اُصول الفقه

الشيخ محمّد رضا المظفّر

اُصول الفقه

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


المحقق: الشيخ عبّاس علي الزارعي السبزواري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-003-3
الصفحات: ٦٨٨

على أنّها كاشفة عن صحّة البيع لا ناقلة. (١)

ولأجل ما ذكرنا من استحالة الشرط المتأخّر في العقليّات اختلف العلماء في الشرط الشرعيّ اختلافا كثيرا جدّا ، فبعضهم ذهب إلى إمكان الشرط المتأخّر في الشرعيّات (٢) ، وبعضهم ذهب إلى استحالته قياسا على الشرط العقليّ كما ذكرنا آنفا (٣) ، والذاهبون إلى الاستحالة أوّلوا ما ورد في الشريعة بتأويلات كثيرة يطول شرحها. (٤)

وأحسن ما قيل في توجيه إمكان الشرط المتأخّر في الشرعيّات ما عن بعض مشايخنا الأعاظم قدس‌سرهم في بعض تقريرات درسه (٥). وخلاصته : «أنّ الكلام تارة يكون في شرط المأمور به ، وأخرى في شرط الحكم ، سواء كان تكليفيّا أم وضعيّا.

أمّا : في شرط المأمور به ، فإنّ مجرّد كونه شرطا شرعيّا للمأمور به لا مانع منه ؛

__________________

(١) قال الشيخ الأنصاريّ : «إنّ كاشفيّة الإجازة على وجوه ثلاثة ، قال بكلّ منها قائل : أحدها : وهو المشهور الكشف الحقيقيّ والتزام كون الإجازة شرطا متأخّرا ، ولذا اعترضهم جمال المحقّقين في حاشيته على الروضة بأنّ الشرط لا يتأخّر». المكاسب : ١٣٣.

(٢) ذهب إليه المحقّق العراقيّ في بدائع الأفكار ١ : ٣٢٠ ـ ٣٢١. واختاره المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٢ : ٣١٣.

(٣) وهو المنسوب إلى الجمهور كما مرّ.

(٤) ولا بأس بالإشارة إليها إجمالا ، فنقول :

منها : إنكار أصل الشرطيّة. ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ في باب إجازة بيع الفضولي من المكاسب : ١٣٣ ، وصاحب الجواهر في باب صوم المستحاضة من جواهر الكلام ٣ : ٣٦٦.

ومنها : اعتبار المتأخّر شرطا ، لا الشرط متأخّرا. ذهب إليه المحقّق النائينيّ على ما في أجود التقريرات ١ : ٣٢٣ ـ ٣٢٥.

ومنها : التصرّف في معنى «الشرط» بأنّ الشرط ليس جزءا دخيلا في الأثر ، بل الشرط هو طرف ما يحدّد المقتضي وطرف ما يحصل به الخصوصيّة اللازمة لتأثير المقتضي ، ذهب إليه المحقّق العراقيّ في بدائع الأفكار ١ : ٣٢٠ ـ ٣٢١.

ومنها : التصرّف فيما هو الشرط ، إمّا بأنّ الشرط هو عنوان التعقّب بالأغسال أو الإجازة كما في الفصول : ٨٠ ، وإمّا بأنّ الشرط هو الإضافة إلى المتأخّر كما في كفاية الأصول : ١١٩ ـ ١٢٠.

(٥) وهو المحقّق النائينيّ في أجود التقريرات ١ : ٣٢٣ ـ ٣٢٥. وتعرّض له المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٢ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

٢٨١

لأنّه ليس معناه إلاّ أخذه قيدا في المأمور به على أن تكون الحصّة الخاصّة من المأمور به هي المطلوبة. وكما يجوز ذلك في الأمر السابق والمقارن فإنّه يجوز في اللاحق بلا فرق. نعم ، إذا رجع الشرط الشرعيّ إلى شرط واقعيّ ، كرجوع شرط الغسل الليليّ للمستحاضة إلى أنّه رافع للحدث في النهار ، فإنّه يكون حينئذ واضح الاستحالة ، كالشرط الواقعيّ بلا فرق.

وسرّ ذلك أنّ المطلوب لمّا كان هو الحصّة الخاصّة من طبيعيّ المأمور به ، فوجود القيد المتأخّر لا شأن له إلاّ الكشف عن وجود تلك الحصّة في ظرف كونها مطلوبة. ولا محذور في ذلك ، إنّما المحذور في تأثير المتأخّر في المتقدّم.

وأمّا : في شرط الحكم ، سواء كان الحكم تكليفيّا أم وضعيّا ، فإنّ الشرط فيه معناه أخذه مفروض الوجود والحصول في مقام جعل الحكم وإنشائه ، وكونه مفروض الوجود لا يفرق فيه بين أن يكون متقدّما ، أو مقارنا ، أو متأخّرا ، كأن يجعل الحكم في الشرط المتأخّر على الموضوع المقيّد بقيد أخذ مفروض الوجود بعد وجود الموضوع.

ويتقرّب ذلك إلى الذهن بقياسه على الواجب المركّب التدريجيّ الحصول ، فإنّ التكليف في فعليّته في الجزء الأوّل وما بعده يبقى مراعى إلى أن يحصل الجزء الأخير من المركّب ، وقد بقيت ـ إلى حين حصول كمال الأجزاء ـ شرائط التكليف من الحياة والقدرة ونحوهما.

وهكذا يفرض الحال فيما نحن فيه ، فإنّ الحكم في الشرط المتأخّر يبقى في فعليّته مراعى إلى أن يحصل الشرط الذي أخذ مفروض الحصول ، فكما أنّ الجزء الأوّل من المركّب التدريجيّ الواجب في فرض حصول جميع الأجزاء يكون واجبا وفعليّ الوجوب من أوّل الأمر ، لا أنّ فعليّته تكون بعد حصول جميع الأجزاء ، وكذا باقي الأجزاء لا تكون فعليّة وجوبها بعد حصول الجزء الأخير ، بل حين حصولها ولكن في فرض حصول الجميع ، فكذلك [في] ما نحن فيه يكون الواجب المشروط بالشرط المتأخّر فعليّ الوجوب من أوّل الأمر في فرض حصول الشرط في ظرفه ، لا أنّ فعليّته تكون متأخّرة إلى حين الشرط.»

٢٨٢

هذا خلاصة رأي شيخنا المعظّم ، ولا يخلو عن مناقشة (١) ، والبحث عن الموضوع بأوسع ممّا ذكرنا لا يسعه هذا المختصر.

تمرينات (٣٦)

التمرين الأوّل

١. ما الفرق بين مقدّمة الوجوب وبين مقدّمة الواجب؟ ايت لكلّ منهما بمثال.

٢. ما السّر في عدم دخول مقدّمة الوجوب في محلّ النزاع؟

٣. ما الفرق بين المقدّمة الداخليّة والمقدّمة الخارجيّة؟ وهل يختصّ النزاع في مقدّمة الواجب بالخارجيّة أو يعمّ؟

٤. ما تعريف المقدّمة العقليّة والمقدّمة الشرعيّة؟

٥. بيّن آراء العلماء في أنّ النزاع في مقدّمة الواجب هل يشمل الشرط الشرعيّ أو لا؟

٦. ما المراد من الشرط المتأخّر؟ اذكر مثالا له.

