ولا إشكال في أنّ المفسّر ( بالكسر ) يقدّم على المفسَّر ( بالفتح ).
وظهر بما ذكرنا أيضاً أنّ الحكومة على أقسام : فتارةً يكون الدليل الحاكم ناظراً إلى التصرّف في موضع الدليل المحكوم توسعة أو تضييقاً ، ومثال الأوّل قول المولى : « العادل عالم » ، ومثال الثاني قوله : « إنّ العالم الفاسق ليس عندي بعالم ».
واخرى يكون ناظراً إلى التصرّف في متعلّق الدليل المحكوم نظير قول المولى في مثال « أكرم العلماء » : « إنّ الإطعام ليس بإكرام » وقوله : « السلام إكرام ».
وثالثة يكون ناظراً إلى التصرّف في حكم الدليل المحكوم كما إذا قال : « إنّما عنيت من وجوب إكرام العلماء وجوب إكرام الفقهاء خاصّة ».
ورابعة يكون ناظراً إلى التصرّف في النسبة كقوله « إكرام الفاسق ليس بإكرام العالم ».
بقي هنا شيء :
وهو أنّ المحقّق النائيني رحمهالله قسّم الحكومة إلى قسمين : ظاهريّة وواقعيّة ، وقال في توضيحه ما حاصله : أنّ الدليل الحاكم قد يكون في مرتبة الدليل المحكوم فتكون الحكومة واقعيّة ، كما في حكومة قوله عليهالسلام : « لا شكّ لكثير الشكّ » على أدلّة الشكوك ، حيث إنّه يوجب اختصاص الأحكام المجعولة للشاكّ بغير كثير الشكّ في الواقع ، وقد لا يكون في مرتبته بل يكون موضوع الدليل الحاكم متأخّراً رتبةً عن موضوع الدليل المحكوم ، فتكون الحكومة حينئذٍ ظاهريّة ، كما في حكومة الأمارات على الأدلّة الواقعيّة ، فإنّها لا توجب اختصاص الأحكام الواقعيّة بغير من قامت عنده الأمارة على خلافها ، بل غايتها هو الاختصاص في مقام الظاهر.
ثمّ يستنتج في ذيل كلامه أنّه لا يعتبر في الحكومة تأخّر تشريع الدليل الحاكم عن تشريع الدليل المحكوم بحيث يلزم لغوية التعبّد بدليل الحاكم لولا سبق التعبّد بدليل المحكوم فإنّ من أوضح أفراد الحكومة حكومة الأمارات على الاصول ، مع أنّه يصحّ التعبّد بالأمارات