المفهوم ، مثل أن يقول أكرم النحوي لعلمه في قبال قوله لا تكرم الصرفي مثلا ، فإنّه بناء على كون المسألة من باب مفهوم المساواة يشكل تقدّم هذا الخاصّ على المفهوم ، لأنّ حرمة إكرام الصرفي وعدم وجوب إكرامه لا تجتمع مع كون إكرام النحوي واجبا ، لاشتراكهما في علّة وجوب الاكرام وهي العلمية ، بخلاف ما لو قلنا بأنّ المسألة من باب الواسطة في العروض والكبرى الكلّية ، لأنّ محصّل أكرم النحوي لعلمه حينئذ هو وجوب إكرام كلّ عالم نحويا كان أو غيره ، وهذا الحكم الكبروي لا مانع من إخراج الصرفي منه ، إذ لا ملازمة عقلية بين عدم إكرامه وعدم إكرام النحوي.
لا يقال : لا فرق بين أخذ الاسكار موضوعا وواسطة في العروض وبين أخذه علّة وواسطة في الثبوت ، فإنّه بناء على الثاني لا بدّ أن يكون الحكم كبرويا ، لأنّ العلّة الواحدة يستحيل أن يكون معلولها متعدّدا ، فالاسكار لو قلنا إنّه علّة للحرمة لا يكون موجبا لأحكام متعدّدة على موضوعات متعدّدة هي الخمر والنبيذ والفقّاع والأفيون ، ويكون الاسكار علّة واحدة في جميع هذه الأحكام على تعدّدها وتباينها حسب تعدّد موضوعاتها وتباينها ، بل لا بدّ أن ترجع تلك الموضوعات إلى قدر جامع يجمعها يكون هو المحكوم عليه بالحرمة المعلولة للاسكار ، وحينئذ يكون الأمر بالأخرة راجعا إلى حكم كبروي على القدر الجامع بين تلك الموضوعات المتعدّدة صورة.
لأنّا نقول : إنّ الأمر وإن كان كذلك إلاّ أنّ الاسكار لا يكون هو موضوع الحكم المذكور ، بل هو علّة ذلك الحكم الوارد على القدر الجامع بين تلك الموضوعات ، وحيث إنّ الاسكار هو العلّة لتلك الكبرى الكلّية فيستحيل التفكيك بين صغرياتها باخراج بعض تلك الموضوعات عن تلك الكبرى ، لكونه