٧. ما هي الأقوال في إمكان الشرط المتأخّر وعدمه؟

٨. ما هو بيان المحقّق النائيني رحمه‌الله في توجيه إمكان الشرط المتأخّر؟

التمرين الثاني

١. ما هو مستند سلطان العلماء في إثبات عدم شمول النزاع للمقدّمة الداخليّة؟ وما وجه استحالة اجتماع الوجوبين؟

٢. ما هو تعريف المقدّمة الداخليّة بالمعنى الاعمّ؟ وما تعريفها بالمعنى الأخصّ؟

٣. ما الفرق بين المقدّمة الخارجيّة بالمعنى الأعمّ وبين المقدّمة الخارجيّة بالمعنى الأخصّ؟

٤. اذكر بعض التأويلات الذي ذكره الذاهبون إلى استحالة الشرط المتأخّر لما ورد في الشريعة ، كالوضوء والغسل بالنسبة إلى الصلاة.

__________________

(١) كما ناقش فيه تلميذه المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٢ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

٢٨٣

٨. المقدّمات المفوّتة

ورد في الشريعة المطهّرة وجوب بعض المقدّمات قبل زمان ذيها في الموقّتات ، كوجوب قطع المسافة للحجّ قبل حلول أيّامه ، ووجوب الغسل من الجنابة للصوم قبل الفجر ، ووجوب الوضوء أو الغسل ـ على قول (١) ـ قبل وقت الصلاة عند العلم بعدم التمكّن منه بعد دخول وقتها ... وهكذا.

وتسمّى هذه المقدّمات باصطلاحهم : «المقدّمات المفوّتة» باعتبار أنّ تركها موجب لتفويت الواجب في وقته كما تقدّم.

ونحن نقول : لو لم يحكم الشارع المقدّس بوجوب مثل هذه المقدّمات فإنّ العقل يحكم بلزوم الإتيان بها ؛ لأنّ تركها موجب لتفويت الواجب في ظرفه ، ويحكم أيضا بأنّ التارك لها يستحقّ العقاب على تفويت الواجب في ظرفه بسبب تركها.

ولأوّل وهلة يبدو أنّ هذين الحكمين العقليّين الواضحين لا ينطبقان على القواعد العقليّة البديهيّة في الباب من جهتين :

أمّا أوّلا : فلأنّ وجوب المقدّمة تابع لوجوب ذيها على أيّ نحو فرض من أنحاء التبعيّة ، لا سيّما إذا كان من نحو تبعيّة المعلول لعلّته على ما هو المشهور. فكيف يفرض الوجوب التابع في زمان سابق على زمان فرض الوجوب المتبوع؟!

وأمّا ثانيا : فلأنّه كيف يستحقّ العقاب على ترك الواجب بترك مقدّمته قبل حضور وقته ، مع أنّه حسب الفرض لا وجوب له فعلا؟! وأمّا في ظرفه فينبغي أن يسقط وجوبه ؛ لعدم القدرة عليه بترك مقدّمته ، والقدرة شرط عقليّ في الوجوب.

ولأجل التوفيق بين هاتيك البديهيّات العقليّة التي تبدو كأنّها متعارضة ـ وإن كان يستحيل التعارض في الأحكام العقليّة وبديهيّات العقل ـ حاول جماعة من أعلام الأصوليّين المتأخّرين تصحيح ذلك بفرض انفكاك زمان الوجوب عن زمان الواجب و

__________________

(١) قال به السيّد في العروة الوثقى ، واختاره السيّد الحكيم في مستمسك العروة الوثقى ٤ : ٤٣٦ ـ ٤٤٠ ، و ٤٩٠ «مسألة ٣٢».

٢٨٤

تقدّمه عليه ، إمّا في خصوص الموقّتات (١) أو في مطلق الواجبات (٢) ، على اختلاف المسالك. وبذلك يحصل لهم التوفيق بين تلك الأحكام العقليّة ؛ لأنّه حينما يفرض تقدّم وجوب ذي المقدّمة على زمانه فلا مانع من فرض وجوب المقدّمة قبل وقت الواجب ، وكان استحقاق العقاب على ترك الواجب على القاعدة ؛ لأنّ وجوبه كان فعليّا حين ترك المقدّمة.

أمّا كيف يفرض تقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب؟ وبأيّ مناط؟ فهذا ما اختلف فيه الأنظار والمحاولات.

فأوّل المحاولين لحلّ هذه الشبهة ـ فيما يبدو ـ صاحب الفصول الذي قال بجواز تقدّم زمان الوجوب على طريقة الواجب المعلّق الذي اخترعه ، كما أشرنا إليه في الجزء الأوّل (٣). وذلك في خصوص الموقّتات ، بفرض أنّ الوقت في الموقّتات وقت للواجب فقط ، لا للوجوب ، أي إنّ الوقت ليس شرطا وقيدا للوجوب ، بل هو قيد للواجب ، فالوجوب ـ على هذا الفرض ـ متقدّم على الوقت ولكنّ الواجب معلّق على حضور وقته. والفرق بين هذا النوع وبين الواجب المشروط هو أنّ التوقّف في المشروط للوجوب وفي المعلّق للفعل. وعليه ، لا مانع من فرض وجوب المقدّمة قبل زمان ذيها (٤).

ولكن نقول : على تقدير إمكان فرض تقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب ، فإنّ فرض رجوع القيد إلى الواجب لا إلى الوجوب يحتاج إلى دليل ، ونفس ثبوت وجوب المقدّمة المفوّتة قبل زمان وجوب ذيها لا يكون وحده دليلا على ثبوت الواجب المعلّق ؛ لأنّ الطريق في تصحيح وجوب المقدّمة المفوّتة لا ينحصر فيه ، كما سيأتي بيان الطريق الصحيح.

والمحاولة الثانية : ما نسب إلى الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره من رجوع القيد في جميع شرائط الوجوب إلى المادّة (٥) ، وإن اشتهر القول برجوعها إلى الهيئة ؛ سواء كان الشرط هو الوقت أو غيره ، كالاستطاعة للحجّ والقدرة والبلوغ والعقل ونحوها من الشرائط العامّة لجميع

__________________

(١) كما في الفصول الغرويّة : ٧٩.

(٢) كما في مطارح الأنظار : ٤٩.

(٣) تقدّم في الصفحة : ١٠٣.

(٤) الفصول الغرويّة : ٧٩.

(٥) مطارح الأنظار : ٤٩.

