وأمّا الآيات فنظير قوله تعالى : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ) (١) ( بناءً على عدم كونه إشارة إلى آدم عليهالسلام وحوّا ) وقوله تعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) (٢).
وحينئذٍ إذا فرضنا وجود تكاليف إلزامية خاصّة لكلّ من الطائفتين فلا إشكال في أنّ مقتضى تنجّز العلم الإجمالي وجوب جميعها على الخنثى فيجب عليها مثلاً في اللباس اختيار ما لا يعدّ مخصوصاً بالرجال ولا مخصوصاً بالنساء بناءً على حرمة تشبّه الرجل بالمرأة وبالعكس كذلك ، كما يجب عليه ترك التزوّج بالجنسين ، نعم إذا كان الحكم إلزامياً بالنسبة إلى الرجل ، وتخييرياً بالنسبة إلى المرأة كما في الصلوات الجهرية وصلاة الجمعة فيمكن أن يقال : بإمكان إجراء البراءة عن التعيين ، لكن قد مرّ سابقاً وجوب الاحتياط مطلقاً عليها ، لدوران الأمر في الحقيقة بين كلّ تكاليف الرجال وكلّ تكاليف النساء فلا يلاحظ كلّ واحد من التكاليف مستقلاً عن غيره بل يلاحظ المجموع في مقابل المجموع فيقال : إمّا يجب عليها الجهر في الجهريّة وغضّ النظر عن عن النساء و ... أو يجب عليها غضّ النظر عن الرجال و ....
وإن شئت قلت : إمّا يجب عليه هذه الأربعة مثلاً أو تلك الخمسة ، فهو من قبيل المتباينين ، مثل ما إذا علمنا بأنّ هذه الإناءات الثلاثة نجسة أو تلك الخمسة مثلاً فالواجب الاحتياط في الجميع.
نعم في دوران الأمر بين المحذورين الذي لا يمكن الاحتياط فيه يكون الحكم التخيير ، كما إذا فرضنا وجوب الجهاد على الرجل وحرمته على المرأة.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الاحتياط بالجمع بين جميع تكاليف الرجال والنساء طول حياتها توجب المشقّة الشديدة ، وهو لا يلائم ما نعلم من مذاق الشارع المقدّس ، فيتعيّن حينئذٍ الرجوع إلى القرعة لتبيّن أمرها من الإلحاق بإحدى الطائفتين فيعمل بمقتضاها ما دام عمرها.
إلى هنا تمّ البحث عن المقام الأوّل من المقامات الثلاثة لمبحث الاشتغال ، أي دوران الأمر بين المتباينين.
__________________
(١) سورة النجم : الآية ٤٥.
(٢) سورة الشورى : الآية ٤٩.