اُصول الفقه

الشيخ محمّد رضا المظفّر

اُصول الفقه

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


المحقق: الشيخ عبّاس علي الزارعي السبزواري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-003-3
الصفحات: ٦٨٨

حكم الشكّ في الشبهة الموضوعيّة من مسائل الفقه.

الثالث : أنّه قد علم ممّا تقدّم في صدر التنبيه أنّ الرجوع إلى الأصول العمليّة إنّما يصحّ بعد الفحص واليأس من الظفر بالأمارة على الحكم الشرعيّ في مورد الشبهة. ومنه يعلم أنّه مع الأمل (١) ووجود المجال للفحص لا وجه لإجراء الأصول والاكتفاء بها في مقام العمل ، بل اللازم أن يفحص حتى ييأس ؛ لأنّ ذلك هو مقتضى وجوب المعرفة والتعلّم ، فلا معذّر عن التكليف الواقعيّ لو وقع في مخالفته بالعمل بالأصل ، لا سيّما مثل أصل البراءة.

تمرينات (٦٦)

١. ما هو محلّ البحث في المقصد الرابع؟

٢. هل الحصر في الأصول الأربعة حصر حقيقيّ ، أو استقرائيّ؟

٣. اذكر ما أفاد المحقّق النائيني في مجاري الأصول الأربعة.

٤. اذكر أقسام الشكّ باعتبار الحكم المأخوذ فيه.

٥. ما الفرق بين «الشبهة الحكميّة» و «الشبهة الموضوعيّة»؟ وأيّتهما مقصودة بالبحث في المقصد الرابع؟

__________________

(١) أي : الرجاء.

٦٠١

الاستصحاب

تعريفه

إذا تيقّن المكلّف بحكم أو بموضوع ذي حكم ، ثمّ تزلزل يقينه السابق بأن شكّ في بقاء ما كان قد تيقّن به سابقا ؛ فإنّه بمقتضى ذهاب يقينه السابق يقع المكلّف في حيرة من أمره في مقام العمل ، هل يعمل على وفق ما كان متيقّنا به ـ ولكنّه ربما زال ذلك المتيقّن ، فيقع في مخالفة الواقع ـ أو لا يعمل على وفقه ، فينقضي ذلك اليقين بسبب ما عراه من الشكّ ، ويتحلّل ممّا تيقّن به سابقا ـ ولكنّه ربما كان المتيقّن باقيا على حاله لم يزل ، فيقع في مخالفة الواقع ـ؟ إذن ما ذا تراه صانعا؟

لا شكّ أنّ هذه الحيرة طبيعيّة للمكلّف الشاكّ ، فتحتاج إلى ما يرفعها من مستند شرعيّ ، فإن ثبت بالدليل أنّ القاعدة هي أن يعمل على وفق اليقين السابق وجب الأخذ بها ، ويكون معذورا لو وقع في المخالفة ، وإلاّ فلا بدّ أن يرجع إلى مستند يطمّنه من التحلّل ممّا تيقّن سابقا ، ولو مثل أصل البراءة ، أو الاحتياط.

وقد ثبت لدى الكثير من الأصوليين أنّ القاعدة في ذلك أن يأخذ بالمتيقّن السابق عند الشكّ اللاحق في بقائه ، على اختلاف أقوالهم في شروط جريان هذه القاعدة ، وحدودها على ما سيأتي. وسمّوا هذه القاعدة بـ «الاستصحاب».

وكلمة «الاستصحاب» مأخوذة في أصل اشتقاقها من كلمة «الصحبة» من باب الاستفعال ، فتقول : «استصحبت هذا الشخص» إذا اتّخذته صاحبا مرافقا لك. وتقول : «استصحبت هذا الشيء» إذا حملته معك.

وإنّما صحّ إطلاق هذه الكلمة على هذه القاعدة في اصطلاح الأصوليّين باعتبار أنّ العامل بها يتّخذ ما تيقّن به سابقا صحيبا له إلى الزمان اللاحق في مقام العمل.

وعليه ، فكما يصحّ أن تطلق كلمة «الاستصحاب» على نفس الإبقاء العمليّ من الشخص المكلّف العامل ، كذلك يصحّ إطلاقها على نفس القاعدة لهذا الإبقاء العمليّ ؛ لأنّ القاعدة في الحقيقة إبقاء ، واستصحاب من الشارع حكما.

٦٠٢

إذا عرفت ذلك فينبغي أن يجعل التعريف لهذه القاعدة المجعولة ، لا لنفس الإبقاء العمليّ من المكلّف العامل بالقاعدة ؛ لأنّ المكلّف يقال له : «عامل بالاستصحاب ، ومجر له» ، وإن صحّ أن يقال له : «إنّه استصحب» ، كما يقال له : «أجرى الاستصحاب».

وعلى كلّ حال ، فموضوع البحث هنا هو هذه القاعدة العامّة. والمقصود بالبحث إثباتها ، وإقامة الدليل عليها ، وبيان مدى حدود العمل بها ، فلا وجه لجعل التعريف لذات الإبقاء العمليّ الذي هو فعل العامل بالقاعدة ، كما صنع بعضهم (١) ، فوقع في حيرة من توجيه التعريفات.

وإلى تعريف القاعدة نظر من عرّف الاستصحاب بأنّه «إبقاء ما كان» (٢) ، فإنّ القاعدة في الحقيقة معناها إبقاؤه حكما (٣). وكذلك من عرّفه بأنّه «الحكم ببقاء ما كان» (٤). ولذا قال الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره عن ذلك التعريف : «والمراد بالإبقاء : الحكم بالبقاء» ، بعد أن قال : «إنّه أسدّ التعاريف وأخصرها».

ولقد أحسن وأجاد في تفسير «الإبقاء» بالحكم بالبقاء ، ليدلّنا على أنّ المراد من «الإبقاء» حكما الذي هو القاعدة ، لا الإبقاء عملا الذي هو فعل العامل بها.

وقد اعترض (٥) على هذا التعريف ـ الذي استحسنه الشيخ قدس‌سره ـ بعدّة أمور نذكر أهمّها ،

__________________

(١) وهو المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ٣ : ٩ ـ ١٤.

(٢) قال الشيخ الأنصاريّ : إنّ هذا التعريف أسدّ التعاريف وأخصرها. ثمّ قال : وإليه مرجع تعريفه في الزبدة بـ «أنّه إثبات الحكم في الزمان الثاني تعويلا على ثبوته في الزمان الأوّل». فرائد الأصول ٢ : ٥٤١.

(٣) أي : إبقاء ما كان حكما.

(٤) هكذا عرّفه العلاّمة الآشتيانيّ في بحر الفوائد ٣ : ٣. والتحقيق أنّه نفس التعريف الأوّل الذي اختاره الشيخ الأنصاريّ ، لأنّه فسّر الإبقاء في التعريف الأوّل بالحكم بالبقاء ، فمعنى قوله : «إبقاء ما كان» هو الحكم ببقاء ما كان. والمحقّق العراقي فسّر «الحكم» بالتصديق الظنّي أو اليقين التعبّدي. نهاية الأفكار ٤ «القسم الأوّل» : ٢ ـ ٣ ، وتعليقاته على فوائد الأصول ٤ : ٣٠٧.

