الشرعيّة فيكون
حديث الرفع بمنزلة الإستثناء لأدلّة الأجزاء ، ويقيّد إطلاقها لحالتي العلم والجهل
بجزئيّة الأجزاء فكأنّ الشارع قال : « يجب في الصّلاة التكبير والقراءة والركوع
والسجود والتشهّد مطلقاً ، علم بها المكلّف أم لا ، وأمّا السورة فهى واجبة في
خصوص ما إذا علم بجزئيّتها » ، أو أنّه قال : « ايت بالكلّ إلاّ السورة لأنّك لا
تعلم أنّه واجب ».
أقول
: لا حاجة في حلّ
المشكلة إلى طيّ هذا الطريق ، لإمكان حلّها بالأوامر الضمنيّة فيقال : إنّ حديث
الرفع ينفي خصوص الوجوب الضمني المتعلّق بما شكّ في جزئيته ، ولا ينفي الوجوب عن
الباقي.
بقي
هنا أمران :
الأوّل
: قد يقال أنّ المحقّق
الخراساني قد عدل عن مقالته في بعض كلماته ، وذهب إلى عدم جريان البراءة عقلاً
وشرعاً فقال في تعليقته على كتابه ( كفاية الاصول ) ما لفظه « لكنّه لا يخفى أنّه
لا مجال للنقل فيما هو مورد حكم العقل بالاحتياط ، وهو ما إذا علم إجمالاً
بالتكليف الفعلي ، ضرورة أنّه ينافيه رفع الجزئيّة المجهولة ، وإنّما يكون مورده
ما إذا لم يعلم به ، بل علم مجرّد ثبوته واقعاً ( يعني ولو لم يكن فعليّاً ) .
ولعلّه مبنيّ على
ما اختاره سابقاً من أنّ العلم الإجمالي إذا علم كونه فعلياً من جميع الجهات يكون
علّة تامّة للتنجّز فلا يمكن صدور الترخيص لأطرافه من ناحية الشارع.
ولكن بما أنّ
الصحيح المختار في ذلك البحث عدم كون العلم الإجمالي علّة تامّة ، وإنّه ليس إلاّ
مجرّد المقتضي للإحتياط ( وذلك لأنّه لا يستفاد من أدلّة الواجبات والمحرّمات
إلاّكونها مقتضية للفعليّة ، غير
منافية لما يعرض عليها
من العناوين الثانوية وغيرها ممّا يمنعها عن الفعليّة ، وإنّه لا طريق لنا إلى كشف
الفعليّة من جميع الجهات من ظواهر الأدلّة نعم إذا ثبت المقتضي ولم يمنع منه مانع
نحكم بفعليّته ) فلا مانع حينئذٍ من جريان البراءة في ما نحن فيه.
الثاني
: قد يتصوّر إمكان
جريان أصالة الاشتغال في ما نحن فيه ، وذلك من طريقين :
أحدهما
: استصحاب اشتغال
الذمّة بالتكليف.
__________________