ثمّ لا يخفى أنّ ما صدّر به البحث في توجيه تقديم الخبر الخاصّ مع أنّه ظنّي على العام الكتابي مع أنّه قطعي السند ، بقوله قدسسره : لأنّ الخبر على تقدير ثبوت صدوره بنفسه قرينة على إرادة خلاف الظاهر من الكتاب ، ورافع للشكّ فيما هو المراد به ، فالتعبّد بصدوره تعبّد بما هو قرينة على الكتاب ، ورافع لموضوع التعبّد بأصالة الظهور ، أعني به الشكّ في المراد (١) ، إلى آخر العبارة ، لو تمّ لكان الخبر الواحد في قبال العام الكتابي أقوى منه في قبال العام الوارد في السنة ، لكون الخاص الخبري رافعا لموضوع أصالة الظهور في العام الكتابي ، وليس حال هذا الخاصّ المنفصل مع العام الخبري كذلك ، بل أقصى ما في البين هو الجمع العرفي لا الحكومة.
نعم ، يتمّ ذلك فيما لو جعلنا سند كلّ منهما في قبال ظهور الآخر ، فيكون دليل سند الخبر الخاصّ في قبال أصالة الظهور في العام ، فيتمّ كونه حاكما عليه ، كما أنّ سند العام في قبال ظهور الخاصّ ، فيكون محكوما به. وتحقيق هذه الجهات موكول إلى ما حرّرناه فيها في أوائل التعادل والتراجيح (٢) فراجع.
ثمّ لا يخفى أنّ مسألة القرينة وذي القرينة إنّما هي في العام المتّصل والخاص لا المنفصلين ، وليس التعبّد بصدور الخبر الخاصّ من قبيل الأصل الجاري في القرينة الذي هو عبارة عن أصالة الظهور فيها ، وأين أصالة الصدور من أصالة الظهور.
وكيف كان ، أنّ إنكار وجود أخبار مخصّصة أو مقيّدة لعمومات في الكتاب
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٨٩.
(٢) في المجلّد الثاني عشر ، في حواشيه قدسسره على فوائد الأصول ٤ : ٧١٧ ـ ٧٢٥.