(٥) والمعترض عليه بالأمرين الآتيين هو المحقّق الخراسانيّ في الحاشية على الرسائل : ١٧١.

واعترض عليه المحقّق الأصفهانيّ بالأمر الأوّل في نهاية الدراية ٣ : ٦.

٦٠٣

ونجيب عنها (١) :

منها : [أنّه] لا جامع للاستصحاب بحسب المشارب فيه من جهة المباني الثلاثة الآتية في حجّيّته ، وهي الأخبار ، وبناء العقلاء ، وحكم العقل. فلا يصحّ أن يعبّر عنه «بالإبقاء» على جميع هذه المباني ؛ وذلك لأنّ المراد منه إن كان الإبقاء العمليّ من المكلّف فليس بهذا المعنى موردا لحكم العقل ؛ لأنّ المراد من حكم العقل هنا إذعانه ، كما سيأتي ، وإذعانه إنّما هو ببقاء الحكم ، لا بإبقائه العمليّ من المكلّف. وإن كان المراد منه الإبقاء غير المنسوب إلى المكلّف ، فمن الواضح أنّه لا جهة جامعة بين الإلزام الشرعيّ ـ الذي هو متعلّق بالإبقاء ـ وبين البناء العقلائيّ ، والإدراك العقليّ.

والجواب يظهر ممّا سبق ؛ فإنّ المراد من الاستصحاب هو القاعدة في العمل المجعولة من قبل الشارع ، وهي قاعدة واحدة في معناها على جميع المباني ، غاية الأمر أنّ الدليل عليها تارة يكون الأخبار ، وأخرى بناء العقلاء ، وثالثة إذعان العقل الذي يستكشف منه حكم الشرع.

ومنها : أنّ التعريف المذكور لا يتكفّل ببيان أركان الاستصحاب من نحو اليقين السابق ، والشكّ اللاحق.

والجواب : أنّ التعبير «بإبقاء ما كان» مشعر بالركنين معا :

أمّا الأوّل : ـ وهو اليقين السابق ـ فيفهم من كلمة «ما كان» ؛ لأنّه ـ كما أفاده الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره ـ «دخل الوصف في الموضوع مشعر بعلّيّته للحكم ، فعلّة الإبقاء أنّه كان ، فيخرج من التعريف إبقاء الحكم ؛ لأجل وجود علّته ، أو دليله». (٢) وحينئذ ، لا يفرض «أنّه كان» إلاّ إذا كان متيقّنا.

وأمّا الثاني : ـ وهو الشكّ اللاحق ـ فيفهم من كلمة «الإبقاء» الذي معناه الإبقاء حكما ، وتنزيلا ، وتعبّدا ، ولا يكون الحكم التعبّديّ التنزيليّ إلاّ في مورد مفروض فيه الشكّ في الواقع الحقيقيّ ، بل مع عدم الشكّ في البقاء لا معنى لفرض الإبقاء ، وإنّما يكون بقاء

__________________

(١) الضمير راجع إلى الأهمّ باعتبار المضاف إليه ، وكم له من نظائر؟!.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٤١.

٦٠٤

للحكم ، ويكون أيضا عملا بالحاضر ، لا بما كان.

مقوّمات الاستصحاب

بعد أن أشرنا إلى أنّ لقاعدة الاستصحاب أركانا ، ـ نقول تعقيبا على ذلك ـ : إنّ هذه القاعدة تتقوّم بعدّة أمور إذا لم تتوفّر فيها فإمّا ألاّ تسمّى استصحابا أو لا تكون مشمولة لأدلّته الآتية (١). ويمكن أن ترتقي هذه المقوّمات إلى سبعة أمور ، حسبما تقتنص من كلمات الباحثين :

١. «اليقين» : والمقصود به اليقين بالحالة السابقة ، سواء كانت حكما شرعيّا ، أو موضوعا ذا حكم شرعيّ. وقد قلنا سابقا : (٢) إنّ ذلك ركن في الاستصحاب ؛ لأنّ المفهوم من الأخبار الدالّة عليه ، بل من معناه أن يثبت يقين بالحالة السابقة ، وأنّ لثبوت هذا اليقين علّيّة في القاعدة.

ولا فرق في ذلك بين أن نقول بأنّ اعتبار سبق اليقين من جهة كونه صفة قائمة بالنفس ، وبين أن نقول بذلك من جهة كونه طريقا ، وكاشفا. وسيأتي بيان وجه الحقّ من القولين. (٣)

٢. «الشكّ» : والمقصود منه الشكّ في بقاء المتيقّن. وقد قلنا سابقا : (٤) إنّه ركن في الاستصحاب ؛ لأنّه لا معنى لفرض هذه القاعدة ، ولا للحاجة إليها ، مع فرض بقاء اليقين ، أو تبدّله بيقين آخر ، ولا يصحّ أن تجري إلاّ في فرض الشكّ في بقاء ما كان متيقّنا. فالشكّ مفروغ عنه في فرض جريان قاعدة الاستصحاب ، فلا بدّ أن يكون مأخوذا في موضوعها.

__________________

(١) فلا تكون حجّة على الحكم الفرعي.

(٢) في الجواب عن الاعتراض الثاني.

(٣) لم يأت في المباحث الآتية.

قال المحقّق النائيني : «فأخذ اليقين في الأخبار إنّما يكون باعتبار كونه كاشفا ، وطريقا إلى المتيقّن ، لا بما أنّه صفة قائمة في النفس». فوائد الأصول ٣ : ٣٧٤.

ولا يبعد أن ينهج المصنّف في المقام منهج أستاذه المحقّق النائيني ، كما يشعر به كلامه الآتي : «لا يصحّ أن يقصد أحكام اليقين من جهة أنّه صفة من الصفات ... ، فالمراد من الأحكام الأحكام الثابتة للمتيقّن بواسطة اليقين به». راجع الصفحة : ٦٤٤.

(٤) في الصفحة السابقة.

٦٠٥

ولكن ينبغي ألاّ يخفى أنّ المقصود من الشكّ ما هو أعمّ من الشكّ بمعناه الحقيقيّ ـ أي تساوي الاحتمالين ـ ومن الظنّ غير المعتبر ، فيكون المراد منه عدم العلم والعلميّ مطلقا ، وستأتي الإشارة إلى سرّ ذلك.

٣. «اجتماع اليقين والشكّ في زمان واحد» : بمعنى أن يتّفق في آن واحد حصول اليقين والشكّ ، لا بمعنى أنّ مبدأ حدوثهما يكون في آن واحد ، بل قد يكون مبدأ حدوث اليقين قبل حدوث الشكّ ، كما هو المتعارف في أمثلة الاستصحاب ، (١) وقد يكونان متقارنين حدوثا ، كما لو علم يوم الجمعة ـ مثلا ـ بطهارة ثوبه يوم الخميس ، وفي نفس يوم الجمعة في آن حصول العلم حصل له الشكّ في بقاء الطهارة السابقة إلى يوم الجمعة ، وقد يكون مبدأ حدوث اليقين متأخّرا عن حدوث الشكّ ، كما لو حدث الشكّ يوم الجمعة في طهارة ثوبه واستمرّ الشكّ إلى يوم السبت ، ثمّ حدث له يقين يوم السبت في أنّ الثوب كان طاهرا يوم الخميس ، فإنّ كلّ هذه الفروض هي مجرى للاستصحاب.

