به نفي الحكم الشرعي الذي هو ضرر على العباد ، وأنّه ليس في الإسلام مجعول ضرري من دون فرق بين الأحكام الوضعيّة كلزوم البيع العنبي ، والأحكام التكليفيّة كوجوب اعطاء ثمن كثير لشراء ماء قليل للوضوء ، ولازمه حينئذٍ حكومة هذه القاعدة على جميع الأحكام الضررية الوضعيّة أو التكليفيّة وتقييدها لأدلتها.
لكن هنا كلام بين الأعلام في أنّ هذا التركيب ( لا ضرر ولا ضرار ) بناءً على هذا المعنى حقيقة أو مجاز؟ فأصرّ المحقّق النائيني رحمهالله على كونه حقيقة لا ادّعاء فيه ولا مجاز ، ولعلّه يستفاد أيضاً من بعض كلمات المحقّق الحائري رحمهالله.
وذهب في تهذيب الاصول إلى كونه مجازاً إمّا من باب مجاز الحذف ، أي « لا حكم ضرري » أو « لا حكم موجب للضرر » نظير قوله تعالى : ( وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ ) أي أهلها ، أو من باب المجاز في الكلمة بعلاقة السبب والمسبّب فذكر المسبّب ، وهو الضرر ، واريد منه السبب ، وهو الحكم الضرري ، أو من باب الحقيقة الإدّعائية ( مجاز السكّاكي ) بأن يدّعي أنّ الحكم الموجب للضرر بنفسه ضرر.
وسيأتي أنّ الحقّ عدم كونه مجازاً.
وأمّا القول الثاني ، ( وهو ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله ) فهو أن تكون « لا » نافية ولكن تنفي موضوع الضرر الخارجي ابتداءً ( لا الحكم ) فينفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، ويكون نفي موضوع الضرر كناية عن نفي الأحكام الضرريّة في الشريعة ، فهو داخل في باب الكناية لا المجاز.
والظاهر أنّ هذا القول غير قول الشيخ الأعظم رحمهالله وإن حاول في تهذيب الاصول أن يجعلهما قولاً واحداً ، ولعلّه ناظر إلى النتيجة.
وأمّا القول الثالث ، ( وهو ما نقله الشيخ رحمهالله عن بعض الفحول ) فهو أيضاً أن تكون « لا » نافية ، ويكون المراد من نفي الضرر نفي صفة من صفاته ، أعني « عدم التدارك » فقوله : لا ضرر أي لا ضرر غير متدارك في الشريعة ، ولازم هذا القول عدم حكومة القاعدة على شيء من أدلّة الأحكام بل إنّها تبيّن حكماً من الأحكام الفرعيّة نظير قاعدة « من أتلف مال الغير فهو له ضامن » التي لا نظر لها إلى سائر الأحكام.
وأمّا القول الرابع ، ( وهو مختار شيخ الشريعة ) فهو أن تكون « لا » ناهية ويراد من