٢٨٥

التكاليف. ومعنى ذلك أنّ الوجوب الذي هو مدلول الهيئة في جميع الواجبات مطلق دائما غير مقيّد بشرط أبدا ، وكلّ ما يتوهّم من رجوع القيد إلى الوجوب فهو راجع في الحقيقة إلى الواجب الذي هو مدلول المادّة ؛ غاية الأمر أنّ بعض القيود مأخوذ في الواجب على وجه يكون مفروض الحصول والوقوع ، كالاستطاعة بالنسبة إلى الحجّ ، ومثل هذا لا يجب تحصيله ويكون حكمه حكم ما لو كان شرطا للوجوب ؛ وبعضها لا يكون مأخوذا على وجه يكون مفروض الحصول ، بل يجب تحصيله توصّلا إلى الواجب ؛ لأنّ الواجب يكون هو المقيّد بما هو مقيّد بذلك القيد.

وعلى هذا التصوير ، فالوجوب يكون دائما فعليّا قبل مجيء وقته ، وشأنه في ذلك شأن الوجوب على القول بالواجب المعلّق ، لا فرق بينهما في الموقّتات بالنسبة إلى الوقت ، فإذا كان الواجب استقباليّا فلا مانع من وجوب المقدّمة المفوّتة قبل زمان ذيها.

والمحاولة الثالثة : ما نسب إلى بعضهم من أنّ الوقت شرط للوجوب ، لا للواجب كما في المحاولتين الأوليين ، ولكنّه مأخوذ فيه على نحو الشرط المتأخّر (١). وعليه ، فالوجوب يكون سابقا على زمان الواجب نظير القول بالمعلّق ، فيصحّ فرض وجوب المقدّمة المفوّتة قبل زمان ذيها ؛ لفعليّة الوجوب قبل زمانه ، فتجب مقدّمته.

وكلّ هذه المحاولات مذكورة في كتب الأصول المطوّلة (٢) ، وفيها مناقشات وأبحاث طويلة لا يسعها هذا المختصر ، ومع الغضّ عن المناقشة في إمكانها في أنفسها لا دليل عليها إلاّ ثبوت وجوب المقدّمة قبل زمان [وجوب] ذيها ، إذ كلّ صاحب محاولة منها يعتقد أنّ التخلّص من إشكال وجوب المقدّمة قبل زمان [وجوب] ذيها ينحصر في المحاولة التي يتصوّرها ، فالدليل الذي يدلّ على وجوب المقدّمة المفوّتة قبل وقت الواجب لا محالة يدلّ عنده على محاولته.

والذي أعتقده أنّه لا موجب لكلّ هذه المحاولات لتصحيح وجوب المقدّمة قبل زمان

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٣٠ ـ ١٣١.

(٢) وقد ذكر في المقام محاولات أخر. فإن شئت راجع مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١١٠ ؛ مدارك الأحكام ٢ : ٣٤٥ ؛ نهاية الأفكار ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٩.

٢٨٦

ذيها ، فإنّ الصحيح ـ كما أفاده شيخنا الأصفهانيّ رحمه‌الله ـ أنّ وجوب المقدّمة ليس معلولا لوجوب ذيها ، ولا مترشّحا منه ، فليس هناك إشكال في وجوب المقدّمة المفوّتة قبل زمان ذيها حتّى نلتجئ إلى إحدى هذه المحاولات لفكّ الإشكال ، وكلّ هذه الشبهة إنما جاءت من هذا الفرض ، وهو فرض معلوليّة وجوب المقدّمة لوجوب ذيها ، وهو فرض لا واقع له أبدا ، وإن كان هذا القول يبدو غريبا على الأذهان المشبعة بفرض أنّ وجوب ذي المقدّمة علّة لوجوب المقدّمة ، بل نقول أكثر من ذلك : إنّه يجب في المقدّمة المفوّتة أن يتقدّم وجوبها على وجوب ذيها ، إذا كنّا نقول بأنّ مقدّمة الواجب واجبة ، وإن كان الحقّ ـ وسيأتي ـ عدم وجوبها مطلقا.

ولبيان عدم معلوليّة وجوب المقدّمة لوجوب ذيها نذكر أنّ الأمر ـ في الحقيقة ـ هو فعل الآمر ، سواء كان الأمر نفسيّا أم غيريّا ، فالآمر هو العلّة الفاعليّة له دون سواه ، ولكن كلّ أمر إنّما يصدر عن إرادة الآمر ؛ لأنّه فعله الاختياريّ ، والإرادة بالطبع مسبوقة بالشوق إلى فعل المأمور به ـ أي إنّ الآمر لا بدّ أن يشتاق أوّلا إلى فعل الغير على أن يصدر من الغير ـ ، فإذا اشتاقه لا بدّ أن يدعو الغير ويدفعه ويحثّه على الفعل ، فيشتاق إلى الأمر به ، وإذا لم يحصل مانع من الأمر فلا محالة يشتدّ الشوق إلى الأمر حتّى يبلغ الإرادة الحتميّة ، فيجعل الداعي في نفس الغير للفعل المطلوب ، وذلك بتوجيه الأمر نحوه.

هذا حال كلّ مأمور به ، ومن جملته «مقدّمة الواجب» ؛ فإنّه إذا ذهبنا إلى وجوبها من قبل المولى لا بدّ أن نفرض حصول الشوق أوّلا في نفس الآمر إلى صدورها من المكلّف ، غاية الأمر أنّ هذا الشوق تابع للشوق إلى فعل ذي المقدّمة ومنبثق منه ؛ لأنّ المختار إذا اشتاق إلى تحصيل شيء وأحبّه اشتاق وأحبّ بالتبع كلّ ما يتوقّف عليه ذلك الشيء على نحو الملازمة بين الشوقين. وإذا لم يكن هناك مانع من الأمر بالمقدّمات حصلت لدى الآمر ـ ثانيا ـ الإرادة الحتميّة التي تتعلّق بالأمر بها ، فيصدر حينئذ الأمر.

إذا عرفت ذلك ، فإنّك تعرف أنّه إذا فرض أنّ المقدّمة متقدّمة بالوجود الزمانيّ على ذيها على وجه لا يحصل ذوها في ظرفه وزمانه إلاّ إذا حصلت هي قبل حلول زمانه ، كما في أمثلة المقدّمات المفوّتة ، فإنّه لا شكّ في أنّ الآمر يشتاقها أن تحصل في ذلك الزمان

٢٨٧

المتقدّم ، وهذا الشوق بالنسبة إلى المقدّمة يتحوّل إلى الإرادة الحتميّة بالأمر ، إذ لا مانع من البعث نحوها حينئذ ، والمفروض أنّ وقتها قد حان فعلا ، فلا بدّ أن يأمر بها فعلا. أمّا ذو المقدّمة فحسب الفرض لا يمكن البعث نحوه ، والأمر به قبل وقته ؛ لعدم حصول ظرفه ، فلا أمر قبل الوقت ، وإن كان الشوق إلى الأمر به حاصل حينئذ ، ولكن لا يبلغ مبلغ الفعليّة ؛ لوجود المانع.