والوجه في اعتبار اجتماع اليقين والشكّ في الزمان واضح ؛ لأنّ ذلك هو المقوّم لحقيقة الاستصحاب الذي هو إبقاء ما كان ؛ إذ لو لم يجتمع اليقين السابق مع الشكّ اللاحق زمانا فإنّه لا يفرض ذلك إلاّ فيما إذا تبدّل اليقين بالشكّ ، وسرى الشكّ إليه ، فلا يكون العمل باليقين إبقاء لما كان ، بل هذا مورد قاعدة اليقين المباينة في حقيقتها لقاعدة الاستصحاب ، وستأتي الإشارة إليها. (٢)

٤. «تعدّد زمان المتيقّن والمشكوك» : ويشعر بهذا الشرط نفس الشرط الثالث المتقدّم ؛ لأنّه مع فرض وحدة زمان اليقين والشكّ يستحيل فرض اتّحاد زمان المتيقّن والمشكوك مع كون المتيقّن نفس المشكوك ، كما سيأتي اشتراط ذلك (٣) في الاستصحاب أيضا. (٤)

__________________

(١) كما لو علم يوم الخميس بطهارة ثوبه ، واستمرّ علمه إلى يوم الجمعة ، ثمّ حدث له الشك يوم الجمعة في طهارة ثوبه وبقائها إلى يوم الجمعة.

(٢) أي قاعدة اليقين. وتأتي بعد أسطر.

(٣) أي كون المتيقّن نفس المشكوك.

(٤) وهو الركن الخامس الآتي.

٦٠٦

وذلك ؛ لأنّ معناه اجتماع اليقين والشكّ بشيء واحد ، وهو محال. والحقيقة أنّ وحدة زمان صفتي اليقين والشكّ بشيء واحد تستلزم تعدّد زمان متعلّقهما ، وبالعكس ، أي إنّ وحدة زمان متعلّقهما تستلزم تعدّد زمان الصفتين.

وعليه ، فلا يفرض الاستصحاب إلاّ في مورد اتّحاد زمان اليقين والشكّ ، مع تعدّد زمان متعلّقهما.

وأمّا : في فرض العكس ـ بأن يتعدّد زمانهما مع اتّحاد زمان متعلّقهما ، بأن يكون في الزمان اللاحق شاكّا في نفس ما تيقّنه سابقا بوصف وجوده السابق ـ فإنّ هذا هو مورد ما يسمّى بـ «قاعدة اليقين». والعمل باليقين لا يكون إبقاء لما كان ، مثلا : إذا تيقّن بحياة شخص يوم الجمعة ، ثمّ شكّ يوم السبت في نفس حياته يوم الجمعة ، بأن سرى الشكّ إلى يوم الجمعة ـ أي إنّه تبدّل يقينه السابق إلى الشكّ ـ فإنّ العمل على اليقين لا يكون إبقاء لما كان ؛ لأنّه حينئذ لم يحرز ما كان تيقّن به أنّه كان. ومن أجل هذا عبّروا عن مورد قاعدة اليقين «بالشكّ الساري».

وهذا هو الفرق الأساسيّ بين القاعدتين. وسيأتي أنّ أخبار الاستصحاب لا تشملها ، ولا دليل عليها غيرها. (١)

٥. «وحدة متعلّق اليقين والشكّ» : أي إنّ الشكّ يتعلّق بنفس ما تعلّق به اليقين ، مع قطع النظر عن اعتبار الزمان. وهذا هو المقوّم لمعنى الاستصحاب الذي حقيقته إبقاء ما كان.

وبهذا تفترق قاعدة الاستصحاب عن «قاعدة المقتضي والمانع» التي موردها ما لو حصل اليقين بالمقتضي والشكّ في الرافع ـ أي المانع من تأثيره ـ ، فيكون المشكوك فيها غير المتيقّن. فإنّ من يذهب إلى صحّة هذه القاعدة يقول : «إنّه يجب البناء على تحقّق المقتضى ـ بالفتح ـ إذا تيقّن بوجود المقتضي ـ بالكسر ـ ، ويكفي ذلك بلا حاجة إلى إحراز عدم المانع من تأثيره ، أي إنّ مجرّد إحراز المقتضي كاف في ترتيب آثار مقتضاه». وسيأتي الكلام إن شاء الله (تعالى) فيها. (٢)

__________________

(١) أي لا دليل معتبر على قاعدة الاستصحاب ، غير الأخبار ، وهي لا تشمل قاعدة اليقين.

(٢) يأتي في الصفحة : ٦٣٨.

٦٠٧

٦. «سبق زمان المتيقّن على زمان المشكوك» : أي إنّه يجب أن يتعلّق الشكّ ببقاء ما هو متيقّن الوجود سابقا ، وهذا هو الظاهر من معنى الاستصحاب ، فلو انعكس الأمر ـ بأن كان زمان المتيقّن متأخّرا عن زمان المشكوك ، بأن يشكّ في مبدأ حدوث ما هو متيقّن الوجود في الزمان الحاضر ـ فإنّ هذا يرجع إلى «الاستصحاب القهقريّ» الذي لا دليل عليه. مثاله : ما لو علم بأنّ صيغة «افعل» حقيقة في الوجوب في لغتنا الفعليّة الحاضرة ، وشكّ في مبدأ حدوث وضعها لهذا المعنى ، هل كان في أصل وضع لغة العرب ، أو أنّها نقلت عن معناها الأصليّ إلى هذا المعنى في العصور الإسلاميّة؟ فإنّه يقال هنا : «إنّ الأصل عدم النقل» ؛ لغرض إثبات أنّها موضوعة لهذا المعنى في أصل اللغة. ومعنى ذلك في الحقيقة جرّ اليقين اللاحق إلى الزمن المتقدّم. ومثل هذا الاستصحاب يحتاج إلى دليل خاصّ ، ولا تكفي فيه أخبار الاستصحاب ، ولا أدلّته الأخرى (١) ؛ لأنّه ليس من باب عدم نقض اليقين بالشكّ ، بل يرجع أمره إلى نقض الشكّ المتقدّم باليقين المتأخّر.

٧. «فعليّة الشكّ واليقين» : بمعنى أنّه لا يكفي الشكّ التقديريّ ، ولا اليقين التقديريّ. (٢) واعتبار هذا الشرط لا من أجل أنّ الاستصحاب لا يتحقّق معناه إلاّ بفرضه ، بل لأنّ ذلك مقتضى ظهور لفظ الشكّ واليقين في أخبار الاستصحاب ؛ فإنّهما ظاهران في كونهما فعليّين ، كسائر الألفاظ في ظهورها في فعليّة عناوينها.

