وأمّا الثنويّة : فهم الذين أثبتوا أصلين قديمين هما : النور والظلمة ، والمجوس وإن كانوا من الثنويّة إلاّ أنّهم قالوا بحدوث الظلام (١).
فمن الثنويّة « المانوية » أصحاب ماني بن قاين الذي ظهر بعد عيسى عليهالسلام ، وكان يقول بنبوّته.
ومنها : « المزدكيّة » أصحاب مزدك ، وحكي : أنّ قولهم كقول المانويّة إلاّ أنّهم يقولون : النور يفعل بالقصد والاختيار ، والظلمة بالخبط والاتّفاق ، بخلاف المانوية.
وكان مزدك ينهى عن المباغضة والقتال ، ولمّا كان أكثر ذلك يقع بسبب النساء والأموال جعل الناس فيها سواء كما في الماء والكلأ (٢).
ومنها : « الديصانيّة » أصحاب ديصان ، و « المرقونيّة » و « الكيونيّة » و « الصاميّة » وهؤلاء هم الذين عبدوا النار. و « التناسخيّة » (٣) وتفصيل مذاهبهم لا تحتمله هذه اللمعة.
وأمّا عابدي الأصنام والأوثان والصلبان.
فقال الشهرستاني :
وضع الأصنام إنّما هو على معبود غائب حتّى يكون الصنم على هيبته وشكله قائما مقامه ، وإلاّ فيعلم قطعا أنّ عاقلا لا ينحت خشبا بيده صورة ، ثمّ يعتقده إلهه وإله الكلّ ، ووجوده مسبوق بوجود صانعه ، لكنّهم لمّا عكفوا على التوجّه إليها وربطوا حوائجهم بها من غير حجّة وإذن من الله عزّ وجلّ ، كان عكوفهم ذلك عبادة ، وطلبهم الحوائج منها إثبات الإلهيّة لها ، وعن هذا كانوا يقولون : ( ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ) (٤) ـ (٥).
فمنهم : « المهاكالية » ، لهم صنم يدعى « مهاكال » كبير الرأس ، له أربع أيد ، يزعمون أنّه عفريت يستحقّ العبادة العظيمة ، ويطلبون منه حاجات الدنيا ، حتّى أن الرجل يقول : زوّجني فلانة وأعطني كذا.
__________________
(١) للمزيد راجع الملل والنحل ١ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣.
(٢) لاحظ الملل والنحل ١ : ٢٤٤ ـ ٢٤٩.
(٣) للمزيد راجع الملل والنحل ١ : ٢٥٠ ـ ٢٥٣.
(٤) الزمر (٣٩) : ٣.
(٥) الملل والنحل ٢ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.