فالعمدة في إبداء الفرق هو أنّ تردّد المعلّم بين الأقل والأكثر لا يوجب انحلاله ، بخلاف تردّد غير المعلّم بين الأقل والأكثر فإنّ هذا التردّد موجب لانحلاله ، وذلك بما تقدّم (١) من إحدى الطرق وهي :
أوّلا : ما أشار إليه شيخنا قدسسره من أنّ الزائد في صورة المعلّم يكون على تقديره متعلّقا للعلم بخلافه في صورة غير المعلّم.
وثانيا : هو ما تقدّم ذكره من كون التردّد بين الأقل والأكثر في الأوّل واقعا في الرتبة الثانية من العلم الاجمالي بخلافه في الثاني.
وثالثا : هو ما تقدّم ذكره أيضا من أنّ التردّد بين الأقل والأكثر فيما نراه بالرؤية القلبية من البيض المحرّمة في ضمن القطيع لا يوجب عدم تنجّز واحد منهما ، كما أنّ التردّد فيما نراه في الرؤية الحسّية للبيض الموجودة منعزلة وحدها بين الأقل والأكثر لا يوجب عدم تنجّز واحد منهما ، فراجع وتأمّل.
وبقيت أبحاث في هذه المسألة تعرّضنا لها في الجزء الثاني في مبحث توقّف البراءة على الفحص (٢) ومع [ ذلك ] ففي النفس شيء من عدم الانحلال ، أمّا الأوّل وهو أنّ الزائد على تقديره يكون متعلّقا للعلم ، ففيه ما لا يخفى ، فإنّ ذلك راجع إلى احتمال وجوده ، وعلى تقدير وجوده يكون معلوم الحرمة ، لكن مع فرض عدم العلم بوجوده لا يكون معلوم الحرمة ، وذلك واضح ، ألا ترى أنّ هذا القطيع لو كان كلّه معلوم الحرمة ثمّ رأيت في جنبه شاة تحتمل أنّها منه وتحتمل أنّها من غيره ، فهل يكون لك مانع من إجراء البراءة وقاعدة الحل فيها.
وأمّا التأخّر الرتبي ، ففيه المنع من التأخّر ، بل يمكن القول بأنّ المتحقّق
__________________
(١) راجع ما تقدّم في الحاشية السابقة.
(٢) فوائد الأصول ٤ : ٢٧٧ ـ ٢٨٠ ، وتأتي حواشي المصنّف قدسسره على ذلك في المجلّد الثامن.