وإنّما يعتبر هذا الشرط في قبال من يتوهّم جريان الاستصحاب في مورد الشكّ التقديريّ ، ومثاله ـ كما ذكره بعضهم (٣) ـ : ما لو تيقّن المكلّف بالحدث ، ثمّ غفل عن حاله وصلّى ، ثمّ بعد الفراغ من الصلاة شكّ في أنّه هل تطهّر قبل الدخول في الصلاة؟ فإنّ مقتضى قاعدة الفراغ صحّة صلاته ؛ لحدوث الشكّ بعد الفرغ من العمل ، وعدم وجود الشكّ قبله.

__________________

(١) بناء على دلالتها ، كالعقل ، وبناء العقلاء ، والإجماع.

(٢) والمراد من فعليّتهما هو الالتفات إلى اليقين السابق والشكّ اللاحق ، لا وجودهما في الخزانة النفسانيّة ولو كان الإنسان ذاهلا عنهما. والمراد من التقديريّ منهما هو عدم الالتفات إليهما وإن كانا موجودين في خزانة النفس.

(٣) كالشيخ في فرائد الأصول ٢ : ٥٤٨ ، والمحقّق الخراسانيّ في الكفاية : ٤٥٩. وهو بما ذكر في المتن موجود في فوائد الأصول ٤ : ٣١٨ ـ ٣١٩.

٦٠٨

ولا نقول بجريان استصحاب الحدث إلى حين الصلاة ؛ لعدم فعليّة الشكّ إلاّ بعد الصلاة.

وأمّا : الاستصحاب الجاري بعد الصلاة فهو محكوم لقاعدة الفراغ.

أمّا : لو قلنا بجريان الاستصحاب مع الشكّ التقديريّ ، وكان يقدّر فيه الشكّ في الحدث لو أنّه التفت قبل الصلاة ، فإنّ المصلّي حينئذ يكون بمنزلة من دخل في الصلاة وهو غير متطهّر يقينا ، فلا تصحّ صلاته وإن كان غافلا حين الصلاة ، ولا تصحّحها قاعدة الفراغ ؛ لأنّها لا تكون حاكمة على الاستصحاب الجاري قبل الدخول في الصلاة.

معنى حجّيّة الاستصحاب

من جملة المناقشات في تعريف الاستصحاب المتقدّم ـ وهو إبقاء ما كان ونحوه ـ ما قاله بعضهم (١) : «إنّه لا شكّ في صحّة وصف الاستصحاب بالحجّة ، مع أنّه لو أريد منه ما يؤدّي معنى الإبقاء ، لا يصحّ وصفه بالحجّة ؛ لأنّه إن أريد منه الإبقاء العمليّ المنسوب إلى المكلّف فواضح عدم صحّة وصفه بالحجّة ؛ لأنّه ليس الإبقاء العمليّ يصحّ أن يكون دليلا على شيء وحجّة فيه. وإن أريد منه الإلزام الشرعيّ فإنّه مدلول الدليل ، لا أنّه دليل على نفسه وحجّة على نفسه ، وكيف يكون دليلا على نفسه وحجّة على نفسه؟! فهو من هذه الجهة شأنه شأن الأحكام التكليفيّة المدلولة للأدلّة».

قلت : نستطيع حلّ هذه الشبهة بالرجوع إلى ما ذكرناه ، من معنى الإبقاء الذي هو مؤدّى الاستصحاب ، وهو أنّ المراد به القاعدة الشرعيّة المجعولة في مقام العمل. فليس المراد منه الإبقاء العمليّ المنسوب إلى المكلّف ، ولا الإلزام الشرعيّ ، فيصحّ وصفه بالحجّة ، ولكن لا بمعنى الحجّة في باب الأمارات ، بل بالمعنى اللغويّ لها ؛ (٢) لأنّه لا معنى لكون قاعدة العمل دليلا على شيء ، مثبتة له ، بل هي الأمر المجعول من قبل الشارع ، فتحتاج إلى إثبات

__________________

(١) وهو المحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية ٣ : ٧.

(٢) قد مرّ في الجزء الثالث أنّ الحجّة لغة «كلّ شيء يصلح أن يحتجّ به على الغير».

وأمّا : فى اصطلاح الأصوليّين «الحجّة كلّ شيء يكشف عن شيء آخر ، ويحكي عنه على وجه يكون مثبتا له». فمراد المصنّف أنّ الحجّة تطلق على الاستصحاب بالمعنى الأوّل ، لا الثاني.

٦٠٩

ودليل ، كسائر الأحكام التكليفيّة من هذه الجهة ، ولكنّه نظرا إلى أنّ العمل على وفقها عند الجهل بالواقع يكون معذّرا للمكلّف ، إذا وقع في مخالفة الواقع ـ كما أنّه يصحّ الاحتجاج بها على المكلّف ، إذا لم يعمل على وفقها فوقع في المخالفة ـ ، صحّ أن توصف بكونها حجّة بالمعنى اللغويّ. وبهذه الجهة يصحّ أن توصف بالحجّة سائر الأصول العمليّة والقواعد الفقهيّة المجعولة للشاكّ الجاهل بالواقع ، فإنّها كلّها توصف بالحجّة في تعبيراتهم ، ولا شكّ في أنّه لا معنى لأن يراد منها الحجّة في باب الأمارات ، فيتعيّن أن يراد منها هذا المعنى اللغويّ من الحجّة.

وبهذه الجهة تفترق القواعد والأصول الموضوعة للشاكّ عن سائر الأحكام التكليفيّة ؛ فإنّها لا يصحّ وصفها بالحجّة مطلقا ، حتى بالمعنى اللغويّ.

غير أنّه يجب ألاّ يغيب عن البال أنّ وصف القواعد والأصول الموضوعة للشاكّ بالحجّة يتوقّف على ثبوت مجعوليّتها من قبل الشارع بالدليل الدالّ عليها. فالحجّة في الحقيقة هي : القاعدة المجعولة للشاكّ بما أنّها مجعولة من قبله ، وإلاّ إذا لم تثبت مجعوليّتها لا يصحّ أن تسمّى «قاعدة» ؛ فضلا عن وصفها بالحجّة.

وعليه ، فيكون المقوّم لحجّيّة القاعدة المجعولة للشاكّ ـ أيّة قاعدة كانت ـ هو الدليل الدالّ عليها الذي هو حجّة بالمعنى الاصطلاحيّ.

وإذا ثبتت صحّة وصف نفس قاعدة الاستصحاب بالحجّة بالمعنى اللغويّ لم تبق حاجة إلى التأويل ؛ لتصحيح وصف الاستصحاب بالحجّة ـ كما صنع بعض مشايخنا قدس‌سره (١) ـ ؛ إذ جعل الموصوف بالحجّة فيه ـ على اختلاف المباني ـ أحد أمور ثلاثة :

١. «اليقين السابق» ، باعتبار أنّه يكون منجّزا للحكم حدوثا عقلا ، والحكم بقاء بجعل الشارع.

٢. «الظنّ بالبقاء اللاحق» ، بناء على اعتبار الاستصحاب من باب حكم العقل.

٣. «مجرّد الكون السابق» ، فإنّ الوجود السابق يكون حجّة في نظر العقلاء على الوجود الظاهريّ في اللاحق ، لا من جهة وثاقة اليقين السابق ، ولا من جهة رعاية الظنّ بالبقاء

__________________

(١) وهو المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ٣ : ٩ ـ ١٠.