والحاصل أنّ الشوق إلى ذي المقدّمة والشوق إلى المقدّمة حاصلان قبل وقت ذي المقدّمة ، والشوق الثاني منبعث ومنبثق من الشوق الأوّل ، ولكنّ الشوق إلى المقدّمة يؤثّر أثره ، ويصير إرادة حتميّة ؛ لعدم وجود ما يمنع من الأمر ، دون الشوق إلى ذي المقدّمة ؛ لوجود المانع من الأمر.

وعلى هذا ، فتجب المقدّمة المفوّتة قبل وجوب ذيها ولا محذور فيه ، بل هو أمر لا بدّ منه ، ولا يصحّ أن يقع غير ذلك.

ولا تستغرب ذلك ، فإنّ هذا أمر مطّرد حتّى بالنسبة إلى أفعال الإنسان نفسه ، فإنّه إذا اشتاق إلى فعل شيء اشتاق إلى مقدّماته تبعا ، ولمّا كانت المقدّمات متقدّمة بالوجود زمانا على ذيها فإنّ الشوق إلى المقدّمات يشتدّ حتى يبلغ درجة الإرادة الحتميّة المحرّكة للعضلات فيفعلها ، مع أنّ ذا المقدّمة لم يحن وقته بعد ، ولم تحصل له الإرادة الحتميّة المحرّكة للعضلات ، وإنّما يمكن أن تحصل له الإرادة الحتميّة إذا حان وقته بعد طيّ المقدّمات.

فإرادة الفاعل التكوينيّة للمقدّمة متقدّمة زمانا على إرادة ذيها ، وعلى قياسها الإرادة التشريعيّة ، فلا بدّ أن تحصل للمقدّمة المتقدّمة زمانا قبل أن تحصل لذيها المتأخّر زمانا ، فيتقدّم الوجوب الفعليّ للمقدّمة على الوجوب الفعليّ لذيها زمانا ، على العكس ممّا اشتهر ولا محذور فيه بل هو المتعيّن.

وهذا حال كلّ متقدّم بالنسبة إلى المتأخّر ، فإنّ الشوق يصير شيئا فشيئا قصدا وإرادة ، كما في الأفعال التدريجيّة الوجود (١).

__________________

(١) انتهى ما أفاده المحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ٣٤٤ ـ ٣٤٨.

٢٨٨

وقد تقدّم معنى تبعيّة وجوب المقدّمة لوجوب ذيها ، فلا نعيد ، وقلنا : إنّه ليس معناه معلوليّته لوجوب ذي المقدّمة ، وتبعيّته له وجودا ، كما اشتهر على لسان الأصوليّين (١).

فان قلت : إنّ وجوب المقدّمة ـ كما سبق (٢) ـ تابع لوجوب ذي المقدّمة إطلاقا واشتراطا ، ولا شكّ في أنّ الوقت ـ على الرأي المعروف ـ شرط لوجوب ذي المقدّمة ، فيجب أن يكون أيضا وجوب المقدّمة مشروطا به ؛ قضاء لحقّ التبعيّة.

قلت : إنّ الوقت على التحقيق ليس شرطا للوجوب بمعنى أنّه دخيل في مصلحة الأمر ، كالاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحجّ ، وإن كان دخيلا في مصلحة المأمور به ، ولكنّه لا يتحقّق البعث قبله ، فلا بدّ أن يؤخذ مفروض الوجود بمعنى عدم الدعوة إليه ؛ لأنّه غير اختياريّ للمكلّف. أمّا عدم تحقّق وجوب الموقّت قبل الوقت فلامتناع البعث قبل الوقت.

والسرّ واضح ؛ لأنّ البعث ـ حتى الجعليّ منه ـ يلازم الانبعاث إمكانا ووجودا ، فإذا أمكن الانبعاث أمكن البعث وإلاّ فلا ، وإذ يستحيل الانبعاث قبل الوقت استحال البعث نحوه حتّى الجعليّ. ومن أجل هذا نقول بامتناع الواجب المعلّق ، لأنّه يلازم انفكاك الانبعاث عن البعث.

وهذا بخلاف المقدّمة قبل وقت الواجب ، فإنّه يمكن الانبعاث نحوها ، فلا مانع من فعليّة البعث بالنظر إليها لو ثبت ، فعدم فعليّة الوجوب قبل زمان الواجب إنّما هو لوجود المانع لا لفقدان الشرط ، وهذا المانع موجود في ذي المقدّمة قبل وقته ، مفقود في المقدّمة.

ويتفرّع على هذا فرع فقهيّ ، وهو : أنّه حينئذ لا مانع في المقدّمة المفوّتة العباديّة ـ كالطهارات الثلاث ـ من قصد الوجوب في النيّة قبل وقت الواجب لو قلنا بأنّ مقدّمة الواجب واجبة.

والحاصل أنّ العقل يحكم بلزوم الإتيان بالمقدّمة المفوّتة قبل وقت ذيها ، ولا مانع عقليّ من ذلك.

هذا كلّه من جهة إشكال انفكاك وجوب المقدّمة عن وجوب ذيها. وأمّا من جهة

__________________

(١) تقدّم في الأمر الثاني من هذا الجزء : ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٢) سبق في الصفحة : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.

٢٨٩

إشكال استحقاق العقاب على ترك الواجب بترك مقدّمته مع عدم فعليّة وجوبه فيعلم دفعه ممّا سبق ؛ فإنّ التكليف بذي المقدّمة الموقّت يكون تامّ الاقتضاء ، وإن لم يصر فعليّا لوجود المانع ، وهو عدم حضور وقته. ولا ينبغي الشكّ في أنّ دفع التكليف مع تماميّة اقتضائه تفويت لغرض المولى المعلوم الملزم ، وهذا يعدّ ظلما في حقّه ، وخروجا عن زيّ الرقّيّة ، وتمرّدا عليه ، فيستحقّ عليه العقاب واللوم من هذه الجهة ، وإن لم يكن فيه مخالفة للتكليف الفعليّ المنجّز.

وهذا لا يشبه دفع مقتضي التكليف ، كعدم تحصيل الاستطاعة للحجّ ، فإنّ مثله لا يعدّ ظلما ، وخروجا عن زيّ الرقّيّة ، وتمرّدا على المولى ؛ لأنّه ليس فيه تفويت لغرض المولى المعلوم التامّ الاقتضاء. والمدار في استحقاق العقاب هو تحقّق عنوان الظلم للمولى ، القبيح عقلا.

تمرينات (٣٧)

التمرين الأوّل

١. ما هي المقدّمات المفوّتة؟ ولم سمّيت بالمقدّمات المفوّتة؟

٢. كيف حاول صاحب الفصول تصحيح تقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب في المقدّمات المفوّتة؟

وما وجه ضعف هذه المحاولة؟

٣. كيف حاول الشيخ الأنصاريّ لتصحيح تقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب في المقدّمات المفوّتة؟

٤. ما هي المحاولة المنسوبة إلى المحقّق الخراساني لتصحيح الشبهة المذكورة؟

٥. بيّن ما ذهب إليه المحقّق الأصفهاني في تصحيح وجوب المقدّمة قبل زمان ذيها.

