قال التفتازاني في شرح الشرح (١) : ( قد فسّر الواجب المطلق بما يجب في كلّ وقت وعلى كلّ حال ، فنوقض بالصلاة ، فزيد : ( في كلّ وقت قدّره الشارع ) ، فنوقض بصلاة الحائض ، فزيد : ( إلاّ بمانع ). انتهى كلامه.
لكن الفاضل المذكور تبعا للعضدي حمله على الوجه الأخير ، فراجع كلامهما.
ثمّ إنّ الإطلاق والتقييد من الأوصاف ـ القائمة بالطلب الكامن في نفس الآمر ـ التي يعتبرها الآمر في طلبه ، وتسمية الواجب بالمطلق أو المقيّد باعتبار اتّصاف الطلب المتعلّق به بأحد هذين الاعتبارين في نفس الآمر فما لم يزل أحد هذين لم يختلف الاسم الّذي سمّي به الواجب بذلك الاعتبار.
فمن هنا ظهر فساد ما قد قيل : من أنّ الواجب المشروط يصير مطلقا عند حصول شرطه ، إذ بحصوله لا يزول ذلك الاعتبار الّذي حصل للطلب في نفس الآمر ، فهو الآن يصدق عليه أنّه ما علّق وجوبه على أمر ، وليس المشروط إلاّ هذا.
ثمّ إنّ الواجب هل هو حقيقة في المطلق خاصّة ، أو في الأعمّ منه ومن المشروط؟
الحقّ هو الثاني ، نظرا إلى أنه من المشتقّات ، وقد حقّقنا في محلّه أنّها حقيقة فيما تلبّس بالمبدإ حال النسبة ، وسواء كان المبدأ مطلقا أو مقيدا ، ولا ريب أنّ وجوب الحجّ المقيّد بقيد الاستطاعة ثابت فعلا لمن لم يستطع بعد ، فيكون الحجّ واجبا بهذا الوجوب المقيّد بذلك القيد. نعم ، لا يطلق عليه الآن أنه حقيقة واجب بقول مطلق ، لعدم اتصافه حينئذ بالمبدإ كذلك ، فيكون مجازا كما في سائر المشتقّات المطلقة على من لم يتلبّس بعد بمبادئها.
__________________
(١) شرح الشرح : ١ ـ ٢٤٤.