والذي يسهل الخطب
أنّ المتجزّي بهذا المعنى لا مصداق له خارجاً ، لأنّه قد مرّ أنّ من شرائط حصول
الملكة ، الممارسة في الاستنباط ، وهى تحتاج إلى استنباط مسائل كثيرة ، كما أنّه
كذلك في مثل ملكة الطبابة ونحوها.
ثالثها : قضاء المجتهد المتجزّي
وقد فصّل بعض فيه
بين من كانت له ملكة الإستنباط على مقدار معتنى به من الأحكام ومن كان قادراً على
استنباط أحكام قليلة ، وقال بجواز القضاء للأوّل دون الثاني ، وذلك لعدم شمول
العناوين الواردة في مثل مقبولة عمر بن حنظلة ومشهورة أبي خديجة لمثله.
ولكن يمكن أن
يستدلّ للجواز مطلقاً بوجوه عديدة :
منها
: ما رواه أحمد عن
أبيه رفعه عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنّة :
رجل قضى بجور وهو يعلم ، فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ،
ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في
الجنّة » .
فإنّ قوله عليهالسلام : « قضى بالحقّ وهو يعلم » صادق على المتجزّي مطلقاً بلا إشكال ، نعم الإشكال
في سندها لكونها مرفوعة.
ومنها
: بناء العقلاء ،
فإنّه استقرّ على الرجوع بمن هو عالم بأحكام القضاء المتداولة بينهم سواء كان
مجتهداً مطلقاً أو متجزّياً ، وعلى الثاني سواء كان له ملكة الاجتهاد بالنسبة إلى
مسائل معتدّ بها ، أو كان له ملكة الاجتهاد بالنسبة إلى مسائل طفيفة قليلة ، ولا
إشكال في أنّ هذا البناء يخصّص ذلك الأصل الأوّلي ، أي أصالة عدم نفوذ قضاء أحد
على أحد ، كما لا إشكال في عدم رادعية الروايات المذكورة له ، لأنّها تثبت جواز
القضاء لمن كانت العناوين الواردة فيها صادقة عليه ، وليس لها مفهوم ينفي الجواز
عمّن لم تكن تلك العناوين صادقة عليه ، فتأمّل.
ومنها
: نفس مقبولة عمر
بن حنظلة ورواية أبي خديجة من باب أنّه لا موضوعيّة
__________________