التمرين الثاني

١. اذكر ما ذهب إليه المحقّق الأردبيلي وما ذهب إليه العلاّمة الأراكي في تصحيح وجوب المقدّمة قبل زمان ذيها.

٢٩٠

٩. المقدّمة العباديّة

ثبت بالدليل أنّ بعض المقدّمات الشرعيّة لا تقع (١) مقدّمة إلاّ إذا وقعت على وجه عباديّ ، وثبت أيضا ترتّب الثواب عليها بخصوصها. ومثالها منحصر في الطهارات الثلاث : الوضوء ، والغسل ، والتيمّم.

وقد سبق في الأمر الثاني (٢) الإشكال فيها من جهتين : من جهة أنّ الواجب الغيريّ لا يكون إلاّ توصّليّا ، فكيف يجوز أن تقع المقدّمة بما هي مقدّمة عبادة؟! ومن جهة ثانية : أنّ الواجب الغيريّ بما هو واجب غيريّ لا استحقاق للثواب عليه.

وفي الحقيقة إنّ هذا الإشكال ليس إلاّ إشكالا على أصولنا التي أصّلناها للواجب الغيريّ ، فنقع في حيرة في التوفيق بين ما فهمناه عن الواجب الغيريّ ، وبين عباديّة هذه المقدّمات الثابتة عباديّتها ، وإلاّ فكون هذه المقدّمات عباديّة يستحقّ الثواب عليها أمر مفروغ عنه ، لا يمكن رفع اليد عنه.

فإذن ، لا بدّ لنا من توضيح ما أصّلناه في الواجب الغيريّ بتوجيه عباديّة المقدّمة على وجه يلائم توصّليّة الأمر الغيريّ ، وقد ذهبت الآراء أشتاتا في توجيه ذلك.

ونحن نقول على الاختصار : إنّه من المتيقّن ـ الذي لا ينبغي أن يتطرّق إليه الشكّ من أحد ـ أنّ الصلاة ـ مثلا ـ ثبت من طريق الشرع توقّف صحّتها على إحدى الطهارات الثلاث ، ولكن لا تتوقّف على مجرّد أفعالها كيفما اتّفق وقوعها ، بل إنّما تتوقّف على فعل الطهارة إذا وقع على الوجه العباديّ ، أي إذا وقع متقرّبا به إلى الله (تعالى) ، فالوضوء العباديّ ـ مثلا ـ هو الشرط ، وهو المقدّمة التي تتوقّف صحّة الصلاة عليها.

وعليه ، فلا بدّ أن يفرض الوضوء عبادة قبل فرض تعلّق الأمر الغيريّ به ؛ لأنّ الأمر الغيريّ ـ حسبما فرضناه ـ إنّما يتعلّق بالوضوء العباديّ بما هو عبادة ، لا بأصل الوضوء بما هو ؛ فلم تنشأ عباديّته من الأمر الغيريّ حتّى يقال : «إنّ عباديّته لا تلائم توصّليّة الأمر

__________________

(١) التأنيث باعتبار ما أضيفت إليه كلمة «بعض».

(٢) هذا سهو من المصنّف رحمه‌الله. والصواب : «الأمر الثالث». فراجع الصفحة : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.

٢٩١

الغيريّ» ، بل عباديّته لا بدّ أن تكون مفروضة التحقّق قبل فرض تعلّق الأمر الغيريّ به. ومن هنا يصحّ استحقاق الثواب عليه ؛ لأنّه عبادة في نفسه. (١)

ولكن ينشأ من هذا البيان إشكال آخر ، وهو أنّه إذا كانت عباديّة الطهارات غير ناشئة من الأمر الغيريّ ، فما هو الأمر المصحّح لعباديّتها ، والمعروف أنّه لا يصحّ فرض العبادة عبادة إلاّ بتعلّق أمر بها ليمكن قصد امتثاله ؛ لأنّ قصد امتثال الأمر هو المقوّم لعباديّة العبادة عندهم ، وليس لها في الواقع إلاّ الأمر الغيريّ ، فرجع الأمر بالأخير إلى الغيريّ لتصحيح عباديّتها (٢)؟

على أنّه يستحيل أن يكون الأمر الغيريّ هو المصحّح لعباديّتها ؛ لتوقّف عباديّتها ـ حينئذ ـ على سبق الأمر الغيريّ ، والمفروض أنّ الأمر الغيريّ متأخّر عن فرض عباديّتها ؛ لأنّه إنّما تعلّق بها بما هي عبادة ، فيلزم تقدّم المتأخّر وتأخّر المتقدّم ، وهو خلف محال أو دور على ما قيل (٣).

وقد أجيب عن هذه الشبهة بوجوه كثيرة (٤).

وأحسنها فيما أرى ـ بناء على ثبوت الأمر الغيريّ ، أي وجوب مقدّمة الواجب ، وبناء على أنّ عباديّة العبادة لا تكون إلاّ بقصد الأمر المتعلّق بها ـ هو أنّ المصحّح لعباديّة الطهارات هو الأمر النفسيّ الاستحبابيّ لها في حدّ ذاتها السابق على تعلّق الأمر الغيريّ بها. وهذا الاستحباب باق حتّى بعد فرض الأمر الغيريّ ، ولكن لا بحدّ الاستحباب الذي هو جواز الترك ؛ إذ المفروض أنّه قد وجب فعلها ، فلا يجوز تركها ، وليس الاستحباب إلاّ مرتبة ضعيفة بالنسبة إلى الوجوب ، فلو طرأ عليه الوجوب لا ينعدم ، بل يشتدّ وجوده ؛ فيكون الوجوب استمرارا له كاشتداد السواد والبياض من مرتبة ضعيفة إلى مرتبة أقوى ، وهو وجود واحد مستمرّ. وإذا كان الأمر كذلك فالأمر الغيريّ حينئذ يدعو إلى ما هو

__________________

(١) هذا ما أفاده المحقّق الخراسانيّ في الكفاية : ١٣٩ ـ ١٤٠.

(٢) هذا الإشكال أورده المحقّق النائينيّ على المحقّق الخراسانيّ. راجع أجود التقريرات ١ : ٢٥٥.

(٣) والقائل الشيخ الأنصاريّ في كتاب «الطهارة» : ٨٧ السطر ٢٨ ـ ٣٦.

(٤) راجع أجود التقريرات ١ : ٢٥٥ ؛ بدائع الأفكار (العراقي) ١ : ٣٨١ ؛ نهاية الدراية ١ : ٣٨٠.

٢٩٢

عبادة في نفسه ، فليست عباديّتها متأتّية من الأمر الغيريّ حتّى يلزم الإشكال (١).

ولكن هذا الجواب ـ على حسنه ـ غير كاف بهذا المقدار من البيان لدفع الشبهة. وسرّ ذلك أنّه لو كان المصحّح لعباديّتها هو الأمر الاستحبابيّ النفسيّ بالخصوص لكان يلزم ألاّ تصحّ هذه المقدّمات إلاّ إذا جاء بها المكلّف بقصد امتثال الأمر الاستحبابيّ فقط ، مع أنّه لا يفتي بذلك أحد ، ولا شكّ في أنّها تقع صحيحة لو أتي بها بقصد امتثال أمرها الغيريّ ، بل بعضهم اعتبر قصده في صحّتها بعد دخول وقت الواجب المشروط بها.

