الاولى : أنّه لا ريب في جريان الاستصحاب في ما ثبت بالأمارات ، وإنّما المهمّ حلّ ما اورد عليه من الإشكال صناعياً.
الثانية : أنّه لابدّ من حلّ المشكلة على المباني المختلفة في باب الأمارات ، فنقول : أمّا بناءً على مبنى جعل الحكم المماثل لمؤدّى الأمارة فلا موضوع للإشكال ، لأنّ قيام الأمارة حينئذٍ يوجب اليقين بالحكم الظاهري الطريقي وجداناً.
وكذلك بناءً على القول بأنّ مفاد الأمارة إلغاء احتمال الخلاف الذي قد مرّ أنّه يرجع إلى جعل الحكم المماثل.
وكذلك بناءً على مبنى المحقّق النائيني رحمهالله من جعل صفة العلم لأنّ اليقين حاصل حينئذٍ بتعبّد من الشارع.
فيختصّ الإشكال حينئذٍ بالقول بأنّ مفاد الأمارة هو جعل المنجّزيّة ، والمعذّريّة وحيث إنّ المختار هو جعل الحكم المماثل فنحن في فسحة من ناحية هذا الإشكال.
الثالثة : أنّ لليقين معنيين : اليقين المنطقي وهو ما لا يوجد فيه احتمال الخلاف ، واليقين العرفي ، ولا ريب في أنّ الثاني هو الموضوع في باب الاستصحاب وغيره ممّا أخذ في موضوعه اليقين كما مرّ بيانه تفصيلاً في محلّه ( مبحث حجّية خبر الواحد ) كما لا ريب في أنّ هذا النوع من اليقين حاصل في باب الأمارات ، فتنحلّ المشكلة من الأساس في جريان الاستصحاب في باب الأمارات ، كما تنحلّ المشكلة في كثير من أبواب الشهادات ، وكذا في مسألة قيام الأمارات مقام العلم المأخوذ في الموضوع وأشباهها.
الرابعة : أنّه لو أغمضنا عن جميع ذلك فلا أقلّ ممّا أفاده المحقّق الأصفهاني رحمهالله من الطريقين المذكورين ، والإنصاف أنّ كليهما في محلّه ، نعم أنّه إستظهر من أدلّة الاستصحاب الطريق الثاني مع أنّ الظاهر منها هو الأوّل.
وحاصل الكلام أنّ اليقين المأخوذ في لسان أدلّة الاستصحاب هو بمعنى مطلق الحجّة ، ومفاد الاستصحاب جعل الملازمة بين حجّية الاستصحاب وحجّية تلك الأمارة.