في تأسيس الأصل المعوّل عليه عند الشك
في التعبدية والتوصّلية
ثمّ إنّه إذا ثبت وجوب شيء وتردّد بين كونه تعبديّا متوقّفا حصوله على قصد الامتثال وبين كونه توصّليا غير متوقّف حصوله عليه ، فهل هنا أصل يشخّص أحد الأمرين من جهة الأمر أو من الخارج ـ من الأصول العقلية العملية أو اللفظية من العموم والإطلاق ـ أو لا؟.
فلا بدّ من إيراد الكلام في مقامات ثلاثة : الأوّل في اقتضاء الأمر لأحد الأمرين وعدمه ، والثاني في الأصول العقلية ، والثالث في العموم أو الإطلاق المستفادين من الأدلّة الشرعية ، فنقول :
أمّا المقام الأوّل : فالحقّ فيه عدم ما يقتضي تعيين أحد الأمرين : أمّا عدم ما يقتضي التعبّدية فواضح لا يحتاج إلى البيان ، وأمّا عدم ما يقتضي التوصّلية فلأنّ الدالّ عليها لو كان فهو إمّا إطلاق الهيئة ، أو إطلاق المادّة ، ولا شبهة في بطلان التمسّك بواحد منهما عليها :
أمّا الأوّل ـ فهو لأنّ قصد الامتثال على تقدير اعتباره ليس من القيود الراجعة إلى الهيئة كما في الواجب المشروط ، حيث إنّ التقييد فيه راجع إلى مفاد الهيئة ، بل إنّما هو من قيود المادّة كما لا يخفى ، فلا يلزم من اعتباره تقيّدها ، حتى يمكن التمسّك بإطلاقها على نفيه عند الشكّ.
وأمّا الثاني ـ فهو وإن كان ربما يتوهّم ، نظرا إلى أنّ قصد الامتثال على تقدير اعتباره من قيود المادّة إلاّ أنّه فاسد أيضا ، بأنّ صحّة التمسّك بإطلاق مطلق إنّما هي فيما إذا كان من شأنه تقيّده بالقيد المشكوك في اعتباره ، وما نحن فيه ليس منه ، ضرورة أنّه لا يعقل اعتبار قصد امتثال أمر في ذلك الأمر ، لرجوعه