الموضوعيّة ـ ما سيأتي من النزاع في ميزان التبدّل كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الشيخ الأعظم الأنصاري استدلّ لإعتبار وجود الموضوع بإستحالة إنتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر ( للزوم الطفرة ، وهى مستلزمة لكون العرض بلا معروض ولو آناً مّا في حال الانتقال والتحوّل ) وذلك في المقام من باب إنّ الموضوع بمنزلة معروض للحكم فيلزم من انتقال الحكم من موضوع إلى موضوع آخر ـ كانتقال الحرمة من الماء المتغيّر إلى الماء الذي زال عنه التغيّر ـ انتقال العرض من معروض إلى معروض آخر.
ولكن يرد عليه : أوّلاً : أنّ هذا أيضاً من قبيل الخلط بين الحقائق والاعتباريات ، فإنّ إستحالة انتقال العرض إنّما يتصوّر في الامور التكوينيّة لا الاعتباريّة كالوجوب والحرمة لأنّها ليست من الأعراض في الحقيقة.
وثانياً : أنّه لا دليل على هذه الإستحالة بل أنّه من قبيل الشبهة في البديهيات ، حيث إنّا نجد بوجداننا إنتقال الأعراض من معروض إلى معروض آخر كانتقال الحرارة من الماء إلى الإناء ، وكذلك انتقال البرودة من أحدهما إلى الآخر ، مثلاً قد يكون مقدار حرارة الماء عشرين درجة ثمّ يصبّ في إناء يكون درجته على حدّ الصغر فتنخفض درجة الماء إلى عشرة ، حينما بلغت درجة حرارة الإناء أيضاً عشرة ، فمن أين جاءت هذه العشرة؟ وإلى أين ذهبت تلك العشرة؟ وهل هى إلاّبانتقالها من أحدهما إلى الآخر ، بل المنظومة الشمسيّة لا تزال محلاً لهذا الانتقال في جميع آنات الليل والنهار ، فكيف يكون إنتقال العرض محالاً؟
ثالثاً : سلّمنا ، ولكنّه أخصّ من المدّعى لأنّ جميع موارد الاستصحاب ليست من قبيل العرض والمعروض ، بل قد تكون من قبيل الوجود والماهيّة ، كما في مفاد كان التامّة ( كان زيد ) ولا إشكال أنّ الوجود ليس من عوارض الماهيّة.
إلى هنا قد ظهر ممّا ذكرنا أنّه يعتبر بقاء الموضوع ( إمّا بمعنى وجود الموضوع أو بمعنى اتّحاد القضيتين كما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله أو كليهما كما هو المختار ) في جريان الاستصحاب.