فإن قلت : على هذا لو علمنا بحرمة الخمر الموجود في هذه الأواني التي نعلم أنّ بعضها خمر وبعضها خل ، وكانت أواني الخمر الموجودة مردّدة بين العشرة والخمس عشرة ، ينبغي أن لا يكون العلم التفصيلي بخمرية عشرة معيّنة موجبا لانحلال العلم المذكور ، لعين ما ذكرتموه في حرمة البيض ، فإنّ معلوم الحرمة هنا أيضا معلّم بعلامة خاصّة وهي الخمرية.
قلنا : هذه مغالطة واضحة ، فإنّ حرمة الخمر الكلّي معلومة بالتفصيل ، وإنّما المعلوم بالاجمال هو وجوده في جملة هذه الأواني ، وهذا الوجود الذي تعلّق به العلم لمّا كان مردّدا في مرتبة تعلّق العلم به بين الأقل والأكثر لم يكن ذلك العلم إلاّ متعلّقا بالعشرة منه دون الزائد ، فيكون حاله حال المعلوم المرسل غير المعلّم بعلامة خاصّة.
وبالجملة : أنّ الخمرية هي موضوع الحكم المعلوم وليست هي علامة لما هو الموجود من ذلك الموضوع ، بخلاف عنوان البيض فإنّه أجنبي عن موضوع التحريم الذي هو موطوء الإنسان مثلا وإنّما هو علامة لما هو الموجود من ذلك الموضوع.
نعم لو كانت الحرمة المعلومة متعلّقة بذات تلك الأواني ، وكان كونها خمرا علامة لها ، لكان مثل العلم بحرمة البيض ، لكن الأمر ليس كذلك ، إذ ليس متعلّق الحرمة وموضوعها إلاّ نفس الخمر وذلك معلوم بالتفصيل ، والعلم الاجمالي إنّما تعلّق بوجود الخمر في جملة من هذه الأواني ، والمفروض أنّه مردّد بين العشرة والخمسة عشر ، فلا يكون المعلوم وجوده إلاّ العشرة دون الزائد انتهى ، وهذا آخر ما كنا حرّرناه. ومن ذلك يعلم الحال في الفرائض الفائتة المردّدة بين الأقل والأكثر ، فإنّه من قبيل أواني الخمر الموجودة في ضمن مجموع الأواني.