٦١٠

اللاحق ، بل من جهة الاهتمام بالمقتضيات ، والتحفّظ على الأغراض الواقعيّة.

فإنّ كلّ هذه التأويلات إنّما نلتجئ إليها إذا عجزنا عن تصحيح وصف نفس الاستصحاب بالحجّة ، وقد عرفت صحّة وصفه بالحجّة بمعناها اللغويّ.

ثمّ لا شكّ في أنّ الموصوف بالحجّة في لسان الأصوليّين نفس الاستصحاب ، لا اليقين المقوّم لتحقّقه ، ولا الظنّ بالبقاء ، ولا مجرّد الكون السابق ، وإن كان ذلك كلّه ممّا يصحّ وصفه بالحجّة.

هل الاستصحاب أمارة ، أو أصل؟

بعد أن تقدّم أنّه لا يصحّ وصف قاعدة العمل للشاكّ ـ أيّة قاعدة كانت ـ بالحجّة في باب الأمارات يتّضح لك أنّه لا يصحّ وصفها بالأمارة ؛ فإنّه تكون أمارة على أيّ شيء؟ وعلى أيّ حكم؟ ولا فرق في ذلك بين قاعدة الاستصحاب ، وبين غيرها من الأصول العمليّة ، والقواعد الفقهيّة ؛ إذ أنّ قاعدة الاستصحاب في الحقيقة مضمونها حكم عامّ ، وأصل عمليّ يرجع إليها المكلّف عند الشكّ والحيرة في بقاء ما كان. ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الدليل عليها الأخبار ، أو غيرها من الأدلّة ، كبناء العقلاء ، وحكم العقل ، والإجماع. ولكنّ الشيخ الأنصاريّ رحمه‌الله فرّق في الاستصحاب بين أن يكون مبناه الأخبار فيكون أصلا ، وبين أن يكون مبناه حكم العقل فيكون أمارة. قال ما نصّه :

«إنّ عدّ الاستصحاب من الأحكام الظاهريّة الثابتة للشىء بوصف كونه مشكوك الحكم ، نظير أصل البراءة ، وقاعدة الاشتغال مبنيّ على استفادته من الأخبار. وأمّا : بناء على كونه من أحكام العقل فهو دليل ظنّيّ اجتهاديّ ، نظير القياس ، والاستقراء على القول بهما». (١)

أقول : وكأنّ من تأخّر عنه أخذ هذا الرأي إرسال المسلّمات. والذي يظهر من القدماء أنّه معدود عندهم من الأمارات ؛ كالقياس ، إذ لا مستند لهم عليه إلاّ حكم العقل. (٢) غير أنّ

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ٥٤٣.

(٢) قال الشيخ الأنصاريّ : «ولكن ظاهر كلمات الأكثر : كالشيخ ، والسيدين ، والفاضلين والشهيدين ، وصاحب المعالم كونه حكما عقليّا ، ولذا لم يتمسّك أحد هؤلاء فيه بخبر من الأخبار». فرائد الأصول ٢ : ٥٤٣.

٦١١

الذي يبدو لي أنّ الاستصحاب ـ حتى على القول بأنّ مستنده حكم العقل ـ لا يخرج عن كونه قاعدة عمليّة ليس مضمونها إلاّ حكما ظاهريّا مجعولا للشاكّ. وأمّا : الظنّ ببقاء المتيقّن ـ على تقدير حكم العقل ، وعلى تقدير حجّيّة مثل هذا الظنّ ـ لا يكون إلاّ مستندا للقاعدة ، ودليلا عليها ، وشأنه في ذلك شأن الأخبار وبناء العقلاء ، لا أنّ الظنّ هو نفس القاعدة ، حتى تكون أمارة ؛ لأنّ هذا الظنّ نستنتج منه أنّ الشارع جعل هذه القاعدة الاستصحابيّة لأجل العمل بها عند الشكّ ، والحيرة.

والحاصل أنّ هذا الظنّ يكون مستندا للاستصحاب ، لا أنّه نفس الاستصحاب ، وهو من هذه الجهة كالأخبار ، وبناء العقلاء ، فكما أنّ الأخبار يصحّ أن توصف بأنّها أمارة على الاستصحاب إذا قام الدليل القطعيّ على اعتبارها ، ولا يلزم من ذلك أن يكون نفس الاستصحاب أمارة ، كذلك يصحّ أن يوصف هذا الظنّ بأنّه أمارة إذا قام الدليل القطعيّ على اعتباره ، ولا يلزم منه أن يكون نفس الاستصحاب أمارة.

فاتّضح أنّه لا يصحّ وصف الاستصحاب بأنّه أمارة على جميع المباني فيه ، وإنّما هو أصل عمليّ ، لا غير.

الأقوال في الاستصحاب

تشعّبت في الاستصحاب أقوال العلماء بشكل يصعب حصرها على ما يبدو. ونحن نحيل خلاصتها إلى ما جاء في رسائل الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره ثقة بتحقيقه ، وهو خرّيت هذه الصناعة ، الصبور على ملاحقة أقوال العلماء وتتبّعها. قال رحمه‌الله ـ بعد أن توسّع في نقل الأقوال ، والتعقيب عليها ـ ما نصّه :

«هذه جملة ما حضرني من كلمات الأصحاب ، والمتحصّل منها في بادئ النظر أحد عشر قولا :

الأوّل : القول بالحجّيّة مطلقا (١).

__________________

(١) ذهب إلى هذا القول من المتأخّرين الشيخ الآخوند صاحب الكفاية رحمه‌الله ـ منه قدس‌سره ـ. راجع كفاية الأصول : ٤٣٩. ـ

٦١٢

الثاني : عدمها مطلقا. (١)

الثالث : التفصيل بين العدميّ والوجوديّ. (٢)

الرابع : التفصيل بين الأمور الخارجيّة ، وبين الحكم الشرعيّ مطلقا ، فلا يعتبر في الأوّل. (٣)

الخامس : التفصيل بين الحكم الشرعيّ الكلّيّ وغيره. فلا يعتبر في الأوّل إلاّ فى عدم النسخ. (٤)

السادس : التفصيل بين الحكم الجزئيّ وغيره ، فلا يعتبر في غير الأوّل. وهذا هو الذي تقدّم أنّه ربما يستظهر من كلام المحقّق الخوانساريّ في «حاشية شرح الدروس» على ما حكاه السيّد في «شرح الوافية». (٥)

السابع : التفصيل بين الأحكام الوضعيّة ـ يعني نفس الأسباب ، والشروط ، والموانع ـ والأحكام التكليفية التابعة لها ، وبين غيرها من الأحكام الشرعيّة ، فيجري في الأوّل دون الثاني. (٦)

__________________

ـ وذهب إليه أيضا أكثر العامّة ، كالحنابلة ، والمالكيّة وأكثر الشافعيّة ، والظاهريّة على ما في إرشاد الفحول : ٢٣٧ ، وكالآمديّ في : الإحكام ٤ : ١٧٢ ، والأسنويّ والبيضاويّ في نهاية السئول ٤ : ٣٥٨.

