الْإِسْلامُ )(١).
لا سبيل إلى حمله على الأوّل ، لأنّ الجزاء من فعل الله تعالى ولا يمكن لأحد إخلاصه ، مع أنّه غير مجد للمستدلّ ، ولا يقول هو به أيضا.
وكذا لا سبيل إلى الثاني إن حمل إخلاصه على معنى قصد القربة ـ كما هو المجدي للمستدلّ ـ لأنّ شأن الحال كونها مقيّدة للعامل في ذيها ، فيكون مقتضى حمله عليه أن يكون المراد ـ بعد كون المراد بالعبادة هو نفي الشرك واتخاذه تعالى معبودا وحده ـ أنّه وما أمروا إلاّ ليوحّدوا الله تعالى بالمعبوديّة (٢) مخلصين له القصد في التوحيد ، أي قاصدين القربة فيه ، وهذا لا معنى له ، إذ لا يمكن اعتبار قصد القربة في أصول العقائد كما لا يخفى (٣).
فتعيّن حمله على الثالث ، فيكون المراد : مخلصين له الملّة ، فيكون عبارة أخرى عن التوحيد ، فيكون حالا مؤكّدة لقوله : ( لِيَعْبُدُوا ) ، ولا دخل له بمرحلة اعتبار قصد القربة.
نعم يمكن أن يكون المراد به الأعمال وأفعال الجوارح بعلاقة السببية والمسبّبية بينها وبين الجزاء ـ كما مرّ ـ كما في قولهم : ( كما تدين تدان ) (٤) أو الاتّباع كما في قوله تعالى ( وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ )(٥) ، حيث إنّ المراد بقوله ( يَدِينُونَ )
__________________
(١) آل عمران : ١٩.
(٢) في الأصل : للمعبوديّة ..
(٣) نعم يمكن أن يكون المراد به القصد على معنى قصد العبودية لله تعالى ، لكنّه لا ينفع المستدلّ ، لأنّه عبارة أخرى عن العبادة بالمعنى الّذي ذكرنا. لمحرّره عفا الله عنه.
(٤) مجمع الأمثال لأبي الفضل النيسابوري : ٢ ـ ١٥٥ ، رقم المثل : ٣٠٩٣.
(٥) التوبة : ٢٩.