الظاهر فيها أيضا أنّها واقعة من قبل نفس الفاعل لا الغير ، بل لو وقعت منه من غير التفات إلى أنّها منه أو من غيره تحمل على الأوّل وتتعيّن فيه ، وهذا أيضا قد قامت الحجّة من العقلاء على العمل به.
ثمّ إنّه يظهر الثمرة فيما قلنا فيما إذا كان الطلب صالحا لوقوعه على الوجهين ومحتملا لهما ، فيخرج ما لم يكن صالحا أصلا ـ كأوامر الإطاعة ، فإنّها لا تصلح إلاّ للإرشاد ـ وما كان صالحا لكن المقام يكشف بقرينة معيّنة لأحد الأمرين.
هذا كله في الطلب الصادر بصيغة الأمر.
وأمّا الصادر منه بمادّة الطلب مريدا بها الإنشاء ، كأن يقول : ( طلبت منك هذا ) قاصدا به حمل المأمور وبعثه نحو الفعل ، لا الإخبار عن كونه طالبا قبل ، فلا خلاف في كونه ظاهرا في كونه من اقتضاء نفسه لظهور المادّة في ذلك بلا خلاف.
الثالثة (١) : الألفاظ الدالّة على الطلب ـ كمادّة الأمر والإرادة والطلب إذا أريد بها الطلب الإنشائيّ ، أعني البعث والتحريك لا الإخبار ، وصيغة الأمر ، وكذا الجمل الإخبارية المراد بها الطلب ـ ظاهرة في الوجوب ، أعني الطلب الحتمي الّذي يلزمه المنع من الترك عند الإطلاق ، سواء كان دلالتها على الطلب مجازا بمعونة القرينة ـ أي القرينة المفيدة لإرادة الطلب من اللفظ المقرون بها ، مع عدم قرينة على أنّ المراد أيّ فرد منه كما في غير صيغة الأمر من الموادّ المذكورة (٢) ، والجمل الإخبارية إذا استعملت في الطلب الإنشائيّ بمعونة القرينة
__________________
(١) أي ( الفائدة الثالثة ) على ما في هامش الأصل.
(٢) قولنا : ( من الموادّ المذكورة ) : اعلم أنّ التجوّز فيها إنّما هو في الهيئة لا المادّة ـ كما سيجيء بيانه