(١) والقائل به أكثر الحنفيّة ، وجماعة من المتكلّمين كأبي الحسين البصريّ على ما في الإحكام (للآمدي) ٤ : ١٧٢ ، وسلّم الوصول (المطبوع بذيل نهاية السئول) ٤ : ٣٦٠.

(٢) وهو المنقول عن الحنفيّة على ما في إرشاد الفحول : ٢٣٧. ونسبه إليهم التفتازانيّ في حاشية شرح مختصر الأصول ٢ : ٢٨٤.

(٣) هذا ما استظهره المحقّق القمي عن كلمات المحقّق السبزواريّ. راجع قوانين الأصول ٢ : ٦٣ ، ذخيرة المعاد : ١١٥ ـ ١١٦.

(٤) وهو الذي حكاه الوحيد البهبهاني عن الأخباريّين. راجع الرسائل الأصوليّة : ٤٢٥.

(٥) راجع شرح الوافية (مخطوط) : ٣٣٩.

(٦) هذا القول نسبه الشيخ الأنصاريّ إلى الفاضل التوني صاحب الوافية. راجع فرائد الأصول ٢ : ٥٩٨ ، والوافية : ٢٠٠ ـ ٢٠٣.

ومعنى قوله : «فيجري في الأوّل دون الثاني» أنّه يجري النزاع في حجيّة الاستصحاب وعدمها في الأوّل ـ وهو الأحكام الوضعيّة ، والأحكام التكليفيّة التابعة لها ـ ، فذهب بعض إلى حجيّته فيها ، وبعض آخر إلى عدم حجيّته فيها كالفاضل التوني. وأمّا الثاني ـ وهو الأحكام التكليفيّة غير التابعة لها ـ فلا يجري النزاع ـ

٦١٣

الثامن : التفصيل بين ما ثبت بالإجماع وغيره ، فلا يعتبر في الأوّل. (١)

التاسع : التفصيل بين كون المستصحب ممّا ثبت بدليله أو من الخارج استمراره ، فشكّ في الغاية الرافعة له ، وبين غيره ، فيعتبر في الأوّل دون الثاني ، كما هو ظاهر «المعارج». (٢)

العاشر : هذا التفصيل مع اختصاص الشكّ بوجود الغاية ، كما هو الظاهر من المحقّق السبزواريّ (٣) فيما سيجيء من كلامه.

الحادي عشر : زيادة الشكّ في مصداق الغاية من جهة الاشتباه المصداقيّ دون المفهوميّ ، كما هو ظاهر ما سيجيء من المحقّق الخوانساريّ. (٤)

ثمّ إنّه لو بني على ملاحظة ظواهر كلمات من تعرّض لهذه المسألة في الأصول والفروع لزادت الأقوال على العدد المذكور بكثير ، بل يحصل لعالم واحد قولان ، أو أزيد في المسألة ، إلاّ أنّ صرف الوقت في هذا ممّا لا ينبغي.

__________________

ـ المذكور فيه ، بل ثبوت هذه الأحكام التكليفيّة في الزمان الثاني بالنصّ ، لا بالثبوت في الزمان الأوّل حتى يكون استصحابا.

والحاصل : أنّ الفاضل التوني ذهب إلى أنّ محلّ النزاع في الاستصحاب هو الأحكام الوضعيّة ، واختار عدم حجيّته فيها ، وأمّا : التكليفيّة فهي خارجة عن محلّ النزاع ، وثبوتها في الزمان الثاني أمر مفروغ عنه بالنصّ لا بالاستصحاب ، فيمكن إرجاع كلامه إلى القول بعدم حجّيّته في مطلق الأحكام التكليفيّة والوضعيّة ، أمّا : الأحكام التكليفيّة فلأنّها خارجة من موضع النزاع وإن كان ثبوتها في الزمان الثاني قطعيّا ، إلاّ أنّه بالنصّ لا بالاستصحاب ، وأمّا الوضعيّة فلأنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون بنفسه أثرا ، والوضعيّات ليست كذلك. هذا ما استفدناه من كلام الفاضل التوني في الوافية.

وأمّا : التقريب الذي ذكره العلاّمة العراقي ـ من أنّ الفاضل التوني فصّل بين الأحكام التكليفيّة والأحكام الوضعيّة بحجّية الاستصحاب في الأوّل ، دون الثانى ـ ، والتقريب الذي ذكره المحقّق النائينيّ ـ من أنّه فصّل بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة ، ففي الأوّل لا يجري الاستصحاب ، وفي الثاني يجري ـ فهما لا يستفادان من كلامه ، راجع نهاية الأفكار ٤ : ٨٧ ، وفوائد الأصول ٤ : ٣٧٩.

(١) وهذا ما اختاره الغزاليّ في المستصفى ١ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.

(٢) معارج الأصول : ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٣) ذخيرة المعاد : ١١٥ ـ ١١٦.

(٤) مشارق الشموس : ٧٥ ـ ٧٦.

٦١٤

والأقوى هو القول التاسع ، وهو الذي اختاره المحقّق». (١) انتهى ما أردناه نقله من عبارة الشيخ الأعظم قدس‌سره.

وينبغي أن يزاد تفصيل آخر ، لم يتعرّض له في نقل الأقوال ، وهو رأي خاصّ به ؛ إذ فصّل بين كون المستصحب ممّا ثبت بدليل عقليّ ، فلا يجري فيه الاستصحاب ، وبين ما ثبت بدليل آخر ، فيجري فيه. (٢) ولعلّه إنّما لم يذكره في ضمن الأقوال ؛ لأنّه يرى أنّ الحكم الثابت بدليل عقليّ لا يمكن أن يتطرّق إليه الشكّ ، بل إمّا أن يعلم بقاؤه ، أو يعلم زواله ، فلا يتحقّق فيه ركن الاستصحاب وهو الشكّ. فلا يكون ذلك تفصيلا في حجّيّة الاستصحاب.

تمرينات (٦٧)

١. ما هو مجرى الاستصحاب؟

٢. لم سمّيت قاعدة الاستصحاب بـ «الاستصحاب»؟

٣. ما هو تعريف الاستصحاب عند الشيخ الأنصاري؟

٤. اذكر ما أفاده المحقّق الخراساني في الاعتراض على تعريف الشيخ ، واذكر الجواب عنه.

٥. ما هي مقوّمات الاستصحاب؟

٦. ما الفرق بين قاعدة الاستصحاب وقاعدة اليقين؟

٧. ما الفرق بين قاعدة الاستصحاب وقاعدة المقتضي والمانع؟

٨. ما هو الاستصحاب القهقريّ؟

٩. هل توصف قاعدة الاستصحاب بالحجّة؟

١٠. هل الاستصحاب أمارة أو أصل؟ ما الدليل عليه؟

١١. اذكر الأقوال في حجّيّة الاستصحاب.

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ٥٦٠ ـ ٥٦١.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٥٤.

٦١٥

وقبل أن ندخل في مناقشة الأقوال ، والترجيح بينها ينبغي أن نذكر الأدلّة على الاستصحاب التي تمسّك بها القائلون بحجّيّته ، لنناقشها ، ونذكر مدى دلالتها.

