هذا إن أريد بالتمسّك بالعموم في زيد المذكور إدخاله في العموم بما أنّه مشكوك الفسق ، وإن أريد بالتمسّك المذكور إدخاله في العموم بما أنّه عالم مع بقاء جهة الشكّ المذكور وعدم التعرّض لحكمها ولا لازالتها فهذا أيضا غير ممكن ، إذ مع بقاء الشكّ المزبور ، ومع احتمال دخوله في الدليل الذي أوجب سقوط العموم بمقدار ما يشمله واقعا ، لا يمكن الحكم عليه بدخوله تحت العموم المزبور.
لكن لا يخفى أنّ هذا التقريب وسابقه يتوقّفان على ما تقدّم ذكره من سقوط حجّية العموم بالنسبة إلى من كان فاسقا واقعا. فالعمدة والأساس في عدم جواز التمسّك بالعموم هي هذه الجهة ، وهي على الظاهر لاينبغي الريب فيها ، فلا ينبغي الإشكال في المسألة.
بل يمكن أن يقال : إنّ الحجر الأساسي لعدم إمكان التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية هو ما قدّمناه (١) من عدم كون خروج مورد الشبهة تخصيصا زائدا ، ولولاه لأمكن أن يقال إنّ مجرّد انحصار حجّية العام في الفاسق الواقعي لا يوجب سقوطها عن مورد الشكّ المفروض عدم إحراز كونه فاسقا واقعا ، فإنّ حاله من هذه الجهة حال مرتكب الصغيرة في الشبهة المفهومية ، ومجرّد أنّ أصالة العموم لا يمكن أن تكون مزيلة للشكّ في الشبهة المصداقية ، لا يكون فارقا بين الشبهتين ، فإنّ الشكّ في الشبهة المفهومية أيضا كذلك ، لأنّ الشكّ في أنّ الفاسق هل يشمل مرتكب الصغيرة لا يمكن [ إزالته ] بعموم لا تكرم الفاسق ولا بعموم أكرم كلّ عالم ، إلاّ أنّ هذا الشكّ لمّا كان سببا في الشكّ في أنّ عموم أكرم كلّ عالم هل خرج منه مرتكب الصغيرة كما خرج منه مرتكب الكبيرة أو أنّه لم يخرج منه
__________________
(١) في الصفحة : ١٤١.