اعلم أنّ السكينة هيئة جسمانيّة تقتضي إفاضة الدعة على موطّنيها.
والوقار هيئة نفسانيّة ، فلا تعطف هنا عليها إلاّ على القول بالترادف.
وقوله : مستشعرا في جميع ذلك عظمة بارئه وكمال منشئه ، أي مستدركا ذلك ؛ فإنّ الاستشعار هو طلب الإدراك الذي هو العلم ، فإذا اعتقد أنّ جميع ما حصل له في نفسه وجوارحه من أكبر نعمه احتاج إلى شكر جديد على هذا التوفيق بهذا الشكر ، فإذا شكره على هذه النعمة الثانية كان الشكر عليها نعمة ثالثة ؛ لتوفيقه وهكذا.
ويكفي في هذه المراتب اعتقاد أنّ النعم منه كما تضمّنه الحديث السالف.
قال : ( وحينئذ نقول : هذه العبادات وخصوصا الصلاة فإنّها مشتملة على اللوازم الثلاثة المنبعثة عن الاعتقاد القلبي ، ولا معنى للشكر عند الخاصّة إلاّ ذلك. أو نقول : إنّ الشكر يكون بفعل هذه الأمور أقرب إلى الوقوع وأبعد من الارتفاع ، وهو معنى اللطف في الشكر. ولعلّ القائل عنى ذلك ، وهو في الحقيقة شعبة من المذهب الأوّل ؛ فإنّ الأوّل يزعم أنّها لطف في التكليف العقلي مطلقا ، وهذا يقول بأنّها لطف في نوع منه ، وهو الشكر وإن لم يكن الشكر بعينه على المصطلح العامّي. وبهذا التوجيه يعرف حال بقيّة الأحكام من حيث إنّ الندب كالتكملة للفرض ، واجتناب الحرام والمكروه يوجب صيانة اللوازم عن تطرّق النقص. وهو مذهب حسن ).
أقول : قد عرفت أنّ اللوازم الثلاثة : شغل النفس بالفكر ، واللسان بالذكر ، والجوارح بالفعل. وظاهر أنّ العبادات مشتملة على اللوازم الثلاثة.
ولا معنى للشكر عند الخاصّة إلاّ ذلك ، يعني سوى اللوازم الثلاثة.
واعلم أنّ غاية الشيء من علله الخارجة عنه ، فكيف يكون بين هذه اللوازم شكرا؟
والخاصّة : هنا العلماء الشيعة وحدها ، فإنّ هذا المذهب مشهور عن الكعبي ، وهو معتزلي المذهب.