تنجّز احتمال التكليف بالنسبة إلى المضطرّ إليه فقط بعروض الاضطرار وأمّا بالنسبة إلى الباقي فأصالة الاشتغال محكمة ، وإلاّ يلزم إمكان اسقاط العلم الإجمالي من جميع الموارد بإعدام أحد الأطراف وإتلافه ، وهو ممّا لا يلتزم به أحد.
قلنا : إنّ الشكّ إن كان في مرحلة الفراغ وسقوط ما في الذمّة كان المرجع فيه قاعدة الاشتغال وإن كان في مرحلة ثبوت التكليف واشتغال الذمّة به كان المرجع فيه أصالة البراءة ، وبما أنّ الحكم الواقعي مقيّد بعدم طروّء الاضطرار فمع طروّه لا علم بالتكليف حتّى يكون الشكّ في مرحلة الإمتثال والفراغ ، وهذا بخلاف باب التلف فإنّ التكليف فيه مطلق غاية الأمر يرتفع بارتفاع موضوعه ، فإذا كان التالف هو موضوع التكليف المعلوم بالإجمال فقهراً يرتفع الحكم وينعدم لا أنّه محدود من هذه الناحية.
وأورد عليه بوجهتين :
الأوّل : إنّ هذا الفرق بين باب الاضطرار وباب التلف ليس بفارق لأنّه لا فرق في نظر العقل في تنجيز العلم لمتعلّقه المعلوم بالإجمال بين أن يكون تكليفاً مطلقاً على كلّ تقدير أو كان مطلقاً على تقدير إنطباقه على هذا الطرف مثلاً وبين أن يكون وتكليفاً محدوداً على تقدير إنطباقه على الطرف الآخر كما لو علم إجمالاً بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة مثلاً ، فوجوب صلاة الظهر مطلق يجب أن يأتي بها طول العمر أمّا أداءً أو قضاءً ، ووجوب صلاة الجمعة محدود إلى ساعة بعد الزوال فلا يصحّ بعد مضي ساعة من الظهر إجراء البراءة عن صلاة الظهر كما هو واضح.
وبعبارة اخرى : إنّ غاية ما يلزم في صورة طروء الاضطرار بعد العلم الإجمالي أن يصير المورد من قبيل التكليف المردّد بين فرد طويل العمر وفرد قصير العمر كما في المثال.
الثاني : أنّه كما أنّ عدم طروء الاضطرار قيد للحكم والحكم مشروط به ، كذلك وجود الموضوع يكون قيداً للحكم ، أي الحكم مشروط بوجود الموضوع ، فلا فرق بين تقيد الحكم بالاضطرار أو تقييده بوجود موضوعه.
أقول : الصحيح هو الوجه الرابع ، وهو التفصيل بين صورتي طروء الاضطرار بعد العلم الإجمالي وبين صورتي حصوله قبله ، والدليل عليه أنّ العلم الإجمالي إذا تعلّق بحكم ، فعلي على كلّ حال يكون مؤثّراً بلا شبهة ، ففي ما إذا حصل الاضطرار قبل العلم الإجمالي فحيث إنّا