فنقول إكمالا للجواب : إنّه ليس مقصود المجيب من كون استحبابها النفسيّ مصحّحا لعباديّتها أنّ المأمور به بالأمر الغيريّ هو الطهارة المأتيّ بها بداعي امتثال الأمر الاستحبابيّ. كيف وهذا المجيب قد فرض عدم بقاء الاستحباب بحدّه بعد ورود الأمر الغيريّ (٢) ، فكيف يفرض أنّ المأمور به هو المأتيّ به بداعي امتثال الأمر الاستحبابيّ؟! بل مقصود المجيب أنّ الأمر الغيريّ لمّا كان متعلّقه هو الطهارة بما هي عبادة ، ولا يمكن أن تكون عباديّتها ناشئة من نفس الأمر الغيريّ بما هو أمر غيريّ ، فلا بدّ من فرض عباديّتها لا من جهة الأمر الغيريّ وبفرض سابق عليه ، وليس هو إلاّ الأمر الاستحبابيّ النفسيّ المتعلّق بها ، وهذا يصحّح عباديّتها قبل فرض تعلّق الأمر الغيريّ بها ، وإن كان حين توجّه الأمر الغيريّ لا يبقى ذلك الاستحباب بحدّه وهو جواز الترك ، ولكن لا تذهب بذلك عباديّتها ؛ لأنّ المناط في عباديّتها ليس جواز الترك كما هو واضح ، بل المناط مطلوبيّتها الذاتيّة ورجحانها النفسيّ ، وهي باقية بعد تعلّق الأمر الغيريّ. وإذا صحّ تعلّق الأمر الغيريّ بها بما هي عبادة واندكاك الاستحباب فيه ـ بمعنى أنّ الأمر الغيريّ يكون استمرارا لتلك المطلوبيّة ـ فإنّه حينئذ لا يبقى إلاّ الأمر الغيريّ صالحا للدعوة إليها ، ويكون هذا الأمر

__________________

(١) هذا الجواب ما أفاده المحقّق الخوئيّ في تعليقاته على أجود التقريرات ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، والمحاضرات ٢ : ٤٠١ ـ ٤٠٢.

(٢) فإنّه قال : «فإنّ الأمر الاستحبابيّ ولو فرض تبدّله بالأمر الوجوبيّ لزوال حدّ الاستحباب بعرض * الوجوب الغيريّ ...». راجع تعليقاته على أجود التقريرات ١ : ٢٥٦.

__________________

* العروض استعمال لا تساعده اللغة.

٢٩٣

الغيريّ نفسه أمرا عباديّا ، غاية الأمر أنّ عباديّته لم تجئ من أجل نفس كونه أمرا غيريّا ، بل من أجل كونه امتدادا لتلك المطلوبيّة النفسيّة وذلك الرجحان الذاتيّ الذي حصل من ناحية الأمر الاستحبابيّ النفسيّ السابق (١).

وعليه ، فينقلب الأمر الغيريّ عباديّا ، ولكنّه عباديّ بالعرض لا بالذات حتّى يقال : «إنّ الأمر الغيريّ توصّليّ لا يصلح للعباديّة».

من هنا لا يصحّ الإتيان بالطهارة بقصد الاستحباب بعد دخول الوقت للواجب المشروط بها ؛ لأنّ الاستحباب بحدّه قد اندكّ في الأمر الغيريّ ، فلم يعد موجودا حتّى يصحّ قصده.

نعم ، يبقى أن يقال : إنّ الأمر الغيريّ إنّما يدعو إلى الطهارة الواقعة على وجه العبادة ؛ لأنّه حسب الفرض متعلّقه هو الطهارة بصفة العبادة ، لا ذات الطهارة ، والأمر لا يدعو إلاّ إلى ما تعلّق به ، فكيف صحّ أن يؤتى بذات العبادة بداعي امتثال أمرها الغيريّ ، ولا أمر غيريّ بذات العبادة؟!

ولكن ندفع هذا الإشكال بأن نقول : إذا كان الوضوء ـ مثلا ـ مستحبّا نفسيّا فهو قابل لأن يتقرّب به من المولى ، وفعليّة التقرّب تتحقّق بقصد الأمر الغيريّ المندكّ فيه الأمر الاستحبابيّ.

وبعبارة أخرى : قد فرضنا الطهارات عبادات نفسيّة في مرتبة سابقة على الأمر الغيريّ المتعلّق بها ، والأمر الغيريّ إنّما يدعو إلى ذلك ، فإذا جاء المكلّف بها بداعي الأمر الغيريّ المندكّ فيه الاستحباب ـ والمفروض [أنّه] ليس هناك أمر موجود غيره ـ صحّ التقرّب به ، ووقعت عبادة لا محالة ، فيتحقّق ما هو شرط الواجب ومقدّمته.

هذا كلّه بناء على ثبوت الأمر الغيريّ بالمقدّمة ، وبناء على أنّ مناط عباديّة العبادة هو قصد الأمر المتعلّق بها.

وكلا المبنيين نحن لا نقول به.

أمّا الأوّل : فسيأتي في البحث الآتي الدليل على عدم وجوب مقدّمة الواجب ، فلا أمر

__________________

(١) هذا التوجيه يناسب ما ذكره أستاذه المحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ٣٨٠ ـ ٣٨١ و ٣٨٣.

٢٩٤

غيريّ أصلا.

وأمّا الثاني : فلأنّ الحقّ أنّه يكفي في عباديّة الفعل ارتباطه بالمولى ، والإتيان به متقرّبا إليه (تعالى). غاية الأمر أنّ العبادات قد ثبت أنّها توقيفيّة ، فما لم يثبت رضا المولى بالفعل ، وحسن الانقياد ، وقصد وجه الله بالفعل لا يصحّ الإتيان بالفعل عبادة ، بل يكون تشريعا محرّما. ولا يتوقّف ذلك على تعلّق أمر المولى بنفس الفعل على أن يكون أمرا فعليّا من المولى ، ولذا قيل : «يكفي في عباديّة العبادة حسنها الذاتيّ ومحبوبيّتها الذّاتيّة للمولى حتّى لو كان هناك مانع من توجّه الأمر الفعليّ بها (١)».

وإذا ثبت ذلك ، فنقول في تصحيح عباديّة الطهارات : إنّ فعل المقدّمة بنفسه يعدّ شروعا في امتثال ذي المقدّمة ـ الذي هو حسب الفرض في المقام عبادة في نفسه مأمور بها ـ فيكون الإتيان بالمقدّمة بنفسه يعدّ امتثالا للأمر النفسيّ بذي المقدّمة العباديّ. ويكفي في عباديّة الفعل ـ كما قلنا ـ ارتباطه بالمولى والإتيان به متقرّبا إليه (تعالى) مع عدم ما يمنع من التعبّد به. ولا شكّ في أنّ قصد الشروع بامتثال الأمر النفسيّ بفعل مقدّماته قاصدا بها التوصّل إلى الواجب النفسيّ العباديّ يعدّ طاعة وانقيادا للمولى (٢).

