وأنّ الحكم بوجوب الاكرام لا يشمل الفاسق الواقعي ، وهذا المقدار من حجّيته كاف في إسقاط حجّية العموم بالقياس إلى ذلك الفرد المشكوك.
وحاصل الفرق بين الشبهتين وأساسه : هو أنّ مرتبة الحجّية بعد مرتبة الظهور ، وفي مورد الشبهة المفهومية لا ظهور للخاصّ إلاّ في الأقلّ الذي هو مرتكب الكبيرة فقط ، فتكون حجّيته مقصورة على ذلك ، فلا يكون موجبا لتقييد العام إلاّ بمقدار ظهوره ، وهذا بخلاف مورد الشبهة المصداقية فإنّ الخاص في حدّ نفسه ظاهر في إخراج الفاسق الواقعي وتقييد العالم بمن هو ليس بفاسق واقعا ، وحينئذ تكون حجّية الخاصّ منطبقة على هذا المقدار من الظهور ، ويكون كلّ من كان فاسقا واقعا خارجا عن ذلك العموم ، وتكون حجّية العام مقصورة على من ليس بفاسق واقعا ، فلا يمكن تحكيمها في من هو مشكوك الفسق واقعا ، فلا يكون المقام إلاّ من قبيل التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية في ناحية العام ، غايته أنّه في مقام الحجّية ، ولا يكون حاله إلاّ حال التمسّك بمثل أكرم العلماء في من شكّ في علمه ، غايته أنّ ذلك تمسّك بالعام في الشبهة المصداقية في ناحية العام من جهة مقام نفس الظهور ، وهذا من جهة مقام الحجّية.
وخلاصة الفرق بين المفهومية والمصداقية : أنّ العام في الشبهة المفهومية ينقسم إلى العادل أعني غير المرتكب ، وإلى مرتكب الكبيرة ومرتكب الصغيرة ، وقوله لا تكرم الفاسق منهم إنّما قام حجّة على اخراج الأوّل أعني مرتكب الكبيرة ، دون الثاني أعني مرتكب الصغيرة ، وحينئذ يبقى العام حجّة فيه أعني مرتكب الصغيرة.
وهذا بخلاف الشبهة المصداقية فإنّه لو قال لا تكرم مرتكب الكبيرة منهم مثلا وقد شككنا في ارتكاب زيد العالم لها ، فعلى تقدير كونه مرتكبا لها لم يكن إخراجا زائدا وتخصيصا جديدا كي ينفى بأصالة العموم التي هي عبارة عن أصالة