أدلّة الاستصحاب

الدليل الأوّل : بناء العقلاء

لا شكّ في أنّ العقلاء من الناس ـ على اختلاف مشاربهم وأذواقهم ـ جرت سيرتهم في عملهم ، وتبانوا في سلوكهم العمليّ على الأخذ بالمتيقّن السابق عند الشكّ اللاحق في بقائه. وعلى ذلك قامت معايش العباد ، ولو لا ذلك لاختلّ النظام الاجتماعيّ ، ولما قامت لهم سوق وتجارة.

وقيل : إنّ ذلك مرتكز حتى في نفوس الحيوانات ؛ فالطيور ترجع إلى أوكارها ، والماشية تعود إلى مرابضها.

ولكن هذا التعميم للحيوانات محلّ نظر ، بل ينبغي أن يعدّ من المهازل ؛ لعدم حصول الاحتمال عندها حتى يكون ذلك منها استصحابا ، بل تجري في ذلك على وفق عادتها بنحو لا شعوريّ.

وعلى كلّ حال ، فإنّ بناء العقلاء في عملهم مستقرّ على الأخذ بالحالة السابقة عند الشكّ في بقائها ، في جميع أحوالهم وشئونهم ، مع الالتفات إلى ذلك ، والتوجّه إليه.

وإذا ثبتت هذه المقدّمة ننتقل إلى مقدّمة أخرى ، فنقول : إنّ الشارع من العقلاء ، بل رئيسهم ، فهو متّحد المسلك معهم ، فإذا لم يظهر منه الردع عن طريقتهم العمليّة ، يثبت على سبيل القطع أنّه ليس له مسلك آخر غير مسلكهم ، وإلاّ لظهر ، وبان ، ولبلغ الناس. وقد تقدّم مثل ذلك في حجّيّة خبر الواحد. (١)

وهذا الدليل ـ كما ترى ـ يتكوّن من مقدّمتين قطعيّتين :

__________________

(١) تقدّم في الصفحتين : ٤٤٧ ـ ٤٤٨.

٦١٦

١. ثبوت بناء العقلاء على إجراء الاستصحاب.

٢. كشف هذا البناء عن موافقة الشارع ، واشتراكه معهم.

وقد وقعت المناقشة في المقدّمتين معا. ويكفي في المناقشة ثبوت الاحتمال ، فيبطل به الاستدلال ؛ لأنّ مثل هذه المقدّمات يجب أن تكون قطعيّة ، وإلاّ فلا يثبت بها المطلوب ، ولا تقوم بها للاستصحاب ونحوه حجّة.

أمّا الأولى : فقد ناقش فيها أستاذنا الشيخ النائينيّ رحمه‌الله (١) بأنّ بناء العقلاء لم يثبت إلاّ فيما إذا كان الشكّ في الرافع ، أمّا : إذا كان الشكّ في المقتضي فلم يثبت منهم هذا البناء ـ على ما سيأتي من معنى المقتضي والرافع اللذين يقصدهما الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره (٢) ـ ، فيكون بناء العقلاء هذا دليلا على التفصيل المختار له ، وهو القول التاسع.

ولا يبعد صحّة ما أفاده من التفصيل في بناء العقلاء ، بل يكفي احتمال اختصاص بنائهم بالشكّ في الرافع. ومع الاحتمال يبطل الاستدلال ، كما سبق.

وأمّا المقدّمة الثانية : فقد ناقش فيها شيخنا الآخوند قدس‌سره في الكفاية (٣) بوجهين نذكرهما ، ونذكر الجواب عنهما :

أوّلا : أنّ بناء العقلاء لا يستكشف منه اعتبار الاستصحاب عند الشارع إلاّ إذا أحرزنا أنّ منشأ بنائهم العمليّ هو التعبّد بالحالة السابقة من قبلهم ـ أي إنّهم يأخذون بالحالة السابقة من أجل أنّها سابقة ـ ، لنستكشف منه تعبّد الشارع. ولكن ليس هذا بمحرز منهم لو لم يكن مقطوع العدم ؛ فإنّه من الجائز قريبا أنّ أخذهم بالحالة السابقة لا لأجل أنّها حالة سابقة ، بل لأجل رجاء تحصيل الواقع مرّة ، أو لأجل الاحتياط أخرى ، أو لأجل اطمئنانهم ببقاء ما كان ثالثة ، أو لأجل ظنّهم بالبقاء ولو نوعا رابعة ، أو لأجل غفلتهم عن الشكّ أحيانا خامسة. وإذا كان الأمر كذلك فلم يحرز تعبّد الشارع بالحالة السابقة الذي هو النافع في المقصود.

والجواب : أنّ المقصود النافع من ثبوت بناء العقلاء هو ثبوت تبانيهم العمليّ على الأخذ

__________________

(١) فوائد الأصول ٤ : ٣٣٣.

(٢) يأتي في الصفحة : ٦٣٨.

(٣) كفاية الأصول : ٤٣٩.

٦١٧

بالحالة السابقة ، وهذا ثابت عندهم من غير شكّ ، أي إنّ لهم قاعدة عمليّة تبانوا عليها وو اتّبعوها أبدا ، مع الالتفات والتوجّه إلى ذلك (١). أمّا : فرض الغفلة من بعضهم أحيانا فهو صحيح ، ولكن لا يضرّ في ثبوت التباني منهم دائما مع الالتفات ؛ ولا يضرّ في استكشاف مشاركة الشارع معهم في تبانيهم اختلاف أسباب التباني عندهم ، من جهة مجرّد الكون السابق ، أو من جهة الاطمئنان عندهم ، أو الظنّ لأجل الغلبة ، أو لأيّ شيء آخر من هذا القبيل ، فهي قاعدة ثابتة عندهم ، فتكون ثابتة أيضا عند الشارع ، ولا يلزم أن يكون ثبوتها عنده من جميع الأسباب التي لاحظوها. وإذا ثبتت عند الشارع فليس ثبوتها عنده إلاّ التعبّد بها من قبله ، فتكون حجّة على المكلّف ، وله. (٢)

نعم ، احتمال كون السبب في بنائهم ولو أحيانا رجاء تحصيل الواقع ، أو الاحتياط من قبلهم قد يضرّ في استكشاف ثبوتها عند الشارع كقاعدة ؛ لأنّها لا تكون عندهم كقاعدة ؛ لأجل الحالة السابقة ، ولكنّ الرجاء بعيد جدّا من قبلهم ما لم يكن هناك عندهم اطمئنان ، أو ظنّ ، أو تعبّد بالحالة السابقة ؛ لاحتمال أنّ الواقع غير الحالة السابقة ، بل قد يترتّب على عدم البقاء أغراض مهمّة ، فالبناء على البقاء خلاف الرجاء. وكذلك الاحتياط قد يقتضي البناء على عدم البقاء. فهذه الاحتمالات ساقطة في كونها سببا لتباني العقلاء ولو أحيانا.