وبهذا تصحّح عباديّة المقدّمة ، وإن لم نقل بوجوبها الغيريّ ، ولا حاجة إلى فرض طاعة الأمر الغيريّ.

ومن هنا يصحّ أن تقع كلّ مقدّمة عبادة ، ويستحقّ عليها الثواب بهذا الاعتبار ، وإن لم تكن في نفسها معتبرا فيها أن تقع على وجه العبادة ، كتطهير الثوب ـ مثلا ـ مقدّمة للصلاة ، أو كالمشي حافيا مقدّمة للحجّ أو الزيارة ، غاية الأمر أنّ الفرق بين المقدّمات العباديّة وغيرها أنّ غير العباديّة لا يلزم فيها أن تقع على وجه قربيّ ، بخلاف المقدّمات المشروط فيها أن تقع عبادة ، كالطهارات الثلاث.

ويؤيّد ذلك ما ورد من الثواب على بعض المقدّمات ، ولا حاجة إلى التأويل الذي ذكرناه سابقا في الأمر الثالث ـ من أنّ الثواب على ذي المقدّمة يوزّع على المقدّمات

__________________

(١) هكذا قال المحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ٣٨٣ و ٣٨٥.

(٢) كما في نهاية الدراية ١ : ٣٨٣.

٢٩٥

باعتبار دخالتها في زيادة حمازة الواجب (١) ـ ، فإنّ ذلك التأويل مبنيّ على فرض ثبوت الأمر الغيريّ وأنّ عباديّة المقدّمة واستحقاق الثواب عليها لا ينشئان إلاّ من جهة الأمر الغيريّ ؛ اتّباعا للمشهور المعروف بين القوم.

فإن قلت : إنّ الأمر لا يدعو إلاّ إلى ما تعلّق به ، فلا يعقل أن يكون الأمر بذي المقدّمة داعيا بنفسه إلى المقدّمة إلاّ إذا قلنا بترشّح أمر آخر منه بالمقدّمة ، فيكون هو الداعي ، وليس هذا الأمر الآخر المترشّح إلاّ الأمر الغيريّ ، فرجع الإشكال جذعا.

قلت : نعم ، الأمر لا يدعو إلاّ إلى ما تعلّق به ، ولكنّا لا ندّعي أنّ الأمر بذي المقدّمة هو الذي يدعو إلى المقدّمة ، بل نقول : إنّ العقل هو الدّاعي إلى فعل المقدّمة توصّلا إلى فعل الواجب (٢) ، وسيأتي أنّ هذا الحكم العقليّ لا يستكشف منه ثبوت أمر غيريّ من المولى ، ولا يلزم أن يكون هناك أمر بنفس المقدّمة لتصحيح عباديّتها ، ويكون داعيا إليها (٣).

والحاصل أنّ الدّاعي إلى فعل المقدّمة هو حكم العقل ، والمصحّح لعباديّتها شيء آخر ، هو قصد التقرّب بها ، ويكفي في التقرّب بها إلى الله أن يأتي بها بقصد التوصّل إلى ما هو عبادة ، لا أنّ الداعي إلى فعل المقدّمة هو نفس المصحّح لعباديّتها ، ولا أنّ المصحّح لعباديّة العبادة منحصر في قصد الأمر المتعلّق بها ، وقد سبق توضيح ذلك.

وعليه ، فإن كانت المقدّمة ذات الفعل كالتطهير من الخبث ، فالعقل لا يحكم إلاّ بإتيانها على أيّ وجه وقعت ، ولكن لو أتى بها المكلّف متقرّبا بها إلى الله توصّلا إلى العبادة صحّت ووقعت على صفة العباديّة ، واستحقّ عليها الثواب. وإن كانت المقدّمة عملا عباديّا كالطهارة من الحدث ، فالعقل يلزم بالإتيان بها كذلك ، والمفروض أنّ المكلّف متمكّن من ذلك ، سواء كان هناك أمر غيريّ أم لم يكن ، وسواء كانت المقدّمة في نفسها مستحبّة أم لم تكن.

فلا إشكال من جميع الوجوه في عباديّة الطهارات.

__________________

(١) راجع الصفحة : ٢٧٣.

(٢) كما في نهاية الدراية ١ : ٣٨٣.

(٣) يأتي في الصفحة : ٢٩٩.

٢٩٦

النتيجة

مسألة مقدّمة الواجب والأقوال فيها

بعد تقديم تلك التمهيدات نرجع إلى أصل المسألة ، وهو البحث عن وجوب مقدّمة الواجب ، الذي قلنا : إنّه آخر ما يشغل بال الأصوليّين.

وقد عرفت في مدخل المسألة موضع البحث فيها ببيان تحرير [محلّ] النزاع ، وهو ـ كما قلنا ـ الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ؛ إذ قلنا : إنّ العقل يحكم بوجوب مقدّمة الواجب ـ أي إنّه يدرك لزومها ـ ، ولكن وقع البحث في أنّه هل يحكم أيضا بأنّ المقدّمة واجبة أيضا عند من أمر بما يتوقّف عليها؟

لقد تكثّرت الأقوال جدّا في هذه المسألة على مرور الزمن ، نذكر أهمّها ، ونذكر ما هو الحقّ منها ، وهي :

١. القول بوجوبها مطلقا (١).

٢. القول بعدم وجوبها مطلقا (٢) ، وهو الحقّ وسيأتي دليله.

٣. التفصيل بين السبب فلا يجب ، وبين غيره كالشرط وعدم المانع والمعدّ فيجب (٣).

٤. التفصيل بين السبب وغيره أيضا ، ولكن بالعكس أي يجب السبب دون غيره (٤).

٥. التفصيل بين الشرط الشرعيّ ، فلا يجب بالوجوب الغيريّ باعتبار أنّه واجب بالوجوب النفسيّ ، نظير جزء الواجب ، وبين غيره ، فيجب بالوجوب الغيريّ. وهو القول

__________________

(١) وهذا ما نسب إلى المشهور في بدائع الأفكار (الرشتي) : ٣٤٨. وذهب إليه المحقّق الخراسانيّ في الكفاية : ١٤٣ ، والمحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ١ : ٣٣٢ ـ ٣٣٣. وهو الظاهر من بعض كلمات الشيخ الأنصاريّ في مطارح الأنظار : ٧٥ ـ ٧٦.

وذهب إليه الآمدي من العامّة في الإحكام ١ : ١٥٨.

(٢) ذهب إليه المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ١ : ٣٩٧ ـ ٤٠٢. واختاره المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٢ : ٤٣٨ ، والسيّد الحكيم في حقائق الأصول ١ : ٢٦٢ ـ ٢٦٨.

(٣) لم أعثر على قائله.

