شؤون دلالته التصديقية المعبّر عنها بالظهور ، وهذه الدلالة التصديقية مع قطع النظر عن حجّيتها لا توجب رفع اليد عن العام ، وإنّما توجب ذلك بواسطة دليل حجّيتها ، ففي الخاص المردّد بين الأقل والأكثر مع كون الشبهة مفهومية لمّا كانت دلالته التصديقية منحصرة في الأقل ، كان مقدار التخصيص مقصورا عليه ، بخلاف الشبهة المصداقية فإنّه لا قصور في دلالته التصديقية على خروج الفاسق بعنوانه الواقعي ، فيكون هو الخارج ، ويكون العام مقيّدا بما عداه ، فتأمّل.
ولا يخفى أنّ هذه الطريقة في الفرق بين الشبهة المفهومية والشبهة المصداقية ، بأنّ الأولى ترجع إلى احتمال التخصيص الزائد بخلاف الثانية لا تخلو من تأمّل ، لما عرفت من أنّه بعد فرض كون التخصيص في طول الحجّية ، ومن أنّ الخاص لا يكون حجّة في موارد الشكّ ، سواء كان على نحو الشبهة المفهومية أو كان على نحو الشبهة المصداقية ، يكون تحكيم العام في مورد الشكّ تحكيما له في مورد احتمال التخصيص الزائد ، سواء كان ذلك المورد من قبيل مرتكب الصغيرة أو كان من قبيل مشكوك الفسق على نحو الشبهة الموضوعية.
وحينئذ فالمتعيّن في الفرق بين المسألتين هو هذا الذي أشرنا إليه أخيرا ، وحاصله أنّ الخاص في حدّ نفسه وفي مرتبة ظهوره المعبّر عنه بالدلالة التصديقية يكون دالا على أنّ المتكلّم أراد بالعام ما عدا ذلك الذي دلّ عليه ذلك الخاصّ ، فهو بمقدار ظهوره يقيّد العام بما عداه تقييدا واقعيا ، ففي الشبهة المفهومية لمّا لم يكن للخاص دلالة تصديقية إلاّ بالنسبة إلى خصوص مرتكب الكبيرة ، ولم يكن له ظهور بالنسبة إلى مرتكب الصغيرة ، لم يكن بحسب هذه الدلالة وذلك الظهور إلاّ كاشفا عن أنّ المتكلّم لا يريد بالعام إلاّ ما عدا مرتكب الكبيرة ، وهذا بخلاف الشبهة المصداقية فإنّ ظهور الخاصّ ودلالته التصديقية بالنسبة إلى الفاسق