مشروطة لا بالمقارنة ولا بعدمها ، وتسمّى المطلقة والماهية لا بشرط شيء. والمجرّدة والمخلوطة متباينتان مندرجتان تحت المطلقة. وتوهّم بعض الناس أنّ القوم جعلوا الماهية منقسمة إلى هذه الأقسام الثلاثة ، فتمسّك بذلك على تجويز كون الشيء قسما من نفسه بناء على أنّ الماهية المطلقة نفس الماهية التي جعلت موردا للقسمة ، ومنشؤه الغفول عمّا أشرنا إليه من أنّ القوم لمّا بيّنوا أنّ ماهية كلّ شيء مغايرة لجميع ما يعرض لها من الاعتبارات أشاروا إلى أنّ للماهية بالقياس إلى تلك العوارض اعتبارات ثلاثة ، فمورد القسمة حال الماهية بالقياس إلى عوارضها (١).
قوله : فهي بهذا الاعتبار تكون من الكلّيات العقلية التي يمتنع صدقها على الموجودات الخارجية (٢).
فلا تكون إلاّ من الموجودات الذهنية ، لا بمعنى أخذ الوجود الذهني قيدا فيها وإلاّ لم تكن بشرط لا ، بل بمعنى أنّها لو أخذت بشرط لا بالقياس إلى كلّ ما يكون خارجا عن أصل ذاتها يستحيل أن لا تنوجد إلاّ في الذهن ، إذ كلّ وجود يكون خارجا عن أصل ذاتها حتّى الوجود الذهني ، ولا تنافي بين وجودها الذهني وبين أخذها معرّاة حتّى عن الوجود الذهني.
لا يقال : فلم لا تقولون بأنّها موجودة في الخارج ، إذ لا تنافي بين وجودها الخارجي وبين أخذها معرّاة حتّى عن الوجود الخارجي.
لأنّا نقول : نعم لكن يكون لحاظها معرّاة حتّى عن الوجود الخارجي عبارة عن وجودها في الذهن ، لأنّ لحاظها هو عبارة عن وجودها في الذهن. لكن نقول
__________________
(١) شرح تجريد الاعتقاد : ٧٦.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٢١ [ المنقول هنا مخالف للنسخة القديمة غير المحشاة ].