(٤) وهو الظاهر من عبارة السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٨٣.

٢٩٧

المعروف عن شيخنا المحقّق النائينيّ (١).

٦. التفصيل بين الشرط الشرعيّ وغيره أيضا ، ولكن بالعكس ، أي يجب الشرط الشرعيّ بالوجوب المقدّميّ دون غيره (٢).

٧. التفصيل بين المقدّمة الموصلة ـ أي التي يترتّب عليها الواجب النفسيّ ـ فتجب ، وبين المقدّمة غير الموصلة فلا تجب ، وهو المذهب المعروف لصاحب الفصول (٣).

٨. التفصيل بين ما قصد به التوصّل من المقدّمات فيقع على صفة الوجوب ، وبين ما لم يقصد به ذلك فلا يقع واجبا. وهو القول المنسوب إلى الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره (٤).

٩. التفصيل المنسوب إلى صاحب المعالم (٥) الذي أشار إليه في مسألة الضدّ (٦) ، وهو اشتراط وجوب المقدّمة بإرادة ذيها ، فلا تكون المقدّمة واجبة على تقدير عدم إرادته.

١٠. التفصيل بين المقدّمة الداخليّة ـ أي الجزء ـ فلا تجب ، وبين المقدّمة الخارجيّة فتجب (٧).

وهناك تفصيلات أخرى عند المتقدّمين ، لا حاجة إلى ذكرها.

وقد قلنا : إنّ الحقّ في المسألة ـ كما عليه جماعة من المحقّقين المتأخّرين (٨) ـ

__________________

(١) راجع أجود التقريرات ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٢) وهذا منسوب إلى إمام الحرمين وابن القشيريّ وابن برهان وابن الحاجب. راجع نهاية السئول ١ : ٢٠٠.

(٣) الفصول الغرويّة : ٨٦.

(٤) نسبه إليه مقرّر بحثه في مطارح الأنظار : ٧٢. ولكن في نسبته هذا إليه نظر.

قال المحقّق النائينيّ : «المحكي عن الشيخ في المقام مضطرب من حيث المبنى ، ومن حيث ما فرّع عليه ، وظنّي أنّ المقرّر لم يصل إلى مراد الشيخ». فوائد الأصول ١ : ٢٨٨.

بل الظاهر من بعض كلماته أنّه قال بوجوب المقدّمة مطلقا. راجع مطارح الأنظار : ٧٥ ـ ٧٦.

(٥) نسب إليه في مطارح الأنظار : ٧٢ ، وفوائد الأصول ١ : ٢٨٦.

(٦) قال صاحب المعالم في مسألة الضدّ : «وأيضا فحجّة القول بوجوب المقدّمة على تقدير تسليمها إنّما ينهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلّف مريدا للفعل المتوقّف عليها ، كما لا يخفى على من أعطاها حقّ النظر.» معالم الدين : ٨٠.

(٧) لعلّه مذهب من قال بخروج المقدّمات الداخليّة عن محل النزاع.

(٨) أوّل من تنبّه إلى ذلك وأقام عليه البرهان بالأسلوب الذي ذكرناه ـ فيما أعلم ـ أستاذنا المحقّق ـ

٢٩٨

القول الثاني ، وهو عدم وجوبها مطلقا.

والدليل عليه واضح بعد ما قلنا ـ من أنّه في موارد حكم العقل بلزوم شيء على وجه يكون حكما داعيا للمكلّف إلى فعل الشيء لا يبقى مجال للأمر المولويّ (١) فإنّ هذه المسألة من ذلك الباب من جهة العلّة ؛ وذلك لأنّه إذا كان الأمر بذي المقدّمة داعيا للمكلّف إلى الإتيان بالمأمور به فإنّ دعوته هذه ـ لا محالة بحكم العقل ـ تحمله وتدعوه إلى الإتيان بكلّ ما يتوقّف عليه المأمور به تحصيلا له. ومع فرض وجود هذا الداعي في نفس المكلّف لا تبقى حاجة إلى داع آخر من قبل المولى ، مع علم المولى ـ حسب الفرض ـ بوجود هذا الداعي ، لأنّ الأمر المولويّ ـ سواء كان نفسيّا أم غيريّا ـ إنّما يجعله المولى لغرض تحريك المكلّف نحو فعل المأمور به ، إذ يجعل الداعي في نفسه حيث لا داعي. بل يستحيل في هذا الفرض جعل الداعي الثاني من المولى ؛ لأنّه يكون من باب تحصيل الحاصل.

وبعبارة أخرى : إنّ الأمر بذي المقدّمة لو لم يكن كافيا في دعوة المكلّف إلى الإتيان بالمقدّمة فأيّ أمر بالمقدّمة لا ينفع ، ولا يكفي للدعوة إليها بما هي مقدّمة ، ومع كفاية الأمر بذي المقدّمة لتحريكه إلى المقدّمة ، وللدعوة إليها ، فأيّة حاجة تبقى إلى الأمر بها من قبل المولى؟ ، بل يكون عبثا ولغوا ، بل يمتنع ؛ لأنّه تحصيل للحاصل.

وعليه ، فالأوامر الواردة في بعض المقدّمات يجب حملها على الإرشاد ، وبيان شرطيّة متعلّقها للواجب وتوقّفه عليها ، كسائر الأوامر الإرشاديّة في موارد حكم العقل ، وعلى هذا يحمل قوله عليه‌السلام : «إذا زالت الشمس ، فقد وجب الطهور والصلاة» (٢).

__________________

ـ الأصفهانيّ قدس‌سره * ، وقد عضّد هذا القول السيد الجليل المحقّق الخوئيّ رحمه‌الله **. وكذلك ذهب إلى هذا القول وأوضحه سيّدنا المحقّق الحكيم دام ظلّه في حاشيته على الكفاية ***. ـ منه رحمه‌الله ـ.

(١) راجع الصفحة : ٢٤٥.

(٢) هذا مفاد الروايات الواردة في الباب ، وإليك نصّ الرواية : «إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة». الوسائل ١ : ٢٦١ ، الباب ٤ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.

__________________

* نهاية الدراية ١ : ٣٩٧ ـ ٤٠٢.

** المحاضرات ٢ : ٤٣٨.

*** حقائق الأصول ١ : ٢٦٢ ـ ٢٦٨.

٢٩٩

ومن هذا البيان نستحصل على النتيجة الآتية :

«إنّه لا وجوب غيريّ أصلا ، وينحصر الوجوب المولويّ بالواجب النفسيّ فقط. فلا موقع إذن لتقسيم الواجب إلى النفسيّ والغيريّ. فليحذف ذلك من سجلّ الأبحاث الأصوليّة».

تمرينات (٣٨)

١. ما هو توجيه عباديّة المقدّمات الثلاث على وجه يلائم توصّليّة الأمر الغيريّ؟

٢. ما هو الأمر المصحّح لعباديّة الطهارات الثلاث؟

٣. ما هي الأقوال في وجوب مقدّمة الواجب؟ وما هو الحقّ عند المصنّف؟

٣٠٠