ثانيا : بعد التسليم بأنّ منشأ بناء العقلاء هو التعبّد ببقاء ما كان ، نقول : إنّ هذا لا يستكشف منه حكم الشارع إلاّ إذا أحرزنا رضاه ببنائهم ، وثبت لدينا أنّه ماض عنده. ولكن لا دليل على هذا الرضا والإمضاء ، بل إنّ عمومات الآيات والأخبار الناهية عن اتّباع غير العلم كافية في الردع عن اتّباع بناء العقلاء. (٣) وكذلك ما دلّ على البراءة والاحتياط في الشبهات. بل احتمال عمومها للمورد كاف في تزلزل اليقين بهذه المقدّمة. فلا وجه لاتّباع هذا البناء ؛ إذ لا بدّ في اتّباعه من قيام الدليل على أنّه ممضى من قبل

__________________

(١) أي مع التوجّه إلى ذلك التباني والاتّباع.

(٢) أي : تكون حجّة للشارع على المكلّف ، وللمكلّف على الشارع.

(٣) وهذا ينافي ما تقدّم منه في حجيّة خبر الواحد من أنّ الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم لا يمكن أن تكون رادعة إلاّ على وجه دائر ، ضرورة أنّه لا فرق في اعتبار السيرة العقلائيّة بين المقامين.

٦١٨

الشارع ، ولا دليل.

والجواب ظاهر من تقريبنا للمقدّمة الثانية على النحو الذي بيّنّاه ، فإنّه لا يجب في كشف موافقة الشارع إحراز إمضائه من دليل آخر ؛ لأنّ نفس بناء العقلاء هو الدليل ، والكاشف عن موافقته ـ كما تقدّم ـ ، فيكفي في المطلوب عدم ثبوت الردع ، ولا حاجة إلى دليل آخر على إثبات رضاه وإمضائه.

وعليه ، فلم يبق علينا إلاّ النظر في الآيات والأخبار الناهية عن اتّباع غير العلم في أنّها صالحة للردع في المقام ، أو غير صالحة؟ والحقّ أنّها غير صالحة ؛ (١) لأنّ المقصود من النهي عن اتّباع غير العلم هو النهي عنه لإثبات الواقع به ، وليس المقصود من الاستصحاب إثبات الواقع ، فلا يشمل هذا النهي الاستصحاب الذي هو قاعدة كلّيّة يرجع إليها عند الشكّ ، فلا ترتبط بالموضوع الذي نهت عنه الآيات والأخبار ، حتى تكون شاملة لمثله ، أي إنّ الاستصحاب خارج عن الآيات والأخبار تخصّصا. (٢)

وأمّا : ما دلّ على البراءة أو الاحتياط فهو في عرض الدليل على الاستصحاب ، فلا يصلح للردع عنه ؛ لأنّ كلاّ منهما موضوعه الشكّ ، بل أدلّة الاستصحاب مقدّمة على أدلّة هذه الأصول ، كما سيأتي.

الدليل الثاني : حكم العقل

والمقصود منه هنا هو حكم العقل النظريّ لا العمليّ ؛ إذ يذعن بالملازمة بين العلم بثبوت الشيء في الزمان السابق وبين رجحان بقائه في الزمان اللاحق عند الشكّ في بقائه ، أي إنّه إذا علم الإنسان بثبوت شيء في زمان ثمّ طرأ ما يزلزل العلم ببقائه في الزمان اللاحق فإنّ العقل يحكم برجحان بقائه ، وبأنّه مظنون البقاء. وإذا حكم العقل برجحان البقاء فلا بدّ أن يحكم الشرع أيضا برجحان البقاء.

وإلى هذا يرجع ما نقل عن العضديّ في تعريف الاستصحاب بأنّ : «معناه أنّ الحكم

__________________

(١) خلافا للمحقّق الخراسانيّ ، حيث ذهب إلى أنّها صالحة للردع عن السيرة العقلائيّة فيما نحن فيه.

(٢) كما في فوائد الأصول ٤ : ٣٣٣.

٦١٩

الفلانيّ قد كان ولم يعلم عدمه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء». (١)

أقول : وهذا الحكم من العقل لا ينهض دليلا على الاستصحاب على ما سنشرحه ، والظاهر أنّ القدماء القائلين بحجّيّته لم يكن عندهم دليل عليه ، غير هذا الدليل ، كما يظهر جليّا من تعريف العضدي المتقدّم ؛ إذ أخذ فيه نفس حكم العقل هذا ، ولعلّه لأجل هذا أنكره من أنكره من قدماء أصحابنا ؛ إذ لم يتنبّهوا إلى أدلّته الأخرى على ما يظهر ، فإنّه أوّل من تمسّك ببناء العقلاء العلاّمة الحلّيّ قدس‌سره في النهاية ، (٢) وأوّل من تمسّك بالأخبار الشيخ عبد الصمد والد الشيخ البهائيّ قدس‌سرهما ، (٣) تبعه صاحب الذخيرة (٤) ، وشارح الدروس ، (٥) ، وشاع بين من تأخّر عنهم ، (٦) كما حقّق ذلك الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره في رسائله في الأمر الأوّل من مقدّمات الاستصحاب ، ثمّ قال : «نعم ، ربما يظهر من الحلّيّ في السرائر الاعتماد على هذه الأخبار ، حيث عبّر عن استصحاب نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره من قبل نفسه بعدم نقض اليقين إلاّ باليقين. وهذه العبارة ظاهرة في أنّها مأخوذة من الأخبار». (٧)

وعلى كلّ حال ، فهذا الدليل العقليّ فيه مجال للمناقشة من وجهين :

الأوّل : في أصل الملازمة العقليّة المدّعاة. ويكفي في تكذيبها الوجدان ؛ فإنّا نجد أنّ كثيرا ما يحصل العلم بالحالة السابقة ، ولا يحصل الظنّ ببقائها عند الشكّ ؛ لمجرّد ثبوتها سابقا.

الثاني : على تقدير تسليم هذه الملازمة ، فإنّ أقصى ما يثبت بها حصول الظنّ بالبقاء ، وهذا الظنّ لا يثبت به حكم الشرع إلاّ بضميمة دليل آخر يدلّ على حجّيّة هذا الظنّ

__________________

(١) هذا نقله عنه الشيخ الأنصاريّ في فرائد الأصول ٢ : ٥٤٢. وراجع شرح مختصر الأصول ٢ : ٤٥٣.

(٢) راجع كلامه المنقول في المقام في مفاتيح الأصول : ٤٦٠.

(٣) العقد الطهماسبي (مخطوط) : ٢٨.

(٤) ذخيرة المعاد : ٤٤ و ١١٥ ـ ١١٦.

(٥) مشارق الشموس : ٧٦ و ١٤١ ـ ١٤٢.

(٦) كالمحقّق البحرانيّ ، والمحقّق القمّي ، وصاحب الفصول. الحدائق الناضرة ١ : ١٤٢ ـ ١٤٣ ، الفصول الغرويّة : ٣٧٠ ؛ قوانين الأصول ٢ : ٥٥.

(٧) فرائد الأصول ٢ : ٥٤٣ ، وراجع كلام الحلّي : السرائر ١ : ٦٢.

٦٢٠