الكشف بعد بيان وجوبه ؛ فإنّ هذه لوازم له.
بقي أن نوضّح معنى هذه الكلمات.
فنقول : « الأزليّة » نفي العدم السابق ، و « الأبديّة » نفي اللاحق ، وفسّر « البقاء » بأنّه عبارة عن خروج الذات الثابتة عن ثباتها ، و « السرمديّة » صفة له.
وقال المصنّف في قواعده : البقاء نسبة بين الوجود والأزمنة ؛ إذ هو استمرار الوجود في الأزمنة (١).
« والأبديّ » هو المستمرّ مع جميع الأزمنة ، فالباقي أعمّ منه.
و « الأزليّ » هو الذي قارن وجوده جميع الأزمنة الماضية المحقّقة والمقدّرة.
وأمّا « السمع » و « البصر » و « الإدراك » فيدلّ عليهنّ القرآن العزيز ، ومعناها في حقّه العلم بمتعلّقاتها.
قوله : ( وكونه عدلا حكيما جارية أفعاله على وفق الحكمة والصواب ).
أقول : « العدل » لغة : التسوية (٢) ؛ واصطلاحا : تنزيه البارئ سبحانه عن فعل القبيح والإخلال بالواجب.
و « الحكيم » : واضع الأشياء مواضعها.
وفي قوله : « جارية أفعاله على وفق الحكمة والصواب » إشارة إلى أنّه تعالى يفعل لغرض ، وردّا على الأوائل حيث خالفوا في ذلك محتجّين بأنّ الفاعل لغرض مستكمل به فيكون ناقصا ، والبارئ ليس بناقص فلا يفعل لغرض.
وجوابهم : المنع من كون كلّ فاعل لغرض مستكمل.
وعلى الأشاعرة حيث نفوا الغرض عنه تعالى وعن جميع الممكنات ، وأسقطوا سائر العلل الغائيّة ، وأبطلوا علم الطبّ ومنافع الأعضاء ؛ محتجّين بأنّ الغرض إن كان قديما لزم قدم الفعل ذي الغرض ، وإن كان حادثا فهو من فعله تعالى ؛ لما ثبت من أنّه لا
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) المصباح المنير ٢ : ٥٢ ، « ع. د. ل ».