المعلومة مشكوكة ، كان الشكّ المذكور مقتضيا لعدم تنجّزها ، إذ لا يعقل التنجّز بالنسبة إلى ما هو مشكوك ، فلم يبق إلاّ احتمال كون هذه الخمسة معلومة ، وذلك بمجرّده لا يوجب التنجّز ، بل إنّه بنفسه غير معقول ، إذ لا يعقل القول بأنّ هذه الخمسة المشكوكة يحتمل فيها المعلومية ، إذ لا معنى لاحتمال معلومية الشيء.
وبالجملة : أنّ كون الخمسة المذكورة معلومة وكونها مشكوكة متناقضان لا يجتمعان ، وغاية ما يمكن أن يقال في دفع هذا التناقض هو أنّ متعلّق الشكّ والترديد هو غير متّحد بما هو متعلّق العلم ، ففي مثال البيض المحرّمة المعلوم وجودها في ضمن هذا القطيع نقول إنّ العلم يكون متعلّقا بنفس البيض المحرّمة الموجودة في ذلك القطيع على ما هي عليه من العدد ، ويكون الشكّ والترديد متعلّقا بعددها المردّد بين العشرة والخمس عشرة على وجه يصحّ لنا أن نقول إنّها لو كانت عشرة فهي معلومة الوجود ، وإن كانت خمس عشرة فهي أيضا بتمامها معلومة الوجود.
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ علمنا إنّما تعلّق بحرمة البيض الموجودة في ذلك القطيع على حين أنّنا غير عالمين بأنّ الموجود منها هو العشرة فقط أو الخمس عشرة ، وحينئذ لا يصحّ لنا أن نقول إنّها لو كانت خمسة عشر فهي معلومة الوجود ، بل أقصى ما يمكننا أن نقول إنّها لو كانت خمسة عشر فهي معلومة الحرمة ، وأنّ حرمتها منجّزة لو كانت موجودة ، لكنّا لمّا لم نحرز وجودها ، تكون النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمات ، فنحن الآن لم نحرز الخطاب بحرمة تلك الخمسة الزائدة.
لا يقال : إنّكم وإن لم تحرزوا الحرمة إلاّ أنّكم تحتملون الحرمة المنجّزة وذلك كاف في حكم العقل بتنجّزها.