٢ ـ ما لا تكون معتبرة لعدم وجود دليل على اعتبارها لا للنهي عنها ، وهى الأمارات الظنّية التي لا دليل على اعتبارها كالشهرة الفتوائية والإجماع المنقول ونحوها.
٣ ـ ما تكون معتبرة في نفسها ، وهى الأمارات الظنّية المعتبرة كإطلاق الكتاب أو عمومه.
٤ ـ المرجّحات القطعيّة كالإجماع المحصّل ونصوص الكتاب.
٥ ـ الاصول الأربعة العمليّة شرعيّة كانت أو عقليّة.
أمّا القسم الأوّل : وهو مثل القياس فلابدّ فيه من البحث أوّلاً : في شمول الأدلّة الناهيّة عن القياس للقياس في مقام الترجيح ، وثانياً : في التعارض بين هذه الأدلّة على فرض شمولها والأدلّة الآمرة بالأخذ بأقوى الدليلين ، أي التعارض بين اطلاق هذه واطلاق تلك.
أمّا المقام الأوّل : فالصحيح فيه هو الفرق بين الأقسام المختلفة من القياس ، فإنّ له أقساماً ثلاثة : القياس في المسائل الاصوليّة ( كما إذا قيست الشهرة الفتوائية بخبر الواحد في أنّها موجبة للظنّ أيضاً ) ، والقياس في المسائل الفرعية كقياس ديّة أصابع المرأة الوارد في حديث أبان ، والقياس في الموضوعات كقياس حال الصائم من حيث السلامة والمرض في اليوم بما مضى عليه في الأمس.
لا إشكال في أنّ أدلّة النهي عن القياس لا تعمّ القسم الثالث ، لأنّه لو فرضنا كون الموضوع لحرمة الإمساك مثلاً هو الظنّ بالضرر أو الخوف منه فلا فرق فيه بين أن يحصل الظنّ من القياس أو من أمر آخر ، فإنّه ليس من القياس في الدين المنهي عنه ، بل قياس في الموضوعات الخارجيّة.
وأمّا القياس في المسائل الفرعيّة فلا إشكال أيضاً في شمول تلك الأدلّة له ، بل هى القدر المتيقّن منها.
وأمّا القياس في المسائل الاصوليّة فقد يقال أيضاً أنّ الأدلّة شاملة له لأنّ ظاهرها حرمة القياس في دين الله مطلقاً كما ورد في الحديث « أنّ دين الله لا يصاب بالعقول » ولا ريب في أنّ اصول الفقه جزء من الدين وداخلة في الشريعة ، كما لا إشكال في أنّ القياس في ما نحن فيه أي في باب المرجّحات من هذا القسم فلا يجوز وإن أجزنا التعدّي عن المرجّحات المنصوصة إلى غيرها.