قوله : ( فهذه الكلمات الأربعة تشتمل على أصول الإيمان الخمسة أعني : التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد ).
أقول : أمّا « الاشتمال » وكون هذه أصولا فبيّن ، وأمّا « الإيمان » فقد اختلف العلماء فيه ، والمحرر مذهبان :
[ المذهب ] الأوّل : أنّه اعتقاد بالقلب ونطق باللسان ، أو حكمه ، وهذا اختيار المحقّق نصير الدين في تجريده (١) ، وسديد [ الدين ] سالم بن محفوظ في منهاجه (٢) ، والسيّد ضياء الدين في رسالته (٣) ، وجمال المحقّقين في كثير من كتبه (٤).
ويدلّ على أنّ الاعتقاد وحده غير كاف قوله تعالى : ( وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ) (٥) فاستيقانهم بتلك الآيات لما أنكروها بألسنتهم لم يزل كفرهم ، ويدلّ على أنّ اللسان غير كاف أيضا قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) (٦) فوجب أن يكون الإيمان عبارة عنهما معا.
المذهب الثاني : أنّه التصديق القلبي فقط ؛ لأنّه لغة كذلك (٧) ، لقوله تعالى : ( وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا ) (٨) أي بمصدّق ، والأصل عدم النقل. وهذا مذهب الأشعرية (٩) ، واختيار كمال الدين ميثم في قواعده (١٠) ، وابن نوبخت ، واستقر به المقداد (١١).
ويدلّ على [ أنّ ] اللسان لا مدخل له فيه : أنّ الإيمان عرض لا بدّ له من محلّ ،
__________________
(١) كشف المراد : ٤٢٦ ، المسألة ١٥.
(٢) لاحظ إرشاد الطالبين : ٤٤٠ و ٤٤١.
(٣) لاحظ إرشاد الطالبين : ٤٤٠ و ٤٤١.
(٤) مناهج اليقين : ٣٦٧.
(٥) النمل (٢٧) : ١٤.
(٦) البقرة (٢) : ٨.
(٧) العين ٨ : ٣٨٩ « أ. م. ن ».
(٨) يوسف (١٢) : ١٧.
(٩) لاحظ إرشاد الطالبين : ٤٤٢.
(١٠) لاحظ إرشاد الطالبين : ٤٤٢.
(١١) لاحظ إرشاد الطالبين : ٤٤٢.