قوله : وأمّا الجهة الثانية فتوضيح الحال فيها أن يقال : إنّه بعد ما ثبت أنّ ملاك الدلالة على المفهوم وعدمها ... الخ (١).
فصّل في الكفاية (٢) بين كون الغاية راجعة إلى نفس الحكم مثل كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام ، وكونها راجعة إلى الموضوع ، فحكم في الأوّل بدلالته على المفهوم ، وألحق الثاني بالوصف الذي قد منع فيه الدلالة على المفهوم ، مع الاعتراف بأنّ تحديده بها إنّما هو بملاحظة الحكم ، بدعوى أنّ ذلك لا يقتضي انتفاء سنخ الحكم عن غير المغيّى ، وإنّما أقصى ما فيه هو عدم الحكم إلاّ بالمغيّا.
ولا يخفى أنّه بعد الاعتراف بكون التقييد بالغاية إنّما يكون بلحاظ الحكم ، لم يبق ما يقتضي الوقفة في الحكم بالمفهوم إلاّ دعوى كون الحكم المذكور هو الشخص لا السنخ ، ومن الواضح أنّ هذه الجهة من الدعوى جارية في صورة كون المغيّى هو الحكم ، فإنّه إنّما يدلّ على المفهوم إذا كان المغيّى هو السنخ لا الشخص.
ثمّ إنّ شيخنا قدسسره جلّ غرضه هو بيان أنّ رجوع الغاية إلى متعلّق الحكم بعد فرض كون الملحوظ بذلك المتعلّق هو المادّة بلحاظ الحكم ، يكون موجبا لكون المغيّى هو الحكم الذي لا إشكال في دلالته على الانتفاء ، كما صرّح بذلك المرحوم الشيخ محمّد علي فيما حرّره عنه قدسسره بقوله : والظاهر أنّ الغاية قيد للحكم إلاّ أن تقوم قرينة على خلافه ، لأنّ قوله عليهالسلام : « كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) كفاية الأصول : ٢٠٨ ـ ٢٠٩.