دون ولايته على الأنفس والأموال.
٥ ـ ما جاء في بعض كلمات المحقّق النائيني رحمهالله وحاصله : أنّ الضرر وإن كان ينشأ من دخول سمرة على الأنصاري بلا استئذان منه ، ولكن كان منشأ جواز دخوله هو إستحقاقه لكون النخلة باقية في البستان ، فالضرر وإن نشأ عن الدخول ، إلاّ أنّه كان معلولاً لإستحقاق إبقاء النخلة ، فرفع هذا الحكم إنّما كان برفع منشأه وهو إستحقاق الإبقاء ، كإرتفاع وجوب المقدّمة برفع وجوب ذيها ، فالقاعدة رافعة لاستحقاق بقاء النخلة ، ولازمه جواز قلعه ، فيصحّ حينئذٍ تعليل الحكم المزبور بالقاعدة ( انتهى ملخّصاً ) (١).
أقول : هذا موافق لظاهر رواية عبدالله بن بكير التي علّل فيها بنفي الضرر ( كما أشار إليه المحقّق نفسه ) حيث ورد فيها : « إذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنّه لا ضرر ولا ضرار » فهو تامّ في محلّه.
٦ ـ إنّه كان من باب النهي عن المنكر ، نظير أمره صلىاللهعليهوآله بتخريب مسجد الضرار ، ونظير ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « مدّ الفرات عندكم على عهد علي عليهالسلام فأقبل إليه الناس فقالوا يا أمير المؤمنين نحن نخاف الغرق ، لأنّ في الفرات قد جاء من الماء ما لم ير مثله ، وقد امتلأت جنبتاه فالله فالله ، فركب أمير المؤمنين عليهالسلام والناس معه وحوله يميناً وشمالاً ، فمرّ بمسجد سقيف فغمزه بعض شبّانهم ، فالتفت إليه مغضباً ، ثمّ أمر بهدم المحلّ الذي كانت الشبّان يتّخذونه لأفعالهم الفاسدة ، وهدم كلّ كوّة وميزاب وبالوعة إلى طريق المسلمين ، وقال : إنّ هذا أذى للمسلمين (٢) ( انتهى ملخّصاً ).
فهو عليهالسلام في هذا الحديث أعمل ولايته وحكم بالتخريب نهياً عن المنكر ، ولا يخفى أنّ النهي عن المنكر له مراتب بعضها مختصّ بمنصب الحكومة.
وهذا الجواب قريب من الوجه الثالث ، ولكنّه أيضاً لا يلائم ظاهر الاستناد بقاعدة « لا ضرر » وعدم الاستناد بعنوان النهي عن المنكر.
__________________
(١) راجع رسالة المحقّق النائيني رحمهالله في لا ضرر ( المطبوعة في منية الطالب : ج ٢ ص ٢٠٩ ـ ٢١٠ ).
(٢) سفينة البحار : مادّة فرات.