذا بعد القسمة ، فإن تمكّن الإمام من قسمته بين العسكر فعل ، وإلّا فالأقرب عندي الصدقة به.

__________________

(١) في «أ» : إذا مات.

(٢) في «ب» : وجب ردّ ما عليه في المغنم.

١٥٩

٢٧٣٥. السابع : إذا سرق من الغنيمة ذو السهم ولم يزد على سهمه بقدر النصاب لم يقطع ، وإن بلغ النصاب قطع.

ولو كان السارق عبدا أو امرأة وسرق أكثر من قدر ما يرضخ له بقدر النصاب قطع ، وإلّا فلا.

ولو ادّعى الشبهة المحتملة سقط القطع.

ولو سرق عبد الغنيمة منها لم يقطع.

ولو كان أحد الغانمين ابن السارق غير الغانم لم يقطع ، إلّا إذا زاد ما سرقه عن نصيب ولده بقدر النصاب.

ولو كان السارق سيّد عبد في الغنيمة ، كان حكمه حكم من له نصيب.

٢٧٣٦. الثامن : الغالّ هو الّذي يكتم ما أخذه من الغنيمة ، ولا يطلع الإمام عليه ، ولا يضعه مع الغنيمة ، فإن غلّ على وجه السرقة قطع ، وإلّا فلا ، ولا يحرق رحل السارق كما قلناه في الغالّ.

٢٧٣٧. التاسع : إذا باع أحد الغانمين غيره شيئا ، فإن كان المشتري من الغانمين ، لم يصحّ البيع ، ويقرّ في يد المشتري ، وليس له ردّه إلى البائع ولا للبائع قهره عليه ، وإن لم يكن من الغانمين لم يقرّ يده عليه.

ولو كان المبيع طعاما لم يصحّ البيع أيضا ، والمشتري أحقّ به ، فلو باع أحدهما صاعين من برّ بصاع منه من الغنيمة ، لم يثبت الرّبا.

ولو أقرض غانم غانما طعاما أو علفا في بلاد العدوّ صحّ ، وليس

١٦٠