الفرد المشكوك لا يثبت تعيين استعداد الكلّي ».
فحاصل كلامه : أنّه في القسم الأوّل يحتمل أن يكون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقاً بخلاف القسم الثاني فلا يحتمل فيه ذلك ، فيجري الاستصحاب في الأوّل دون الثاني.
ويمكن أن يجاب عنه : بأنّ المتيقّن إنّما هو وجود كلّي الإنسان ضمن وجود زيد ، وأمّا المشكوك فهو وجود كلّي الإنسان ضمن عمرو ، فالموضوع المستصحب على كلّ حال ليس واحداً لما مرّ كراراً من أنّ وجود الطبيعي في ضمن فرد غير وجوده في ضمن فرد آخر.
بقي هنا امور :
الأمر الأوّل : قد استثنى الأعاظم من القسم الثالث ما يتسامح فيه العرف ، فيعدّون الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمرّ الواحد ، وهو ما إذا كان الفردان من قبيل المرتبة الشديدة والمرتبة الضعيفة من شيء واحد ، كما إذا علمنا بالسواد الشديد في محلّ ، وشككنا في تبدّله بالبياض أو بسواد خفيف ، ففي هذه الصورة لا إشكال في جريان الاستصحاب ، لأنّ العبرة في جريان الاستصحاب كون الوجود اللاحق استمراراً للوجود السابق بنظر العرف ولو كان مغايراً معه بالدقّة العقليّة.
أقول : الحقّ في المسألة أنّ الفرد السابق متّحد مع الوجود اللاحق حتّى بالدقّة العقليّة وذلك لإتّصال مراتب الشديدة والضعيفة في شيء واحد ، وقد ثبت في محلّه أنّ الإتّصال دليل الوحدة الحقيقيّة الخارجيّة ، ولذلك إستشكل القائلون بأصالة الوجود على القائلين بأصالة الماهيّة بأنّ لازم هذا القول هو القول بأفراد غير متناهية من الماهيات بين حاصرين في مراتب التشكيك ، ولا يرد هذا الإشكال على القائلين بأصالة الوجود لأنّ الوجود المتّصل عندهم واحد فقط. فلو قلنا بتعدّد الوجود في ما نحن فيه من باب تعدّد المراتب لورد نفس الإشكال على القائلين بأصالة الوجود أيضاً.
الأمر الثاني : إذا صارت القضيّة عكس ما مرّ في الأمر الأوّل ، فيرى العقل الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمر الواحد ، لكن العرف يعدّونهما فردين ، فهى عند العقل لا تكون من قبيل القسم الثالث من الكلّي ، نظير ما إذا زال الوجوب ( كوجوب صلاة العيد في عصر