والإنصاف أنّ إنكار الكلّية في محلّه ، لما تقدّم في باب الصحيح والأعمّ من أنّ الاطلاقات الواردة في العبادات لم تكن في مقام البيان ، فراجع ص ٣٥ (١) من هذا الكتاب وص ٣٧ ممّا حرّره المرحوم الشيخ محمّد علي وذلك قوله : فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ التمسّك بالاطلاقات الواردة في الكتاب لا يمكن على كلا القولين ، ووجهه أنّه لا يمكن أن تكون تلك الاطلاقات واردة في مقام البيان (٢).
والحاصل : أنّ إنكار الكلّية لا بأس [ به ] كما هو لازم ما صرّح به شيخنا قدسسره وغيره من أنّ اطلاقات الكتاب في العبادات لم تكن واردة في مقام البيان ، فإنّ لازمه هو كون الأخبار المثبتة للأجزاء والشرائط غير مخالفة للكتاب. أمّا إنكار الأغلبية أو إنكار الكثرة وإن لم تكن أغلبية فذلك أمر يحتاج إلى سبر الفقه وسبر الأخبار الواردة في جميع أبوابه ، وضبط الآيات الأحكامية ، وبعد ذلك يتّضح ما هو الحقّ من الأغلبية أو الكثرة أو الندرة. وعلى كلّ حال ، فلا أخال أنّ شيخنا قدسسره يدّعي الكلّية التامّة بل ولا الأغلبية الساحقة.
قوله : فهي لا تعدّ مخالفة ... الخ (٣).
علّق المحشّي عليه قوله في الحاشية الثانية من الصفحة المذكورة : ويدلّ على ذلك جعل موافقة الكتاب من مرجّحات تقديم أحد الخبرين على الآخر في مقام المعارضة ، فإنّه يستفاد منه أنّ حجّية الخبر المخالف في نفسه كانت
__________________
(١) حسب الطبعة القديمة غير المحشاة ، راجع أجود التقريرات ١ : ٦٧ من الطبعة الحديثة.
(٢) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٧٨.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٣٩٠.